الريال اليمني يستقر عند مستوى جديد لأول مره في التاريخ مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن اللواء سلطان العرادة يختتم المرحلة 2 من مشروع إنارة شوارع مدينة مأرب .. شاهد بالصور بشرى سارة بشأن تشغيل خدمة 4G في عدن دولة عربية تعلن أنها أكثر البلدان تضررا من هجمات الحوثيين مجموعة الدول السبع تعلن موقفا موحدا بخصوص اعتداءات الحوثيين الإدارة الأمريكية تبحث مع قادة ست دول عربية خطط ردع الحوثيين مصادر سعودية تكشف عن جهود إقليمية ودولية لتحريك عملية السلام الشامل في اليمن برعاية أممية الحوثيون يعممون على التجار مرسوما جديدا لجباية الأموال بإسم دعم المعلم والتعليم في صنعاء. زراعة الحياة والأمل .. مشاريع إنسانية لمؤسسة توكل كرمان تزاحم الانجازات الحكومية والمنظمات الدولية .. ومن أحياها قصة الإنسان والحياة
للأسف أنّ كثيرا من الفعاليات اليمنية، بمختلف أطيافها الفكرية والسياسية والاجتماعية، لم تتمكن بعد من وضع اليد على موضع الجرح اليمني، لمعرفة مدى أعماقه وأغواره، ومسبباته ومعالجاته السليمة والصحيحة، ولعلّ من أكثر الجهات بُعداً عن معرفة حقيقة الخلل في البنية السياسية اليمنية، هي الحكومة اليمنية الموقرة، فهي أشبه بالأطرش في الزفة، كما قيل، أو أنها تضع يديها على عينيها، أو تدفن رأسها في الرمال، حيث مشكلات الوطن الحقيقية في واد، والمعالجات الحكومية في واد آخر، تتركز معظم هذه المعالجات على حلول مهدئة أو مخدرة، في أحسن أحوالها، أو حلولا عكسية، تنصب في مصلحة السلطة وحاشيتها، لا مصلحة الشعب والوطن.
إلا أنّ الشعب –فيما يبدوا- بدأ يدرك ويعي جيدا أزمة السلطة، وأحس باليد التي تُألمها وتُوجعها، لقد تجاوز الشعب اليمني مرحلة المراهقة السياسية، إلى مرحلة الرشد السياسي، ولعلّ كثيراً من مظاهر الحراك الرشيد في مختلف المناطق اليمنية لدليل صادق على ما نقول.
عوداً على بدء، بالنظر إلى معالجات السلطة للأزمات الكبرى التي يمر بها الوطن اليمني، نلحظ أنّ هذه المعالجات هي ذاتها أسباب الأزمة، وهي المثير الأول للصراع والحراك، بشقيه الإيجابي والسلبي، فتوزيع الهبات شذر مذر، والمنح والسيارات والأموال والمناصب والرواتب والرتب، وشراء الذمم، والتعامل البوليسي والأمني، كل هذه إنما هي وسائل لتأجيج الصراع، وتعزيز درجات الانقسام والانشطار والتشظي السياسي والمناطقي والفئوي والجهوي، ولا يمكن أنْ يصب هذا في إطار التأليف والمقاربة، ولا داخلا في مفهوم \"والمؤلفة قلوبهم\" لأنّ العلاج يجب أن يكون عاما وشاملا وكاملا، وبالتالي فإنّ هذه المعالجات الجزئية الحكومية بمثابة صب الزيت على النار، ومَثَلُ الحكومة اليمنية الرشيدة، كحال طبيب أو مستشفى في أي مدينة يمنية، لا يجد في صيدليته سوى الأسبرين، فكلما جاءه مريض، يعاني من أمراض شتى، صرف له الطبيب هذا الدواء اليتيم المبارك والشهير\"الأسبرين\" .
نفس الصورة هذه تمارسها السلطة مع كل مشكلات الوطن وآلامه وقضاياه، فتجد أنّ مجمل حلول السلطة تتركز في شراء الذمم وتوزيع المناصب والرواتب والرتب، ترغيباً أو ترهيبا.
إنّ الوضع اليمني هو في واقع الحال ناتج عن تراكمٍ طويل لسنين عجافا من التخلف والفوضى والنهب واختلال التوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المجتمع اليمني، وطغيان سياسة السيطرة والاستحواذ على الإدارة والإرادة اليمنية، مما نجم عنه هذا المصير البائس الذي نراه، ليس فقط في الجنوب اليمني وإنما في كل بيت وأسرة وشارع ومدينة يمنية.
إنّ الخلل الحقيقي في الأزمة اليمنية الراهنة، ليس في تداعيات الحراك الشعبي، بقدر ما هو في هذه المعالجات الحكومية المجتزئة والمهدئة أو المخدرة أو السطحية أو الآنية، أو غير الحكيمة والرشيدة، مما جعل هذه المعالجات تشكل بحد ذاتها أزمة أخرى، وهو الأمر الذي دأبت عليه السلطة وشبت وشاخت عليه، وهاهي تجني العلقم منه والصّبِر.
إنَّ المعالجات المطلوبة للوضع اليمني يجب أن تنطلق من أرضية الشريعة الإسلامية الغراء، ومن أرضية الدستور والقانون، المنبثق عنها، ومن رؤية وطنية عامة وشاملة، وتوجه وطني صادق ومخلص لإصلاح كل جوانب النظام ومؤسساته ومناهجه، وتصحيح لمساره المعوج، من أول يوم، ويأتي في مقدمة ذلك إعادة السلطة السياسية إلى الشعب والأمة اليمنية، وألاّ تسمح السلطة لنفسها بإعادة تكرير فشل السياسة السابقة، أعني بها سياسة السيطرة والنهب، الممتدة والطويلة، وهذا يعني ضمانات سياسية حقيقية للتداول السلمي للسلطة، وضمان انتخابات حرة ونزيهة، وإصلاح مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها ومرافقها، التي حازت بكفاءة وباقتدار على عدم ثقة المواطن اليمني.
إن الخلل في الأزمة اليمنية الراهنة، هو في غياب الدولة الدستورية، حيث علّق الدستور اليمني، تعليقاً غير معلن، أعني حكماً وتطبيقا، والتغني به نظرياً وإعلاميا، مما زاد من حجم الكارثة وتفاقم الأزمة.
أحسب أنّ من مواد الدستور المعلقة تعليقاً غير معلن، مثلا، أهم مادة، ألا وهي المادة التي تنص على أنّ \"الشريعة الإسلامية مصدر جميع القوانين والتشريعات\". حيث أُثبتت هذه المادة رسماً وذبحت بغير سكين، ممارسة وتنفيذا في شتى دوائر القرار السياسي، في البلد، وإلا أين هي الشريعة الإسلامية في أي من مرافق الدولة والحكومة؟ إنّ الذي نراه هو الفوضى واللعب بالشريعة واتخاذها ستاراً لكل ممارسات السلطة واستبدادها وتخبطها وفوضاها، وتعطيل الأحكام الشرعية النافذة، والعبث بالشريعة الغراء، وسيادة قانون أكل أموال الناس بالباطل، ونهب الوطن بكل خيراته وثرواته ومقدراته، مما نجم عنه هذه المحنة العظيمة وهذه الأنفاق السوداء المظلمة، التي نسأل الله أن يجليها عنا وعن أمتنا.
إنني أجزم أنه لو طبقت أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، لرأينا الألفة والإخاء والسلام يسود كل أرجاء وربوع المجتمع اليمني، ذلك أنّ الشريعة الإسلامية وحدها هي التي ألّفت وجمعت ووحدت بين كل أبناء الأمة، في أصقاع المعمورة، لقرون مضت، وهي وحدها الكفيلة بإعادة اللحمة والألفة بين أبناء الوطن اليمني الواحد، بل الأمة الإسلامية جمعاء.
إننا لا نريد دستورا نزين به إعلامنا وصحافتنا، بل نريد دستوراً نزين به كل مرافق حياتنا ومؤسساتنا ومنشآتنا، ومسيرتنا السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
إن الحل اليمني للأزمة الراهنة يجب أن يبدأ من خلال إعادة الحكم الشوروي المغتصب إلى الشعب، وإعادة سيادة الدستور، وإعادة هيبة القانون إلى الحياة اليمنية، وكف أيدي المتنفذين عن أقوات الشعب وخيراته وحرياته، وهو الخيار الأصعب أمام سلطة الفساد، فليس أمامها إلا هذا، أو اللهم الانتحار السياسي.
وهو علم الله ما لا نريده ولا نرجوه، والله نسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، والله من وراء القصد، والسلام.