نيويورك: القضايا ذاتها أمام (أصدقاء اليمن)

الخميس 23 سبتمبر-أيلول 2010 الساعة 07 مساءً / مأرب برس- خاص- نشوان العثماني:
عدد القراءات 8769
منذ يناير "كانون الثاني" 2010, ومؤتمرات شركاء وأصدقاء اليمن لا تنقطع, المؤتمر تلو المؤتمر, على أن أول مؤتمر عقد بشأن اليمن في الألفية الثالثة, كان مؤتمر المانحين في لندن 2006 الذي حضره الرئيس علي عبد الله صالح, والذي خرج بحزمة إصلاحات ومليارات من الدولارات لم تقدم إلا القليل منها؛ لعدم ثقة المجتمع الدولي, وحتى دول الجوار, بالحكومة اليمنية.
خلال أقل من عام عقدت أربعة مؤتمرات بشأن اليمن, وسينعقد الخامس غدا الجمعة في مدينة نيويورك الأمريكية, لاستعراض عدد من القضايا, أبرزها قضايا الاقتصاد والسياسة.
ويأتي انعقاد المؤتمر وسط جملة من الاختلالات في الداخل اليمني, في محافظات الجنوب والشمال, وسط تدهور مخيف في اقتصاد الدولة, واستشراء الفساد, عوضا عن القلق الأمني الذي أثاره تنظيم القاعدة في هجماته المتكررة على المقرات الأمنية, جنوب اليمن.
من حيث المبدأ, كانت الحياة السياسية في اليمن قد انغلقت منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر 2006, والتي فاز بها الرئيس علي عبد الله صالح, وسط شكوك من صحة النتائج أبداها مرشح المعارضة فيصل بن شملان, الذي توفي في مستهل العام الجاري, ودخلت اليمن بعدها في دوامة من التجاذبات التي ما إن تتوصل إلى انفراج حتى تنكمش في خلافات أكثر تعقيدا بين فرقاء الحياة السياسية اليمنية, وهو ما كان من شأنه تأجيل الانتخابات البرلمانية والمحلية التي كان من المزمع عقدها في العام الماضي, إلى ابريل 2011.. إلا أن أجواء التنافر السياسي لن تدعها تمر بسلام في الموعد الأخير, وهو ما يجعل البلد معرضة للدخول في أزمة فراغ دستورية لأول مرة منذ توقيع الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه عام 1990م.
غير ذلك, فإن اقتصاد اليمن بات أضعف من أي وقت مضى, لحتى بدت مخاوف في الساحة اليمنية تشكك من مقدرة الحكومة على دفع الرواتب الشهرية لموظفيها في الأشهر القليلة القادمة, خصوصا وأن حروب صعدة في شمال الشمال على الحدود مع السعودية, والاحتجاجات العنيفة التي تتزايد يوما عن يوم في المحافظات الجنوبية, وهشاشة البيئة الاستثمارية, والارتفاع الصاعق للدولار الأمريكي مؤخرا أمام الريال اليمني والذي بلغ حدا قياسيا في التاريخ اليمني قبل أن يتراجع أخيرا, إضافة إلى الأوضاع الأمنية المتردية, ناهيك عن مافيا الفساد, أنهك ميزانية الدولة, وجعل الاحتياطي النقدي في البنك المركزي اليمني ينخفض إلى أقل من ستة مليارات دولار بعد أن كان ينيف على سبعة مليارات.
ولم تكن للمؤتمرات التي عقدت في كل من لندين والرياض وأبو ظبي وبرلين أي تأثير في الحياة السياسية أو الاقتصادية اليمنية على أرض الواقع, على أن تلك المؤتمرات لا تزال مكتفية بالبيانات الختامية الصادرة عنها, والتي لا تمثل قيمتها لدى اليمنيين أكثر من قيمة الحبر التي كتبت به. وهذا ما يلمسه أي متابع للرأي العام الداخلي.
