إيران وسقوط صنعاء في الألفية الجديدة
بقلم/ عدنان هاشم
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 13 يوماً
الخميس 09 أكتوبر-تشرين الأول 2014 03:27 م

في بداية الألفيات الجديدة تتغير الخارطة الدولية، ومع كل مائة عام جديدة تبرز قوى جديدة للهيمنة على العالم، فما بالك بألفية جديدة، اخترق فيها تنظيم صغير كـ"القاعدة" المنظومة الأمنية والمخابراتية الأمريكية لينفذ في العام الأول منها هجمات على مواقع صعبة بداخلها، وعصفت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008-2009 بدول أوروبية عديدة، وفتح الربيع العربي فمه الثوري ليلتهم مخالفات الاحتلال في المائة العام الأخيرة من الألفية الماضية، وصعدت الصين، وعاد السوفيتيون من الموت بعد أن ظن الجميع أنه لا عودة، وتفجرت أوكرانيا بين 2004 وحتى اليوم.

ما يحدث أن الألفية الجديدة والمائة عام الأولى، هو ذات المخاض للألفيات الماضية، فمنذ أن اشتد طغيان القبائل المتحاربة في عهد نبي الله نوح، واحتقارهم الإنسان، وانقلابهم على سنن الكون، وأرسل الطوفان ليجتث السيئين، وكما سقطت الروم، وفارس، ومملكة أسبرطة، وأسقطت حرب طروادة أعتا القادة في ذلك الزمن، لتمهد لمئويات جديدة، وكما أنتصر الله للمظومين في عهد موسى، ولوط، وصالح، والأنبياء والرسل سينتصر الله للمستضعفين من عبادة اليوم؛ لنتأكد أن مايحدث اليوم ذات الصراع وذات النفس التفتيتي للأوطان الرافضة للهيمنة العالمية.

السؤال الذي همنا هُنا: ما حقيقية ما يجري في اليمن ضمن ذات المنظومة؟!!، من يلاحظ أن اليمن كانت منذ وجود سام بن نوح، مكان للمنافسة العالمية الفارسية والرومية، إلى محاولات الاحتلال الأسباني والبرتغالي، ثم الاحتلال البريطاني، ومنذ اكتشاف العالم الجديد كان اليمن مكاناً للصراعات، لموقعه الاستراتيجي؛ ما يحدث –ببساطة- أن هناك حلقة من مشاريع رسم الخرائط الجديدة، بين القوى الناشئة بداية الألفية الجديدة، والقوى التي هيمنت في الألفية الماضية؛ اليمن جزء من تلك المقايضات.

الناشئة الجديدة هي الصين و إيران، والسابقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولأن اليمن مؤخرة النفط الأوسطي، ومنفذ مهم إلى أفريقيا، فإن تلك الدول تتفاهم على المقايضات المهمة، وتلاشياً للأخطاء السابقة فإن المخطط أن التقاتل سيكون بأيدي يمنية، بمعنى أن الحروب ستكون أهلية، بين اليمنيين أنفسهم؛ لاكتشاف الأمريكيين والغربيين وحتى الإيرانيين أن الدفع بإرسال مقاتلين لاحتلال البلدان لا ينفع في الألفية الجديدة؛ وبمجرد تذكر الغربيين لأفغانستان، والعراق يتخدرون وبتذكر الإيرانيين للعراق و سوريا وماجرى لقواتهم هناك يتأكدون أن القتال بأيدي مواطني تلك الدول أجدى وأنفع.

عندما أرسلت إيران كتيبتها اليمنية ممثلة بجماعة الحوثيين المسلحة لإستباحة صنعاء، كانت تلك المنظومة التي ترسم الخرائط تعرف أن كل ذلك سيحدث، بما فيهم حكام الخليج، وشاركوا جميعاً في تسهيل تلك المهمة، كانوا يريدون دفع حزب الإصلاح لقتالهم، لتشتعل الحرب الأهلية، ولأن الإصلاحيين رفضوا الحرب الأهلية، فشلوا في تلك المهمة، ولذلك بدو مستغربين لما حدث ويحاولون تعديلات في الخطة بما يتماشى مع كافة المطالب الخليجية- الأمريكية- الإيرانية، ولأن علاقة الخليجيين بالإيرانيين خوف متبادل فإنها ستفشل جزئياً؛ كل الشواهد كانت تؤكد حجم الترحيب الأقيليمي باتفاق الشراكة والسلم الذي يؤجل الحرب ولا يوقفها، وتجد نفسك مستغرباً من إدانة مجلس الأمن ودول الخليج لاستباحة الحوثيين عمران، ومن صمتها وترحيبها بالاتفاق أثناء احتلاله عاصمة الدولة!

ماذا قدمت إيران للغرب حتى تسمح لها باليمن؟!، للإجابة على هذا السؤال يجب الذهاب إلى أفريقيا وقراءة النفوذ الغربي فيها ومقارنته بالنفوذ الإيراني، فالغرب يحتاجون اليورانيوم والبلاتين والماس والذهب في القارة الغنية، وجود اليورانيوم المخصب في أفريقيا سيساعدهم في تشغيل الحياة العامة لبلدانهم من خلال الطاقة النووية للتخلص تدريجياً من النفط باهض الثمن، ولأن إيران تملك نفوذاً قوياً من خلال مراكز التشيع في أفريقيا التي وتقدر ب 129 مركز منتشرة في معظم الأرجاء ومنظماتها الخيرية التي تساعد تلك المراكز وتؤثر في السياسات الأفريقية فإن هذا يسبب لها إعاقة في عملها للوصول إلى ثروات تلك البلدان، ولعل التدخل الفرنسي في ساحل العاج 2011، ونيجريا 2013، مشهد من المشاهد الكثيرة حتى جنوب السودان وكينيا؛ فإيران تملك نفوذاً في تلك البلدان وسبق أن اشترت إيران في 2009 من الرئيس العاجي غباغبو 153 ألف طن من اليورانيوم، بعد أن رفض بيعه للفرنسيين فعملوا على إسقاطه.

إيران و الغرب مع الألفية الجديدة تعملان من أجل المقايضة، كما حدث في سايكس بيكو والتجزئة للتركة العثمانية؛ السؤال المنطقي: لماذا إيران تترك كل تلك الثروات للغرب وتذهب باتجاه الأوسط؟!!، قد يبدو غريباً أن النزعة القومية الفارسية هي ما تسير السياسة الإيرانية، وحلم إعادة الإمبراطورية التي سقطت قبل 1300 عام تراودهم، وبحسب العرافين والكهنة والمنجمين في إيران فإن هذه الألفية ستعيد الإمبراطورية للوجود كما كانت، لتحكم العالم الإسلامي.

هناك أدوار قد تجهض حلم الأمبراطورية، منها وجود تنظيم الإخوان المسلمين في بلدان عدة في العالم، السمعة الإيرانية في فرز المجتمعات طائفياً، ولا ننسى أن هناك دوراً يعمل بجد وهو الدور التركي، ولنا وقفة أخرى بإذن الله معها.

وفي الأخير لنتأكد أن وعيّ الشعب اليمني وصبره، ورفضه للضيم، وحده القادر أن يكون الصخرة التي تتفتت فيها كل المؤامرات وصراعات الإقليم.