بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
أتيحت لي الفرصة قبل سنوات طويلة للمكوث في مأرب شهورا عديدة, اذكرها ببساطة أنها من أجمل الأوقات, وقد صادفت هناك أصدقاء ومعارف كثيرون, يمكن القول أن ابرز ما يميز أبناء تلك المنطقة البساطة والطيبة, ومثلما وجدت الكثير من الأصدقاء وجدت قله من الناس تضيق بحالها وتعتبر أنها لم تحض بفرصتها.
وقد تميزت محافظة مآرب بأنها محافظة الخير حيث يوجد فيها سد مأرب, أبرز معلم زراعي على مستوى الجزيرة العربية, كما تم استكشاف النفط واستخراجه من باطن أرضها في العام 1986 ووصل خير هذه المحافظة قبل الوحدة إلى كل مكان في المحافظات الشمالية, وبالخير الذي تدفق من باطنها تحقق للمحافظات الشمالية قبل الوحدة النهضة العمرانية والمستوى الاجتماعي اللائق, حتى إن المواطن كان يعيش في مستوى معيشي مرتفع يقارب دول الخليج, ثم استمر العطاء بعد تحقيق الوحدة المباركة ليصل خير هذه المحافظة إلى كل شبر في الوطن من المهرة وحوف إلى صعده والحديدة وعدن وشبوه وحضرموت, وبالخيرات التي تدفقت من باطن أرضها تم تعمير الوطن وجسر الهوة التي كانت ظاهرة بعد تحقيق الوحدة مباشرة من حيث انعدام البنية التحتية في المحافظات الجنوبية التي كانت قابعة تحت سيطرة حزب شمولي لم يجد الفرصة للتعمير ولم يستطع أن يفرط في ما يقع تحته من أموال سوى في شراء الألغام والأسلحة التي كانت تستخدم في التصفيات وأدوات السحل والمجازر.
وقد سال الذهب الأسود من باطن أرض مأرب دون أن يسمع أحد مناً أو شكوى من أهلها رغم أن مأرب لم تشهد تلك النهضة التي شهدتها محافظات عديدة وعلى سبيل المثال محافظة حضرموت والتي شهدت نهضة عمرانية رائعة وتحقق لبنيتها التحتية ما جعلها من أحسن المحافظات اليمنية بعد أن كانت أرضاً طاردة حتى لأهلها, وما زالت الجوهرة التي يؤثرها كل أبناء اليمن بمزيد من الاعمار والعطاء.
وقد أسهمت خيرات محافظة مأرب بتمويل الجزء الأكبر من موازنات الجمهورية اليمنية مع كل الحب والإيثار, زد على ذلك أن أغلب الموظفين والمسؤولين في المحافظة هم من أبناء المحافظات الأخرى من تعز وإب وشبوه وصنعاء وذمار وحضرموت, وأغلب الأنشطة التجارية والزراعية والصناعية التي تقع في نطاق المحافظة يقوم بها أبناء المحافظات الأخرى. ومع ذلك فإن العلاقة بين أبناء المحافظة وبين العاملين فيها من المحافظات الأخرى علاقات حب وصداقة وإخاء وإيثار وتضحية وحماية, وعندما يطلب أحد منهم المساعدة تراهم يلبون النداء وكأنهم ما خلقهم الله إلا في مصلحة إخوانهم في باقي المناطق اليمنية.
وهذا العطاء جعل الرئيس على عبد الله صالح يتعامل مع مشاكل محافظة مآرب بكثير من الحساسية والحكمة, فقد يذكر البعض المشكلات التي تنشأ بالنسبة لقطع الطرق أو الاختطافات للضغط على الحكومة, وهي أحداث يأسف لها أبناء المحافظة ويشعروا جراءها بالخجل رغم إن مرتكبيها مجرد حفنة من الناس لتحقيق مآرب أخرى. وبالتالي فإن رئيس الجمهورية دأب على استخدام الوسائل التقليدية والوساطات الاجتماعية للاتصال مع أية عناصر ترتكب مثل هذه الأفعال وتسعى هذه الوساطات دائماً إلى نصح وإرشاد وتوعية تلك العناصر بأن أبواب الدولة مفتوحة لهم ولا داعي لمثل تلك الأعمال التي تضر بسمعة المحافظة وأبنائها, ودائماً يفلح هذا الأسلوب ويؤدي إلى انفراج الموقف في كل مرة بسلام وبدون إراقة الدماء إلا فيما ندر.
