مديرية "الطــفـة" محافظة البيضاء – حرمان وبؤس وشقاء ومشاريع متعثرة

الإثنين 04 فبراير-شباط 2008 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - خاص - استطلاع: جبر صبر
عدد القراءات 11489

مديرية غالبية أهلها ينتمون الى المؤتمر الشعبي العام ومرشحها النيابي وأعضاء المجالس المحلية مؤتمر،وخلال زيارتنا لها رغم ما وجدنا في بلادنا من بؤس وشقاء وحرمان في بعض مناطق اليمن إلا أننا لم نجد معاناة وحرمان وبؤس ومشقة مثل ما وجدناه في مديرية "الطفة بمحافظة البيضاء ،حتى أن من زارها لأول مرة يشعر وكأنه انتقل بحياته60 سنة الى الماضي أي الى العهد الامامي،وتزداد الحيرة والدهشة لمن يزور هذه المناطق حين يرى مدى إهمال الحكومة لها ووضعها خارج خريطة اليمن بل وخارج تغطية المشاريع،،ويجازى أبناؤها بالحرمان والمعاناة والشقاء رغم ما قدموه للوطن من دماء وشهداء في ثورة 26 سبتمبر وأثناء الصراعات الشطرية وحرب الانفصال 94م. ومن خلال زيارتنا التي قمنا بها السبت الماضي لعزلة " السعيدية" مديرية الطفة - البيضاء -ننقل معاناة أهلها وحرمانهم حسب ما رأيناه ولمسناه ورواه لنا المواطنون.

اطفال يجلبون المياه فوق والحمير ( تصوير : جبر صبر )

يقول الشيخ -عبدا لله احمد السعيدي شيخ المنطقة ان منطقته ضحت بخيرة أبنائها وقدمت العديد من الشهداء في ثورة 26 سبتمبر،ولأنها منطقة محادة مابين الشمال والجنوب فقد ساهمت في نضالها أثناء الصراعات السياسية الشطرية في السبعينات والثمانينات أيام التشطير ،وكان نصيبها من الصراعات ان قتل عدد من أهاليها وعلى رأسهم الشيخ صالح احمد جار الله والشيخ صالح عبد الله جار الله والشيخ موسى احمد جار الله ودمرت عدد من البيوت . ورغم ما قدمت من دماء للحفاظ على الوطن إلا أنها تجازى وتعاقب بالمعاناة الدائمة ولم يصلها خير الثورة والوحدة . كما لعبت مديرية الطفة دورا كبيرا في حرب الانفصال 94م حيث حارب مشائخها وأبناؤها ضد الانفصال وأصيب فيها الشيخ عبد الله احمد السعيدي وقدمت عدداً من الشهداء ودماء رسخت بها الوحدة اليمنية .فانوس في زمن اليمن الجديد:المنطقة تعاني من عدم وصول الكهرباء إليها رغم وصولها الى مركز المديرية وما إن ترى منازلها ليلاً إلا وتلاحظ أضواء خافتة هي تلك الأضواء القديمة التي كانت تستخدم في العهد الإمامي ،فلازال أهالي المنطقة يعيشون نفس العهد من خلال استخدامهم للإنارة بواسطة " الفانوس والقازة"،ولقد لاحظنا شقاء المنطقة ومعاناتها بعدم وجود الكهرباء عندما أردنا شحن بطاريات التلفونات إلا أننا لم نستطع شحنها ،وعدم وجود الكهرباء وما يعانونه من ذلك تكون معاناتهم بعدم وجود تغطية البث لشبكات الاتصال مما يجعلهم يعيشون في قطيعة مع الآخرين .فهناك عدة مناطق في مديرية الطفة ومنها (السعيدية والحمرة والقويم ورجاش والشعبة) يبلغ سكانها اكثر من 10آلاف مواطن إلا أن خير الوحدة والثورة لم يصلها ولم يصلهم بصيص ضوء من الكهرباء . ويقول احمد موسى عضو المجلس المحلي -رئيس لجنة التخطيط والتنمية " لدينا توجيه من رئيس الوزراء وآخر من وزير الكهرباء من اجل ربط العزلة بالمديرية إلا أن ذلك مجرد وعود لم تتم حتى الآن. طريق وعرةأحيانا قد لا توجد لمسافة تبلغ اكثر من 35 كم من الخط الرئيس البيضاء - ذمار ولمدة ساعتين ونصف قطعناها بالسيارة الى عزلة السعيدية وكانت معاناتنا شديدة بوعورة الطريق حتى وصل بنا الأمر إلى الاعتقاد انه من المستحيل ان يوجد سكان في تلك المناطق ،متسائلين في ذات الوقت " أتكون الحكومة على علم ودراية بتلك المناطق ؟ وهل هذه المناطق تدرج ضمن خطط مشاريع الحكومة ؟ وكانت الإجابة واقعاً شاهدناه وعايشناه .. ان ذلك لم يتم .. فطريق وعرة شديدة والسفر فيها شاق وفي موسم الأمطار تأتى عليها لتدمر ما تبقى مما يحول بين أهلها والوصول الى مركز المديرية أو السفر الى أي مكان آخر ودون وصولهم أيضا الى مناطقهم إلا بشق الأنفس، وان وجد هناك مريض لا يستطيعون إسعافه الى مركز المديرية بسبب خراب الطريق وقديموت قبل اجتيازها ،وفي الآونة الأخيرة وقبل شهرين فقط كما يقول احمد موسى " بدأ المجلس المحلي بالمديرية بإجراء عملية مسح وصيانة الطريق إلا أنها وإن كانت قد خففت نوعا ما من معاناتهم فإن التخوف لازال يراود أهالي المنطقة من أن تعود الى سابقتها عند موسم الأمطار . 

