الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب
بمناسبة تواصل تخرج الدفعات المتتالية من حفظة القرآن الكريم والاحتفاء بهم في محافظة تعز اليوم، فإن هذه المناسبة تدفعنا لتسليط الضوء على الباعث الأول لها، ومنشئها، وكيف جرت تلك العادة في محافظة تعز، والتي كانت المدارس الرسولية هي مبعث النور الحقيقي لها عبر التاريخ.
تعتبر مدرسة الملكة أروى الصليحية أول مدرسة تسمى بهذه التسمية (مدرسة) أسستها في جامعها في منطقة جبلة كامتداد لحلقات العلم والتدريس في أشهر مساجد اليمن كالجند وجامع صنعاء، حتى جاء الأيوبيون من بعدها فأنشأوا أول المدارس المستقلة، وعلى وجه الخصوص الملك المعز بن الطغتكين بن أيوب.
ورث بنو رسول حبهم لبناء المدارس عن من سبقهم من الأيوبيين الذين أنشأوا مدارس محدودة في اليمن هي: "المدارس السيفية بتعز؛ نسبة لسيف الدين الطغتكين بن أيوب بناها ابنه المعز، ومدرسة الميلين بزبيد أيضاً بناها المعز، كأول مدرستين مستقلتين، ثم جاء من بعدهم الأتابك سيف الدين سنقر مولى ووزير الناصر بن الطغتكين فبنى مدرستين بزبيد هما "العاصمية" و"الدحمانية" نسبة إلى مدرسيهما عاصم ودحمان؛ الأولى للشافعية والثانية للحنفية، ومدرسة بذي هزيم من نواحي تعز"( ).. ولم يعرف عن الأيوبيين غيرها.
بعد أن ورث بنو رسول ملك اليمن عن الأيوبيين أشادوا المدارس المختلفة، وشهدت في عصرهم توسعاً لم يُشهد له مثيلٌ في التاريخ اليمني قبلاً وبعداً، من أول ملوكهم إلى آخرهم، حتى صار عرفاً يتقلده ملوك بني رسول واحداً تلو الآخر، حتى نساؤهم بنين المدارس وكذلك وزراؤهم وخدمهم.. وهذه المدارس والملوك الذين بنوها كالتالي:
1- السلطان الملك المنصور نور الدين عمر بن رسول أول ملوك الدولة الرسولية ومؤسسها، "بنى مدرسته النورية بمكة المكرمة، ومدرستين بتعز هما "الوزيرية" نسبة إلى مدرسها الوزيري، و"الغرابية" نسبة إلى مؤذنها غراب، وكان صالحاً، ومدرسة بعدن، وثلاث مدارس بزبيد شافعية وحنفية، وله ثلاث مدارس في عدن تسمى بالمنصوريات نسبة إليه، ومدرسة بالمنسكية بسهام"( ).. والمدرسة المنصورية بعدن جاءت نسبة إلى الملك المنصور نور الدين الرسولي، كما هي مدينة المنصورة كذلك في عدن، والمنصورية في حيس.
2- السلطان الملك المظفر ثاني ملوك الدولة الرسولية "بنى مدرسته المشهورة بمغربة تعز المسماة "المظفرية"، وهي لا تزال إلى اليوم من أهم معالم تعز الأثرية، وله مدرسة بمدينة ظفار الحبوضي (هي إحدى محافظات عمان، وكانت تحكم من قبل الرسوليين وولاة اليمن السابقين)"( ).."وله مدرسة على مقربة من باب العمرة في مكة المكرمة"( ).
3- الملك الأشرف الكبير ثالث الملوك الرسوليين "بنى مدرسته المسماة "الأشرفية" في حافة الملح من مغربة تعز"( ). ولعل هذا ما التبس على المؤرخين في أمر المدرستين الأشرفيتين وفي أمر بانيهما لأي الأشرفين هي، كما سنوضح لاحقا.
4- الملك المؤيد داوود بن يوسف بن عمر بن رسول رابع الملوك الرسوليين "بنى مدرسته المؤيدية بتعز وبها قبره"( ). ولا يوجد لها أثر اليوم كباقي المدارس الموجودة.