ورغم الانتقادات التي توجهها المعارضة للرئيس والحكومة على ترفقهم بأبناء مأرب الخير عند معالجة مشاكل المحافظة, فإنهم يعلموا بالأصالة والخير والحب الذي يقبع في نفوس أبناء المحافظة, فلو كان ذلك الخير في محافظة أخرى لطالبت بتفردها بخيراتها, وتحضرني هنا الدعوات القبيحة التي تنطلق نشازاً من حين لأخر مطالبة بتفتيت اليمن, أو تفرد كل محافظة بخيراتها مثلما نسمع حيناً من بعض المولدين (الذين عاشوا في الخارج ولا يحسوا بالانتماء لوطن معين), فلا ألبث أن ارجع بذاكرتي إلى مأرب الخير التي لم ينبس أبناءها ببنت شفه ولم يروا في خير مأرب إلا خيراً لجميع أبناء اليمن.
وفي هذه الأيام أصبحنا نسمع ليل نهار دعوات سيئة من بعض المحافظات لا تعبر عن أهلها ولا تعبر إلا عن فئة ضالة أنانية, حيث نجد قلة من الناس في محافظة حضرموت تدعي أن اليمن كله فاغراً فاه لخير هذه المحافظة الخيرة الطيبة متناسين أن كل خيرات اليمن قد تم تركيزها على هذه المحافظة حتى صارت جوهرة الوحدة, وتم استخراج النفط من وادي حضرموت تلك الثروة التي تعد بحق إحدى خيرات الوحدة, وآن الأوان لهذه المحافظة أن تساعد محافظة مأرب محافظة الخير في تعميم خيرهما على جميع أبناء الوطن الذين ضحوا وناضلوا وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل وحدة الأرض والإنسان, بحيث تتقاسمان مناصفة كمية النفط المنتج سنوياً.
ولكن دعوني اذكر لكم قصص يجب ان نتوقف عندها طويلا وان لا ندعها تمر مرور الكرام, بحيث نتمكن من معرفة مشاكلنا بدلا من تجاهلها, حيث يتبادر إلى مسامع الجميع قصة ذلك الموظف من أبناء أمانة العاصمة صنعاء الذي وجد فرصة عمل في إحدى فروع الشركات العاملة في المكلا, فما كان منه إلا أن شد رحاله واصطحب أهله معه, ولكنه أحس منذ وصوله بالغربة والتي لم تكن بسبب طول المسافة, ولكن بسبب العزلة والجفوة التي قوبل بها من بعض إخواننا في حضرموت, الأنكى من ذلك أن ابنه الذي التحق بإحدى المدارس عزف عن الذهاب إلى المدرسة بعد الشغف الذي كان يبديه في صنعاء, وفي يوم ما رجع ابنه وهو مبلل بدموعه وهو يبكى بحرقة ويقسم أنه لن يذهب إلى المدرسة,.. واتضح أن ابنه المسكين عامله أقرانه معاملة "الابرتايت" وكأنه زنجي أسود في جنوب إفريقيا, حيث دأب رفاق مدرسته على مقاطعته وعدم اللعب معه وعزله تماماً ولم يكتفوا بذلك بل جعلوا منه مهزلة المدرسة وأصبحوا يلعبوا في وقت الراحة وهم يصيحوا: دحباشي... دحباشي.... دحباشي.... دون أن يكلف أي مدرس نفسه - وهو من كاد أن يكون رسولا - أن يزجر طلبته, وقد وجد صاحبنا المسكين نفسه أمام خيار التخلي عن فرصته في العمل والرجوع إلى صنعاء حيث لا يوجد من يكرهه أو يغتال بسمة أطفاله, وقد يقول قائل بأن طبيعة أبناء مناطق حضرموت غير مرحبة بالضيوف كونها عاشت فترة طويلة من الزمن معزولة عن العالم, ولكن ذلك غير صحيح فما سبب ذلك إلا ثقافة الكراهية التي يرسخها اناس موتورون لديهم احساس ذريع بالنقص والفشل, بحيث اضحت رائحة هذه الثقافة الكريهة أكثر جيفة من خور المكلا قبل الوحدة.
