آخر الاخبار

تعرف على تفاصيل أحدث فضيحة حوثية أشعلت موجات عاصفة من السخرية - وثيقة لمساعدة ذويهم في حل أسئلة الامتحانات..  الحوثي ينشر 43 ألف من عناصره لانجاح مهام الغش في أكثر من 4 آلاف مركز امتحاني الأطباء يكشفون عن علامة خطيرة وواضحة تشير لسرطان القولون! الأمم المتحدة تفجر خبرا مقلقا : غزة تحتاج 16 سنة لإعادة بناء منزلها المهدمة شركة يسرائيل تفقد ثقة اليهود: رحلة إسرائيلية من دبي إلى تل أبيب تبكي المسافرين وتثير هلعهم عاجل: المنخفض الجوي يصل الإمارات.. أمطار غزيرة توقف المدارس ومؤسسات الدولة والاجهزة ذات العلاقة ترفع مستوى التأهب وجاهزية صحيفة عبرية تتحدث عن زعيم جديد لإسرائيل وتقول أن نتنياهو أصبح ''خادم سيده'' مسئول صيني يكشف عن تطور جديد في علاقة بلاده مع اليمن.. تسهيلات لمنح تأشيرات زيارة لليمنيين وافتتاح كلية لتعليم اللغة الصينية أبرز ما خرجت به اجتماعات خبراء النقد الدولي مع الجانب الحكومي اليمني وفاة شخص وفقدان آخر في سيول جارفة بالسعودية

اليمن: رحلة إلى أرض على وشك التقسيم

الثلاثاء 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - ترجمة خاصة:
عدد القراءات 11425
 
عدن في عام 1890؛ إبان الاستعمار البريطاني. الصورة من موقع مجلة فايننشل تايمز على شبكة الانترنت.
 

كتبتْ: أبيجيل فيلدينج سميث

مجلة الفايننشل تايمز

ترجمة: سحر نور الدين

غضب, حنين و خوف: عائد إلى عدن يكشف عن أناس يتصارعون مع مستقبل أمتهم..

منذ فترة وجيزة, للمرة الأولى منذ أكثر من عام زرتُ كنيسة حامية فيكتوريا المطلة على ميناء مدينة عدن الواقعة جنوب غرب اليمن. لم تساعدني أخبار تفجيرات السيارات في عدن وصخورها البركانية وشريطها الساحلي الخالي على توقع ماهية التغيرات الحاصلة في مدينة عدن.

عندما زرت عدن في أواخر عام 2010 و ذلك قبل الثورة التي أسقطت الرئيس علي عبدالله صالح, كانت سلطة الدولة الاستبدادية هي الأقرب في فترة الفوضى لحكم البلاد. انتشرت القوات في كل مكان وشعر الناس بالذعر من التحدث لأي صحفي في الشارع. أما اليوم فنرى الكتابات المناهضة للحكومة على جدران الشوارع في المدينة. تم تحذرينا من قبل قوات الأمن من التواجد في أحد الشوارع وذلك لوجود القناصة. في الطريق السريع شرقي مدينة عدن, لا يزال القتال في أوجه بين الجيش والمقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة والذي نتج عنه التواء إنارات الشارع مثلما تحني العواصف جذوع الأشجار.

كانت عدن مستعمرة بريطانية [ما بين 1839 - 1967], وفي غضون ثلاثين عامًا كانت عاصمة لجمهورية مستقلة يدعمها السوفيت, ومركزًا رئيسيًا لدولة لم تدم طويلًا من ثم تم السيطرة عليها مجددًا والاستيلاء عليها على يد قوات حكومة الوحدة. يقول المواطنون إن حالة عدم الاستقرار الذي اختبروه خلال فترة السنة ونصف السنة الماضية دبت في قلوبهم الذعر غير المسبوق.

