قليل من يفهمك يا إصلاح
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 6 سنوات و شهرين و 16 يوماً
الجمعة 07 سبتمبر-أيلول 2018 03:33 م


قال : " أنتم ـ الإصلاحيين ـ متناقضون لا تثبتون على حال , وفيكم عُجب وغرور , ترون أنفسَكم فوق الناس , ولا تقرون على أنفسكم بالتقصير والخطأ , كأنكم ملائكةٌ لا تعصون ولا تخطئون " .
قلت : يا أخي / مازال البشرُ مختلفين في طباعهم وظروف حياتهم ومستوى فهمهم , فلعلك صادفت من أحدنا غلظةً وتعنتا في عسر يمر به , أو وفق نفسية سيئة يعاني منها , فغلب ـ في حالته تلك ـ غضبُه حلمَه . وأما في حقيقة أمرنا فإننا لا نزكي أنفسنا , ولا ندعي الكمال , وكم رجالٍ من غيرنا هم أفضلُ منا . لقد غرس مربونا في وجداننا مفاهيمَ تركيبة خلقنا , من طين وروح , من ضبابية ونور , من تقوى وفجور . فينا من ذا ومن ذاك , فينا ظالمٌ لنفسه , ومقتصدٌ , وسابقٌ بالخيرات , ومنا من يريد الدنيا , ومنا من يريد الآخرةَ . نحن كغيرنا ـ من المسلمين ـ بشر خطاؤون توابون , مذنبون مستغفرون , نمحو السيئاتِ بالحسنات , نتفقدُ المسارَ ونصححُ المسيرَ , نتعثر وننطلق , نسقط ونُحَلق , نعيش ساعة وساعة , نحيا بين الخوف والرجاء , نرجو رحمةَ اللهِ ونخشى عذابَه .
نحن ـ يا أخي ـ نحسبُ أننا نظائرُ رجالٍ رضي اللهُ عنهم ورضوا عنه . نحن مسارعةُ حنظلة وتخلفُ كعب . نحن ولاءُ خبيب وموازنةُ حاطب . نحن سيفُ خالد وسياسةُ عمرو . نحن تبخترُ أبي دجانة وساقا ابن مسعود . نحن صلابةُ حمزة وضعفُ حسان . نحن فدائيةُ علي وإكراهُ عمار . نحن صبرُ بلال واستعجالُ خباب . نحن نصحُ سلمان وتدبيرُ نعيم . نحن صوتُ القعقاع ودموعُ أُبي . نحن عطرُ مصعب وشَعِثُ البراء . نحن تحديُ عُمر وتنازلُ صهيب . نحن طاعةُ حذيفة ومخالفةُ الرماة . نحن تسامحُ أبي بكر وقصاصُ سواد . نحن جمالُ جرير ودمامةُ جليبيب . نحن علمُ معاذ واجتهادُ عَدي . نحن لهجةُ أبي ذر وشعرةُ معاوية . نحن بيعةُ الرضوان وسقيفةُ بني ساعدة . نحن لاجئو النجاشي وفاتحو خيبر . نحن دارُ الأرقم ودارُ الخلافة . نحن صلحُ الحديبية وفتحُ مكة , نحن قِلةُ بدر وكثرةُ حُنَين . نحن " وَأَعِدُّوا لَهُم " ونحن " فَاجْنَحْ لَهَا " . نحن رسالة " التعاليم " ونحن " قراءة " الإصلاح " .
إننا لا نفرض عليكم أن تنضموا إلينا , ولكن يهمنا كثيرا أن تفهمونا . كي ترتاحوا مما يعتمل في صدوركم نحونا من قلق وسوء ظن وشك , ونرتاح نحن من حسرات أنفسنا عليكم , ونحن نجهد العقل ونقهر الجسد كي نريكم الصواب , ونبصركم الحق , لتستبينوا حمولة السيل , فلا يغرنكم الزبد الظاهر المنتفخ , فهو يتلاشى بلا نفع ولا فائدة . ولتدركوا أن الماء النافع يتهادى بتؤدة أسفل الزبد , مثبتا جزيئاته في تربة الأرض بسلاسة وإحسان , مؤديا رسالته , منفذا مهمته , محققا هدفه .. في سلمية الحياة وسلامة الحي .