بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
هذه التناولة ـ صحفيّة بالطبع ـ ولكن سيغلب عليها الشكل الجنائي في طبيعة وصفها والتعامل مع معطياتها ، نظراً لعدم القدرة على الوصول إلى أهم أطرافها الأساسية ، لأن البعض منهم قد ووري الثرى والبعض خلف الأسوار الكهربائية والحراسات المشددة والبعض الآخر لا يملكون من الأمر شيئاً ، ولهذا سنقدمها للقراء على النحو التالي:
الوصف العام
مكان وقوع الجريمة: جبل (الجردد) منطقة المعجلة مديرية المحفد محافظة أبين والذي يبعد عن العاصمة الاقتصادية والتجارية (عدن) مسافة (230 كيلو متر) شرقاً. زمانها: الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 30 ذو الحجة 1430 هـ ، الموافق 17 ديسمبر 2009م. المجني عليهم: مجموعة من المواطنين الأبرياء. المتهمون: رئيس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني + قائد القوات الجوية + رئيس عمليات القوات الجوية + قائد السرب والطيّارين المنفذين للغارات الجوية + محافظ محافظة أبين + مدير عام مديرية المحفد وآخرين.
الحيثيات
هذه القضية جنائية جسيمة تندرج تحت مسمّى (الإبادة الجماعية) حيث قام المتهمون بتوجيه نيران أسلحتهم المتمثلة في عدد من الطائرات المقاتلة وقذف حمولتها من القنابل والصواريخ الموجهة ــــ جو أرض ــــ على تجمع سكاني متنقل (للبدو الرحل) مع سبق الإصرار والترصد ، متسببين في وفاة ما لا يقل عن خمسين شخصاً من النساء والأطفال والعجزة ، تحت مبرر وجود عناصر معادية للنظام تعرف بتنظيم القاعدة ، كانت تتمركز في قمة جبل الجردد الواقع بين محافظتي أبين وشبوة ، وبحسب معلومات محلية فإن هذا الجبل يتميز بعدد من الخصائص الحربية منها صعوبة الوصول إليه بالحملات العسكرية ، وتوفر مصادر مياه صالحة للشرب ، وملاجئ آمنة تتمثل في عدد من الكهوف ، ومن الطبيعي أن وجود مكان بمثل هذه المواصفات سيوفر ملاذاً آمناً لمن يرغبون الابتعاد عن أعين الناس بحكم هذه الخصائص.
وعلى كل حال فإن نتائج الغارات الجوية جاءت معاكسة لمراد المخططين لها على اعتبار صدق ما ذهبوا إليه من أن هناك عناصر تمارس أنشطة مسلحة معارضة للنظام ، ومن حيث المبدأ فإن إعلان السلطة عن قتل عدد من تلك العناصر مقابل قتل مجموعة كبيرة من المواطنين الآمنين يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن تنفيذ تلك المذبحة كان بصورة متعمدة ، الأمر الذي يضع المخططين لهذه الضربة تحت طائلة العقاب القانوني ، لأن هذا الإعلان يحمل أكثر من احتمال لتفسير نتائج تلك المذبحة ، فإن كان تواجد تلك العناصر ضمن التجمعات السكانية مع علم الأهالي بما يقصدونه من تواجدهم فإن الأهالي يتحملون جزء من المسؤولية بحكم رضاهم وإقرارهم لما تقوم به تلك العناصر ، وإن كان تواجدها بين الأهالي بحكم الغلبة واستخدامهم كوقاية فإن تلك العناصر تشترك مع المتهمين في استهداف المواطنين وتعريضهم للخطر المحقق ، وإن لم يكن أي من الاحتمالين مع احتمال وجود تلك العناصر في قمة الجبل حسب معلومات بعض الأهالي ، فإن وقوع المذبحة أسفل الجبل يؤكد عدم دقة معلومات المخططين ، ومن هنا تدخل جهات أخرى في دائرة الاتهام منها الأشخاص الذين نقلوا المعلومات والأخبار الغير مؤكدة ، وكذا الأشخاص المتلقين لتلك المعلومات بعدم التثبت ، الأمر عكس نتائج الغارات وحولها من مجراها المقصود ، لأن الوسائل الحديثة لتوجيه النيران متوفرة في الطائرات الحربية الحديثة ، ولم يعد توجيه نيرانها معتمداً على مهارات الطيارين في اختيار الأهداف وضربها ، ولكنها وسائل متطورة ترتبط بمعطيات مسبقة لضرب المكان المقصود بدقة عالية ، وعلى هذا الأساس فإن مواقع التواجد في قمة الجبل وسفوحه لا تتشابه ولا تتداخل على الإطلاق في ظل استخدام الوسائل المتطورة في طيران العصر الحديث.
ومن جهة ثانية فإن مجلس الوزراء بكامل أعضائه يعتبر متهم جديد انطلاقاً من تأكيده على إجراء الضربة الاستباقية ، ولكن الغريب في الأمر أن مجلس الوزراء يعتبر هذا العمل من أجل حماية المواطنين وسلامة أرواحهم ، ونحن نتساءل لماذا ذهبت أرواح أكثر من خمسين شخصاً جرى الغارات الجوية التي باركها مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي بتاريخ 21 ديسمبر 2009م حيث جاء: (جدد مجلس الوزراء دعم الحكومة للأجهزة الأمنية وما تقوم به من الأعمال للتصدي للجريمة والإرهاب بكل أشكاله ، وكذا جهودها المبذولة لتعزيز أجواء الأمن والاستقرار ومكافحة الجريمة بكل أنواعها ، مشدداً على أهمية استمرار مثل هذه العمليات الاستباقية والضرب بيد من حديد على الإرهابيين أينما وجدوا وعدم المهاودة أو التهاون معهم). وهكذا يتضح الدور الفاعل لمجلس الوزراء في هذه الجريمة النكراء التي ارتكبت مع سبق الإصرار والترصد.
ومن هنا يأتي دور القضاء ممثل بالنيابة العامة الموكول إليها أمر حماية الناس من عبث العابثين أيناً كانوا ولا بد لها من النهوض بواجباتها تجاه أولئك وذلك بتحريك الدعوى الجنائية تجاه المتهمين بتنفيذ تلك المذبحة ولن يستثنى منها أحد إلاّ من أعلن براءته من هذه التهمة ، وتكمن البراءة منها في تقديم الاستقالة الفورية من جميع المناصب التي يشغلها كل منهم ،وهذا أقل مستوى من الإجراءات المتوجب عليه اتخاذها لضمان البراءة ، أما من يتبرءا ويقدم الأعذار وهو واقع في مستنقع الجريمة ويستثمر وظيفته ، فإن ذلك من باب المغالطة المكشوفة والتي لا تقدم أي دليل على حسن النية في مثل هذه الحال.
إن حالة التخبط والعشوائية التي تدار بها البلاد هذه الأيام تؤكد بالملموس فشل السياسة التي ينتهجها الحزب الحاكم في إدارة شؤون الدولة والمجتمع ولم تعد لديه القدرة على الاستمرار في السير بالبلاد نحو النجاة من الأنهيار في ظل هذه العشوائية المفرطة التي تجاوزت حد المعقول من الأخطاء والممارسات السيئة ، إلى حد التدمير والإهلاك للحرث والنسل ، لأن أسلوب الإبادة الجماعية قد ظهر جلياً في تصرفات الحزب الحاكم وحكوماته المتعاقبة بداءً بالفقر والمرض وانتهاءً بالقتل المتعمد لكثير من الناس بدون وجه حق.