إلى ذلك, تتزامن مع انعقاد مؤتمر نيويورك مواجهات شرسة تقودها حملة عسكرية كبيرة في محافظة شبوة, جنوب اليمن, ولعل الحكومة اليمنية, طبقا لآراء سياسية, دفعت بتطورات الأوضاع هناك إلى حد إعلان الحرب على القاعدة بقيادة جنرالات عليا في الجيش اليمني؛ لتوجيه رسالة مفادها أن الهم الأكبر لليمن يكمن في الإرهاب الذي يعيق الاستثمار ويهدد البلد بشل الاقتصاد, لإبعاد القضايا السياسية عن الواجهة, وفي مقدمتها القضية الجنوبية.
وقبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر, خرجت حركات احتجاجية في الجنوب, لتلفت نظر العالم إلى القضية الجنوبية, مطالبة الرأي العالمي بتطبيق قراري مجلس الأمن رقمي 924, و931, سيرا نحو ما تسميه بـ"فك الارتباط" واستعادة الدولة السابقة قبل عام 1990.
وفي إطار ما تعلنه البيانات, قالت الحكومة البريطانية في بيان لها, طبقا لما نقلته صحيفة الحياة اللندنية, إن الحكومات البريطانية والسعودية واليمنية اتفقت على استعراض الاجتماع الذي تم إحرازه منذ عقد اللقاء رفيع المستوى في لندن في شهر كانون ثاني (يناير) 2010، وتحديد المسار المستقبلي لـ"أصدقاء اليمن" المنبثق عنه، من أجل إعطاء زخم ودعم جديدين لمجالات الإصلاح الرئيسية في البلاد، خصوصا في ضوء الموافقة على برنامج صندوق النقد الدولي.
كما اتفقت على وجوب أن يتلقى اجتماع نيويورك, 24/9, تقارير من مجموعتي عمل أصدقاء اليمن: المجموعة المعنية بالاقتصاد والحوكمة، والمجموعة المعنية بالعدل وسيادة القانون، وأن يركز الاجتماع بشكل خاص على المجال السياسي، عبر دعم العملية السياسية، من خلال إجراء حوار وطني شامل، يؤدي إلى إجراء انتخابات برلمانية تعددية حرة ونزيهة، في ربيع 2011.
وأضافت أن المؤتمر سيناقش, في المجال الاقتصادي، دعم دولي لبرنامج صندوق النقد الدولي في اليمن، واتخاذ الإجراءات الرامية إلى تطبيقه، بالإضافة إلى الإصلاحات ذات العلاقة في المجال الاقتصادي والحوكمي، وإحراز تقدم تجاه زيادة فتح أسواق العمل الدولية المناسبة أمام القوى العاملة اليمنية. في حين أن أصدقاء اليمن في نيويورك سيسعون, في المجال التنموي, إلى تنسيق أفضل ودعم أكثر فاعلية من المانحين الدوليين لليمن، على أساس نتائج اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، الذي عقد في شهر شباط (فبراير) الماضي.
وسوف يستعرض الاجتماع آليات جديدة لتقديم تمويل على المدى الطويل لتلبية احتياجات اليمن التنموية، وبما ينسجم مع أولويات اليمن والتقدم الحاصل في الإصلاحات.
أما في المجال الأمني, فقد عرض البيان الحكومي المشترك للحكومات البريطانية والسعودية واليمنية, العمل على التقدم المحرز منذ لقاء لندن في الالتزام بدعم سلامة حدود اليمن، بما في ذلك أمنه البحري. واتخاذ إجراء دولي دعما للجهود التي تبذلها مختلف الجهات الحكومية اليمنية لمكافحة التطرف و التشدد، حسب تعبير البيان.
