بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
غالباً ما تضع حكوماتنا المتعاقبة في خططها الخمسية وبياناتها المالية معدلاتِ نموٍ مبالغ فيها لا تتناسب مع قدراتها الإدارية في استثمار الموارد المتاحة في البلد ، وآخر تلك التقديرات ما ورد في بيانها المالي لعام 2010م أمام مجلس النواب الذي وضع معدل نمو (9%) وهو مساوٍ لأعلى معدل نمو في العالم على الإطلاق وقد (حققته الصين) لعدة سنوات متتالية في العقد الأول من القرن الحالي ، وبداية أود أن أوضح للقارئ الكريم ماذا يعني الناتج المحلي الإجمالي؟
الناتج المحلي الإجمالي هو أهم مؤشرات النمو الاقتصادي لأي بلد ، حيث يحسب من خلال تقدير قيمة إجمالي الإنتاج المحلي داخل البلد ، وهو بذلك يختلف عن الناتج القومي الإجمالي الذي يحسب بتقدير قيمة إجمالي الإنتاج داخل وخارج البلد، فمثلا شركة توتال الفرنسية التي تعمل في اليمن تحسب مواردها من اليمن ضمن الناتج المحلي اليمني لأنها تعمل في اليمن بينما تحسب مواردها ضمن الناتج القومي الفرنسي لأنها فرنسية ، وكذا المغترب اليمني العامل في السعودية يحسب دخله ضمن الناتج المحلي للسعودية لأنه يعمل بها وداخل حدودها بينما يحسب دخله ضمن الناتج القومي اليمني لأنه يمني .
وعموما ، فإن ارتفاع معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي لأي بلد يعكس نموا اقتصاديا إيجابيا وقدرة فائقة على إدارة الموارد الاقتصادية ، كما سيحقق ذلك البلد المكاسب التالية:
1- انحسار رقعة الفقر بسبب ارتفاع معدل دخل الفرد والناتج عن زيادة الإنتاج المحلي.
2- انخفاض معدلات البطالة بسبب زيادة الطلب على اليد العاملة والناتج عن توسع الاستثمار .
3- انخفاض معدلات التضخم بسبب زيادة العرض من الناتج المحلي على الطلب .
4- استقرار في قيمة العملة الوطنية أمام العملة الأجنبية .
5- ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة .
6- ارتفاع حجم التداول النقدي وحركة الاستثمار .
7- وكل ذلك بطبيعة الحال سيؤدي إلى رفاهية المواطن وارتفاع دخله وتحقيق فائض نقدي لديه يدفعه لإنفاقه على تعليم أفضل ورعاية صحية أرقى مما يؤدي إلى تحجيم نسبة الأمية والمرض .
وغير ذلك من الآثار الاقتصادية التي تؤدي بطبيعة الحال إلى استقرار سياسي واجتماعي ، وعكس ذلك تماما يحدث عند انخفاض معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي ، وهو ما يتحدث به لسان الحال في بلادنا .
ولعل أهم الأسباب التي تحدت من تحقيق معدلات النمو المستهدفة في الناتج المحلي الإجمالي بالخطط الخمسية والبيانات المالية السنوية ، فإن الحكومة دائماً ما تعلل عجزها عن تحقيق معدلات النمو المستهدفة إلى " النمو السكاني المتسارع " و" انخفاض إنتاج النفط " و"دعم المشتقات النفطية " و" انخفاض سعر النفط " و" الأزمة المالية العالمية "
وفي اعتقادي أن كل هذه التعليلات الحكومية غير مقنعة إطلاقا ، فإذا تحدثنا عن النمو السكاني المتسارع كسبب من أسباب تدني معدلات النمو سترد علينا بوضوح الظاهرة الصينية والظاهرة الهندية اللتان حققتا أعلى معدلات النمو الاقتصادي خلال العشر سنوات الأخيرة ( 9%) و(8%) على التوالي وهما في ذات الوقت الأكثر سكانا في العالم على الإطلاق ...كذلك يمكن القول في بقية التعديلات التي توردها الحكومة في تقاريرها أو على بياناتها الاقتصادية .
أما الأسباب الحقيقة من وجهة نظري فهي :
1- الفساد المالي والإداري الذي يلتهم أكثر من (50%) من موارد البلاد وهذا أكبر عائق أمام النمو الاقتصادي .
2- هشاشة البنية التحتية المشجعة على الاستثمار وزيادة الإنتاج المحلي .
3- محدودية الطاقة اللازمة للإنتاج .
4- ضعف التأهيل العلمي والمهني والفني الذي يتطلبه سوق العمل .
5- عدم الاستقرا السياسي والأمني وعجز القضاء عن تنفيذ الأحكام ، وهذه كلها عوامل طاردة للاستثمار وخافضة للإنتاج المحلي .
إلى غير ذلك من الأسباب الاقتصادية والسياسية بل والاجتماعية حيث يعد تعاطي القات ومنع المرأة من التعليم ومزاولة العمل من الأسباب الاجتماعية التي تحد من نمو الاقتصاد الوطني لكن هذه الأسباب يمكن التغلب عليها بالتثقيف السليم للمجتمع .
كما أن المشكلة في تصوري مشكلة إدارة وهذه لها ثلاث جوانب :
أولها : أن القائمين على وضع الخطط الإستراتيجية يفتقرون إلى مهارات التخطيط الاستراتيجي الفعال وهذا ناتج عن سوء الاختيار ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب ، وهذا لا يمكن علاجه إلا بأحد أمرين أحلاهما مر الأول استبدال رجال الإدارة العليا بكفاءات وخبرات مؤهلة وجامعاتنا مكتظة بهم ، أو إخضاع رجال الإدارة العليا للتدريب المكثف على مهارات القيادة والتخطيط الاستراتيجي على أيدي هؤلاء الخبراء ، وكلا الأمرين يحتاج إلى قرار شجاع من القيادة السياسية للبلد .
ثانيهما : أن القائمين على التخطيط لا يملكون رؤية قيادية واضحة لما ستكون عليه اليمن بعد (عشرين عاما ) من الآن على سبيل المثال...لأنهم لا يعرفون أصلا أين (اليمن اليوم ) فبطبيعة الحال لن يعرفوا أين ستكون اليمن غدا ، هل تعلم أن إسهام اليمن في الناتج العالمي الإجمالي هو رقم ضئيل جدا ولا يمكن وضعه في الخانة الثالثة بعد الصفر ؟!
الأمر الثالث : أن القائمين على التخطيط يتخذون قراراتهم على معلومات متقادمة وغير واقعية ولا تخضع للتحليل العلمي لكي يتم على ضوءها صناعة قرارات سليمة .
وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فستكون النتيجة مزيدا من الفقر ، مزيدا من البطالة، مزيدا من الأمراض ، مزيدا من الفتن ، وستقود تلك الآثار لا قدر الله إلى فشل كامل للنظام السياسي والاقتصادي ومن ثم انهيار الدولة .
ولتجاوز هذه المشكلة أدعو وزارة التخطيط إلى عقد مؤتمر عام للتخطيط الاستراتيجي كل خمس سنوات تدعو إليه قادة الوزارات والأجهزة والمؤسسات ورؤساء الجامعات الحكومية والأهلية وذوي الخبرة من أهل الاختصاص ، يكون هذا المؤتمر مكرساً لوضع الخطط الاستراتيجية للدولة من خلال جلسات وورش عمل مكثفة وعميقة ، بدلاً من أن تظهر الخطط الخمسية فجأة على طريقة (قص ولصق) فتكون هزيلة بهزالة واضعيها .