القائد العسكري السابق لصعدة: عسكريون في الجيش ومرتزقة أجانب لا يستبعد تدريبهم لعناصر الحوثي

الإثنين 12 أكتوبر-تشرين الأول 2009 الساعة 05 مساءً / مأرب برس- محمد الغباري:
عدد القراءات 10763

قال اللواء محمد سري شايع القائد العسكري السابق لمحافظة صعدة إن حرب العصابات لا يستطيع المرء أن يحدد لها توقيتا زمنيا معينا, موضحا أن الحرب الدائرة رحاها في محافظة صعدة بين الجيش والحوثيين هي حرب استنزاف واستعراض للعضلات وتضخيم للموقف باستغلال صور قديمة لإيهام الناس بالانتصارات.

وأكد شايع, وهو لواء متقاعد شغل أكثر من موقع في الجيش اليمني لـ"البيان", أن الحوثيين يعيشون في لحظاتهم الأخيرة, وإن كانت طبيعة المواجهات مع المتمردين الحوثيين تجعل من الصعوبة بمكان تحديد مدة زمنية لحسم المعركة, لكنه أكد إن الجيش سينتصر في النهاية, جازما باستحالة خروج الحوثيين من المناطق الجبلية إلى سهل تهامة لأنه لن يكون بمقدورهم مواجهة قوات الجيش بدون مخابئ.

وأشار شايع إلى أن من المستحيل انتصار الحوثيين أو عودة نظام حكم الأئمة الذي أطاحت به ثورة 26 سبتمبر عام 1967م , لكنه لم يستبعد حصول الحوثيين على دعم وتدريب من خلال مرتزقة أجانب أو من عسكريين سابقين في الجيش, رافضا المقارنة بين تنظيم جماعة الحوثي وحزب الله اللبناني موضحا أن المقارنة غير منطقية؛ لأن حزب الله لم يوجه سلاحه نحو اللبنانيين فيما الحوثيين يقاتلون ويقتلون اليمنيين واليمنيين وحدهم, حسب تعبيره.

نص الحوار

مرت الآن خمسة أعوام على بداية المواجهات بين الجيش والحوثيين, ما هي الصعوبات التي تواجه قوات الجيش في حسم المعركة مع المتمردين الحوثيين ؟

في الحقيقة ان هذه الصعوبات , هي نفسها التي يواجهها اي جيش في مواجهة عصابة مسلحة , فإذا كانت الولايات المتحدة بقوتها وعظمة تقنيتها وحداثة أسلحتها لم تستطع ان تحسم اي حرب من حروب العصابات , والشاهد الحي اليوم في أفغانستان او في العراق , وقبلها في فيتنام , لان حرب القوات النظامية مع حرب العصابات تكون صعبة , لأنها عبارة عن مجموعات صغيرة تستخدم الكر والفر , تضرب من هنا ثم تختفي , حتى وان رابطت في أي موقع وتحاول الاحتفاظ فيه إلى أن تتقدم عليها القوات النظامية فإنها تعود وتنسحب , وهكذا , فما أن تنسحب من موقع يدخله الجيش حتى تعود وتنتقل إلى موقع آخر , وتستخدم القنص والتسلل وضرب بعض المعدات , لكنها لا تستطيع ان تفرض سيطرتها على المنطقة بالكامل بل سيطرتها محدودة , وهذه هي الصعوبة التي يواجهها الجيش ,قوات الجيش كبيرة وحجمها كبير وهؤلاء يستخدمون القنص والمكائن بغرض استدراج قوات الجيش للاشتباك معها , وطيلة فترة التمرد يتبعون هذا النوع من القتال.

في محور حرف سفيان , القتال مستمر منذ شهرين والقوات الحكومية تتقدم ببطء , بحكم خبرتك ومعرفة بالمنطقة وتضاريسها لماذا يحصل هذا ؟ وما أهمية هذا المحور ؟