وأوضح البيان أن اجتماع نيويورك سيقرر تاريخ عقد الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن في الرياض، بعد اجتماع الفريق الاستشاري لإطلاق الخطة التنموية الجديدة، للتخفيف من الفقر، وستعمل هذه الخطة على تحديد أولويات الاحتياجات التنموية لليمن، وتمكن المانحين من تنسيق دعمهم وتحديد التزاماتهم المالية والفنية، واستعراض تنفيذ برامج التنمية والمساعدات الاقتصادية.
وما يهم الحكومة اليمنية, شبه المنهارة اقتصاديا, أن يناقش أصدقاء اليمن مبادرة العديد من المانحين الخاصة برفع سقف الدعم التنموي المقدم لليمن بعد رفعه من قبل الولايات المتحدة إلى "300" مليون دولار عن السقف السابق المحدد بـ"45" مليون دولار في العام 2006م, إضافة إلى تدشين تنفيذ استراتيجية دعم جديدة تمتد لثلاث سنوات بكلفة "183" مليون دولار، ومبادرة البنك الدولي لرفع المساعدات المقدمة لليمن في هيئة منح إلى "200" مليون دولار.
المشاركون في الاجتماع, وفقا لوكالة سبأ, هم حكومتا المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة, ووفود تمثل 24 دولة وجهة مانحة منها دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية واليابان وكندا وتركيا والمنظمات الدولية الرئيسية، بالإضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون دول الخليج العربية, إلى جانب الوفد الحكومي الذي وصفته برفيع المستوي برئاسة وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي.
وكان البيان الختامي للاجتماع الخاص بشركاء وأصدقاء اليمن في لندن, يناير 2010, قد أشار إلى أن التحديات التي يواجهها اليمن آخذة بالتنامي، وإذا لم تتم معالجتها فإنها ستهدد استقرار البلاد والمنطقة ككل على نطاق أوسع.
وقد حددت الحكومة اليمنية حينها, طباق للبيان, المجالات الأكثر إثارة للقلق بـ:
1. تنسيق ودعم دولي أفضل لليمن.
2. إيجاد تحليل مشترك للتحديات التي يواجهها اليمن، بما في ذلك الظروف المؤدية للتطرف وعدم الاستقرار، والاتفاق على ضرورة اتباع نهج شامل لمعالجتها.
3 . زخم أكبر دعما لأجندة الإصلاح السياسي والاقتصادي، بما في ذلك اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة من قبل الحكومة اليمنية.
وتم الاتفاق على أن مسؤولية معالجة هذه التحديات تقع أولا وقبل كل شيء على عاتق الحكومة اليمنية، وبالاستناد على دعم من المنطقة والمجتمع الدولي على نطاق أوسع.
ومن ضمن ما أكد عليه المجتمع الدولي في البيان المشار إليه, "الالتزام بدعم الحكومة اليمنية في مكافحتها لتنظيم القاعدة وغيره من أشكال الإرهاب، والتزام جميع المشاركين بالتطبيق الكامل لكافة أحكام لجنة العقوبات في الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1267".
كما أكد المجتمع الدولي عزمه على تقديم المزيد من الدعم لجهود الحكومة اليمنية لأجل بناء قدراتها في مجال تنفيذ القانون، وقدراتها التشريعية والقضائية والأمنية. واتفق شركاء اليمن على دعم مبادرات الحكومة اليمنية لأجل تنمية قدراتها في مكافحة الإرهاب، وتعزيز أمن طيرانها وحدودها. وهذا يتضمن بذل الجهود المبذولة على كل من الحدود البرية والبحرية، بما في ذلك تعزيز قدرات قوة خفر السواحل اليمنية".
مجموعة أصدقاء اليمن التي انبثقت عن اجتماع لدندن, وعقدت أول اجتماع لها نهاية مارس "آذار" في أبو ظبي, قالت إنها ستناقش مع الحكومة اليمنية تطبيق الخطة الإصلاحية الوطنية لليمن, بدعم من قبل فريقيّ عمل حول الاقتصاد والحوكمة، وكذلك حول العدالة وتنفيذ القانون.