5- الملك السلطان المجاهد علي بن داوود بن يوسف بن رسول "بنى مدرسته المسماة بالمجاهدية في مكة المشرفة سنة 740هـ"( ).. "وبنى مدرسة في تعز سميت أيضاً بالمجاهدية وقبر فيها، وابتنى مدرسة في دار العدل بتعز، وبنى كذلك جوامع كثيرة أيضاً تقوم بالتدريس إلى جانب أداء الصلاة فيها (وهو الذي مدَّن ثعبات وبنى سورها واخترع فيها المخترعات الفائقة)"( ).
6- الملك الأفضل العباس بن علي بن داوود "بنى مدرسته التي أنشأها في مدينة تعز في ناحية الجبل، أمر فيها بعمارة منارة لم يكن في البلاد مثلها، وذلك أنها على ثلاث طبقات، وابتنى مدرسة في مكة المشرفة قبالة باب الكعبة"( ).
7- الملك الأشرف إسماعيل بن العباس بن علي بن داوود "بنى مدرسته المعروفة بالأشرفية"( ). والتي هي من أشهر مدارس ملوك الرسوليين، وهي باقية على جمالها ومآثرها ومن أهم معالم تعز الأثرية اليوم.
ولم يكن بناء المداس ينحصر فقط في الملوك الرسوليين بل كانت حتى في نساء ملوك الرسوليين وبناتهم وأمهاتهم وأمرائهم وأميراتهم وجوارييهم، كلهم مهتمون كذلك ببناء المدارس التي تنسب إليهن، فمنها مثلا لا حصرا.
1- المدرسة "الشمسية" نسبة إلى الدار الشمسي بنت الملك المنصور وأخت الملك المظفر التي كانت أعظم وأفضل نساء بني رسول، قال عنها الإمام المتوكل على الله (ماتت بلقيس الصغرى)، وكانت ملكة على زبيد ولاها أخوها المظفر ملكة على زبيد، وذلك حين رأى رجاحة عقلها وحسن تدبيرها وسياستها للمملكة الرسولية حين غاب ثلاث سنوات في مصر ولم يعرف عهد تلك السنوات الثلاث أدنى خلل إداري أو سياسي أو أمني( ).
2- المدرسة "الملاحية" في زبيد بنتها الآدر الكريمة الطواشي شهاب الدين صلاح، وذلك نسبة إلى أسرتها آل ملاح، وهي زوج السلطان الملك المجاهد.
3- وبنت الملكة جهة الطواشي زوج الملك الأشرف إسماعيل، المدرسة "المعتبية" نسبة إلى جدها معتب، وهي من أشهر المدارس والمعالم الباقية إلى اليوم، كما سنفصل فيها لاحقاً في بند المدرسة المعتبية.
4- وابتنت الأميرة زهراء بنت الأمير بدر الدين المدرسة "الخضرية" نسبة إلى أهلها بني خضر.
5- "ابتنت الملكة مريم بنت الشيخ الشمسي زوج السلطان الملك المظفر مدرسة "السابقية" في زبيد وابتنت مدرسة في تعز في المغربة تسمى "الحُميراء" –بضم الحاء- وبنت مدرسة في ذي عقيبة بجبلة دفنت فيها؛ وكذلك توجد مدارس أخرى كثيرة كالنجمية والنبيلية ودار الأمان لأم الملك الأشرف وغيرها كثير، حتى أن السلطان الملك الأشرف إسماعيل أمر بعد المساجد والمدارس في زبيد فكانت عددها مائتين وبضعاً وثلاثين جامعاً"( ).
6- "وبنت الجهة الكريمة ماء السماء بنت الملك المظفر المدرسة "الواثقية" جوار منزل أخيها الملك الواثق فنسبت إليه"( ).
