بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
ليس هناك ما هو أكثر من الدين تأثيراً على توجهات الناس، وليس هناك من هو أكثرمهارة من الساسة تعاملاً مع الدين على أنه وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية.
قديماً اتخذ فرعونُ الدينَ شعاراً لحملته الشعواء التي أعلن فيها الحرب على موسى عليه السلام، فتوجه محذراً شيعته من موسى عازفاً على الوتر الديني الحساس عندهم: "إني أخاف أن يُبدِّل دينكم".
وقبل فرعون وبعده كان الدين عاملاً حاسماً في الأحداث الكبرى التي غيرت مجرى التأريخ مرات عديدة. فالمسيح عليه السلام حورب وطورد واضطهد مع أتباعه لأنه (حسب رأي أعدائه) إنما جاء لإفساد الشريعة والخروج على النواميس، و نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام حاربه المشركون بدعوى أنه صبأ عن دين إبراهيم وخرج على دين الآباء والأجداد.
بالطبع فرعون ليس مغفلاً ليعلن للملأ أنه يحارب موسى لأن موسى جاء لينزع عنه صفات الألوهية ويرد هذه الصفات إلى الله، بل لجأ إلى الدين لأنه أقوى أثراً وأكثر جدوى لتغطية المآرب الحقيقية لحربه على موسى. والكهنة الذين حكموا على المسيح بالصلب حسب الرواية المسيحية لم يقولوا إنهم حكموا عليه بذلك لأن هدف دعوته الحقيقي تمثل في نزع الامتيازات الدينية والاقتصادية التي جعلتهم فوق غيرهم من الناس، كهنة الهيكل كانوا أذكياء عندما قالوا إن المسيح ساحر وواحد من المجدفين الخارجين على الشريعة. والأمر كذلك بالنسبة لمشركي قريش الذين جاء نبي الإسلام ليُسوِّي بينهم وبين عبيدهم ولينزع عنهم الامتيازات الدينية والاقتصادية التي كانت لهم دون سائر الناس، هم قالوا إن محمداً إنما جاء ليخرج العرب عن دين أبيهم إبراهيم، وهي أسباب كفيلة بأن تجعل العرب يقفون بقوة للدفاع عن دين الآباء والأجداد.
هكذا إذن برز الدين وسيلة فعالة حتى في محاربة الأنبياء من قِبل أعداء الديانات التوحيدية.
وحديثاً ربَّتْ الماركسية الشباب السوفيتي على انه "لا إله والحياة مادة"، وقالت للملايين إن "الدين أفيون الشعوب"، وحاربت نزعة التدين عند الجماهير. ولكن ستالين أمام جحافل الألمان لم يجد أقوى من الدين وسيلة لإلهاب حماس مواطنيه للتصدي لزحف الجيوش الألمانية عندما وقف مخاطباً العمال والفلاحين "أيها المواطنون دافعوا عن أديانكم".
شئ عجيب! كيف يكون للدين كل ذلك الأثر في الناس وكيف تكون للساسة كل تلك الخبرة في استخدامه لتحقيق الأهداف السياسية!
الدين-إذن- وسيلة تثوير للجماهير عندما يستعمله سياسي مفوَّه لإخضاع الناس والسيطرة عليهم عاطفياً وعقلياً لتحقيق أهدافه البعيدة. ألم تنجح الكنيسة ذات يوم في تثوير أوروبا قاطبة واستنهاض الجماهير للوصول إلى بلاد "السمن والعسل" وذلك بحجة الدفاع عن أورشليم وتحريرها من يد المسلمين الكفار؟ ألم يكن الدين هو الوسيلة نفسها التي نجحت بها الكنيسة في إخضاع رعاياها والإبقاء على نفودها السياسي والاقتصادي على الأوروبين لحقب تأريخية متطاولة.
وأذكر هنا على الجانب الإسلامي أن الخروج على الحاكم الظالم يعد قاعدة ذهبية في المذهب الزيدي وهو رأي الإمام زيد عندما خرج على سلطة الأمويين، ولكن أئمة اليمن الزيديين قبل عام 1962م لاحقوا الثوار اليمنيين من علماء المذهب نفسه وقدموهم للمقاصل بحجة الخروج على الحاكم أمير المؤمنين.
مرة أخرى إنه الدين وسيلة الثائر للوصول إلى الحكم ووسيلة الحاكم لتثبيت حكمه.
وقديماً ضرب الحجاج كعبة المسلمين بالمنجنيق لنصرة الإسلام والمسلمين. وقديماً أيضاً خرج الثوار العباسيون رافعين رايات أهل البيت داعين لثارات الحسين والمظلومين من أهل بيته والتفت حولهم الجماهير حتى إذا ما استتب لهم الأمر قدموا أئمة أهل البيت قرابين على مذبح كرسي أبي العباس السفاح.
واليوم يقتل المسلحون الجوالون المسلمين في العراق لنصرة الإسلام، وترسل إيران أفراد حرس الثورة الإسلامية إلى العراق وتدرب فرق الموت الشيعية صاحبة السجل الرهيب في القتل والتهجير لنصرة الإسلام والمسلمين، بل وتزرع الفتن في اليمن ولبنان وبعض دول الخليج العربي من أجل تحقيق الوحدة الإسلامية وهو أمر يدعو إلى الضحك. وتستخدم الماكنة الإعلامية الكبيرة للدعوة لأحلامها الإمبراطورية الملتفة بعباءات آيات الله والمنضوية تحت راية الحسين. وفوق ذلك تضحكنا إيران الإسلامية في رفعها لشعارات القدس وفلسطين صباح مساء في نزعة دينية مريبة بينما فرق الموت التي دربتهاهي التي قتلت الفلسطينيين في العراق وجعلتهم يعيشون في مخيمات على الحدود العراقية السورية في ظروف معيشية رهيبة. هي-إذن- السياسة الإيرانية التي تقتل الفلسطينيين في العراق وتطالب بحقوهم في فلسطين في عزف منفرد على الوتر الديني الحساس لدى جماهير الأمة التي تسعى إيران بالدين إلى تثويرها ضد "أنظمة الجور و الفساد" في العالم العربي من جهة، وتسعى بالدين ذاته إلى إخضاعها في إيران لسلطة الآيات المتخمة بالتشيع السياسي والمال النفطي والشعارات. هذه السياسة هي ذاتها التي تبتسم في وجه مسؤولي حكومة صنعاء وتبتسم الابتسامة الإسلامية على الطريقة الإيرانية في الوقت الذي لا تزال روائح الثعلب الإيراني تفوح من جبال صعدة. وعلى ذكر صعدة ومواجعها فإن الحوثيين ما انفكوا يرفعون شعاراتهم الدينية لكسب التأييد الشعبي وخلق قاعدة جماهيرية باسم الحسين وآل البيت ومحاربة أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والإسرائيليين والأمريكان.
الدين إذن سلاح خطير ذو حدين: حدُّه الأول بيد النبي يمسك به لخير الناس وحدُّه الثاني بيد السياسي يمسك به لتحقيق مطامحه السياسية. ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى الحد الذي يمسك به النبي محمد عليه الصلاة والسلام في مواجهة الحدود الأخرى التي يمسك بها أبو مسلم الخراساني وأبو العباس السفاح، نحن بحاجة إلى الحد الذي يقف عليه الحسين في مقابل الحدود التي تضرب بها فرق الموت الطائفية باسم الحسين وفي مقابل الحدود التي تضرب بها أيادي إيران في اليمن وبعض الدول الأخرى من أجل إحداث "الفوضى اللازمة شرعاً لخروج الإمام المهدي وتعجبل فرجه الشريف".
*كاتب يمني مقيم في بريطانيا