الفانوس هو وسيلة الإضاءه الوحيدة في القرن 21

أما بالنسبة لعزلة ( حمرة والقويم ورقاش وغيرها ) فمعاناتهم اشد لوعورة الطريق التي يعانون فيها الأمرين وبالكاد تصل السيارة الى قراهم واحيانا قد لاتصل مما يضطرهم نقل ما يقومون بشرائه من السوق من مواد غذائية على "الحمير". ويستغرب أهالي المنطقة في الوقت ذاته بل ويدهشهم إهمال الحكومة ممثلة بوزارة السياحة من عدم الترويج والإعلام بحمام المياه الساخنة الطبيعية في "السعيدية" والذي يتوافد إليه الكثير من الناس من جميع المحافظات لما فيه من خدمات صحية يتعالجون بها من مختلف أمراضهم ،ولان مياه الحمامات الساخنة تنبع من ثنايا الصخور فإنهم يتوافدون إليها أيضا بغرض السياحة والترفيه على النفس لاسيما وان أهالي المنطقة يقومون باحتفالات سنوية حيث أن الحمام يجلب إليه مئات الأشخاص وخاصة في فصل الصيف حيث تقام هناك حفلات شعبية يشارك فيها الناس بالقصائد الشعرية والزوامل والرقصات الشعبية ،،متسائلين" أليس هذا كافياً لتلتفت وزارة السياحة الى هذا الحمام؟. ولانه يعتبر معلماً سياحياً وتراثيا منذ مئات السنين إلا انه معلماُ سياحيا مغمورا ولم تلتفت إليه الحكومة رغم ما يملكه المكان من إمكانات سياحية تجذب السياح ،ويعتبر أهالي المنطقة إهمال الحكومة ممثلة بوزارة السياحة لحمامات "السعيدية" الطبيعية وعدم شهرتها والتعريف بها لدى الناس كبقية الحمامات الى عدم الترويج لها من قبل وزارة السياحة وكذا لوعورة الطريق وصعوبة الوصول إليها حيث أن زيارة الحمامات تستغرق أكثر من 3 ساعات عبر السيارة وذلك في حالة ما تكون الطريق معبدة وقد لا يقطع جزء من الساعة في حالة انهيار الطريق في موسم الأمطار. وبهذا الجانب يعول أهالي المنطقة على وزارة الأشغال العامة والطرق العمل على سفلتتها من اجل تخفيف معاناتهم كما يعولون على وزارة السياحة أيضا الاهتمام بالمعلم السياحي الأثرى الحمام الطبيعي "سه" وإعطائه حقه من الاهتمام والترويج أسوة بحمام دمت وحمام علي وغيرها فهو لا يقل أهمية عنها بل أن تاريخه قد يكون أقدم منها.ويؤكد عضو المجلس المحلي أن الطريق قد سبق واعلن فيها التصاميم لكن فقط لـ 16 كم ،إلا أن ذلك لم يتم تنفيذه على ارض الواقع وان تم ذلك فلا زال اكثر من20 كم من الطريق هو الأشد وعورة ومشقة .معاناة منطقة السعيدية وغيرها لم تكن هي وحدها فقد سبقها في المعاناة والإهمال مركز المديرية "الطفة" والذي ما أن يصل المسافر إليه حتى يجد نفسه محاصراً مخنوقاً في طريق ضيقبالكاد تستطيع السيارات المرور منه رغم انه يعتبر الطريق الرئيس مابين ذمار والبيضاء ،وكان الأجدر والأحرى بوزارة الأشغال التوسعة في ذلك حتى يصبح طريقا واسعاً للذهاب والعودة ،وإضافة الى ضيق الخط الذي قد يؤدي الى الحوادث ،،لا توجد في الشارع الرئيس للمديرية الإنارة الضوئية كون الشارع يمثل واجهة المديرية ومن خلاله يمر الطريق الرئيس . ويضيف احمد موسى أن المديرية بحجمها السكاني الكبير لا يوجد فيها مستشفى مجهز بإمكانات طبية لازمة ،وفقط يوجد هناك مستوصف صغير لا يفي بالغرض ولا تتوفر فيه الإمكانات الطبية اللازمة والكادر الطبي . ومديرية يعيش فيها اكثر من 25 ألف مواطن تحتاج الى مجمع طبي يستوعب كافة المرضى القادمين من قراها وعزلها الى المديرية للعلاج لعدم وجود مراكز او وحدات صحية فيها . 25 ألف نسمة بدون مستشفى