الملاحظ أن كثيراً من هذه المدارس وبعض المآثر الأخرى من جوامع وخانقاوات وأسوار حُددت مكانها بمغربة تعز من قِبَل المصادر التاريخية، وهذه المغربة حوت الأشرفية الكبرى والصغرى والملاحية والمعتبية والمظفرية والمنصورية (للملك المنصور عمر بن علي رسول) والتي لا يوجد لها أثر اليوم إلا في بعض النقوش التي وجدت في المظفرية.. وغيرها، ولا توجد اليوم في مغربة تعز سوى الأشرفية والمظفرية والمعتبية مما يعني: إما اندثار هذه المآثر بسبب الصراعات، وإما إهمالها أو عدم تحديد أمكنتها كما هو الحال بسور ثعبات وصالة اللذين بناهما الرسوليون وهما غير موجودين، مما يعني انعكاس الإهمال وعدم المحافظة عليها وحمايتها من الزحف المدني الحديث باستثناء الأشرفية والمظفرية.
ونحن نتناول إنشاء مدرسة المظفرية كإحدى هامات وقلاع العلم في العصور الوسطى لليمن بل وللعالم الإسلامي بشكل عام، لا بد من التعريج والتعريف بعوامل بنائها ونشأتها..
عوامل بناء ونشأة المدارس الرسولية
من نافلة القول أن اهتمام الملوك الرسوليين ببناء هذه المدارس كان تقليداً رسمياً لهم ولخواصهم اقتداءً بمن سبقهم من الأيوبيين والصليحيين، ولأن من أهم عوامل نشأة هذه المدارس هو التصحيح المذهبي لإعادة المذاهب السنية الأربعة، حيث كان المذهب الفاطمي - بما عليه من ملاحظات وخروقات للسنة المطهرة - قد انتشر في عموم اليمن بفعل سيطرة الصليحيين على اليمن، فما كان من الأيوبيين إلا العمل على محو هذا المذهب من اليمن فأنشأوا المدارس السُّنية. وحيث أن الأيوبيين لم يستقروا كثيراً في اليمن لم يقوموا إلا ببناء خمس مدارس هي كل ما ابتناها ملوكهم مدة حكمهم.
وتأتي نظرة الأيوبيين لهذا الأمر - في اعتقادي - امتداداً لما فعله السلطان الناصر صلاح الدين في مصر، حيث كانت قد استقلت بالحكم عن العباسيين وإقامة الفاطميين فيها خلافتهم الفاطمية لمؤسسها المعز الفاطمي. وحين ضعفت هذه الخلافة واستنجدت بنور الدين زنكي وصلاح الدين على الصليبيين الذين كانوا على مشارفها غزاة، جاء صلاح الدين الأيوبي وصار وزيراً للفاطميين، ثم انقلب على الفاطميين وأعاد مصر إلى حظيرة الخلافة العباسية خلافة المسلمين العامة، فمحوا آثارهم هناك.
وحين وحد السلطان الناصر صلاح الدين العرب في مواجهة الفرنجة، ابتعث أخاه الملك توران شاه ليحارب الصليحيين ودولتهم بعدما ضعفت أصلاً، واستنجاد بعض اليمنيين بالسلطان الناصر من بطش المهديين (ولاة دولة بن مهدي)، وكانت الدولة الصليحية في اليمن تابعة للخلافة الفاطمية في مصر. تول الأيوبيون حكم اليمن وأعادوها من جديد تابعة لمصر الأيوبيين وللخلافة العباسية. ومن هنا جاء محو آثار الصليحيين ودعوتهم الفاطمية، ولذلك بدأ الأيوبيون ينشئون المدارس الإسلامية بالمذاهب السنية الأربعة، ولكن قبل أن تنتهي الدولة الأيوبية في اليمن أيضاً "كان ملكهم المعز بن سيف الإسلام الطغتكين بن أيوب قد تشيع على يد الفاطميين من الصليحيين أو ممن تبقى من بعض دعاتهم على الأصح، وكان تشيعه في عهد أبيه، فطرده أبوه من اليمن وتبرأ منه، وعند خروجه من اليمن مات أبوه سيف الإسلام الطغتكين بن أيوب وقيل دس له ابنه السم فمات مسموماً، فما إن علم بموته المعز حتى عاد ليتولى ملك اليمن على تشيعه، وأظهر هذا المذهب من جديد، وقوي أهله به قوة عظيمة وطمعوا بإماتة مذهب أهل السنة كما كان أيام الصليحيين"( ).
ولما جاء من بعدهم الرسوليون كانوا وزراء لآخر الملوك الأيوبيين، جاؤوا ليواصلوا المسير في بناء المدارس وإظهار مذهب أهل السنة، ساعدهم على ذلك استقرارهم السياسي ودهاء ملوكهم وحبهم لرعيتهم وبسط العدل بينهم، فضلاً عن نبوغهم العلمي وتشجيعهم وحبهم وتبجيلهم العلماء، وكان جل ملوك الرسوليين يُجمعون بين الحكم السياسي وصنوف مختلفة من أنواع العلوم ومنهم الملك المظفر صاحب المدرسة موضوع الدرس.
وكان الملوك الرسوليون يتوددون إلى العلماء ويشجعونهم للتدريس في المدارس، ومنهم من يتخذ له شيوخاً وفقهاء يتفقهون على أيديهم ويأخذون عنهم حتى وهم في قصر الحكم.
ومن ذلك مثلاً ما ذكره الجندي في "السلوك"( ) عن الملك المؤسس نور الدين عمر بن علي رسول، أنه اتخذ من الفقيه أبي عبدالله محمد بن مضمون معلماً وفقيهاً يأخذ عنه، وكذلك ما فعله ابنه الملك المظفر مع الشيخ محمد بن عمر القاضي عمر الهزاز، الذي عهد إلى ولي عهده ابنه الملك الأشرف أن يستقدم الشيخ الهزاز ويقرأ عليه.
مناهج التدريس
كانت المناهج الثابتة التي تدرس في عهد الدولة الرسولية عموماً هي علوم القرآن من قراءات وتفسير، وعلوم الحديث، والفقه وأصوله، واللغة وعلومها، والشعر والآداب، والمنطق، وعلم الفلك والحساب، والرياضيات، والكيمياء، والطب، والفلسفة، هذا فضلاً عن أن كل مدرس من الفقهاء والعلماء كانوا يضيفون ما استحسنوه من الكتب وغيرها مثل كتاب "الحاوي الصغير" الذي كان يدرسه علي بن عثمان الأشهبي. وكانت العلوم الشرعية تدرس على المذاهب السنية الأربعة وأبرزها وأشهرها المذهب الشافعي بعد تحول المنصور من الحنفي إلى الشافعي، وذلك أن الملوك الرسوليين ومن قبلهم الأيوبيين أرادوا أن يوسعوا المذهب الشافعي بعد أن كان المذهب الفاطمي أيام الصليحيين قد ساد اليمن إلا مدينة صعدة وما جاورها حيث كان المذهب الزيدي الهادوي هو المعمول به والمنتشر هناك، وظلت صعدة مستعصية حتى على الأيوبيين إلى أن جاء الملك المظفر فأخذها وبنى بها المدارس التي تدرس المذهب الشافعي حتى سمى بعض مدارسها باسم تعز، إلى جانب ترك الحرية لمن ظل على مذهبه الزيدي، ولذلك كان يلقى المظفر بن الحين والآخر بعض الانتفاضات في صعدة، ولكنه كان يسيطر عليها وتعود إلى ملكه، ولذلك نجد أنه لما مات الملك المظفر قال عنه الإمام المطهر بن يحيى: (مات التبع الأكبر، مات معاوية الزمان، مات الذي كانت أقلامه تكسر رماحَنا وسيوفَنا).
طرق التدريس
تشير الوقفية الغسانية إشارات لأغراض وسبل الوقف فقط يمكن أن نستنتج منها كيف كانت تدرس العلوم. فقد أشارت الوقفية الغسانية أن الفقيه المدرس للعلم على مذهب الشافعي يقرئ الطالبين المرتبين فيها فنون العلم؛ الفقه أصولاً وفروعاً، ثم يقوم بإقراء العلم لعشرة آخرين، ثم يعودون على الفقيه بالقراءة كل يوم بعد الدرس للبحث والاجتهاد.
ثم يأتي دور المعيد فيقوم يعرض عليه الطلبة ويبحثون معه توطئة للمدرس واستبيان ما يقدح في نفوس الطلبة وتحرير لصور وتصويرها.
ثم يأتي مدرس الحديث النبوي والتفسير والوعظ والرقائق بيِّن الرواية صحيح السند، يقرئ الطلبة فيها فيقرؤون عليه سماعاً واستماعاً.
ثم يأتي دور مقرئ القرآن الكريم يقرئ الطلبة بإتقان أنواع القراءات ثم يعيد الطلبة القراءة عليه بأنواع القراءات بعد البحث والاجتهاد. وعلى المقرئ أن يكون متقن للقراءات السبع، عارفاً محققاً لأنواع علوم القراءات، متقناً لها علماً ونطقا.
ثم بعد ذلك يأتي دور الفقيه النحوي، ولا بد أن يكون مدرساً في علم النحو متقناً له، عارفاً لأحوال النحو وفروعه، بصيراً بأدلته، مستحضراً لنصوصه، ذاكراً لشواذه وغوامضه، مفيداً للطلبة، يصلح من ألسنتهم ركيكها، ويجلو عن صدورهم شكوكها، عارفاً بارعاً فيها ناقلاً لفصيحها مستعملاً لصحيحها.
والملاحظ أنه على المعلمين السابقين أن يعطوا الأولوية في التعليم للطلبة المنقطعين عندهم للعلم فإن فرغوا منهم فلا بأس أن يتجاوزوا ذلك إلى من حضر للعلم من غيرهم في غير وقت المنقطعين للعلم.
واشترطوا على المعلمين عدم أخذ إجازات في غير الأعياد والجمع "والأوقات التي جرت العادة للمتعلمين في المدارس يعطلون فيها أو بعذر ظاهر بشرط الاستنابة عنهم"( ).
الأوقاف الدارة على المدارس
لم يكن المنشئون للمدارس من الملوك الرسوليين يتركون المدرسة هكذا هملاً، بل كان دأبهم أيضا أن يقيموا المدارس ويوقفوا لها الأوقاف من أنفس أموالهم التي تعود على المدرسين والمتعلمين على السواء بالنفع في تسيير حياتهم المعيشية اليومية ويعطون العطاءات السنوية للمحافظة على بقاء المدارس ونظامها التعليمي سواء ما كان منها من مرتبات للعلماء أو مصارف للطلبة المنقطعين للعلم للقيام بكفايتهم وكان هذا الأمر جار في المدارس التي أنشأوها في مكة المكرمة التي كان ما إن يتولى ملك من ملوك بني رسول الملك إلا جعل له مآثره في مكة وسميت تلك المدارس بأوقافها باسم منشئها كما هو عليها الحال في اليمن.
حفلات تخرج الطلبة
ولقد كان دأب الملوك الرسوليين في تشجيعهم للعلم والعلماء وتشجيع التصنيف في الكتب والتأليف وحفظة القرآن تجري عاداتهم أنه ينادى في الناس بما عمله العالم أو الطالب أو المؤلف فيجتمع الناس إلى الرجل فيحملونه على الأكتاف ويزف بالطبول من المدرسة وحتى قصر الملك فيقوم إليه الملك محيياً إياه ويكرمه فإن كان من المؤلفين والمصنفين يعطى المؤلف وزن كتابه ذهباً، وبرأي الكثيرين من الدارسين فإن هذه الخصلة كانت من أهم عوامل النبوغ في العلم وانتشاره في اليمن إبان حكم الرسوليين فيما عرف بالعصر الذهبي لليمن، وهو نفس ما كان يقوم به الخلفاء العباسيون في نهاية العصر العباسي الأول وبداية العصر الثاني( ). وظلت هذه العادة من زف الحفظة والمتعلمين معمولة بها على ما أذكر في أرياف محافظة تعز إلى حدود الـ 25 العاماً الماضية كان يزف الحافظ للقرآن من كُتّابه إلى المسجد ثم إلى البيت، ويقوم الناس من حوله بترديد الأناشيد وذبح الذبائح وإقامة الولائم.
اليوم يتم إحياء مثل تلك العادات الاحتفائية بما نشاهده اليوم من الاحتفاء بحفظة كتاب الله، كما نراه في كل عام في محافظة تعز.