تشريع الاحتلال الأمريكي للعراق إلى الأبد
بقلم/ احمد منصور
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 28 يوماً
الإثنين 25 أغسطس-آب 2008 10:24 م

  رغم الحرص على سرية المفاوضات القائمة بين الحكومة العراقية التي أقامها الاحتلال الأمريكي فى العراق وبين سلطات الأحتلال الأمريكية حول ما يسمى باتفاقية التعاون الأمني الأمريكي العراقي، فإن ما تسرب من معلومات حول هذه الاتفاقية حتى الآن يكشف عن أنها واحدة من أسوأ عمليات السطو على الدول في التاريخ، فالاتفاقية تعطي الولايات المتحدة الحق في بناء خمسين قاعدة عسكرية فى شتى أنحاء العراق، وهذا يعني أنه لن تكون منطقة فى العراق لا توجد فيها قاعدة عسكرية أمريكية، كما أنها تعطي القوات الأمريكية وقوات المرتزقة التابعة لها والتي يطلقون عليها اسم " المقاولون " الحصانة الكاملة أي عدم المساءلة أو الخضوع للقانون والحق فى اعتقال وملاحقة أي عراقي. 

بل وشن عمليات عسكرية مفتوحة، تحت دعوى " الحرب على الارهاب " وأن هؤلاء لن يخضعوا لأي قانون عراقي ولا يتطلب قيامهم بأن عمل أخذ أي إذن أو عمل أي ترتيبات مع الحكومة العراقية، وقد ذكرت صحيفة الأنبدندنت البريطانية في عددها الصادر يوم الجمعة 6 يونيو عن بعض تفاصيل الأتفاقية وقالت إن إدارة الرئيس الأمريكي بوش تضغط على الحكومة العراقية لتوقيعها قبل نهاية شهر يوليو القادم وإلا خسرت حوالي 40% من احتياطي عملاتها الموجود فى البنوك الأمريكية والذي يقدر بحوالي خمسين مليار دولار نتيجة سريان قانون الحصار علي العراق منذ عام 1990 وحتى الآن ، ورغم الولاء المطلق للحكومة العراقية للإدارة الأمريكية وأنها في النهاية سوف توقع علي كل ما يتم إملاؤه من الأمريكان عليها إلا أنها تحاول تجميل وجهها عبر تأخير التوقيع ولو قليلا لهذه الأتفاقية التى لن تكون في النهاية سوي تشريع كامل للأحتلال الأمريكي للعراق بدعوي التحالف كما يطلق عليه الرئيس الأمريكي بوش ، والعجيب أنه رغم احتلال العراق في شهر إبريل من العام 2003 إلا أنه لازال مدرجا حتى الآن تحت نطاق الحصار الدولي الذي فرض علي العراق في أعقاب احتلال صدام حسين للكويت فى العام 1990 ، فكل أموال العراق حتى اليوم تخضع لقوانين الحصار ، وهناك أكثر من خمسين مليار دولار ـ كما سبق وأشرنا ـ تخص العراق موجودة فى البنوك الأمريكية ترفض الحكومة الأمريكية الأفراج عنها حتى تقوم الحكومة الحالية بالتوقيع علي الأتفاقية التى تمنح الولايات المتحدة الحق فى كل ما تقوم به الآن فى العراق ، بل وتجعل من الناحية الرسيمة الكلمة الأولي والأخيرة فى كل ما يتعلق بسياسات العراق الداخلية والخارجية للولايات المتحدة .

إن هذه الأتفاقية الأمنية ستكون تتويجا لكل الجرائم التي قامت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها في العراق حيث لازال نفط العراق ينهب دون وجود عدادات تبين حتى كمية ما ينتج وينهب منه حيث يتم إجهاض الآبار وتدميرها كما يقول الخبراء ، علاوة على تدمير كافة جوانب الحياة والحضارة والتاريخ فى بلد كان مهد الحضارات علي مدار القرون الماضية ، ويشير المراقبون إلي أن هذه الأتفاقية تقوي وضع الجمهوريين فى الأنتخابات الرئاسية القادمة وتعفي الولايات المتحدة من أية مساءلة قانونية أو جرائم حرب ارتكبت وترتكب فى العراق لأن الحكومة الحالية سوف تمنح الأدارة الأمريكية صك البراءة ليس من كل ارتكب وإنما لكل ما سوف يرتكب من جرائم وتجاوزات وسوف يضع العراق تحت احتلال رسمي لا نهاية له ويرهن المنطقة كلها بالقوات الأمريكية التى ستتواجد فى خمسين قاعدة عسكرية تستطيع أن تشن منها ما تريد من عمليات ليس داخل العراق وحده كما تشير الأتفاقية وإنما كما يتراءى لها على كل من تسول له نفسه أن يخرج عن تعليمات الولايات المتحدة أو رغباتها فى المنطقة ، فتستطيع أمريكا بذلك أن تسيطر علي منابع النفط وتتحكم فيها وكذلك تحافظ على أمن إسرائيل وتفوقها النوعي علي الجميع وتبقى العرب كلهم أزلاء تحت إرادتها وبطشها ومن ثم فإن هذه الأتفاقية هي أخطر من كل الأتفاقيات التي وقعت خلال القرن الماضي بدءا من الحرب العالمية الأولى وحتى الآن لكن الكارثة أن يبقى العرب مكتوفي الأيدي فى انتظار دورهم بعد العراق .