سائرون .. نحو خارطة المنطقة الجديدة .!
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 10 سنوات و أسبوعين و يومين
السبت 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 10:37 ص

كلما استبشر الشعب خيرا بما يظنه مخرجا للبلاد من ازمتها الطاحنة جاءه سريعا ما يعيده إلى نقطة التشاؤم والترقب . فمنذ الثورة ونحن ننتقل من محطة إلى أخرى ومن وعد إلى أخر بالقضاء على الفساد وبناء الدولة المدنية العادلة دون فائدة . فما زال الفساد والظلم موجودا ودولة النظام والقانون مختفية . وخلال هذا فقد الوطن عددا من محافظاته لصالح مشروع دولة بديلة تتشكل في الداخل تحت نظر جهات غلب عليها حب الذات والتشفي في الخصم السياسي والشماتة في المنافس القبلي على حب الوطن واستقراره .
 واستبشرنا مؤخرا بتوقيع كل القوى السياسية على تفويض الرئيس بتشكيل حكومة كفاءات دون طعن منها او اعتراض , ولكن سرعان ما تم ارسال أول برقيات الطعن من خلال إغتيال إحد رموز الكفاءات في البلاد وهو الدكتور محمد عبد الملك المتوكل . هذا الإغتيال أظنه لا يمت بصلة إلى أمر يتعلق بشخصه الكريم ولا إلى توجهه السياسي أو الفكري ولا إلى موقف خاص أتخذه تجاه قضية محددة , وإنما أظنه مجرد رسالة مفادها : لن تقوم في البلاد حكومة كفاءات ولا غيرها , فها نحن نغتال رمزا لها في الوطن , وكل كفاءة ترونها تصلح للحكم نحن نراها كفاءة تصلح للقتل " .
والشهيد المتوكل صاحب علاقات طيبة مع جميع القوى السياسية في البلاد , ولديه اعتدال ووسطية في التوجه والطرح , ولا يتطرق أدنى شك في وطنيته , وبالتالي فالرسالة عامة حملها روح الشهيد وفق إختيار مهدف لا يمت بصلة لشخصه او مكونه أو مدى خطورته عليهم .
وبمناسبة يوم " عاشورا " كان خطاب السيد عبد الملك الحوثي حاسما قويا . خطاب يحمل برقية أخرى تؤكد أنه الكفاءة الوحيدة التي تصلح للحكم ولن يقبل بأي سلطة تشاركه القرار . ولذا فقد قرر مواجهة الشرعية المنتخبة بالقوة مطالبا لجانه الشعبية رفع الجاهزية القتالية تحسبا لأي هجوم .
هذا القرار السياسي العسكري وما سبقه في اجتماع " حكماء اليمن " الحوثي الذي طالب كذلك برفع الجاهزية الشعبية لاقتحام مقر الحكم ليعقدوا فيه اجتماعهم القادم خلال مهلة " 10 أيام أخر " منحوها رئيس البلاد , أراهم قد حملا رسالة واضحة تحمل في طياتها إنقلابا علنيا على الجميع بدلا من تمرد مقنع . ودل عليه قول السيد في خطابه : " إن الشعب اليمني حاضر لأن يفعل أكثر مما حصل إذا لزم الأمر " . ولا أرى أكثر من إنقلاب جزئي ضمن سلطة دولة هشة إلا انقلابا عاما شاملا يفرض حكومة لا تقبل الشريك ولو كان ذا كفاءة ونزاهة وحق . وفي اتجاه مشابه رفض المخلوع طلبا أمريكيا بالخروج من البلاد قبل يوم الجمعة ! وفقا لما قدمته إلى لجنة العقوبات الأممية من أدلة تثبت تورطه مع الحوثي في عرقلة عملية انتقال السلطة سلميا .
وطلب " صالح " من اعضاء المؤتمر الاستعداد تحسبا لأي طارئ يحدث . وهذا الطلب الأمريكي المحدد الزمن وفي هذا الوقت يطرح تساؤلا " لماذا الأن ؟! " وقد اجابت أمريكا أنها أخذت وقتا للحصول على الاثبات اللازم . وهنا لا يملك المواطن البسيط تصديق ذلك , فالكل يعلم قدرة امريكا في الحصول على كافة البيانات وبأيد يمنية خالصة ونعلم مدى تدخل سفيرها في شئوننا وسيطرته على مفاصل الحكم وعقول القرار . ويبقى السؤال بلا جواب " لماذا ؟! " . وهل من رابط بين الجميع ؟!.
وما بين بيان الحكماء والعشرة أيام , وخطاب الحوثي الانقلابي , ورفض المخلوع الخروج , وتحديد أمريكا بيوم الجمعة , لا يملك المواطن الذي خذله حكامه وسياسيوه إلا أن يرفع مستوى جاهزيته التموينية والإيمانية , فهو لا يلمح أملا في حكومة كفاءات ولا في دولة مدنية , وإنما يرى سرابا واحلام يقظة رسمتها لهم ريشة براقش ولونتها يد عرقوب .