عندما يخون الاعلام شعبه!
بقلم/ عبد العزيز النقيب
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 11 سبتمبر-أيلول 2013 05:35 م

بات من المؤكد ان قطاعا مهما من المصريين لا يدركون حقيقة ما يجري في مصر و أنها تعيش وضعا أستثنائيا لا يستقيم مع طبيعتها و لا حقائق وجودها الجغرافية و التاريخية و الاجتماعية و مقوماتها الاقتصادية فقد اصبحت تحت تأثير و أدارة دولا اصغر منها لا يتعدى عمرها بضع عقود و مساحتها و عدد سكانها لا يتجاوز عدد حي او محافظة صغيرة و كل ذلك تحت تأثير خطير من إعلاميين خونة و يعملون لمصالحهم الشخصية الضيقة. 

فالطبيعي في مصر ان تكون غزة حليفة وليست عدوة و ان مصر متبوعة من الخليج و ليس تابعة له و أن اسرائيل عدو و ليس حليف

وأن تركيا شقيق منافس وليس عدو مناقض و أن العرب كلهم أخوة و ليس أعداء متأمرين.

لكل ما تقدم فان مصر اليوم تعيش حالة استثنائية غير صحية بالمرة ، فهي كالشخص الذي تعرض لغسيل مخ او تنويم مغناطيسي من معلم و مربي خائن خان امانته في التوعية و الارشاد و استعمل الكذب و التدليس و الإيهام الكاذب لهذا الشخص المسكين بالخطر الزائف يأتي من الاخ و الصديق و الوحي المزيف بالخير القادم من العدو الحقود حتى اصبح هذا الشخص ( الشعب المصري) يعمل ضد مصلحته على كل الاصعدة فيعادي الاخ و يقاتله و يحاصره و يجوعه ( غزة) بل و يقتل اهله و شعبه و يعتبرهم شعب اخر (معارضي الانقلاب) و يصادق و يهادن عدوه و الحاقد عليه( اسرائيل) و الذي يخاف من تطوره و استقلاله ( امريكا) و من يخشى من قيادته و يعمل على تحطيمه ( السعودية) و من يخاف من نموه و منافسته (الامارات) .

و لا شك ان المتأمرين على الشعب المصري ( كل من ذكر اعلاه) و الذين يعملون به ذلك يعلمون تمام العلم ان حالة التنويم هذه لن تستمر طويلا لذلك فهم يعملون على تحقيق اكبر قدر ممكن من اهدافهم و الدفع به لإحداث اكبر قدر من الضرر بنفسه و اهله و مستقبل ابنائه و هو ما سيؤخر نهوضه لعقود قادمة و هذا غاية مت يطمحون بتحقيقه...

فمتى يصحو الشعب المصري من هذا التنويم المغناطيسي المجرم.

ومن امثلة هذا التنويم والمثير للسخرية

القول ان السيسي عدو لأمريكا واسرائيل !! وانه مدافع عن كرامة مصر واستقلال قرارها!!! بينما العالم كله يعلم بدور امريكا و حلفائها في دعم الانقلاب على الرئيس الشرعي المصري محمد مرسي و هي ليس سابقة في تاريخ امريكا فقد اسقطوا السلفادور الليندي و اسقطوا شافيز و غيرهم و لكن اعلاميي الانقلاب و راسمي خططه الاعلامية و فيهم لا شك امريكان و اسرائيليين جعلوا من السيسي خصم لأمريكا و اسرائيل كذبا و زورا و انه مدافعا عن كرامة مصر و قرار مصر و الكل يعلم ان مصر لم تشهد منذ اربعين عام ما شهدته من استقلال و رفعة و كرامة ايام مرسي و هو الذي رفض مجرد ذكر اسم اسرائيل في كل خطابته و ما اكثرها و رفض النطق بجملة واحدة عرضت عليه في زيارته لأمريكا تتحدث عن السلام العادل و الشامل بين اسرائيل و الفلسطينيين و اصر على رفضه لمجرد وجود اسم اسرائيل و هو ما يرفض النطق به و هذا الرفض و الاصرار عليه نسف الزيارة و هدفها وبعدها أتخذ الامريكان قرارهم النهائي بشطب مرسي و الاخوان من المشهد المصري و جعلهم يستعجلون استخدام كروتا و اوراقا و شخصيات كالسيسي و غيره من سياسيين كالدكتور سعد الدين إبراهيم و اعلاميين كثر بل و احراقهم و قد كانوا يدخرونهم لأوقات اكثر اهمية و اكثر تأثيرا و اكثر نضجا، ان مجريات الامور على الارض واضحة لكل ذي لب و تنفي اي عداء حقيقي بين الانقلابين و امريكا و اسرائيل بل ان الاسرائيليين لم يخفوا دعمهم المطلق للسيسي تحديدا و بالاسم و لكن البعض في تنويم مغناطيس آثم.

و هناك ظاهرة اكتشفها العلماء الباحثين في الاجرام هي ان المجرم يسخر من الضحية او من خصومه و يستخدم مصطلحات تنطبق عليه ليرمي بها خصمه فاطلق الانقلابيون مصطلح " المخطوفين ذهنيا" على الفئة الواعية من المصريين التي رفضت تنويمهم و قاومت اختطافهم لأذهانهم كما هو الحال مع مناصري الانقلاب .

اللافت ان الشيطنة الاعلامية في مصر شملت كل اعداء مصر الناصرية في محاولة لاستعادة الظروف التي قضت على الاخوان واستثنت الشيطنة السعودية والامارات بل بالعكس عملت منهم ابطالا وهذا ما طعن استراتيجية استعادة ظروف مصر الناصرية في القلب !!!!

المضحك المبكي ان هناك محاولة ايهام الشعب المصري ان كل شعوب الارض تتآمر عليه بما فيها شعوب الخليج طبعا ما عدا حكام الخليج!!!!

في المانيا هناك رسوم ضريبة اعلامية بمقدار ١٧ يورو شهريا على كل عائلة و هي الزامية التحصيل و تذهب لتمويل الاعلام الالماني الوطني المعبر عن الشعب الالماني و الذي لا يخضع و لا يجوز ان يأخذ تمويل من اي حزب او شركة او رجال اعمال و لا يخضع حتى لابتزاز الاعلانات و هذا الامر هو ما جعلني اتامل خطورة ما يجري في مصر على مصر نفسها و دور الاعلام الخائن فيها ، لقد فهم الالمان خطورة الاعلام و تأثيره من خلال تجربتهم المريرة مع هتلر و وزير اعلامه جوبلز فشرعوا منذ تأسيس المانيا لتطبيق هذا النظام الذي اوجد اعلاما حرا مستقلا و مهنيا متطورا.

نعم ان أعلام مصر خائنا بامتياز لمكانتها و تاريخها و حاضرها و مستقبلها و حريتها و ديمقراطيتها و لدستورها.