قال محمد علي أحمد: «الحكومة ليست قوية بشكل كافٍ ولكن الشعب ليس حرًا». الجدير بالذكر أن محمد علي أحمد عاد مؤخرًا بعد فترة ثلاثة عقود قضاها خارج البلاد وهو أيضًا أحد قادة حرب انفصال الجنوب. قال أحمد أيضًا: «إن الوضع الأخير أشبه بحالة الفوضى ولا أحد يتحكم بأي شيء».

لا تعد قضية الجنوب واحدة من القضايا الأول لدى العاصمة صنعاء وذلك لاستمرار الصدامات بين الرئيس الجديد وبقايا النظام القديم فيها في حين أن جنوب اليمن يخرج عن السيطرة شيئًا فشيئًا. لذا فإن غياب السلطة الشرعية خلق الملعب المناسب لصراع القوى ناهيك عن وجود القاعدة. من جانبهم, حذر قادة مطالبي الانفصال في الجنوب من «عواقب وخيمة» إنْ استمر تجاهل قضية الجنوب. إن ما يحدث في الجنوب لا يعد فقط واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه اليمن, بل تعد قضية أمنية دولية هامة.

قال محمد المخلافي: «صعود القضية الجنوبية إلى السطح كان نتيجة لعدم البت فيها منذ سنوات عديدة مضت». الجدير بالذكر أن محمد المخلافي يعد من سياسيي الحزب الاشتراكي في صنعاء والذي حاول الضغط على الحكومة الجديدة لتبني قانونًا يحل المسألة الجنوبية. قال أيضًا: «إن البديل عن انتهاز هذه الفرصة للتغيير هو أن اليمن تعيش في فوضى».

التنبؤات بالفوضى ليس شيئًا جديدًا. في كل بضعة سنوات (أو حتى أشهر) حادث كحادث مجمع السفارة الأمريكية الأخير في صنعاء سوف يعطي لليمن ذريعة ليحتل جزءًا من اهتمام العالم. بطبيعة الحال سيتم عرض المشكلات الاعتيادية كالفقر وشحة المصادر والقاعدة ومشكلة القبلية كثيفة السلاح ولكن بطريقة ما الكارثة لا تحدث وهذا ما يترك انطباعًا عن أن الأرض ذات القلاع الصخرية ورقصة الخناجر مرنة بشكل استثنائي. في الحقيقة أن تزايد الاختلال يعد مخفيًا في مناطق تفتقر إلى الظهور مثل الجنوب الذي يصارع مواطنوه الخائفون لفهم دسائس اللعبة السياسية المتقلبة.

تمثل أبين عدم الاستقرار في المنطقة. الجدير ذكره أن أبين محافظة زراعية تقع شرقي مدينة عدن لا تزال العربات التي تجرها الجمال تحمل منتوجات المنطقة. العام الماضي وفي غضون الثورة اليمنية سيطرت المليشيات الإسلامية على بلدات هناك مُهجرةً عشرات الآلاف من مساكنهم إلى عدن بحثًا عن الأمان. تعرف تلك المليشيات بـ«أنصار الشريعة» ويعتقد بأنهم خليط من أفراد من تنظيم القاعدة وأفراد متذمرين وبعض ممن لهم صلة بالنظام السابق.

وفقًا لعادل, فإن المليشيات واجهت القليل من المقاومة هناك. «لم يفرضوا أي شيء. فقط حاولوا كسب قلوب الناس وعقولهم». الجدير بالذكر أن عادل الذي رفض ذكر اسمه الأخير, يعد ناشطًا في حقوق الإنسان في جعار.

عندما زرت أبين هذا الصيف, كانت المليشيات قد رحلت بعد قتال عنيف بين الجيش والقبائل المحلية. نتج عن ذلك دمار بفعل ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية المشتبه بها. كتب على جدار أطلال مسجد مهدم في جعار: «هل هذه هي الديمقراطية؟». زنجبار حيث يتواجد بقايا رماد مصفحات الجنود في ظل المباني المتهدمة خالية من السكان بشكل كبير بينما جعار, والتي يوجد فيها القليل من آثار القتال, تعج بالمواطنين.

