المتساقطون من رجال بوش
بقلم/ احمد منصور
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 12 يوماً
الثلاثاء 11 سبتمبر-أيلول 2007 08:12 م

رغم دفاعه المستميت عن صديقه البرتو جونزاليس الذي كان مجرد محام في تكساس ثم عينه في أحد أرفع المناصب في الإدارة الأمريكية وهي وزارة العدل ، فإن الرئيس الأمريكي جورج بوش لم يجد مفرا في النهاية من القبول باستقالة جونزاليس التي ستدخل حيز التنفيذ في 17 سبتمبر القادم بعد معركة بينه وبين الديمقراطيين في الكونجرس استمرت عدة أشهر ، اتهموه فيها بارتكاب فضائح " لوثت وزارة العدل وخلقت أزمة قيادة بها " حيث تفجرت القضية بعدما أقال جونزاليس تسعة من المدعين العامين الذين يختلفون مع إدارة بوش

ورغم تفرد بوش كعادته بالدفاع عن أصدقائه فإن جونزاليس لم يكن أول المتساقطين من رجال بوش ولن يكون آخرهم فقد سبقه كثيرون كان من أبرزهم ، كارل روف كبير المستشارين وأحد أبرز المخططين السياسيين في إدارة بوش وقد استقال في يونيو الماضي 2007 ،

وسبقه دان بارتليت أحد المستشارين البارزين أيضا في البيت الأبيض وفي شهر يونيو من العام 2007 أيضا استقال هاريت مايرس أحد المستشارين البارزين في البيت الأبيض وبالتالي فقد كان شهر يونيو الماضي بمثابة شهر الأستقالات الكبري لمستشاري بوش ..

وقد عكست استقالة هؤلاء المستشارين الثلاثة فى شهر واحد حجم الأزمة الداخلية التي يعيشها بوش والتخبط في سياسته سواء الداخلية أم الخارجية ، وفي شهر ديسمبر من العام 2006 استقال جون بولوتون الذي فرضه بوش سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة رغم اعتراضات الكثيرين في مجلسي الكونجرس الشيوخ والنواب ،

إلا أن بوش أمام ضربات الديمقراطيين لم يجد بدا من قبول استقالة بولوتون المعروف بسلاطة لسانه وتطرفه بعدما تعهد الديمقراطيون بالإطاحة به ، أما أول ضحايا هيمنة الديمقراطيين علي الكونجرس فقد كان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع والكذاب الأشر ، الذي غطت أكاذيبه على كل من سبقه من محترفي الكذب من السياسيين ، ورغم أن بوش نفي مرارا أن يستقيل رامسفيلد أو يقال طالما أنه بقي رئيسا في البيت الأبيض إلا أن رامسفيلد كان أول من ضحي بهم بوش بعد الهجوم الأول للديمقراطيين ، وأجبر رامسفيلد على الاستقالة في نوفمبر من العام 2006 ، غير أن سلسلة المتساقطين من رجال بوش لم تبدأ بعد حصول الديمقراطيين علي الأغلبية وإنما سبقت ذلك ، حيث استقال في مارس من العام 2006 أندرو كارد رئيس العاملين في البيت الأبيض ، وسبقه لويس ليبي رئيس فريق العاملين في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني الذي أجبر علي الاستقالة في أكتوبر من العام 2005 بعد فضيحة تسريب اسم عميلة للسي آي إيه ، واتهم بالكذب وتضليل العدالة وحكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف في شهر يونيو من العام 2007 ،

وفي مارس من العام 2007 استقال بول ولفويتز نائب وزير الدفاع وأحد المحرضين الرئيسيين للحرب علي العراق ، وقد كافأه بوش بمنصب مدير البنك الدولي إلا أنه أجبر علي الاستقالة في يونيو الماضي بعد فضيحة محاباته لعشيقته الموظفة في البنك ، وفي نوفمبر من العام 2004 استقال جون أشكوروفت وزير العدل السابق وأحد حلفاء بوش الرئيسيين فيما يسمي بالحرب علي الإرهاب حيث سنت في عهد ه أسوأ قوانين التنصت والملاحقة لملايين الأبرياء ، وكان أشكوروفت من الصهاينة المتشددين حيث كان يقيم قداسا كل صباح في مكتبه قبل بداية العمل .

أما في نوفمبر من العام 2004 فقد كانت الاستقالة المدوية لوزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول الذي استخدمه بوش في أكبر عملية تضليل لتبرير الحرب علي العراق حيث كان باول هو الذي قدم للأمم المتحدة الشرح الوافي لأكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي كانت الغطاء والمبرر لكل ما قامت به أمريكا فى العراق بعد ذلك ، وكانت استقالة رامسفيلد قد جاءت فى أعقاب استقالة مدير وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه جورج تينيت علي خلفية اتهامات للوكالة بالإخفاق ورغم أن تينت أعلن في حينها أن الأستقالة تعود " لأسباب شخصية " إلا أنه في كتابه " في عين العاصفة " الذي نشر فى العام 2007 شن هجوما علي بوش وإدارته واتهمهم هم بالإخفاق بعدما حملوه نتائج الفشل في العراق ، أما في يوليو من العام 2003 فقد استقال آري فلايشر السكرتير الصحفي للرئيس الأمريكي بوش .

إذا تأملنا في أهم هؤلاء الرجال المتساقطين حول الرئيس بوش نجد أن قاسما مشتركا يجمع بينهم هو أن عملية تساقطهم بدأت بعد احتلال العراق في إبريل من العام 2003 ، وأن العراق كانت سببا بشكل مباشر أو غير مباشر في استقالتهم ، وأنهم جميعا كانوا من المقربين جدا إلي الرئيس بوش وأن معظمهم خرج من منصبه بفضيحة أو لاحقته الفضيحة بعد ذلك مثل وولفويتز ، وقد عبرت صحيفة " التايمز " البريطانية برسم كاريكاتوري نشر في أعقاب استقالة جونزالس عن ذلك صورت فيه الرئيس بوش يركب طائره وقد تركه وقفز منها الجميع حتى الطيار وبقي وحده في الطائرة .

إن أصعب ما يواجهه الرئيس بوش الآن هو عدم قدرته علي حماية رجاله الذين يتساقطون من حوله الواحد تلو الآخر ، وسيظلون يتساقطون حتى نهاية ولايته ، ويرجع كثير من المراقبين هذا إلي لعنة العراق ، التى ستظل تطارد بوش ليس داخل الولايات المتحدة وخارجها فقط وإنما ستظل تطارده علي صفحات التاريخ .