خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
لا أتذكر زمن الأوطان العربية في الذاكرة، فقد كانت مادة مقدسة رغم الاختلافات والفروقات الجذرية بين حكام العرب،لا يهم كم عدد الأسئلة التي كانت تراود رأسي منذ الصف الخامس ،ولكني بسطت المسألة كثيراً يوم ربطت كل بلد عربي بدرس في الجغرافية أو بمسلسل ما كما حدث مع العزيزة سورية.
عرفت سورية في طفولتي بفروقاتها العشرة معنا كاليمن، هم بيض، ونحن سمر، نحن في جنوب هذا الجسد العربي، وهم في أقاصي الشمال، لدينا حضارة سبأ ولديهم تدمر، علمنا وعلمهم يحملان ذات النكهة الثائرة، ثم ماذا..!
كنت أتساءل بصوت خفي: هل لديهم متسولين مثلنا!
هل لديهم لصوص أيدهم كبيرة تشبه ملامح حاكمنا!
هل لديهم أمراض مزمنة لا تعرف علاجها مستشفياتهم الحكومية!
وكان التلفزيون- أحياناً – يجبيني عن بعض تلك التساؤلات، أخبرتني مسلسلاتهم أنهم أناس ناضجين، وأنهم يملكون من السعادة أضعاف أضعافنا مع أن معلمي العراقي حلف أيماناً لنا في أحد صفوف الدراسة : أنه لم يرى أسعد من الشعب اليمني!
وأنهم قوم إذا جدّوا كانوا قادة، وأنهم الأحرار الذين يجاورون فلسطين ويتعاونوا مع حزب الله في الدفاع عن هذه الأمة المكلومة، وأنهم وإن شابهونا في هوية الأرض والتاريخ واللغة إلا أنهم يختلفون قليلاً بتلك المزايا التي يندر وجودها بيننا كما كنت أظن.
حسناً...كان هناك سؤال ذو أطراف مدببة لم تجب عليه لا القنوات الإعلامية، ولا الكتب، ولا معلمتي السورية نفسها، لقد كان ذلك السؤال هو الميزان الحقيقي الذي كنت أتأمل من خلاله المشهد العام لسورية،جارتنا السورية غادرت سوريتها يوم كانت في الصفوف الابتدائية، أخبرتني أنهم غادروها لأن والدها ضد النظام، لم افهم يومها ما يعني ضد النظام!
لكنها بسطتها لي بأن حاكمهم لا يحبه، كنت أسمع مثل ذلك الحديث يدور بيننا أيضاً، يوم قتل صحفي ما بتفجير سيارة وعندما تساءلت بسطت المسألة وأخبروني أن الحاكم هنا – أيضاً - لا يحبه!
يومها استغربت وتساءلت: هل الكره يعني الموت! لا أدري؟!
جارتنا السورية تزرع الكروم في حوش منزلها، وتستيقظ الصباح باكرة لتشعر ببرودة الجو الذي يذكرها بأرضها التي لم تعرفها إلا من حديث جدتها، كانوا يشبهون الفلسطينيين كثيراً ، غير أن الفسطينيين كانوا يبصقون وهم يتعوذون من اليهود، بينما جارتنا كانت تجيبني بصمت وتقول: لعل الله يجعل لنا مخرجاً، ظننتهم اسرائيليين أيضاً، لكن في التلفاز قالوا : أن أقوى نظام عربي ينصر العرب والمسلمين هو النظام السوري، ولذا تآمروا على اجتثاثه..
لم أعد أشاهد جارتنا كثيراً، كما أني بدأت أمقت وسائل الإعلام التي تتنافس في عرض الدماء، ولكني لم أستطع التخلص بعد من تساؤلاتي.
يوم سقط العراق رقص المعلمون العراقيون في مدرستي، وعندما دمعت أخبرتني معلمة عراقية عزيزة بأن رقصهم هذا هو لفرحهم بأنهم قادرين على العودة إلى وطنهم ،بعد أن سقط الطاغية على حد قولها،وانطلقت ثورة سورية فرأيت جارتنا تبتسم مجدداً وفرحت لفرحها كما فعلنا في اليمن، لكن...لم أظن أن يزف إلى أسماعهم وأسماعنا إبادة قرية كل يوم، باسم الثورة! باسم الوطن، وباسم الدفاع عن فلسطين!