لم يرَ أحد الجيش متواجدًا في البلدة, وكنتيجة لغياب السلطة قام مجموعة من السكان المحليين بتشكيل لجنة لتنظيم البلدة. قال رجل التقينا به في السوق: «مضى شهر على رحيل القاعدة ولم نر أي تمثيل أمني». واستطرد قائلًا: «نحاول بأن نهتم بتنظيف القمامة وإدارة السوق والقبض على من يسرق. لم تتدخل الحكومة في فعل شيء».

كغيره من سكان بلدة جعار, لم يكن مقتنعًا برحيل المليشيات ولم يميل أحد لأن ينزل شعاراتهم المعلقة في البلدة. «تشاهد أفرادًا مسلحين ولا تعلم إن كانوا من تنظيم القاعدة». في ذات الوقت, لا يزال النازحون في عدن مترددين في العودة إلى مساكنهم؛ بسبب عدم اقتناعهم بأنها أصبحت آمنة. ويظهر ذلك الحذر جليًا بعد التفجير الانتحاري في جعار الذي حدث في الخامس من أغسطس والذي راح ضحيته خمسة وأربعون فردًا في جعار.

هناك اعتقاد سائد في جنوب اليمن أن مجتمعهم مختلف كل الاختلاف عن ذلك الذي في الشمال. يرى العدنيون أنفسهم كمواطنين عالميين [كوزموبوليتاني] يتمتعون بالرقي ويشعرون بالفخر لارتباط مدينتهم تاريخيًا بالهند (حُكمت عدن من قبل البريطانيين خارج بومباي وحوت واحدًا من أكثر موانئ العالم نشاطًا) بينما الشمال ينظر إليه من قبل الجنوبيين كمجتمع قبلي ومتأخر, ويصف محمد علي أحمد الثقافة السياسية في الشمال على أنها ترتكز على «ذبح الأبقار».

دخلت الدولة الماركسية جنوب اليمن في اتفاق الوحدة مع شمال اليمن في عام 1990 ولكن لم تلبث العلاقات أن ساءت. قال محسن فريد: «إن الكتب في المدارس طالبت الوحدة». الجدير ذكره أن محسن فريد يعد ناشطًا يدافع عن حقوق الجنوبيين تحدثنا سوية في السيارة أمام البحر. استطرد قائلًا: «لقد ظننا أن إخواننا في الشمال يتمتعون بنفس المستوى من الفهم والوحدة». واستطرد فريد بمرارة وهو ستّيني صبغ شعره بالأحمر: «هنا عاصمة الجنوب ونحن نستخدم كشافات ضوء تعمل بالبطارية». وهنا يتذمر فريد من الانقطاعات المتكررة للكهرباء في عدن. قال فريد: «كان لدينا دولة. دولة حقيقية وكانت لدينا مؤسسات».

يحن الكثيرون هذه الأيام إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. أقام نشطاء معرضًا للصور في عدن يمثل تلك الفترة في صورة تحمل في طياتها نساء غير محجبات يلعبن الشطرنج. يعمد المؤرخون إلى إعطاء تلك الفترة انطباعًا متباينًا: لقد خلقت تعليمًا وقدمت خدماتٍ أساسية ولكنها أغدقت بمعارك حزبية والتي كان أعظمها في يناير عام 1986 والتي راح ضحيتها الآلاف من الناس في سلسلة من المواجهات.

يقول ناشطون جنوبيون بدون بعض التبريرات: تم التعامل مع الجنوب كغنيمة حرب بعد سيطرت قوات الحكومة المركزية عام 1994. تأثر التوظيف بشكل غير متكافئ وذلك من خلال قطع الخدمات المدنية ولذلك بدأت الاحتجاجات عام 2007. تم اعتقال فريد نفسه مرات عديدة وفي عام 2010 تم سجن ابنه البالغ من العمر خمسة عشر عامًا. قال فريد: «هل تتخيلون وضع طفل تحت الأرض لأشهر؟».