أهمية هذا المحور في كونه المنفذ الرئيسي للإمدادات إلى صعدة, والمتمردين يستغلون طبيعة الأرض باعتبارها سلاسل جبلية وتلال صغيرة , والطريق تمر بمساحة كبيرة من سفيان اي من الجبل الأسود حتى العمشية وحدود ال عمال ومعظمها هضاب وشيء طبيعي أن القوات مهما كان حجمها أو تطورها لا تستطيع ان تعمل حماية على جانبي الطريق من بداية الأراضي التي يتواجد فيها الحوثيين الى المناطق الآمنة , من الصعب فعل ذلك , أيضا المتمردين استغلوا وجود خلافات قبلية بين سفيان وحاشد منذ فترة سابقة , حيث بدءوا يدعموا هذه القبائل في صراعها ويستغلونها لصالحهم , وفي الحرب الأخيرة معظم المعارك حاربت فيها قبائل سفيان مع الحوثيين مع ان هؤلاء ليسوا مقتنعين بفكر الحوثي ولا منظمين الى جماعته ,لكن نتيجة العصبية القبيلة اجبروا على الاستعانة بمن كان حتى لو استعانوا بالشيطان من اجل الحفاظ على ما يعتقدوا انه عيب في الصراعات القبلية , وكان من المفترض ان تحل هذه الصراعات خاصة وان العصيمات "حاشد" وسفيان كانوا منتظرين من يتدخل لفض الخلاف لكن للأسف لم يبادر احد لهذا وهو ما جعلهم يقاتلون مع الحوثيين وعندما تركوا في القتال ضد الجيش, اصبح هناك خوف من العودة وهكذا , يستغل المتمردون الصراعات القبلية ويجندوا القبائل للقتال ضد السلطات بالنيابة عنهم , وهؤلاء يقتصر دورهم على مسالة تزويد رجال القبائل بعناصر وكوادر لتوجيههم , وفي نفس الوقت في الدعاية الإعلامية يجيرون هذا القتال لصالحهم , ومن ثم يكبر حجمهم مع ان الحقيقة غير ذلك ..

طيب ومحور الملاحيظ أين تكمن أهميته ؟

المحور شبيه بمحور سفيان لكن السلاسل الجبلية فيه صعبة جدا , خاصة ان اتجهت نحو مران وحيدان وساقين , هذه مناطق جبلية صعبة , وأهميتها انه قريبة من الحدود مع المملكة العربية السعودية , والشيء الجيد ان المتمردين في هذا المحور ليس لديهم مجال لتلقي الدعم من الجوار , وبالتالي فإنهم يستخدمون نفس الأسلوب , اي احتلال موقع هنا لإرهاب المواطنين وعندما تأتي قوات الجيش ينسحبون الى مكان اخر , وهكذا ..

لكن طرح ان الحوثيين يستهدفون الوصول إلى ميناء ميدي على البحر الأحمر على اعتبار إن الملاحيظ هي اخر منطقة جبلية ومن بعهدها سيصلون إلى سهل تهامة ؟

من الصعب الوصل الى ميدي , اولا قبل الميناء هناك أراضي سهلية ومنطقة صحراوية مكشوفة , كما ان طبيعة المنطقة هناك لا تساعد على قبولهم , الناس لن يقبلونهم , لا في حرض ولا في ميدي او في عبس ولا في الجهات الوقعة بعد السلسلة الجبلية , كما ان المتمردين لا يستطيعوا ان يعيشوا في المنطقة المفتوحة , هم يعيشون في المناطق المحصنة التي يصعب الوصول إليها , والمنطقة التي تجعلهم يرهبون المواطنين وعندما تصل قوات الدولة يهربون..

لكن السؤال المحير هو كيف استطاع الحوثيون إن يصمدوا كل هذه السنوات , وان يقوموا الجيش , وهناك حديث عن امتلاكهم لأموال كبيرة ساعدت على شراء رجال القبائل , كما حدث إبان الحرب مع الملكين حيث كان رجال القبائل يقاتلون مع الدولة في النهار , وفي الليل يستلمون الأموال ويقاتلون مع الملكيين ,, هل تعتقد فعلا إن هؤلاء يحصلون على دعم خارجي آم أن الدعم مقتصر على الداخل ؟

بالنسبة لقدرتهم على البقاء فلا يستطيع الإنسان ان يجزم إنهم يستمرون في القتال بدون دعم , الدعم مؤكد ,بس جهة الدعم بصورة دقيقة , هناك شكوك نحو جهات معينة , أما استقواء هذه العناصر واتساع نشاطهم هو عائد إلى حرص الدولة على إيقاف الحرب من وقت إلى آخر لتجنب سفك المزيد من الماء وأملا في إن يعود هؤلاء إلى طريق الصواب , وان ينهوا التمرد لكن للأسف كل قرارات إيقاف الحرب في السابق كانت تصب في مصلحتهم بنسبة مائة في المائة , إذ كانوا يعدون أنفسهم ويحصلون على دعم أكثر فأكثر , ولهذا في كل مرة كان يعودون أقوى من ذي قبل , وكلما كانت قوات الجيش توشك على القضاء عليهم للأسف تأتي فجأة قرارات إيقاف الحرب وبدون أسباب , ولو استمر القتل لكان هؤلاء انتهوا , لكن في الحرب الأخيرة إن اعتقد إن لا مجال للتراجع خاصة بعد تصريحات الأخيرة والتي انطلقت من وحي مشاعر الناس جميعا , لان النزيف المستمر ضار بالمواطنين وبالموارد الاقتصادية ومن مختلف النواحي , وأصبحت هم لكل كمواطن , ولهذا فالحرب في هذه المرة يجب ان تكون مصيرية , لأنه لا يعقل أن تأتي هذه الجماعة وبعد 47 عام على قيام الثورة وتريد إعادة الناس إلى ما قبل هذه الثورة , وهذا شيء مستحيل , والناس كانوا يجهلون هذا الكلام لكن هؤلاء بدءوا يكشفون عن أفكارهم وبدأت تتكشف حقيقة ان هؤلاء يريدون إعادة النظام البائد وهذا مستحيل ..