محليا, بات من الواضح أن أحزاب المعارضة الرئيسة الممثلة بالبرلمان, والمنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك تركز على الحل السياسي كمدخل لحل جميع القضايا الأخرى, وإن كانت لم تصدر رأيا واضحا بشأن اجتماع نيويورك, حتى الآن, على العكس من حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الذي أكد, في وثيقة له, ان القضايا الرئيسية التي شكلت ظواهر الأزمة المركبة في اليمن, هي:
القضية الجنوبية.
قضية التطرف باسم الدين، الناتج عن تطرف سابق ضد الدين، التي أفرزت قضيتين رئيسيتين نقيضتين:
قضية الحوثي.
قضية الإرهاب (القاعدة).
إضافة إلى الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية التي أدت إلى خراب للعملية الاقتصادية وتدهور مخيف للحالة المعيشية.
أما الحكومة اليمنية, وعلى لسان وزير خارجيتها الدكتور أبو بكر القربي, فقد قالت إن الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن في نيويورك، سيبحث أربعة مسارات متصلة بالاقتصاد وقضايا التنمية والجوانب السياسية والأمنية، ولا سيما مكافحة الإرهاب والتطرف، وسوف يتم وضع الدول المشاركة في الاجتماع أمام ما تم إنجازه من قبل فريقي العمل للمجموعة، منذ اجتماع لندن أوائل العام الجاري، وكذا تحديد موعد لاجتماع آخر سيعقد في الرياض، الذي سيتم خلاله استعراض برامج التنمية في اليمن وسبل دعمها، إضافة إلى أنه ستتم مناقشة، برنامج الإصلاح ومكافحة الإرهاب والتطرف في اليمن.
وأكد القربي, في حديثه لصحيفة المدينة السعودية, إن الاجتماع سيناقش أيضا موضوع دعم اليمن اقتصاديا وتنمويا واستعراض آليات جديدة على المدى الأطول لتلبية احتياجات اليمن التنموية وبما يتماشى مع أولوياتها والتقدم الحاصل في الإصلاحات ومنها الإصلاحات الاقتصادية والحوكمة وفقا لبرنامج صندوق النقد الدولي وبهدف تأمين دعم أكبر من المانحين والالتزام بتنفيذ التعهدات الدولية الإقليمية لدعم جهود التنمية في اليمن.
وقال القربي: "نحن في نيويورك نقوم بعملية المراجعة لما تم في الفترة السابقة ونتّفق على اجتماع سيعقد في الرياض نهاية العام الجاري أو بداية العام القادم، الذي ستوضع فيه أولويات اليمن وستترجم إلى برامج وهذه البرامج إلى احتياجات مالية لدعمها وسيأتي أصدقاء اليمن لكي يحدّد كل منهم ما الدعم الذي يقدّمه؟ وفي أي مجال؟".
وتفاءل وزير الخارجية بالاجتماع, إذ أن هناك "مؤشرات إيجابية بأن يخرج بنتائج تلبي طموحات وآمال اليمن بأصدقائه، خاصة أن التقارير التي أعدها فريقا العمل التابعان لمجموعة أصدقاء اليمن، وهما فريق الاقتصاد والحوكمة وفريق العدل وسيادة القانون، قد استوعبت كل الملاحظات التي أقرت في اجتماع يونيو وتشكيلة الوفد المشارك في الاجتماع".
وتأمل الحكومة اليمنية تحقيق عدد منم النتائج من اجتماع نيويورك, غدا الجمعة, منها إنشاء صندوق لدعم التنمية في اليمن وتلبية احتياجاتها الاقتصادية والتنموية والأمنية وإقرار السبل الكفيلة لتأهيل العمالة اليمنية وفتح أسواق العمل الدولية أمامها خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي. وكذلك مكافحة البطالة والتطرف والإرهاب وبناء القدرات اليمنية وإقرار البرامج والأنشطة التي سيتم اعتمادها ودعمها, طبقا لحديث القربي.
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن