خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
صادف يوم، الثلاثاء، الذكرى الحادية عشرة لحادثة "منهاتن"، أو ما يطلق عليها "أحداث نيويورك 11/9/2001م، التي أثير حولها الكثير من الجدل، ونسبت مجرياتها إلى تنظيم القاعدة، بزعامة أسامة بن لادن؛ غير أن وما يثير الجدل أن يأتي حادث محاولة وزير الدفاع، اللواء الركن/محمد ناصر أحمد، هذا اليوم، متوافقا في التاريخ واليوم لحادثة منهاتن!!
صيد الشروخ-وهو من القشريات البحرية النفيسة الثمن التي تزخر بها بعض السواحل الجنوبية لليمن- يتم وفق عملية مضنية، معقدة، وطويلة الترقب، عبر أقفاص تسمى شعبيا بـ(الأفخاخ) أي: الفِخاخ، ويبدو لي أن محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير الدفاع، اليوم؛ تأتي على الصورة التي تجري عليها اصطياد الشروخ في السواحل الجنوبية، وهذه المحاولة، كما يقال، هي المحاولة الاستهدافية السادسة، التي يتعرض لها هذا الوزير، وذلك خلال مسيرة التفاعل الثوري الحاصل في اليمن، والمضطرب منذ مطلع عام 2011م، وهي المحاولة الأعنف والأخطر بين المحاولات السابقة، لأن هذه الأخيرة؛ أثارت الكثير من علامات التعجب والاستفهام والرؤى المختلفة الدلالة والتفسير.
تحليل مكان الحادثة وواقعتها:
يبعد مكان الحادثة عن حاجز مدخل الساحة الخارجية لمبنى مجلس الوزراء نحو مائة متر، ويبعد عن البوابة الشمالية للمجلس نحو مائة وخمسون مترا، ومكان الحادثة هذه، في شارع ضيق، عرضة عشرة أمتار، وعلى جانية رصيفا مشاة، بعرض مترا واحدا ونصف المتر لكل منهما، والشارع اتجاهين-رغم ضيقه- والجهة التي يقع فيها سور الإذاعة، وكذا حديقة الإذاعة المفتوحة للتنزه لجميع المواطنين، هذه الجهة، في جزء منها-وهو المقابل للانفجار- غير عامرة بالمباني، بل محاطة بسياج حديدي؛ فيما الجهة الأخرى عامرة بالمباني السكنية المكونة من طابقين إلى ثلاثة طوابق.
يُتوقع أن تكون العبوة الانفجارية الناسفة، قد وضعت في تلك السيارة التي كانت رابضة في ركن المنعطف المؤدي إلى اتجاه مقرات إدارة أمن العاصمة، ودائرة الاستخبارات العسكرية، والشرطة الراجلة؛ وموضع تلك السيارة-تحديدا- عند باب بقالة أحد المواطنين، يدعى حمود العصيمي، كما تجدر الإشارة إلى أن الاتجاه المقابل لتلك المنشئات؛ مبنى الإذاعة القديمة، والمبنى القديم لوزارة الإعلام، ومجلس الوزراء، ووزارة الخدمة المدنية، والسفارة الروسية، وتقع حماية هذه المنشئات على عاتق اللواء 314 المعروف باللواء الرابع.
عادة ما تجري العمليات التفجيرية التي تستهدف مواكب الزعماء والقادة ومن في مستواهم، أو أي شخصية مستهدفة، في المناطق ذات الالتواءات الحرجة، أو ما يسمى بـ"الأكواع" وهي مناطق دائما ما يجري توقف المركبات المارة عندها، بسبب الازدحام، أو لإجراء التحويل إلى الاتجاهات المطلوبة، لكن غالبا ما تكون سرعة المواكب الهامة قليلة التوقف نسبيا، مقارنة مع حركة السيارات العادية، ولذلك تكون هذه الأماكن أكثر دقة لاصطياد الفرائس والقضاء عليها، وأبرز مثال على ذلك: اغتيال رجل المخابرات اليمني الأسبق، العقيد محمد خميس، في طريق الحديدة، أوائل الثمانينات من القرن الماضي.
قال شهود عيان: إن موكب وزير الدفاع، لم يكن بنفس الكثافة التي كانت معهودة في الأشهر السابقة؛ بسبب الظروف الأمنية الصعبة التي كانت تستدعي ذلك، مع اشتعال الموقف العسكري في محافظتي: أبين، وشبوة، وإن موكبه اليوم، كان مكوّنا من سيارتين: السيارة التي كانت تقله، وهي السيارة الأولى في الموكب، وبهما نحو ثمانية إلى عشرة مرافقين، وتكون سرعتها مؤشرا لسرعة السيارة التي تليها، هذا في حالة عدم وجود السيارة التي تتقدم موكب الوزير، والتي كانت غائبة في هذه الحادثة؛ والسيارة التي تليه، هي سيارة الحماية الخلفية للموكب، وهي عبارة عن سيارة حبة طربال لاندكروزر، وغالبا ما تقل ثمانية أفراد، بما فيهم سائقها.
أعتقد، من خلال خبرتي المتواضعة في الجانب العسكري، باعتباري باحثا في شئون النزاعات المسلحة، وملمّاً بجوانب الإرهاب، والعمليات العسكرية ذات الصلة بجوانب الحرب والصراع والاغتيالات، أن العبوة التي استهدفت الوزير- فضلا عن كونها كانت على الصفة التي أشرت إليها سلفا- أنه كان يجري التحكم بها عن بعد مناسب، بحيث يمكن للشخص المكلف بإجراء التفجير، مشاهدة مرور الموكب وقياس توقيت لحظة التفجير بدقة، فإن لم تتوفر المشاهدة المباشرة؛ فإن المخططين قد يكونوا استعانوا بكاميرات رصد متصلة لاسلكيا بنقطة تجمع المراقبة؛ منفِّذًة قرار لحظة التفجير، هذه الأخيرة هي التي أعطت لسيارة الوزير فرصة تجاوز نقطة الانفجار بفارق بسيط سببه فارق زمن وصول الصورة، ولاعتبارات فينة لحظية.
من خلال نزولي الميداني ومعاينتي للمكان، كان اتجاه السيارة المحتمل أن تكون هي السيارة التي وضعت فيها العبوة الناسفة، كان اتجاه مقدمتها باتجاه رئاسة الوزراء، وهذا يعني أنها قدِمت من الاتجاه الآخر، وهذا الاتجاه تكمن في مداخله نقاط تفتيش عسكرية كثيرة ومتعددة الانتماء، وهو ما يضع تساؤلات عدة عن تلك الجهات وكيفية دخول تلك السيارة وتوقفها في ذلك المكان (الكوع)، مع أني سألت بعض العسكر المنتشرين هنالك، عن هذا التساهل: فأجاب أحدهم: إنه كان يُعتقد أن سائقها، ربما كان دخل لشراء شيء ما، من البقالة التي تربض سيارته تلك عند بابها!!
أتاح المكان العامر بالبناء-حيث كانت تربض السيارة- أن تكون موجة الصدمة الانفجارية للعبوة الناسفة- واحسبها من مادة تي إن تي(ثالث نترو تلوين)- في كل أقطار دائرة الانفجار، مع اختلاف في شدته في تلك الأقطار، وكان أشدها عنفا، كفعل، وكرد فعل، في اتجاه الفراغ المقابل، وهو المكان الذي مرت منه سيارة مرافقي الوزير، ما ألحق بهم أضرارا قاتلة، قضوا جراءها، وفي الاتجاهات الأخرى، بحيث قلّ التأثير كلما بعُدت أي نقطة على قطر ومحيط دائرة التفجير عن مركز الانفجار، وهو ما جعل السيارة التي كانت تقل الوزير في مأمن، وربما طال زجاج نوافذها المغلقة-تحديدا- بعض الأضرار بفعل موجة الصدمة تلك.
تساءلتُ كثيرا، لماذا لم تكن المنطقة مقفلة أمنيا عندما كان مجلس الوزراء منعقدا؟ فقيل لي: إن العرف السائد، أن تكون المنطقة على هذا الحال، ما لم يكن الموكب رئاسيا، كما كان في عهد الرئيس السابق، أو يصدر توجيهات بذلك؛ وزاد من استغرابي واندهاشي، أن أجابني أحد العسكر هناك: أنْ لا وجود لعربة إطفاء واحدة في مقر الإذاعة!! وزاد بقوله: بل لا يوجد في مبنى مجلس الوزراء مثل ذلك، مع أن المنطقة كانت تشهد من الصباح الباكر وقفة احتجاجية من قبل متظلمين ينتمون لجامعة صنعاء!!
إن منطقةً شديدة الحساسية مثل هذا المكان، يفترض أن تكون منطقة مغلقة، في ظروف انعقاد مجلس الوزراء كل ثلاثاء، أو على الأقل، أن ترتفع فيها درجة الحس والحضور الأمني، لاسيما في ظروف دقيقة كهذه التي تمر بها البلاد؛ هذا فضلا عن أهمية ذلك العمل في الظروف العادية، لخصوصية المنطقة، باعتبارها تضم في نطاقها أكثر من مقر للأجهزة الأمنية، والعسكرية، والحكومية، والدبلوماسية أهمية وحساسية واستهدافا.
لماذا هذا التوقيت، المكاني والزمني، معا؟
تقع هذه المنطقة في نطاق مهام اللواء الرابع(314) وهو لواء تابع للفرقة الأولى المدرعة، وهذا اللواء اتخذ حالة الحياد من الأحداث التي مرت بها اليمن، ولم يحدث أن سجلت مواجهات تذكر في هذه المنطقة، طيلة مرحلة التفاعل الثوري؛ حيث كانت هذه المنطقة مسارا متعدد الاتجاهات لحركة الثوار، باستثناء المرحلة التي لم يكن فيها اللواء قد وسع من نطاق مهامه في هذه المنطقة، باتجاه ساحة الثوار في جامعة صنعاء، غير أنه قد رصدت ضده وقوفه مع بعض المسلحين في مواجهة الثوار عند مقر المختبر المركزي(بنك الدم)؛ ولعل الإجابة على السؤال السابق-وباستثناء هذه الحالة الفردية- ستكون واضحة؛ ولهذا خطط القائمون على تنفيذ هذه العملية، أن تكون هنا، تحديدا، في حين أن مناطق كثيرة في العاصمة، كانت تتيح فرصا كثرة، لأن يكون وزير الدفاع صريعا بسهولة؛ فهل قُصد بذلك: أن تكون النتائج كهذه التي وقعت؟
الحقيقة أن كل شيء ممكن، ولو كان الأمر مرتبط بتنظيم القاعدة؛ فإن الحال لا يحتمل التفسير السابق، لأن وزير الدفاع يأتي ضمن قائمة أهدافها المهمين، ونجاة الوزير-اليوم- محض قدر، ولم يكن مخطط له، مع أن المخططين لهذا العملية قد جعلوها بحيث تحمل طابع العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم القاعدة؛ لتنصرف التهمة نحوه، لاسيما وقد جرى التهيئة لهذه العملية ومثيلاتها المنتظرة-إعلاميا- في اليومين الماضيين، مع مصادفة الإعلان عن مقتل الجهادي السعودي، سعيد علي الشهري، المكنى بأبي سياف، مع بعض رفاقه في محافظة حضرموت.
وقبل أن اختم هذا الطرح والتحليل الأولي لهذه الواقعة، أتساءل: من المستفيد من هذه العلمية التي وضعت الرئيس عبدربه منصور هادي، موضع الخليفة العباسي، هارون الرشيد، في ظروف ضُعفه، حينما استفرد به خلصاؤه من بني برمك، ممن كان لهم فضل تعليم أبنائه وتهذيبهم،، وغدا الرشيد مسلوب القرار والإرادة؛ لكنه تمرد على تلك الحالة، بعد أن هزته معاني عمر بن أبي ربيعة:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد --- وشفتْ أنفسـنا مما نـجدْ
واستبـدت مـرّةً واحـدة --- إنما العاجزُ من لا يستبدْ
سؤالي الأخير: هل يا ترى، كان التحضير للقرارات التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي، عقب هذه الحادثة، والمتعلق جانب كبير منها، بما اقترحه وزير دفاعه، من تغييرات حساسة وهامة في وزارة الدفاع، كان شاغلوها محسوبين على رؤوس مؤثرة في النظام السابق، هي رسالة إشعارية حادة واستباقية لهادي ووزيره الذي تمرد على الرجل الذي وضعه في هذا المنصب منذ سنين؟!!
وكما قلت سابقا: إن كل شيء وارد، وكما قلت في كتابات سابقة لي: إن الأهم هو القادم، وأن يعلم رجال المرحلة الجديدة، أنهم محل تقييم ومقارنة من قبل هذا الشعب، الذي يجيد المقارنات دون حساب لظروف كل حالة على حدة.
كما أن مسألة التحقيق والمحاسبة مع كل مقصر، أمر هام ووقائي لضمان نجاح مرحلة الانتقال السلمي للعملية السياسية المحددة بعامين، والتي لو فشلت؛ فسيقال: فشل رئيس كان خلفا للرئيس علي عبد الله صالح، وكان ذلك الرئيس هو عبدربه منصور هادي.
*باحث في شئون النزاعات المسلحة