آخر الاخبار

علماء سعوديون يصدرون بيانا بشأن توظيف النساء السعوديات في مجالات العمل المختلفة

الإثنين 10 يونيو-حزيران 2013 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 8844
 
 

 أصدرت نخبة من المشايخ وطلبة العلم بالمملكة بيانا يتعلق بالشكاوى استنكرت تحمس وزارة العمل لتوظيف النساء في مختلف المجالات.

وتناول البيان استغلال وزارة العمل صلاحياتها وسلطاتها لتمرير خطة توظيف النساء، مشيرا إلى أن الوزارة قد هددت من يتقاعس أو يتباطأ في الامتثال لتنفيذ هذا الإجراء بعقوبات شتى تشمل وقف الخدمات وتجميد السجل التجاري أو إلغاءه، وقد تصل العقوبة مع استمرار الامتناع إلى إغلاق مؤسسته أو منشأته.

كما أشار إلى حملة توظيف النساء التي تقوم عليها الوزارة أدت إلى جملة من السلوكيات المخالفة تضبطها أجهزة الضبط الميداني من تحرش وابتزاز.

كما أكد البيان على ضرورة زيادة جهود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي به، حيث أنه أعظم أسباب صيانة المجتمع من الانحراف، مشيرا إلى أن صيانة الأعراض مقدم على مصلحة حفظ المال.

كما تطرق إلى ما ترتب على هذا الإجراء من فشو البطالة بين صفوف الشباب والتضييق على الناس في مصالحهم، كرفع رسوم رخصة العمل من 100 ريال إلى 2400 ريال.

مأرب برس ينشر نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان في شأن إلزام وزارة العمل التجار بتوظيف الفتيات في بيئات مختلطة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أما بعد فقد تكررت الشكاوى من عموم الناس استنكاراً لتمادي وزارة العمل في التحمس لتوظيف النساء في كل مجال، والزج بهن في كل ميدان، واستغلالها ما تملك من سلطة وصلاحيات لتنفيذ ذلك، وتهديدها من لا يمتثل أو يتباطأ بإيقاع ما تستطيعه من عقوبات، من وقف الخدمات، وتجميد السجل التجاري أو إلغائه، ومن أصر فإن منشأته ستغلق نهائياً.

وكان من نتيجة هذا الموقف أن استجاب عدد من التجار- راغبين أو راهبين- فوُظفت الفتيات في مهن شتى ومواقع مختلفة، وزُجَّ بهن في بيئات مختلطة اختلاطاً صريحاً، فأصبحن يعملن (سكرتيرات) للرجال، ومسوقات يطرقن الأبواب ويتنقلن بين المكاتب، وواجهات في مكاتب الاستقبال يستقبلن الزائرين والمراجعين، إلى غير ذلك.

وكان من النتائج المبكرة لهذا الوضع المنفلت ما تطالعنا به وسائل الإعلام- وهو قليل من كثير- مما تضبطه أجهزة الضبط الميداني من قضايا سلوكية، وما يرفع للمهتمين بالإصلاح من شكاوى التحرش والابتزاز، وما يسمعه الناس حيناً بعد حين من حالات الاستدراج وإفساد بعض النساء على أزواجهن، وضرب المواعيد، والخلوات المحرمة داخل مقر العمل وخارجه، وغير ذلك. ممثلاً ذلك كله قمة جبل الجليد الذي لم يظهر منه إلا رأسه.

وفي شأن توظيف النساء بائعات فحيث إن هذا جاء تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بقصر بيع المستلزمات النسائية الخاصة على النساء . . فإن الوزارة فسرت هذا القرار تفسيراً يجعلهن يختلطن بالرجال من المتسوقين وزملاء العمل حيث يجتمعون جميعاً تحت سقف واحد. ثم توسعوا في تفسير (المستلزمات الخاصة) حتى أدخلوا فيها عموم ما يتعلق بالمرأة، ثم توسعوا توسعاً آخر بإلزام التجار بتوظيفهن محاسبات (كاشيرات) يحاسبن المتسوقين رجالاً كانوا أو نساء، ولم يكتفوا بهذا بل تمادوا خطوة أخرى بالإلزام بتوظيفهن محاسبات (كاشيرات) في أسواق الجملة للمواد الغذائية، والأثاث، ونحو ذلك. ضاربين بفتوى سماحة المفتي وأعضاء اللجنة الدائمة الصادرة مؤخراً عرض الحائط.

كما أن قرار مجلس الوزراء المشار إليه أعلاه تضمن أيضاً تكليف الوزارة بتشجيع النساء على [أسلوب العمل عن بعد، وتنفيذ (برنامج الأسر المنتجة)] ونص على تكليفها بـ [توفير الدعم اللازم لإنجاحهما] إلا أن هذا التكليف لم يحض من اهتمام الوزارة بمثل ولا قريب من تحمسها واهتمامها بتوظيفهن بائعات، حيث رمت فيه بثقلها، وانشغلت به عن كثير من المشاريع الإصلاحية المنوطة بها مما تحتاجه الساحة.

وأمام هذا الوضع الذي لا يقره شرع ولا نظام ولا ذو مروءة وفطرة سوية فإنا نبين ما يلي:

1. إن وزارة العمل بإصرارها على هذا المسلك تقود بلادنا ومجتمعنا إلى معصية ظاهرة تستوجب سخط الله وتستنزل عقوباته، وتلحقه بالمجتمعات التي انسلخت عن قيمها ومبادئها.

2. إن إعراض الوزارة عن الفتاوى الشرعية الصادرة من الجهة المخولة رسميا بالإفتاء والقاضية بتحريم الاختلاط وتحريم توظيف النساء في المجالات والبيئات المفضية للفتنة. . يعتبر تطاولا على جهاز رسمي، وتهويناً من شأن أهل العلم، وقبل ذلك كله استخفاف بالحكم الشرعي، كما أن فيه تشجيعا وتجرئة لكل صاحب توجه أو هوى أن يتمرد على الأحكام الشرعية.

3. إن السعيد من وعظ بغيره . . أفلا يكون لنا عبرة بما حصل لعدد من بلدان المسلمين كانت قبل بضعة عقود متميزة بصلاح أهلها وحشمة نسائها، ثم آلت إلى ما آلت إليه من السفور والاختلاط والتعري، وذلك بخطوات ومساع تشبه ما نحن بصدد الحديث عنه، الجامع بينها استخدام عصا السلطة واستصدار القرار السياسي لفرض الأمر واقعاً بين الناس.

4. إن كل من قام بهذا الفعل أو أسهم فيه فله نصيبه من الإثم، أياًّ كان موقعه ومهما كان دوره، فإن الله عز وجل

يقول: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } المائدة2. ويزداد الإثم بكون هذا الفعل تأسيساً لوضعٍ جديدٍ منكرٍ يراد أن يُسَيَّر عليه المجتمع، فالمشارك فيه له نصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها ، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيءٌ) رواه مسلم

5. يبرر البعض هذا التمادي والانفلات في توظيف الفتيات بأن في المجتمع نساء محتاجات هن العائلات لذويهن. وهذه حجة واهية فهؤلاء وأمثالهن تعالج أوضاعهن بالطرق الشرعية والوسائل النظامية المتعددة، بأساليب تجمع بين تحقيق المصلحة ودرء المفسدة.

6. إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. . فلئن كان أصل مسألة (تولي النساء بيع مستلزماتهن الخاصة) محل تأييد من كثير من الناس لما يرجون من محافظته على خصوصيات النساء فلقد تكشف الأسلوب الذي نفذ به ذلك القرار عما يؤكد أن مقتضى العقل ألا نندفع وراء هذه الطروحات اندفاعاً نغفل فيه مكايد المتربصين، الذين ينتهزون هموم المجتمع ليجعلوا منها سلماً لتحقيق أهداف لهم. فلا بد أن نقف موقف العقل والاعتدال، فلا تهويل ولا تهوين، ولا يعمم سوء الظن، كما لا يجعل حسن الظن في غير محله. ونحن محتاجون إلى استصحاب هذا المعنى في قضايا اجتماعية تطرح حالياً، يروج لها من يروج بوجهها الإيجابي فقط، ويريد أن يرسخ لدى المجتمع قناعات معينة حيالها، وعلاجات محددة قد رسمها مسبقاً.

وحيث إن هذا التوجه الذي تقوده الوزارة مهدد للمجتمع بانقلاب سلوكي مؤثر، يلحقه بركب المجتمعات المنفلتة عن أمر ربها وشرعه، لذا فإنا نؤكد ما يلي:

1. نوصي المباشرين تنفيذه من منسوبي وزارة العمل وغيرهم أن يتقوا الله، ونحذرهم من مغبة فعلهم هذا، ونذكرهم بأن الله عز وجل يمهل ولا يهمل، فعليهم أن يتوبوا إلى ربهم، وأن يمتثلوا شرع الله، وألا يخرجوا عما بين أيديهم من فتاوى أهل العلم المحرمة لما تقدم من صور الاختلاط، وأن ينأوا بأنفسهم عن أن يسطرهم التاريخ في زمرة رواد التغريب وقادته، فتلعنهم الأجيال كما لعنت من قبلهم، كما نذكرهم بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ ؛ رضِيَ اللهُ عنه ، وأرْضى عنه الناسَ ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ ، سخِط اللهُ عليه ، وأسخَط عليه الناسَ).

2. إن جانب العرض أحد الضروريات الخمس التي اتفقت شرائع الأنبياء عليهم السلام على المحافظة عليها، وإن التعامل معها بمثل هذه الاستهانة خطير جدا، فالأعراض لا مساومة عليها، وإن غضبة من غيور قد تشعل فتنة يصعب إطفاؤها.

3. نذكر أخواتنا المسلمات بألا تكون الرغبة في الحصول على وظيفة مدعاة للتساهل فيما قد يمس العرض أو يخدش الحياء أو يوقعها في الفتنة أو يعرضها للابتذال والامتهان، وألا يعملن إلا في وسط نسائي وبيئة سالمة من جميع صور الاختلاط. كما نذكر أولياء أمورهن أن يتقوا الله ويقوموا بواجب القوامة وبحق من استرعاهم الله عليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته(.

4. إن ما تقدم يؤكد الحاجة بل الضرورة إلى زيادة الجهود في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي به، فهو من أهم الأسباب في حفظ المجتمع عن الانحراف. فيجب على المسلمين أن يقوموا به ويتعاونوا عليه، ذكوراً وإناثاً، فرادى وجماعات. قال الله عز وجل : {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}هود117.لا سيما مع عدم كفاية قدرات الجهاز الرسمي عن مواكبة ما يستجد من المنكرات وإسقاطِ فرض الكفاية عن الأمة.

وختاماً فقد جاء بياننا هذا انطلاقا من كون مصلحة صيانة العرض مقدمة على مصلحة حفظ المال، وإلا فإن تجاوزات وزارة العمل الشرعية والنظامية كثيرة، ترتب عليها ما ترتب من استمرار البطالة في صفوف الشباب، والتضييق على الناس في مصالحهم ( كرفع رسوم رخصة العمل من 100 ريال إلى 2400 ريال).

هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان والحمد لله رب العالمين.