آخر الاخبار

عاجل: شركة الربع الخالي تعاود أعمال تأهيل خط العبر الدولي الرابط بين اليمن والسعودية عاجل :المظاهرات الغاضبة تجتاح محافظة عدن والمجلس الانتقالي يغرق شوارع واحياء مدينة عدن بالأطقم المسلحة والمدرعات ويهدد بإعتقال المحتجين عدن : وقفة إحتجاجية للنقابة العامة للنقل والمواصلات رفضًا للقرارات الصادرة بحقها وممارسات استهداف حقوقها عدن : نائب وزير التربية يلتقي المديرة القطرية للمجلس النرويجي لمناقشة سبل التعاون المشترك شرطة مأرب تدشن دوري الشهيد عبدالغني شعلان ورفاقه الأبطال انطلاق بطولة الوفاء لمأرب الرياضية بمشاركة 12فريقا للمحافظات غير المحررة. تقرير من جبهات مأرب.. احباط هجمات ومحاولات تسلل حوثية وقوات الجيش ترد على مصادر النيران وتلحق بالمليشيات خسائر في الأرواح والعتاد عدن: وكيل وزارة المالية يحمل وزارة الخدمة المدنية مسؤولية تأخير صرف مرتبات الموظفين النازحين لقاء مع سفراء الإتحاد الأوروبي يبحث دعم الحكومة اليمنية لمواجهة الأزمة الإقتصادية رابط التسجيل في المنح الدراسية المخصصة لليمن من جمهورية الصين

تربية الأبناء بالقدوة الحسنة
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: سنة و 5 أشهر
الأحد 17 سبتمبر-أيلول 2023 07:01 م
 

كثيراً ما يستولي الخوف والقلق على المربي؛ خوفاً على أبنائه من الانفتاح الثقافي والمعرفي، والذي قد يشعر معه المربي بالعجز عن ملاحقته، وتفنيده، للاستفادة من النافع منه وتجنب الضار، وكثيراً ما يشغله سؤال: كيف يكون صاحب التأثير الأقوى على أبنائه كي يتمكن من تربيتهم وفق معايير التربية الراشدة؟.

إن الإجابة هي بين جنبي المربي نفسه؛ وهي أن يتحقق فيه وصف القدوة، ويعتمد نجاحه في أداء مهمته التربوية على مدى تطبيقه «هو نفسه» لما يدعوهم إليه ويربيهم عليه، فيكون قد جمع لهم بين التلقين المستمر «شفهيا» والتطبيق الثابت «عملياً»، وعندئذ يكتسب المربي القوة الجاذبة لأبنائه وطلابه؛ إذ يمثل في أذهانهم المصداقية التي تستحق ثقتهم بجدارة وتمنحهم الأمان أكثر من أي وسيلة تأثير أخرى داخل البيت أو خارجه.

إنّ القوة التربوية في (القدوة الحسنة) المتحلية بالفضائل العالية، ترجع إلى أنها تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة، وأن ذلك في متناول القدرات الإنسانية، لأن شاهد الحال أقوى من شاهد المقال؛ لذلك أرسل الله تعالى إلى البشر رسلاً من جنسهم البشري ليكونوا لهم قدوة ومثالاً يُحتذى، ولقد كان أوائل هذه الأمة على دراية واعية بأهمية القدوة وتأثيرها في واقع الأطفال، وهذا الإمام الشافعي يوصي مؤدب أولاد الخليفة قائلا:

ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه».

ولا يزال أهل التخصص يؤكدون أن أسلوب القدوة من أنجح أساليب التربية على الإطلاق، وهو من المفاهيم التربوية التي يمكن الاصطلاح عليها بـ (التربية بالنموذج)، ويعني:

تجسد المفاهيم والقيم التي يتربى عليها الابن أو الطالب في شخص المربي، أو في شخص غيره ممن كان يعيش في زمان قبله، أو في زمانه المعاصر. ويعزز من أهمية التربية بالقدوة وعمق تأثيرها، الاستعداد الفطري للطفل للتقليد والمحاكاة، حيث يولد ولديه حساسية شديدة تجاه تصرفات الوالدين والكبار المحيطين به؛ فالأطفال أكثر تأثراً بالقدوة، إذ يعتقد الطفل في سنواته الأولى أن كل ما يفعله الكبار صحيح، وأن آباءهم أكمل الناس وأفضلهم، لهذا فهم يقلدونهم ويقتدون بهم تلقائياً في كل شيء.

والتناقض بين القول والفعل في سلوك المربي يفسد شخصية الأطفال، ويجعل فهمهم للقيم والأخلاقيات التي يُربى عليها مضطربا، فهذا التناقض والازدواجية في شخصية المربي هو قاصمة الظهر التي تهدم معالم الفضيلة في مخيلة أبنائه وطلابه، ويصبح عندئذ ضرره على أبنائه كبيرًا؛ إذ يقدّم لنا أشخاصاً مذبذبين لا يعرفون الثبات على المبدأ، يحسنون الكلام الأجوف الخالي عن العمل والتطبيق، وذلك هو بعينه المقت الكبير الذي حذرنا الله تعالى من الوقوع فيه. ولا يكفي ذكر الفضيلة وتطبيقها مرة واحدة لكي يتعلمها الطفل، ولكن لابد أن يرى المربي يفعلها بشكل ثابت ومتكرر، لتثبت في نفس الطفل وتترسخ فيها، وهذا الأسلوب هو ما يعرف بـ (التأثير التراكمي)، حيث إن مجموعة من الأفعال المتكررة على مدى أيام أو شهور أو أعوام يكون لها من التأثير ما ليس للعارض المنقطع.

خلق الكرم – مثلاً – لا يترسخ في وجدان الطفل عبر رؤية فعل الوالدين له مرة أو مرتين، وإنما يتفاعل معه تعلما وتطبيقا إذا تكرر هذا الفعل من قبل المربي، بحيث يبدو أنه سجية وطبع، وحينئذ يتعامل الطفل مع هذا الخلق على أنه هو الأصل في الإنسان.

ومن النماذج العملية في توريث هذا الخلق بالقدوة العملية، ما أوْرده ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» من خبر سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه، فقد كان مشهوراً بالجود هو وأبوه، وجده، وولده، وكان لهم أطم – صخرة كبيرة عالية – يُنَادَى عليها كل يوم: من أراد شحماً ولحماً فليأت سعداً، ثم استمر ولده محافظًا على هذا الخلق الكريم بعد وفاة والده، فكان ينادي كل ليلة:

من أراد شحمًا ولحمًا فيأتِ قيسًا». فلا مفر من تمثل المربي ما يدعو أبناءه إليه واقعًا في حياته، فأعينهم على ما يفعل لا على ما يقول، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.