جبران: اليمن لم تشهد أزمة موارد وسيولة كما يحدث الآن
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و 3 أسابيع و يوم واحد
السبت 30 أكتوبر-تشرين الأول 2010 05:59 م

هذا الحوار في العمق. تنشغل الصحافة اليمنية بالسياسة على حساب الاقتصاد والثقافة. الخبير الاقتصادي الدكتور محمد علي جبران أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء يقدم، في هذا الحديث، أرقاماً ومعلومات هامة تفسر لماذا وصلت اليمن إلى ما وصلت إليه.

- بإمكان وزير الصناعة بجرة قلم حل الشركة اليمنية للغاز المسال ولكن الحكومة غير جادة!

-أيهما أحق بمليار ونصف دولار تذهب لأصحاب شركات الخدمات البترولية: 23مليون يمني أم 100 شخص نافذ؟

- بين عامي (74-86م) قبل اكتشاف النفط استطاع الريال أن يحافظ على قوته الشرائية حتى أن الاحتياطي النقدي كان يغطي احتياجات 30 شهراً

- لا تمنح المؤسسات العامة قروضاً إلا في اليمن: 60 مليار ريال سنوياً وأراض بالكيلومترات لم تتسلم الحكومة شبراً منها!

- سعر الغاز المحلي يعادل 8 أضعاف سعر الغاز اليمني المصدّر.

- لن تزداد رواتب الموظفين لأن أي انتعاشة مالية مستقبلية ستدفعها الحكومة للبنوك فوائد أذون الخزانة 25%.

حوار/ محمد العبسي

نبدأ بالحاسبات الختامية لموازنة 2009م: ما قراءتك لها؟

الحسابات الختامية هي حسابات تقييم أداء، لأنه على ضوء تنفيذ الموازنة يتم عمل الحسابات الختامية والتي بموجبها يتم التأكد من أن الميزانية نفذت كما تم وضعها أو كما كان ينبغي. عند وضع موازنة العام 2009م أعلنت الحكومة، نتيجة الأزمة المالية العالمية، أنها ستقوم بعملية تقشف مثل عدة حكومات حول العالم. ولعلك تذكر أنها أعلنت في تعميم رسمي أنها ستخفض 50% من المصاريف الحكومية لكن مع الأسف الشديد وجدنا، عند مراجعة الحسابات الختامي، أن الحكومة لم تنفذ هذا التخفيض ولم تف بما أعلنته. بل على العكس. وبمجرد مقارنة النفقات نلاحظ، بدرجة رئيسية، أن التخفيض تم فقط في دعم المشتقات النفطية. وينبغي التفريق هنا: لم تقم الحكومة بخفض دعم المشتقات، ضمن سياسة مالية تقشفية، وإنما كان الانخفاض بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا. يعني: في 2008م كان المبلغ 759 مليار ريال، وقد نزل في 2009م إلى 391 مليار ريال. هذا الانخفاض بين الرقمين كان بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً وليس كما أعلنت الحكومة تنفيذها سياسة تقشفية. لم تتقشف الحكومة بل على العكس تماماً. في الحقيقة لم يتم تخفيض، أو ترشيد، النفقات الزائدة غير الضرورية: كبدل السفر والولائم والسيارات، بل إنها زادت كأرقام ولم تنقص. وهذا يدل على أن الحكومة لم تنفذ أي سياسة تقشفية كما يجري الآن في أوروبا. لأنه ليس هناك سياسة مالية واضحة ورشيدة في البلد. هذا بخصوص التنفيذ الفعلي للنفقات. أما التنفيذ الفعلي للموارد فلم تحقق الحكومة المبالغ المطلوب تحقيقها. ولم تضف شيئاً جديداً إلى الموازنة على الرغم من الحديث عن زيادة في الإنتاج النفطي. كما ان اليمن بدأت تصدير الغاز في 2009م ومع هذا لم يضف شيء جديد وبقيت الموازنة كما هي!

فأين ذهبت هذه الأموال، وإلى جيوب من؟

ليس هذا فحسب. أساساً إيرادات الغاز تافهة جدا لا تتجاوز في السنة 300 مليون دولار. لماذا؟ نتيجة اتفاقية الغاز المجحفة بحق اليمن التي بيع بها الغاز اليمني بأقل من الأسعار العالمية بنسب مهولة. شيء لا يصدق! تخيل أن سعر الغاز المحلي يعادل 8 أضعاف سعر الغاز اليمني المصدّر. هذه كارثة. هذه جريمة اقتصادية. الغاز اليمني يباع للمواطن اليمني بثمانية أضعاف ما يباع للمواطن الكوري! يوجد فارق يزيد عن 900%!

ما يجب فعله لإسقاط صفقة الغاز المسال

طيب الآن: ما الخطوة التالية لإسقاط صفقة الغاز المسال؟ هل النواب والصحفيون والنخب الاقتصادية والقانونية في البلد، مجتمعين، عاجزين عن الإطاحة بهذه الصفقة؟

إن كانت الحكومة جادة فبالإمكان إسقاط هذه الاتفاقية الكارثية فوراً. هناك خياران أو طريقتان: أولاً شركة إل إن جي هي شركة يمنية يسري عليها ما يسري على أي شركة يمنية. في البداية تم تأسيس شركة الغاز باعتبارها شركة يمنية، بأسهم وجنسيات متعددة، من أجل التحايل على مجلس النواب وعدم مناقشتها تحت قبته. وهذه حيلة: الاتفاقية الأصلية 1996م كانت بين الحكومة اليمنية وتوتال ولهذا عرضت على البرلمان ونوقشت فيه. أما اتفاقية 2005م فإنها لم تعرض على مجلس النواب ولم تناقش فيه لأنها شركة يمنية. ومع ذلك إذا كانت الحكومة جادة فبإمكان وزير الصناعة، ناهيك عن غيره، إصدار قرار بحلها بمجرد تحققه من مخالفتها لأي قانون محلي حتى على مستوى قانون حماية البيئة. ولكن تخشى الحكومة حال نفذت هذا الخيار أن يتم مقاضاتها دولياً.

كما حصل مع هنت؟

نعم لكن ولإسقاط هذه الذريعة هناك خيار ثاني دولي ينطبق على أي اتفاقية رسمية أو قانونية بين الحكومات والشركات الأجنبية. فإذا كانت الحكومة تخشى أن يتم مقاضاتها في المحاكم الدولية في حال ألغت الاتفاقية فإن هناك نصوص دولية في اتفاقية مكافحة الفساد الصادرة عن الأمم المتحدة، والمصادق عليه، تبيح للحكومات فسخ أي اتفاقيات جائرة. هذا، على سبيل المثال، بند دولي ينص على أنه "في حال حصول أي شركة أجنبية أو متعددة الجنسيات على أية تسهيلات أو امتيازات في البلدان النامية ناتجة عن حصول أحد المسئولين أو الموظفين الحكوميين لعمولة أو رشوة فإن هذه الاتفاقية تعتبر لاغية آليا". هذا النص، وغيره، مدخل قانوني جيد لإسقاط هذه الاتفاقية دولياً.

وهل بالإمكان إثبات فساد الموظف الحكومي في الاتفاقية؟

الاتفاقية وشروطها المجحفة لا يمكن تفسيرها إلا بوجود فساد. ما الذي يدعو الحكومة لبيع الغاز بأقل من قيمته بعدة أضعاف عن السعر العالمي هكذا لوجه الله. ثم إن القضية ليست قضية الغاز المسال وحده. قضايا الفساد بالجملة في البلد. مثلاً اتفاقية تلال الريان لا تقل سوءاً عن اتفاقية الغاز. إنها مجحفة بحق اليمن بكل المقاييس. تصور أن الأرض بيعت بسعر بخس للغاية. أدخلت شبام القابضة مساهمة واحتسبت قيمة اللبنة الواحدة 2 مليون ريال بينما القيمة الفعلية للبنة في حدة يزيد عن 15 مليون ريال. وبحسبة بسيطة فإن خسارة الحكومة تصل إلى 130 مليار ريال. أو نسبة 60 % من رأس مال الشركة. لم يتم تسعير الأرض بقيمتها الحقيقية. وبدلاً من أن تدخل شبام القابضة بـ150 مليار ريال دخلت بـ20 مليار فقط. ليس هذا فحسب: بعض بنود الاتفاقية تحملت الحكومة تكلفة البنى التحتية: من كهرباء وماء وإسفلت وصرف صحي وهذه تكلفتها التقديرية تفوق 100 مليار ريال تتحملها الحكومة وفي الأخير المستفيد الأول هي الشركة القطرية لأنها تملك 80% من الحصة.

ربما يوجد بعد سياسي للمسألة. يعني قطر لها أياد بيضاء في اليمن وربما أرادت السلطة..

مقاطعاً: نحن لسنا في موقع أن نعطي للآخرين بل على العكس. الوضع الاقتصادي لليمن صعب. هل يعقل أن يقتل اليمنيون وندخل في صراعات عنيفة من أجل دعم بـ200 أو 300 مليون دولار وتهدر هذه المبالغ الرهيبة. كل هذه الأموال المهدرة لو استثمرت بشكل جيد لحلت البطالة وأوجدت فرص جيدة للعمالة اليمنية.

الإدارة فاشلة في اليمن

لدينا مؤسسات في القطاع العام وضعها مريب. يعني مثلاً: اليمنية والمؤسسة الاقتصادية أرباحهما صفر! مع أن الاقتصادية تتاجر في كل شيء من الإبرة حتى الدبابة: كيف؟

قضية القطاع العام في اليمن قضية شائكة للغاية. بدلاً من أن يكون القطاع العام عاملاً مساعداً في تمويل ورفد خزينة الدولة أصبح العكس: القطاع العام عبء على الخزينة الدولة بخلاف ما هو حاصل في دول الخليج وغيرها. دبي القابضة قطاع حكومي. موانئ دبي قطاع حكومي. لماذا يحقق القطاع العام أرباحاً وعائدات هناك ويفشل هنا؟ بسبب الإدارة. في اليمن الإدارة فاشلة. سلمت الإدارة لأشخاص بعضهم غير مؤهل علمياً والبعض الآخر مستهتر للقانون ومتجاوز له. والبعض لا يحاسب على أخطائه وفشله المستمر. فهل ننتظر نجاحاً والكثير من القائمين على الإدارة على هذا النحو؟

توجد مسألة أخرى خطيرة: في جميع دول العالم، المتقدم والنامي، لا يتم منح المؤسسات العامة قروضاً إلا في اليمن. هذه مسألة مفروغ منها. في اليمن تمنح المؤسسات العامة قروضاً سنوية بحدود 60 مليار ريال. بل إن إجمالي القروض الممنوحة للقطاع العام من بداية الألفية بحدود 5 مليار دولار بالإضافة إلى أراض سلمت لمؤسسات عامة بالكيلو مترات ولم تتسلم الحكومة شبراً من تلك الأراضي.

أفهم من كلامك أن القروض الممنوحة للقطاع العام إحدى الطرق الملتوية للفساد في اليمن وعبء إضافي على الموازنة؟

نعم. وإن أردت الإيجاز بثلاث كلمات سأقول: الموازنة تمشي بالبركة. هكذا: إذا زادت "الزلط" يتم صرفها وإهدارها من خلال الاعتماد الإضافي. وإن نقصت يتم الذهاب إلى البنك المركزي لطباعة العملة. وهكذا لا توجد خطط مالية. لا توجد سياسات اقتصادية رشيدة. مثلاً فرنسا ونتيجة الانخفاض العالمي أعدت، قبل أشهر، ميزانية تقشفية لم تشهد فرنسا مثلها في تاريخها منذ 50 عاماً. يا أخي ملكة بريطانيا قلصت نفقاتها بشكل كبير بل وتم رفض طلب تقدمت به لزيادتها أو منحها قرضاً. وقد لا تصدقوا لو قلت لكم إن نفقات ملكة بريطانيا بكل موكبها وحاشيتها ومصاريفها وأمنها لا تتعدى 18 مليار ريال يمني! هذا وهي بريطانيا دولة عظمى ومن كبار الدول الصناعية بينما عندنا في اليمن ونحن دولة فقيرة موازنات ونثريات وإنفاق عبثي عجيب واضطراب على طول البلاد وعرضها!

أعلى عجز في تاريخ اليمن

بلغة الأرقام ما الفرق بين موازنة 2009م بما قبلها وخصوصاً العجز؟

العجز مستمر سنة بعد سنة. ارتفع عجز الموازنة في 2009م بصورة غير طبيعية وإلى أعلى النسب. حيث بلغ 529 مليار ريال بما يعادل 29 % من حجم النفقات و39 % من الإيرادات الإجمالية السنوية. و5 % من الناتج المحلي وهذا أعلى معدلات العجز في تاريخ اليمن.

لا تقتصر الآثار السلبية لعجز الموازنة على الموازنة فحسب بل تتخطى إلى ما عداها: التضخم وتغطية هذا العجز من مصادر غير حقيقية مما يؤدي إلى انهيار قيمة الريال الشرائية. كما أنه يحمل الخزينة العامة نفقات باهظة (نفقات الدين العام). حيث إن الحكومة تدفع الآن لأذون الخزانة 25%. لقد رفعت الحكومة أرباح أذون الخزانة إلى 25% فائدة للسيطرة على سعر الدولار. لا توجد في العالم فائدة 4%. الآن البنوك وضعوا رجل على رجل ولا يهمهم شيء. هذه الفائدة تضاعف أعباء الحكومة وتؤثر على قدرة على الحكومة على الإنفاق وتجعلها عاجزة عن دفع المرتبات لأنها تغطي نفقات جديدة. بل هناك تسريبات ومعلومات مفادها إن الحكومة أوقفت الاستثمارات الجديدة: كيف تستطيع الاستثمار في مدرسة أو أي منشأة اسثمارية ونسبة الفائدة 25 %.

وهذه النسبة في اليمن فقط؟

هذا الشيء أؤكد لك غير موجود إلا عندنا. قُدمت مقترحات كثيرة للحكومة وللأخ الرئيس وقلنا لهم أذون الخزانة تعني، دينياً، أن نأذن بحرب من الله ورسوله. اقتصاديا قلنا لهم إن أذون الخزانة لم تحقق الغرض الذي أنشأت من أجله: وهو امتصاص السيولة. الريال ينهار. وبالمجمل أذون الخزانة حقيقة عطلت النشاط الاستثماري في البلد. بل إن أذون الخزانة بلغت في 2009م 511 مليار ريال بينما استثمارات البنوك في النشاط التجاري والصناعي والخدمي والعقاري 185 مليار ريال فقط ومعظمها قروض تجارية. فكيف يمكن أن يتحسن اقتصاد البلد والحكومة تأخذ الأموال وتسدد نفقاتها التشغيلية والفوائد.

أذون الخزانة تمثل أكثر من 50 % من الأموال المجمدة في البنوك. وهذا تجميد للاستثمار. المفترض بالبنوك أن تمول الأنشطة الصناعية والزراعية حتى تخلق وظائف وفرص عمل ونشاط تجاري لكن السياسة الخاطئة للحكومة جعلتها تلجأ لهذه البنوك لتغطية عجز الموازنة. وبالمجمل فقد تعرض الاقتصاد اليمني لأكثر من كارثة ألخصها بالتالي:

1- زيادة الفائدة في أذون الخزانة الذي تتحمله الخزانة العامة.

2- تدمير الاقتصاد (لأن التمويل لم يه لمصادره الحقيقية)

3- زيادة البطالة.

4- محاربة الله سبحانه وتعالى الربا.

وهكذا هي السياسة المالية: ما إن تتوفر الأموال للحكومة حتى تذهب للسداد. العجز آخذ في التزايد. والدين العام آخذ في التزايد. وشخصياً أتوقع، في ظل زيادة الفائدة، ان يبلغ إجمالي الفوائد التي تتحملها الحكومة للبنوك الخاصة والعامة 40 – 50 % من الموازنة في السنوات الثلاث القادمة.

لا أتوقع من الحكومة زيادة رواتب الموظفين لأن أي طفرة مالية إن حصلت ستذهب لسداد الفائدة. الوضع لا يطمئن. مصادر إيرادات الدولة في تناقص. النفط، كمية وسعرا، في تراجع. والغاز لا يوجد نية حقيقية في استرجاع حقوق اليمن المهدرة. وفوق هذا وذاك قامت الحكومة بتخفيض الضرائب على التجار والبنوك والصناعيين من 35% إلى ما بين 15- 20% في الوقت الذي يتجه العالم الخارجي نجو رفع الضرائب على البنوك والتجار، خاصة، في ظل الأزمة العالمية.

أين تذهب ايرادات النفط؟

1+1= 2 في اليمن يبدو بالناقص: اكتشف النفط فازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً: أين تذهب الثروة اليمنية؟

لن أقارن الوضع اليمني بأوضاع دول أخرى. لا سأقارن محلياً. في اليمن، وقبل اكتشاف النفط، من عام 1974م وحتى عام 1986م لم تشهد البلد أزمة موارد وسيولة كما تشهد الآن على الرغم من أننا لم نكن نعتمد، وقتها، إلا على الجمارك. الضرائب لم تكن مطبقة وقتها. وكان الدعم من بعض الدول العربية محدوداً. وعلى الرغم من كل ذلك استطاع الريال اليمني، قبل استخراج النفط، أن يحافظ على قوته الشرائية وقوة الريال دليل على نجاح السياسة المالية بين هذين العامين (74-86م).

كان الاحتياطي النقدي بين هذين العامين يغطي احتياجات أكثر من 30 شهر. ما حدث العكس: بعد اكتشاف النفط وقلنا أنه سيحل مشاكل اليمنيين زادت أطماع أصحاب النفوذ والطامحين في الثروات غير المشروعة فنهبت المصالح العامة في عقود واتفاقيات جائرة، دمرت الموارد. وإحدى تجليات ذلك اليوم: ما آل إليه الريال اليمني. ولنا أن نسأل: ما الذي جعل الريال يفقد قيمته أمام الدولار: من 5 ريال إلى 250 ريال؟ إنها السياسات المالية الخاطئة. وأقولها صراحة: القائمون على السلطة اليوم عاجزون عن إصلاح الأوضاع. لقد استنفدوا كل أفكارهم وسياساتهم وفقدت فاعليتها. فإن كانوا حقاً يحبون اليمن فعليهم أن يرحلوا. إن فاقد الشيء لا يعطيه. المسألة بحاجة إلى مبادرة وشجاعة. فرعون مصر حين أيقن بهلاك بلاده وشعبه، في رؤياه، أوكل أمر البلد وخزائنه للنبي يوسف الذي أتاه بالحل وإن كان من خارج عصبته وملته. السلطة تدفع بالبلد نحو الهاوية.

روشته لإنقاذ الاقتصاد اليمني

الآن لو وجدت نفسك صاحب قرار في السلطة ما المعالجات الفورية التي باعتقادك لها الأولوية؟

اتفاقية الغاز أول شيء. لا بد من قرار سياسي يعيد الثروة اليمنية. هل يعقل أن يباع الغاز اليمني بأقل من 20% من السعر العالمي ما المانع في اتخاذ قرار سياسي على كالتأميم.

ثانياً: لا يزال أصحاب شركات الخدمات البترولية، المملوكة لـ100 شخص نافذ ومسئول، ينهبوا من المال العام ما يقارب مليار دولار فيما يسمى نفط الكلفة. وأنا أسأل أيهما أحق بهذه المليار دولار الشعب اليمني أم 100 شخص؟

في السابق وإلى وقت قريب كان نفط الكلفة لا يتجاوز 3 دولار عن كل برميل. اليوم نفط الكلفة، عن كل برميل، 17 دولار. من يأخذ الـ14دولار الباقية؟ هذه الشركات الخدمية وأؤكد أنه لا يوجد مثلها في العالم. تخيل أن بلداً كالكويت تنتج 3 مليون برميل لا تسمح بوجود شركات الخدمات هذه ولن تسمح كما أكد لي شخصياً د/ ناصر الصامع عضو مجلس الأمة الكويتي. بينما نحن في اليمن على محدودية وقلة الإنتاج نهدر ثروات شعب لإثراء شركات مملوكة لـ100 شخص في أعلى تقدير.

ثالثاً: لدينا موردان ثابتان يجري نهبهما من الخزينة العامة: تريليون ريال تذهب إلى جيوب تجار في السلطة وخارجها على هيئة تهرب ضريبي أو إعفاءات. لا يوجد بلد يعاني فقراً وعجزاً ونضوب موارد مثل اليمن ويقوم في نفس الوقت بمنح إعفاءات ضريبية.

إيرادات القطاع العام مأساة أخرى: هل تصدق أن قطاع الكهرباء حقق عام 1994م أرباحاً ورفد خزينة الدولة بالمال؟شيء لا يصدق اليوم: لقد وصلت أرباح المؤسسات العامة إلى 20% من نشاطها العام. اليوم لا تتجاوز أرباح القطاع العام إجمالاً 1/2 نصف في المائة. هذه كارثة. والسبب كما سبق وقلت، إدارة هذه المؤسسات من قبل غير ذوي الكفاءة والتخصص وبالتالي إهدار المال العام. أنا على يقين تام إن تطبيق هذه المعالجات، أو حتى نصفها، كفيلة بتحقيق فائض في الميزانية.

كل هذه كوارث وعلى رأسها صفقة الغاز ونفط الكلفة. يعني كان نفط الكلفة في 2001م 480 مليون دولار. ووصل في 2008م إلى مليار و500 مليون دولار.

*هذا الحوار ينشر بالتزامن مع اسبوعية الديار.