هناك ملاحظة , وهي إن الحوثيين خلال سنوات الحرب امتلكوا مهارات قتالية والقدرة على صناعة المتفجرات وأيضا التعامل مع الآليات المدرعة , اي خلافا لما يقال عن رجال القبائل في اليمن يجيدون استخدام السلاح , هل ترى كقائد عسكري ان هذا نتاج خبرات محلية ام تدريب من عناصر خارجية ؟

هناك احتمال بوجود عناصر سابقة في قوات الجيش من أبناء المنطقة , كانت تخدم في الجيش وتركت الخدمة والآن يتم الاستفادة من خبراتها , ا وان يكون هناك مرتزقة , او إنهم يرسلون أفراد وعناصر الى الخارج للتدريب على نوعيات معينة من الأسلحة , او مسائل فنية , وهذه غير مستبعدة ولكنها محدودة في تقديري ,حتى وان وجد مثل هذا الأمر فانه لا توجد لديهم مواقع ثابتة يستقرون فيها ..

المقاطع المصورة التي يبثها المتمردون بين الحين والآخر تظهر تدريبات عسكرية , وهناك استحضار لتجربة حزب الله في طريقة العرض وفي الخطاب الإعلامي؟

هناك فرق كبير , فرق ما بين السماء والأرض بين حزب الله وبين هؤلاء المتمردون من كل القيم الإنسانية , حزب الله لديه قضية ويحارب في جنوب لبنان ضد العدو الإسرائيلي , وطوال وجود حزب الله لم تسل قطرة دم لبناني , ولم ينتهكوا دم او عرض وكرامة أي لبناني , أما هؤلاء فمن يقاتلون , أين إسرائيل وأين أمريكا من اليمن , هل إسرائيل في صعدة , وكل الأرواح التي تزهق هي أرواح يمنية , وهم يستخدمون بعض النعرات القبلية والمراهقين ويهموا هؤلاء بأشياء وخزعبلات ..

كيف تنظر إلى التكتيك الذي يتبعه الجيش في الحرب الأخيرة , خصوصا استخدام الطيران الحربي كقوة رئيسية في المعركة خلافا للحروب السابقة ؟

القتال لا يحسم بنوع واحدة من السلاح , وبالذات مع هؤلاء كما أشرت من قبل , فهؤلاء ليسوا قوة نظامية بل عصابات تستخدم الأوكار , وتحصينات , والطيران يضرب هذه الأوكار والتحصينات , وتأثيره فعال نفسيا على المتمردين , وللقوات أيضا , وسنلاحظ انه كلما طل أمد الحرب أصبحت القوات أكثر تمرس على مطاردة هؤلاء , وكلما طالت الحرب كلما عرفت القوات طبيعة الأرض وأدركت طبيعة حركة المتمردين وأساليبهم ,وانتقالهم من مكان الى اخر , وتقتفي اثرهم , وانا على يقين انهم في الأخير سيتمكنون من هؤلاء, وفي الأول والأخير فان المواطنين هم من سيحسمون المعركة فقد ضاقوا ذرعا من الدمار وإزهاق الأرواح وأنا على ثقة ان هؤلاء سيلتفون مع القوات ويطردون المتمردين من مناطقهم ولا يجدون من يأويهم , ولن يكون بمقدور هؤلاء الاستمرار في المناورة وخفة الحركة التي يتبعونها الآن ..

الرئيس علي عبد الله صالح قال انه مستعد للقتال لسنوات, هل تعتقد اننا سنشهد حربا طويلة شبيهة بالحرب الملكية الجمهورية التي استمرت اكثر ممن سبع سنوات ؟

حرب العصابات لا يستطيع المرء ان يحدد لها وقتا زمنيا معينا؛ لأنها ليست قوات نظامية تكتسح وتسيطر وتحل هذه المناطق وتطهرها, لكن هؤلاء عبارة عن عصابة موزعة خمسة افراد هنا وعشرة هناك , اي حرب استنزاف وفي نفس الوقت استعراض للعضلات وتضخيم للموقف باستغلال صور قديمة ويهموا الناس ان لهم كل يوم انتصارات في حين إنهم يعشون في لحظاتهم الأخيرة لكن حرب العصابات لا يمكن الجزم بفترة زمنية , ولهذا عندما قال الرئيس انه سيقاتل لسنوات كان يدرك ذلك , لكن الان هناك إرادة قوية للحسم وهي مستمدة من ارادة شعبية واسعة , والناس مجمعين باستحالة ان يعود الأمس مهما كان.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن