مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
في سلسلة حلقات متتالية نمضي في تبيين نصوص وأساليب ووسائل الاحتلال الهاشمي للأمة الإسلامية وتدليسها على الأمة، واستبدال صنمية قريش بصنمية الهاشمية، وأثر كل ذلك على الدين والأوطان والشعوب.
وبداية توضيحية؛ نوضح أننا لسنا ضد أئمة الفقه الإسلامي وعلمائه وكتبه أثناء السرد لمراجعة بعض النصوص وتبيانها من خلال أمهات الكتب ذاتها، ولكنا ضد الفهم والفقه المغلوط الذي يحاولون استعبادنا من خلاله، حتى لا يصطاد المتصيدون في المياه العكرة، وتجيير ما سنكتبه في هذه الحلقات، وأثر تلك النصوص في مصادمة القرآن والفطرة الإسلامية والسليمة، وما ترتب عليها من فقه مغلوط دفعت الأمة أثمانها الباهظة تدميراً وتخلفاً وتمزقاً.
الصلاة على محمد وآل محمد
تحاول العنصرية الهاشمية، منذ منبتها وظهورها كفكر سياسي عقدي، مصادرة كل شيء إسلامي لصالحها، وتوظيفه في مصالحها الفكرية والسياسية، والتغرير على عامة الناس بذلك، سعياً منها لاستعباد المسلمين بطرق شتى؛ منها: طرق التدين والتدليس على المسلمين في تأويل النصوص وتحريفها وتجييرها، ومغالطتهم، حتى يتسنى لها السيطرة عليهم بشتى الوسائل، ليس استعباداً سياسياً وحسب بل وفكرياً ودينياً واجتماعياً وثقافياً.
إن أكثر ما يخشاه الإماميون والهاشميون هو أن يتم تصحيح النصوص وفهمها وإعادتها إلى سياقها الطبيعي في مقاصدها الحقيقية من المساواة والعدالة وسماحة الإسلام وفطرته، وإعادته نقياً كما جاء في بداياته الأولى، حتى لا يتم سحب البساط من امتيازاتهم السياسية والاجتماعية، وتسلطهم السياسي على المجتمعات، وتنتهي مصادرتهم للدين وتمثيله والتحدث باسم الله ونيابة عنه.
فمن بين أكثر الوسائل استخداماً وتدليساً هي توظيف ما يسمى بـ(الصلاة الإبراهيمية) لصالحها، يستوي في ذلك الشيعة والسنة على السواء؛ لكن الشيعة وظفوها توظيفاً سياسياً واستفادوا منها عملياً في شؤونهم السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، بإقرار فكري سني.
يعتبر الهاشميون أن (الصلاة الإبراهيمية) [سميت بذلك لذكر النبي إبراهيم وآله فيها] هم المقصودون بها في كل زمان ومكان، باعتبارها من ركائز الدين الأساسية التي تمكِّن لهم، وتخضع رقاب المسلمين جميعاً لها بهذه الوسيلة الناعمة، حتى لا يجرؤ أحد من المسلمين نقدها وتصحيحها، ولذلك وظفوها توظيفاً سيئاً في جذب المسلمين لصالحهم واستعبادهم من طريقها كنافذة للتوظيف الديني والسياسي، واعتبار أنفسهم المقصودين بها، حتى جاء المتأخرون يخاطبون عامة المسلمين بالقول: "نحن من تصلي عليهم في صلاتك خمس مرات يومياً ولا تقبل صلاتك إلا بالصلاة علينا"، وهم يقصدون بطبيعة الحال الصلاة الإبراهيمية في التشهد وحشر (الآل) فيه!
حكم الصلاة على النبي
لا خلاف بين كافة الصحابة والعلماء المتقدمين والمتأخرين على الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- البتة، ومنهم من اعتبرها واجبة كالشافعية والحنابلة، ومنهم من اعتبرها سنة مستحبة.
فقد حث الله -سبحانه وتعالى- المسلمين على الصلاة على النبي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب56
فالصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- من ضمن سياقات متعددة تكون في تعظيمه وتوقيره من قبل المسلمين والاقتداء به، كما في قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}الأعراف157
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}الحجرات2
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}النساء65
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً}الأحزاب53
لكن الخلاف الحاصل فيها هو في موضعها ووقتها؛ هل تكون مفتوحة في كل حال، أم في مكان ووقت معينين؟! وكذلك الخلاف في إلحاقها والعطف عليها ما يسمى بـ"الآل"، وهي الكارثة الكبرى التي سيترتب عليها الكثير من المشاكل الدموية بين السنة والشيعة.
وأكثر الخلاف عليها في موضع التشهد الأخير؛ بينما هو تشهد واحد، الذي علمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابة أن يقولوه في الصلاة سواء بين الركعتين (التشهد الأول) أو في نهاية الصلاة، وينتهي عند قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فمن ختم صلاته بهذا فقد أتم صلاته عند أكثر أهل العلم، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ندب للناس أن يدعوا بما شاءوا بعد ذلك من الدعاء، وهذا عليه غالبية الأحاديث، وغالبية صيغ التشهد التي وردت عن ابن مسعود، وعمر، وابن عمر، وعائشة، وابن عباس، وأبي موسى الأشعري –رضي الله عنهم جميعاً.
لكن العلماء والأئمة، بعد الصحابة، اختلفوا على حكمها وموضعها في التشهد الأخير "فعند الأحناف والمالكية مستحبة، وعند الحنابلة ركن، وقيل واجبة تجبر بالسجود [سجود السهو]، وفي المذهب الشافعي تعتبر فرضاً لا تجبر بالسجود، فمن لم يأت بها بعد التشهد الأخير، بأية صيغة كانت، لم تصح صلاته.( وهذا قول عجيب لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم المسيء صلاته أن يجلس حتى يطمئن ساجداً ولو لم يدع بشيء ثم يسلم، فعند ذلك صلاته صحيحة. فعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -ﷺ- قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: "إذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا جَلَسْتَ فَاجْلِسْ عَلَى رِجْلِكَ الْيُسْرَى"، رَوَاهُ أَحْمَدُ).
قال النووي في المجموع، في الفقه الشافعي: فرع في مذاهب العلماء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأخير قد ذكرنا أن مذهبنا أنها فرض فيه، ونقله أصحابنا عن عمر بن الخطاب وابنه -رضي الله عنهما-، ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبي مسعود البدري -رضي الله عنهما-، ورواه البيهقي وغيره من الشعبي هو إحدى الروايتين عن أحمد، وقال مالك وأبو حنيفة وأكثر العلماء: هي مستحبة لا واجبة، وحكاه ابن المنذر عن مالك وأهل المدينة، وعن الثوري وأهل الكوفة وأهل الرأي وجملة من أهل العلم. قال ابن المنذر وبه أقول. انتهى".( موقع إسلام ويب على الرابط https://www.islamweb.net/ar/fatwa/98972/).
وقال ابن قدامة، في المغني بعد أن ذكر واجبات الصلاة، ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: أن من ترك شيئاً عامداً بطلت صلاته، ومن ترك شيئاً منه ساهياً أتى بسجدتي السهو. ( المصدر السابق: إسلام ويب فتوى بعنوان " حكم صلاة من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير").
وللتعقيب على الشافعية، في هذا الأمر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلزم المسيء صلاته إلا بما ورد في الحديث من الاطمئنان في أداء الأركان من القيام والركوع والسجود والجلوس، ولكنه ألزمه بقراءة الفاتحة في الصلاة وتكبيرة الإحرام، ولم يقل له بعد ذلك أن صلاته باطلة إن لم يصل عليه في التشهد، خلافاً لكل صيغ التشهد الواردة عن الصحابة من الرسول -صلى الله عليه وسلم.
وكما جاء في البخاري، حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة "أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَرَدَّ وقالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا، فَقالَ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقالَ: إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا". ( صحيح البخاري: صـ187، رقم الحديث 757).
لسنا على خلاف البتة في وجوب الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- من قبل المسلمين بأمر الله في كتابه؛ فنحن نصلي عليه في كل وقت وحين، وحين يذكر اسمه، ولكن الخلاف في تقييده من قبل بعض العلماء والفقهاء والأئمة في موضع التشهد، مع أنه أمر مفتوح دون تقييد، وكذلك إلحاق ما يسمى (الآل) بهذه الصلاة وإدخالها في التشهد، واعتبار من لم يضفها إلى الصلاة على النبي في التشهد، أو ما تسمى بـ(الصلاة الإبراهيمية) تعتبر صلاته باطلة، فضلاً عن ما يحدثه هذا الأمر من تكريس الصراعات السياسية والفقهية بين المسلمين بتمييز بني هاشم عن غيرهم من المسلمين وجعل ذلك التمييز من الدين واجب الاتباع، وما يسببه من استعباد بقية المسلمين من قبل هذه القبيلة استناداً إلى هذا الأمر ومقارنتهم بالعبادة بالله وبرسوله.
فقد رأينا هذه السلالة الهاشمية تدمر الدول وتقتل الشعوب في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وإيران وغيرها، وتحرف الدين وتستعبد المسلمين استناداً إلى هذا الأمر، ولا يقبلون إشراك غيرهم من المسلمين في الحكم ناهيك عن سلبهم أموال المسلمين باسم الخمس، ويأتي أناس متسلقون على هذا النسب والتمييز العنصري في القرن الحادي والعشرين ويقولون بالنص: "نحن الذين تصلي عليهم في صلاتك في اليوم الليلة خمس مرات ولا تقبل صلاتك إلا بالصلاة علينا"!!
فعموم المسلمين السنة يسلمون بهذه الصلاة كونها وردت في صحيحي البخاري ومسلم، وعندهم أن كل ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم كأنه واجب الاتباع وصحيح الدين والنقل، وأن من لم يقل بهذه الصلاة يعتبر ناقص التدين والنسك، مستدلين بعدة أحاديث فيها نظر وخلاف بين ألفاظها ورواتها، كما سنبينه تالياً.
....يتبع