 

احمد موسى - عضو المجلس المحلي

المنطقة برمتها رغم عدد سكانها الهائل لا توجد فيها غير وحدة صحية صغيرة مؤقتة يعمل فيها طبيب واحد فقط ، قام احمد موسى عضو المجلس المحلي تطوعاً بالتنازل بمنزله لاقامة الوحدة الصحية علها تسهم ولو بالجزء اليسير من الإسعافات الأولية ،وتظل صحة أهالي المنطقة مرهونة بصحة وسلامة الطريق.أهالي المنطقة يشددون مطالبتهم بإيجاد مستشفى بإمكانياته اللازمة يخفف عنهم آلام ومشقة التنقل الى المحافظة ويسهم في تقديم التوعية الصحية والعلاجات اللازمة للحالات المرضية. وفي هذا الجانب يقول احمد موسى انه تقدم بشكوى من اجل حصول المنطقة على مستوصف ،إلا انه تم إحالته إلى مكتب الصحة بالمحافظة وهناك أفادوا أن المشاريع محلية وان مثل هذه المشاريع الكبيرة تكون مركزية . الحمير هي الوسيلة في نقل المياهلا يوجد في المنطقة أي مشروع مياه سواء كان حكومياً أو على حساب الأهالي فأبناء المنطقة لازالوا يعتمدون في مياه الشرب على الآبار السطحية اليدوية ،وأحيانا يضطرون الى استخدام المياه الراكدة الملوثة ، فمعاناتهم للحصول على مياه الشرب قصة أخرى،حيث يقومون بنقل المياه من مسافات بعيده بواسطة "الحمير" كما لاتقل معاناة النساء عن ذلك عند نقلهن المياه على رؤوسهن .معاناتهم بالحصول على المياه تظل مستمرة رغم ما لديهم من أمر من رئيس الجمهورية منذ ما قبل الوحدة بإقامة عشرة مشاريع متكاملة لثلاث عزل ،إلا أن الأمر أهمل ولم يلقى اهتماماً من الجهات المختصة رغم المتابعة الدائمة من قبل الأهالي ،الذين لا زالوا حتى الآن يطالبون بتنفيذ توجيه رئيس الجمهورية والالتفات الى مشاريع المياه الريفية والمشاريع الموعودين بها فضلاً عن أن المنطقة لا توجد فيها الحواجز المائية التي يمكنهم أن يستفيدوا منها ،برغم أن لديهم دراسة لحاجزين مائيين من قبل وزارة الزراعة والري ، لكن الدراسة انتهت وتعثر المشروعان حسب أقوال الأهالي . مدرسة لـ25 قريةإضافة الى حرمان المنطقة من العديد من المشاريع الخدمية فحرمانها من التعليم لا يقل ضراوة عن مجالات الحرمان الأخرى حيث توجد مدرسة واحدة فقط للتعليم الأساسي في عزلة السعيدية" تستوعب 25 قرية يأتي إليها الطلاب من قرى مختلفة ولمسافات بعيدة، ذلك لمن هم في الإعدادية أما الابتدائية في بقية القرى فتحت الأشجار وعلى الأحجار يكون تعليمهم ويطلقون عليها مدرسة ،وطلاب المرحلة الثانوية يتكبدون مشقة ومعاناة حتى يصلوا الى مركز المديرية لاكمال تعليمهم ،لكننا من خلال زيارتنا للمنطقة تبين لنا من خلال بعد المسافة ومشقة الطريق انه من المستحيل أن يستطيعوا إكمال تعليمهم بتلك الطريقة. ومن خلال هذا الاستطلاع يأمل أهالي المنطقة الالتفات الى منطقتهم ومساواتهم ببقية المناطق اليمنية وإخراجهم من المعاناة والحرمان لاسيما وان مرشحيهم لمجلس النواب والمجالس المحلية واغلب أهالي المنطقة ينتمون الى الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام ويفوزون في كل الانتخابات التي تجرى. وإهمال الحكومة جعلها خارج نطاق خارطة اليمن.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن