بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
الظهور العلني لعدد من عناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين وإعلانهم تحدي الأجهزة الأمنية والالتزام بمقاتلة كل من يتحالف مع أمريكا وعلى رأسهم النظام في صنعاء يضع اليمن من جديد أمام علامات استفهام وتحديات كبيرة قد تبدو هذه المرة أكثر خطورة نظرا لعدد الجبهات الكثيرة المفتوحة والتي بمفردها أو بمجموعها تجعل البلاد على مفترق طرق ؟.
لكن المتأمل في تحركات تنظيم القاعدة على التراب اليمني منذ منتصف التسعينيات يلاحظ أن السلطة نسجت معه علاقات تتحسن أو تسوء حسب ظروفها وطبيعة المرحلة التي تمر بها في علاقاتها مع الفاعلين السياسيين ومع أطراف خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة من العلاقة المشبوهة رأى المراقبون في أحداث معينة أنها أظهرت ممارسة السلطات اليمنية لسياسة مسك العصا من النصف فعندما كان الأمريكيون يضيقون الخناق ويطالبون بفعل حاسم وتعاون جدي في مكافحة الإرهاب لم تجد السلطة بدا من السماح لطائرة أمريكية من دون طيار بقصف منطقة في مأرب أسفر عنه مقتل زعيم القاعدة أبو علي الحارثي عام 2002 ، ورغم محاولات الإعلام الرسمي آنذاك إخفاء تفاصيل عملية انتهاك السيادة من طرف دولة أجنبية إلا أن الإعلام الأمريكي كشف ما كان مستورا وأحرج الموقف اليمني أمام العالم وأمام اليمنيين ، غير أن " الاستراتيجيين " في الباب العالي رأوا أن تشديد الخناق على القاعدة ليس في مصلحة السلطات العليا ، فشهدت العلاقة حالة انفرج عام 2003 عندما تمكن عد من سجناء التنظيم من " التحايل " على حراس سجن الأمن السياسي بمدينة عدن والهروب خارج أسواره ، وفي فبراير 2006 أي قبل الانتخابات الرئاسية بأشهر هرب 23 من أخطر عناصر القاعدة من زنزانات أحد سجون الاستخبارات في صنعاء وقيل حينها إنهم حفروا نفقا بين السجن ومسجد قريب لكن روايات أحد مقاولي بناء المعتقل قالت إن أساسات السجن وجدرانه من الخرسانة المسلحة والتي يمكنها مقاومة قصف بالقنابل الذكية ، وحتى أثناء الانتخابات الرئاسية نفسها اتهم النظام بأنه كان على علم بالعمليات التي نفذها تنظيم القاعدة وكان الهدف منها التشويش على الخصوم السياسيين وتقليل حظوظهم في المنافسة والفوز .
أما الحوثيون وحروبهم المتتالية مع قوى الأمن اليمنية التي تتكون في أغلبها من المناطق الوسطى والجنوبية ذات المذهب الشافعي فإن الملابسات بشأن هذا الصراع كثيرة وهناك اتهامات كثيرة لا حصر لها ، فهناك من يقول إن هذه الحروب المتتالية تعبر عن رغبات متعارضة ومصالح متناقضة لرؤوس كبيرة في السلطة وأنها اندلعت أساسا لإضعاف فرق عسكرية في الجيش وذلك ما عبر عنه صراحة عضو البرلمان اليمني حميد عبد الله بن حسين الأحمر عندما صرح لبرنامج الملف في قناة الجزيرة إن الحرس الجمهوري الذي يرأسه أحمد علي عبد الله صالح الأحمر هو من كان يقدم الدعم للحوثيين في فترة معينة بهدف شل قدرات الفرقة الأولى مدرع وقائدها علي محسن الأحمر الذي يقال إنه يعارض توريث الحكم لابن الرئيس أو أنه يرى نفسه البديل المناسب لحكم اليمن ولذلك فإن حسم الحروب لم يكن مطروحا وحتى اتفاق الدوحة ذهب أدراج الرياح للأسباب نفسها، أما دخول السعودية طرفا في الحرب وعلاقة إيران بالحوثيين ففيه كلام كثير أقل ما يقال بشأنه إنه حرب الآخرين على أرض اليمن ، ولن أقتنع بنفي الأمريكيين وجود علاقة بين الحوثيين وإيران فذلك ربما يكون من دواعي التكتيك السري القائم بين طهران وواشنطن بشأن تقسيم الغنائم ومناطق النفوذ في المنطقة.
أما الحراك الجنوبي السلمي فقد كان تعبيرا عن مطالب اجتماعية ملحة وحقوق مواطنة انتهكت وكان يمكن معالجتها في حينها بأقل الخسائر استجابة لأصوات مواطنين تظهرهم شاشات القنوات الفضائية كما لو أنهم بعثوا من المقابر شعثا غبرا حفاة ، لكن لغة التخوين والاستخفاف جعلت شعارات الحراك ومطالبه تأخذ بعدا آخر لا يرضى به أي يمني وهو فك الارتباط والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990 تاريخ تحقق الوحدة اليمنية وهذا باعتقادي وضع قاد اليمن إليه " المستشارون الاستراتيجيون " ويبدو أنهم هم أنفسهم من تسبب بعودة نحو مليون ونصف المليون مواطن من دول الخليج عام 1990 ليفترشوا أرض الوطن ويلتحفوا بسمائه وإلى الآن ملفاتهم مفتوحة وأوضاعهم في غاية السوء .
اليمن اليوم يشهد أزمة عميقة بكل المقاييس يمكنها أن تقود إلى حالة من التفكك والتشظي لم يشهد التاريخ اليمني لها مثيلا حيث نلاحظ اليوم أنه لم يبق شيء في البلاد محل إجماع وهذا ناتج عن تراكم سياسات خطأ كرست الاستبداد السياسي وسلطة القهر وتهميش دور القانون وتوظيف تناقضات المجتمع بشكل تناحري وعبثي بدد جهود التنمية .
رغم هذه الصورة القاتمة التي تدفع المتشائمين إلى التركيز على بعض تفاصليها وزواياها المظلمة وهي كثيرة إلا أن خيوط الحل ما تزال إلى الآن باعتقادي بيد الرئيس اليمني فهو الوحيد الذي يستطيع بماله من صلاحيات دستورية واسعة أن يوقف نهج القوة وعسكرة الحياة وأن يفتح أبواب الحوار مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية وحتى مع من رفع السلاح ضد الدولة طالما وأن أي حروب أو احتجاجات تنتهي بمفاوضات وحوار فلماذا لا نختصر الطريق وتتوقف هذه الحروب العبثية المتخلفة ولنتعلم من تجربة الجزائر التي رفعت خلال عقد كامل شعار الاستئصال والإقصاء لكنها بعد عشرية حمراء وسوداء اكتشفت أن آلتها العسكرية الضخمة وقدراتها الاقتصادية الكبيرة لا يمكن أن تلغى جماعات من السكان تؤمن بغير ما يؤمن به النظام فكان أن دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى المصالحة والوئام .إذا على الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أن يصدر أوامره بإيقاف حرب أخرى تقودها السلطة ضد الصحافة والصحفيين وإطلاق سراح المخطوفين والمعتقلين السياسيين وأن يعلن عن إصلاحات دستورية حقيقية تتضمن إرساء الحكم المحلي كامل الصلاحيات وبذلك يؤسس لعقد اجتماعي جديد تتضاءل معه وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة وتتبدد معه حسابات تنظيم القاعدة الذي يبدو أنه خرج عن السيطرة وحسابات إقليمية تتمنى أن يصبح اليمن صومالا جديدا تسهل السيطرة عليه وتقسيمه وفق رؤيتها.