كنت في زيارة لحزب الحق مع مجموعة من الناشطات وكانت صور بشار-مبتسماً- تملأ المكان، نبتت حروف قميئة الأطراف في حلقي ، كنت أود أن أتفوه بها ولكني أحجمت بعد أن أدركت أن الحرف لا يبعث ميتاً ولا يقتص للدم، وأخبرنا أحدهم هناك بأنهم كانوا قبل أسبوع في سورية حيث اجتمعوا مع بشار المتواضع على حد قوله، وناقشوا فكرة صمود الوطن.
كنت أضحك بطريقة عكسية: كيف يصمد الوطن!
ومن بانياس كانت الإجابة بصوت أنيق لمذيعة شابة، أخبرتنا أن الموت للإرهاب الذي يحف سورية بالخطر، وأخبرتنا أنهم جاءوا من المغرب والعراق وأفغانستان لتدمير سورية، لم أتبين حقيقة ما تقول، فقد كانت البشرة البيضاء التي يحملها السوريون مجرد فحم بشري، لا أدري إن كان يصلح للبيع في السوق السوداء شأنه شأن الرقيق الأبيض.
الثورة يمكن أن تغتسل بالدم، لكن أن تعيش بالدم شيء لا يعقل، 300ألف قتيل ليس رقم إحصائي يتباهى به دكتور اقتصادي لمنجزات دولة ما! بل هو أرواح لا تباع من متجر في أقصى الحي، أو يمكن تعويضها من خلال التبادلات الثقافية مع روسيا أو إيران أو حتى السعودية!
بطبيعتي لا أحب أي حاكم عربي، يكفيهم خزي أنهم قبلوا المهانة باسم الوطن والمصالح العليا يوم ارتضوا هدنة مع خشبة ناشبة في أحداق الكون، لم تكن فلسطين حقاً بحاجتهم، ولكنها كانت بحاجتنا نحن الشعوب، ولذا بنيت سجون أعدادها أكبر بكثير من المدارس والمستشفيات، أظن أنه يمكننا أن ننافس دول الغرب بهذه الخصلة الغريبة بحيث ندخل موسوعات جينيس لأكبر السجون على مستوى الكرة الأرضية.
ورغم كل ما حدث في سورية لم أكره بشار كما كرهت القذافي، لأنه بطل، بطل من نوع خاص، لا يستحق مشاعر الكره، فالكره على ثقله قيمة يهديها المرء لأحدهم، فنحن نكره الشيطان لأنه يحمل بعض وزرنا، ولذا نقاسمه بعض مشاعرنا وإن كانت داكنة نوعاً ما، و حكامنا العرب قدموا نكاتاً طريفة نتندر بها في خلواتنا وذكريات نكاستنا العربية التي لم تنتهي بعد،كما قدموا أنظمة عصية على السقوط لنحذر في الفترة القادمة.
وحده بشار تربع على مساحة ( اللامبالاة) !!، يا شعوب الأرض ستقرأون يوماً في التاريخ عن نذير لم يعي معنى اسمه، عن لعنة تحولت فجأة إلى إنسان، عن رجل لم يفرق بين وطن وطفل! عن أمة تسولت عواصم الدول العربية والإسلامية والعالمية لأنها تبتغي حريتها وحسب، عن سورية كما لم ندرس في التاريخ أو نقرأ في الكتب.
لن أكره السنة ، ولن أشتم العلويين، ولن أبغض الدروز، ولن أحقد على الجهاديين، ولكني سأبقى أنظر من ذلك الميزان الذي كان السبب الرئيسي في انطلاقة شرارة الثورة، عن ذلك الميزان الذي جعل من طل الملوحي سورية بدل سلاف فواخرجي، عن حمزة الخطيب الذي صار وطناً لطفولة العالم المهدورة، عن سورية الإنسان لا سورية المصالح المتقاطعة.