الغدر والخيانة في تاريخ الحركة الحوثية 2
بقلم/ فتحي منجد
نشر منذ: 8 سنوات و 8 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 09 مارس - آذار 2016 04:18 م
نقض العهود والمواثيق والاتفاقات أصل متجذر في سياسة الحوثيين تجاه الخصوم مستندين إلى فتاوى من كبار علمائهم في جواز نقضها حيث يرون أن توقيع الاتفاقات ماهي الا إحدى وسائلهم للتوسع والسيطرة ولذلك لا يوقعونها الا عند وجود مصلحة لهم أو عند الشعور بالهزيمة وهذا ما كانوا يقومون به في كل حروبهم كتكتيك للمواجهات القادمة , وقد عرضنا في الجزء الأول من هذا المقال أبرز الاتفاقيات التي نقضوها مع الجانب الحكومي والأحزاب السياسية وفي هذا المقال نستعرض أبرز الاتفاقات التي نقضوها مع القبائل اليمنية, والتي تأتي في المرتبة الأولى من حيث العدد إلا أنها لم تلق نصيبها من التوثيق والرصد لعدم اهتمام القبائل بأهمية الرصد والتوثيق.
مع الإشارة أني لم اتطرق للاتفاقات التي نقضوها مع قبائل صعدة حيث أني قد أشرت إليها في مقال سابق بعنوان" انصفوا صعدة قبل أن تظلموها", والتي كانت لا تخلوا من صلح أو اتفاق ينقضه الحوثيون كعادتهم .
ففي أغسطس 2010م نقض الحوثيون اتفاقاً تم التوصل إليه مع الشيخ صغير بن عزيز بمديرية حرف سفيان بمحافظة عمران بعد معارك عنيفة استمرت بينهما لأشهر قبل أن يتوصلوا إلى محضر اتفاق يشتمل على سبعة بنود منها أن يكون موقع الزعلاء العسكري خالياً من الطرفين كما ينص على إنهاء تمترس الحوثيين وفتح الطرقات وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل المواجهات الأخيرة , وقد التزم ممثل الحوثيين يوسف الفيشي الموقع على المحضر بعدم التعرض لأملاك الشيخ ابن عزيز ومنازله وأتباعه أو أي مواطن من مناصريه ، وبعد التوقيع لم يلتزم الحوثيون بشيء مما تم الاتفاق عليه حيث اعتدوا على املاك بن عزيز ونهبوها وفجروا منازله وشردوا أصحابه وما يزال العشرات منهم مختفين قسرياً في سجونهم حتى اليوم , ثم حاولوا اغتياله في ديسمبر 2014م بعد سقوط صنعاء في أيديهم .
وفي 12 أغسطس 2011 م وقع الحوثيون صلحاً شاملاً يتضمن ثمانية بنود مع قبائل الجوف لإنهاء النزاع ، قضى البندان الأول والثاني منه بوقف إطلاق النار وإزالة كل مظاهر التوتر والتمترس القائمة من الجانبين وإزالة نقاط التفتيش المنتشرة في الطرقات من قبل الطرفين, ولم ينفذ الحوثيون أي منها, بل استمروا في الاستحداثات والتوسع حتى اشتعلت المواجهات الأخيرة بعد دخول التحالف العربي على خط المواجهة .
وفي 9 فبراير2012 م وقعت قبائل حجور بمحافظة حجة اتفاقاً مع الحوثيين برعاية لجنة وساطة رفيعة المستوى، برئاسة علي بن علي القيسي محافظ حجة وممثلين للمشترك هما النائب/ زيد الشامي ومحمد مسعد الرداعي ومن طرف الحوثيين يوسف الفيشي وعلي العماد، إلى جانب أحمد الكحلاني يقضي الاتفاق بوقف إطلاق النار بين الجانبين وفتح الطرقات وإعادة الوضع في مديريتي كشر ومستبأ لطبيعته السابقة، وعودة المسلحين إلى مناطقهم و محافظاتهم الا أن الحوثيين نقضوه بهجوم مباغت على القبائل فجر اليوم الثاني من توقيعه .
وفي 15سبتمبر2013م تم توقيع صلح لمدة عام بين الحوثيين وآل الاحمر في مديرية قفلة عذر بوساطة رئاسية نص الاتفاق على أن الصلح شريف نظيف في الوادي والبادية يأمن من في بيته وسوقه ومسجده لمدة سنة وأن يتوقف اطلاق النار فوراً وتبقى كل الأطراف على الوضع الحالي, وبعد التوقيع لم يلتزم الحوثيون بأي بند من الاتفاق حيث قاموا باقتحام مناطق مديرية القفلة متجاهلين نقاط الصلح التي وقعوها بأيديهم .
وفي 3يناير 2014م خرق الحوثيون في الجوف اتفاقاً مع قبائل دهم بعد أن توصلت الوساطة القبلية الى أن يقوم الحوثيون برفع نقاطهم العسكرية من حدود قبائل دهم ، إلا أن الحوثيين نقضوا الاتفاق وحشدوا قوات هائلة وهاجموا القبائل بعد يومين من توقيع الاتفاق .
وفي 4فبراير2014م وقعت جماعة الحوثي اتفاقاً مع قبائل العصيمات في منطقتي خيوان وحوث يقضي بخروج المسلحين الوافدين إلى مناطق النزاع من غير أهلها وعودتهم إلى أماكنهم الأصلية وفتح وتأمين الطريق العام وعدم التجوال بالأسلحة الثقيلة، على أن تقوم الدولة باتخاذ الاجراءات اللازمة تجاه المخالفين و تم ذلك برعاية وإشراف اللجنة الرئاسية المكلفة بإيقاف إطلاق النار في المنطقة برئاسة اللواء فضل بن يحيى القوسي قائد قوات الأمن الخاصة ولم يلتزم الحوثيون بذلك بل استمروا في المواجهة حتى اسقطوا بلاد حاشد بأكملها .
كما وقعت خلال الشهر ذاته اتفاقية مع قبائل بني صريم كبرى قبائل حاشد بزعامة الشيخ علي حميد جليدان يقضي بوقف كل أشكال الاقتتال بين الطرفين وتأكيد مبدأ التعايش وفتح الطرقات والسماح للحوثيين ب"التحرك بأمن وأمان في بلاد حاشد", وعدم تحرك الحوثيين بالأسلحة الثقيلة , وعدم نصب النقاط , وعدم دخول الحوثيين قرى حاشد البعيدة عن الخط الأسفلتي , ولم يعمل الحوثيون بهذا الاتفاقية المسماة "اتفاقية عجمر" منذ تاريخ توقعيها حيث رفضوا الخروج من المنطقة نفسها واستمرارهم بنقل الآليات العسكرية من أراضي المديرية على الرغم من مخالفتها لنصوص الاتفاقية المذكورة .
كما وقعوا في الثاني عشر من الشهر ذاته صلحاً مع الشيخ حميد عبدالله الأحمر في مديرية حبور ظليمة” وقع عليه الشيخ علي ناصر السوطي ممثل عن أولاد الأحمر ، وآخر ممثل عن الحوثيين بالإضافة إلى الشيخ يحيى أقرن أمين عام المجلس المحلي في المديرية كممثل عن السلطة المحلية ويقضي الاتفاق بنزول الطرفين من الارتاب ومن المنازل التي كانوا يتمركزون فيها ورفع التمترسات وإزالة كافة الارتاب الموجودة في الجبال والتباب وخصوصاً جبل “ظفر” و”الجميمة” وعودة المسلحين المتمترسين إلى قراهم وتأمين الطريق مقابل السماح للحوثيين بفتح مقرات في كافة عزل وقرى المديرية وعلى الحوثي فك الحصار عن حصن أولاد الأحمر والعدول عن اقتحامه , ولكن الحوثي نقض الاتفاق واقتحم الحصن وصادر أملاك الأحمر هناك. 
وفي 12مارس 2014م رفض الحوثيون تنفيذ الاتفاق الذي يدعوهم إلى انسحاب مقاتليهم الوافدين من خارج منطقة همدان بمحافظة صنعاء ، حيث لم يلتزموا بالتعهدات والاتفاقات التي وقعوها مع القبائل, ووسعوا من أماكن تواجدهم ونصبوا نقاط جديدة، مما دفع باللواء علي بن علي الجايفي قائد قوات الاحتياط رئيس اللجنة الرئاسية المكلفة بوقف النزاع في مديرية همدان بتقديم استقالته من اللجنة.
وفي يونيو 2014م نقض الحوثيون اتفاقاً مع قبائل عيال سريح بزعامة الشيخ مجاهد القهالي يقضي بعدم دخول أياً من مسلحيهم الى المنطقة مقابل التزام قبائل عيال سريح بعدم الاعتداء على الحوثيين خارج المديرية و لكنهم نسفوا هذا الاتفاق بعد اشتداد المعارك مع اللواء 310مدرع وقاموا باقتحام المنطقة وسيطروا على الجبال والهضاب وقاموا بتفجير منازل بعض أبناء القبيلة ذاتها .
وفي 15 يوليو 2014م وقع الحوثيون اتفاقاً وصلحاً قبلياً مع قبائل مديرية الرضمة بمحافظة إب وقع الصلح الشيخ عبدالواحد الدعام عن قبائل الرضمة، وزيد محمد الذاري عن الحوثيين , ويقضي بوقف المواجهات بين الطرفين لمدة ستة اشهر، و أن الطرف الذي سيخرق الاتفاق سيكون عقابه مضاعفاً إحدى عشرة مرة وستتحد كل القبائل ضد الطرف الذي يعمل على نقضه وقبل أن ينتهي وقته بشهر نقضه الحوثيون بالهجوم على المنطقة , ثم تم تجديده باتفاق جديد برئاسة محافظ إب الحجري ورئيس فرع المؤتمر عبدالواحد صلاح غير أن الحوثيين قاموا بنقضه مرة أخرى وهاجموا المنطقة وهدموا منزل الدعام وشردوا أهله ويعد هذا الاتفاق من أوضح الاتفاقات التي قاموا بنقضها عدة مرات متتالية .
وفي 10ديسمبر2014 م نقضت جماعة الحوثي الاتفاقيات مع قبائل أرحب بمحافظة صنعاء الموقعة بتاريخ 9فبراير2014م حيث قامت ميلشيات الحوثي باستحداث نقطة تفتيش في أحد مداخل القبيلة وكان من ضمن بنود الصلح إنهاء التوترات بين الطرفين الذي خلفتها الحرب السابقة وكذلك منع استحداث أي نقاط تفتيش في الطرقات العامة , الا أن الحوثيين استحدثوا نقطة تفتيش في مدخل قبيلة أرحب ثم استهدفوا وبصورة فجة مقيتة أحد مشائخ قبيلة أرحب ومرافقيه وهو الشيخ محمد محمد مبخوت نوفل حيث قاموا بالرمي المباشر عليه ومرافقيه مما اعتبر نقضا للاتفاق، وأصدرت قبائل أرحب بياناً يندد بالحادثة .
هذه أبرز الاتفاقات التي نقضها الحوثيون مع القبائل طيلة مسيرتهم الإجرامية مع التأكيد أن معظم هذه الاتفاقيات كانت توقع بضمانات، غير أن هذه الضمانات لم تردع الحوثيين عن نقضهم لما التزموا به ووقعوا عليه.
وبناءً على هذا يتبين للجميع أن التعويل على اتفاقات الحوثيين نوعاً من الجهل ببنية الحركة الحوثية ومنهجيتها في التعامل مع المخالفين 
ويبقى السؤال الأهم : ما سر عدم إصدار الحكومة الشرعية قراراً يصنف الحركة الحوثية جماعة إرهابية أم أنها لازالت تؤمل الجلوس معهم على طاولة الحوار لتوقيع اتفاقات ينقضها الحوثيون بعد ساعات من توقيعها .