في المقابل هناك أحد الموظفين في إحدى الشركات العامة توظف في مأرب واستمر 35 عام يعمل في هذه الشركة ولم يحس للحظة انه غائب عن أهله رغم انه كان يفارقهم أيام الصيف ويتركهم في بلدته الساحرة في ريف تعز, ولكن حصلت لها مشكلة نغصت عليه حياته, حيث تخرج أحد أبناء قبيلة في مأرب من الجامعة, وكان يعتبر نفسه الأجدر بالوظيفة كونه مؤهل تأهيلا جيدا ويتحدث اللغة الانجليزية, ولكن مشايخ المنطقة اقنعوا ابن مأرب الخريج الطموح بأنه من العيب أخذ وظيفة صاحبنا من تعز بعد العشرة الطويلة, ولذلك عمل ابن تعز سنوات أخرى قبل أن يترك عمله بعد تقدمه في السن ويحل محله ذلك الخريج المؤهل, ولا زالت علاقة هؤلاء الناس مستمرة, ويتلقى ابن تعز من حين لآخر حصة من فاكهة الموسم التي تزرع في ارض الخير.
لا تعني القصتين اللتين أورتهما أن أهلنا في حضرموت متعصبون ومنعزلون وكارهين للغير, كما لا تعني القصة أن جميع أهل مأرب يتصفوا بصفات ملائكية, ولكن القلة السيئة في حضرموت يخشى منها أن تزيد وتقوى وعلامة ذلك تجلى في الحادثة التي لا زال جميع أبناء الوطن من أقاصي صعده إلى حوف وسوقطرة يشعروا بالمرارة والإهانة والاحتقار لمرتكبيها, حيث عمد مخربين مولدين من أبناء المكلا إلى الهجوم على صاحب بقاله صغيرة من محافظة أخرى ونهبوا كل ما فيها واحرقوها بعد ذلك وسحبوه من داخل بقالته وهو يصيح ويستنجد ويبكي وجروه في الشوارع ونزعوا عنه ملابسه وطلبوا منها مغادرة المحافظة بدون ملابس وهذا ما تم, ولم يجد من ملابس تستره إلا في النقطة العسكرية خارج مدينة المكلا, مع العلم بأن جميع من اشتركوا في هذا العار وهذه الجريمة كانوا مسلمين ويمنيين, وهي هنا دعوة لمراجعة الثقافة والقيم التي نزرعها في صدور أبنائنا بحيث نجنبهم حمل أية ضغينة في نفوسهم ضد أي يمني أو عربي أو مسلم, ويكفي ما قد علق من صدورهم جراء الحرب الكلامية المسعودة التي يسمعها هؤلاء الأطفال كل يوم في الصحف والمجالس والمقايل والشوارع ووسائل المواصلات.
وفي العيد نقول لكل الناس قريبهم والبعيد, الذين نتفق معهم والذين لا نتفق, الذين يقولون الله أكبر واليمن أغلى: كل عام وأنتم بخير, كما اسمحوا لي أن أوجه التهنئة خالصة مباشرة لأبناء مأرب الخير والفضل والشهامة والرجولة والمحبة, ومن عرش السمو والسؤدد هناك في مأرب إلى جميع أبناء اليمن فنحن نبقى إخوة وأحبه وكل عام وبلدنا وأهله بخير.
abdtwaf@hotmail.com