عندما تزايدت الاحتجاجات بعد ثورة الربيع العربي, كذلك ازداد القمع: تقول منظمة هويمن رايتس واتش أنه تم قتل تسعة أشخاص على الأقل عن طريق إطلاق النار عليهم من قبل القوات الأمنية في عدن في شهر فبراير 2011 وحده. ولكن يبدو أن بعض السلطات تخلت عن منع أشكال أخرى من المعارضة. لوحات كبيرة عليها صور للشهداء تجعل عدن تبدو كمدينة محررة. يتواجد علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في كل مكان في عدن. في معرض للصور هناك بطاقة تساوي بين العلم اليمني والصليب المعقوف. قال أمين المتحف: «الناس كمعجون الأسنان؛ عندما تخرجهم لا يمكن أن ترجعهم مرة أخرى».

لا يريد الجميع الانفصال أو حتى لا يشعر الجميع بالعدائية تجاه الحكومة المركزية. ببساطة يريد الكثيرون حكومة. يناقش أنصاف مايو والذي يعد من قادة حزب الإصلاح الإسلامي أن من يطالب باستقلال الجنوب هم أقلية. في الواقع, هناك مقترحات تناقش حل الفيدرالية والذي يعطي الجنوب حكمًا ذاتيًا والحق في استفتاء الاستقلال في وقت لاحق.

ولكن هناك أصوات متصاعدة تطالب بحلول راديكالية أخرى. قال تمام باشراحيل, مدير تحرير صحيفة الأيام الممنوعة من النشر حاليًا: «كانت صحيفة الأيام الأولى التي تحدثت عن الفيدرالية بعد حرب 1994. والآن إذا خرجت وتحدثت عن الفيدرالية سوف أتعرض للضرب». ويكمل ابن أخيه, باشراحيل هشام: «ما لم يتم إطلاق النار».

يتزايد العنف وانعدام سيادة القانون في عدن. تقول الحكومة إن هناك عناصر مسلحة في الحراك الجنوبي في حين ينسب النشطاء الجنوبيون العنف إلى الجنود المتسللين. على كل حال, يخاف الكثيرون من أن تتحول هذه القضية إلى نزاع مسلح إذا لم تتم مناقشتها. أخبرنا ناشط أنه بدأ في التفكير في بحث خيار تمويل شراء الأسلحة: «لا نريد الوصول إلى ذلك المستوى ولكن إذا أجبرنا لفعل ذلك سوف نفعل».

الجميع عازم للحصول على حل سياسي. سيناقش مؤتمر الحوار الوطني في أواخر هذا الشهر قضايا من ضمنها قضية الجنوب. إن المشكلة تكمن في أنه حتى إذا كانت الحكومة المركزية راغبة في تقديم صفقة فعالة, فإن الحراك الجنوبي ليس موحدًا ومن المحتمل تجزئته أكثر. إن القادة ذوي النفوذ للتفاوض مع صنعاء يميلون إلى الوقوع في فخ لعبة ميكافيلي للسياسة اليمنية والتي تلخص كما قال مواطن محلي: «إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب».

من يعيش خلال ذلك, فإنه يجد صعوبة في فهم السياسة شديدة التعقيد ولكن يستطيع تمييز النموذج الضمني. في آخر ليلة قضيناها في عدن, أوقفنا رجل مسن بينما كنا في طريقنا للخروج من مقهى يعج بالناس عند الغروب. أراد الرجل أن يصل إلينا ليعلم ما إذا كنا شاهدنا الفساد الذي لاحظه. قال الرجل بينما كان يمر بالقرب من أكياس قمامة ممتلئة وملقاة على قارعة الشارع: «البريطانيون كانوا الأفضل. لقد جعلوا من عدن وردة. كل ما جاء بعد ذلك كان أسوأ مما قبله».

*رابط التقرير في الموقع الالكتروني لمجلة «فايننشل تايمز»:

http://www.ft.com/intl/cms/s/2/29f97fb4-22ed-11e2-938d-00144feabdc0.html#axzz2BXmVRbxs

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن