هل نحن بحاجة لثورة جديدة؟!‏
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 18 سنة و 3 أشهر و 29 يوماً
الأربعاء 26 يوليو-تموز 2006 08:37 ص

" خاص - مأرب برس "

ما أشبه الليلة بالبارحة! ‏

وما أشبه علي عبدالله صالح بالإمام يحي!‏

لقد تركز نضال الحركة الوطنية اليمنية منذ ما قبل 1948 حتى اليوم على هدفين رئيسين هما الإصلاح السياسي ‏والقضاء على الحكم الفردي كمقدمة لتحقيق الأهداف والتطلعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ولكن ما يثير ‏الأسى والأسف أن يمر على نجاح آخر ثورة للوطنيين الأحرار في 1962 ما يقارب نصف قرن في وقت عادت ‏فيه البلاد للغوص مجددا في ظلمات الحكم الفردي الاستبدادي الذي يتحكم فيه رجل واحد بمصائر أكثر من 20 ‏مليون نسمة دون أن يتقبل أي نصيحة من أي طرف أو أي جهة كانت.‏

ومعروف عن الرئيس علي عبدالله صالح كما يقول عن نفسه بنفسه إنه لا يتقبل أي نصيحة أو توجيه إلا من ‏أطبائه ولا يمتثل لأحد غير أوامر الأطباء وكان من بينهم طبيبا أميركيا نصحه بترك التدخين والمؤثرات الأخرى ‏فامتثل الرئيس لحظيا، وتراجع عن امتثاله فيما بعد.‏حتى الأخطاء اللغوية والتاريخية والمعلوماتية الموجودة في موقعه على الإنترنت لم يجرؤ أحد من أعوانه إلى ‏تنبيهه إليها خوفا من بطشه وليس عجزا منهم عن فهم هذه الأخطاء، والتي يشير أولها أنه تولى الرئاسة في ‏‏1979 رغم انه بسط على السلطة في 1978 حسبما يعرف كل متابع لتاريخه في اليمن.‏

لقد كان الشيخ سنان أبو لحوم صادقا في طرحه عن الرئيس عبر قناة الجزيرة بأنه لم يعد يسمع لأقوال الناصحين ‏كما كان في بداية عهده ونقول لشيخنا الفاضل إن هذه هي طبيعة أي دكتاتور أن يتمسكن في بداية عهده إلى أن ‏يتمكن، ولكن لا يأتي سقوطه في النهاية إلا وهو في قمة تمكنه، وليس في ذروة تواضعه.‏

ودعونا نستاءل مرة أخرى لماذا قامت الثورة في اليمن؟

يجيب على هذا السؤال مناضل آخر من مناضلي الثورة اليمنية وشاهد حي من آبائنا الثوار ناهز الـ95 عاما من ‏عمره و يجمع كل المناضلين على صدقه ونزاهته وهو أستاذنا الكبير القاضي عبدالسلام صبرة الذي قال لبرنامج ‏زيارة خاصة في قناة الجزيرة: ‏

‏" الحكم الإمامي كان قائما على قاعدة فرِّق تسد وخلي الجاوع يتبعك وخلي الجاهل يطيعك وكانت الخرافات ‏والخزعبلات والضلالات هي السلاح لتسيير الناس وإخضاع مَن يجب إخضاعه وتسيير مَن يجب تسييره.‏

ويتابع والدنا المناضل " لولا عناية الله ولولا أن الله سبحانه وتعالى كتب لليمن أن يخرج من ذلك النفق المظلم ‏لاستمرت المحنة إلى ما لا نهاية ولسار الشعب إلى الانقراض لكن قدَّر الله أن يوجد ‏من أبناء اليمن من يهن عليه أن يموت في سبيل إنقاذ الشعب اليمني من ذلك الظلم والظلام، كانت عناية الله معنا ‏وكان يوجد بعض من الحرس مَن يشاركنا في الألم ومَن كان يتمنى أن يهوِّن علينا المحنة لكن الآخرين كانوا ‏يقولوا لنا هذه أوامر ولا نستطيع أن نخفف عنكم أبدا.‏

فعلا ما أشبة الليلة بالبارحة ‏

لقد خرجنا من نفق مظلم ودخلنا في نفق آخر، وكنا نعاني من فردية الحكم الإمامي فدخلنا في ديكتاتورية الحكم ‏العسكري الفردي.‏

وما أشبه الليلة بالبارحة

فهناك في الحرس الجمهوري اليوم من يعتلج غضبا من ممارسات الأب والإبن على حد سواء ، وهناك من ينفذ ‏الأوامر على مضض كما كان يفعل الحرس الملكي، وما أروع القاضي الثائر وهو يردد قصيدة الثوار الخالدة:‏

أيها المستبد بالأمر فينا، خفف الوطء ما أظنك سالم، لم تلد للخلود في الأرض، كلا سوف تغدو أسير قبلك نادم، ‏أنت أفعمت شعبنا بالدواهي، أنت أفنيت قومه بالمزاعم، أنت ألبسته ثياب المخازي، أنت تمس طهره بالسخائم، أنت ‏ما أنت؟ لست إلا مثالا من ضلال مخضب بالمآثم، لا حياء لا عفة لا احتشام لا وقار لا شيمة لا تراحم كله قسوة ‏وظلم وفتك لجهول وعالم.‏

‏ ثم عاد يخاطب الشعب.. أيها الشعب كيف ترضى هوانا؟ لِم تبقى موطأ بالملاثم، كيف ترضى الحياة في عز غرّ ‏وفي سلب مالك هائن. ‏

هذه القصيدة نُشرت في ذاك الوقت وتأثر لها الإمام يحيى تأثرا كبيرا، ولكن من غير المرجح أن يتأثر المشير لما ‏يحدث اليوم ليس لأنه عديم الضمير، ولكن لأنه لا يقرأ وإن قرأ فلا نظنه سيفهم ما يقرأ، وإن فهم فلن يعمل إلا ‏عكس ما يعلن أنه فهم، وهذا هو ما عودنا عليه دائما طوال 28 عاما.‏

ويكرر الأستاذ الكبير عبد السلام صبرة أن الإمام بنى حياته على قاعدة فرِّق تسد وخلي الجاهل يتبعك وكان هذا ‏مبدئه الذي يتعامل فيه مع نفسه ومع الناس ومع كل شيء وأصحابه وأقربائه وأنصاره وأبنائه كلهم حاولوا بكل ما ‏يستطيعوا أن يطالبوه بالإصلاح ولو بـ 1% ما رضي أبدا يعني تحكم من أول ساعة إلى آخر ساعة وهو ملتزم ‏بفكرة خلي الجاهل يتبعك وخلي الجاهل يطيعك حتى أولاده أنفسهم كانوا يبكوا أمامه ويقولوا له ارحمنا وارحم ‏مستقبلنا، الناس كلهم قد بدؤوا يعقلوا الناس كلهم بدؤوا يفهموا أن لهم حقوق وواجبات وأن عليهم أن يقولوا كلمة ‏الحق فارحمنا، مما جعل ابنه إبراهيم مسافر ومما جعل الحسين ابنه يغلق على نفسه في البيت بقية عمره.‏

هذا ما فعله الإمام حرم أولاده ونفسه وشعبه من رغد العيش وكانت نهايته مأساوية، وها هو إمامنا الجديد يوفر ‏لأولاده كل شئ ويحرم شعبه من كل شئ فكيف ستكون نهايته؟! الله وحده يعلم، ولو دامت له ما وصلت إليه. فهل ‏ستكون الانتخابات هي المدخل لثورة سلمية يمنية تطيح بالديكتاتور أم ستهيئ نتائجها لثورة جديدة يتبناها ثوار من ‏داخل الأسرة الحاكمة نفسها ليس حبا في الشعب وإنما دفاعا عن مصالح يكاد الدكتاتور أن يطيح تهوره بها.‏

هذا السؤال سيجيب عنه الشعب اليمني في سبتمبر أو أكتوبر القادمين شهري الثورتين، سواء تمت الانتخابات أو ‏لم تتم

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
إحسان الفقيه
نور الدين زنكي.. الهمة المضيئة
إحسان الفقيه
كتابات
إنجاز إلغاء القمة
مجدي مصطفي
قراقوش.. والرئاسات (المشقدفة)
هــل يجرؤ إعلامنا باعتماد التسمية الصحيحة ( دولة الاستيطان الصهيوني ) بدلا من ( دولة إسرائيل ).
عبدالله بن على النسي
هل يعيد التاريخ نفسه؟
عبدالفتاح الحكيميانتخابات الرئاسة.. معاً ضد التوريث
عبدالفتاح الحكيمي
نجحت المقاومة وسقط العرب الساكتون بامتياز
هدى جادمشاهدة المزيد