إعصار «ساندي» يخلف 13 قتيلا في نيويورك، وأوباما يعلن حالة الكارثة الكبرى

الثلاثاء 30 أكتوبر-تشرين الأول 2012 الساعة 05 مساءً / مأرب برس/ العربية نت، فرانس برس
عدد القراءات 5250
 
  

أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما حالة "الكارثة الكبرى" في ولاية نيويورك التي ضربها الإعصار ساندي، الذي أدى إلى مقتل 13 شخصاً حتى الآن.

وأوضح البيت الأبيض في بيان أن هذا القرار "يضع الأموال الفيدرالية في التصرف للأشخاص المتضررين في مناطق برونكس وكينغز وناسو ونيويورك وريتشموند وسافولك وكوينز". كما أعلنت حالة الكارثة الكبرى في نيوجيرسي أيضاً.

يُذكر أن ما لا يقل عن 13 شخصاً لقوا مصرعهم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بسبب الرياح العاتية والفيضانات التي حصلت مع وصول الإعصار ساندي.

وأعلنت السلطات المحلية في ولايات نيويورك ونيوجيرسي وبنسلفانيا وفيرجينا الغربية وكارولينا الشمالية مقتل 12 شخصاً أمس الاثنين، في حين تحدثت شرطة تورونتو بكندا عن مقتل امرأة بالأنقاض التي حملتها الرياح.

فيما أعلن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ خلال مؤتمر صحافي أن حوالى 25 منزلاً غرقت بالظلام مساء الاثنين في مانهاتن بسبب انقطاع التيار الكهربائي مع وصول الإعصار ساندي.

ورصدت فيضانات كبيرة على طول جنوب مانهاتن، حيث غرقت أحياء بكاملها في الظلام وباتت من دون كهرباء.

وكان المركز الأمريكي لرصد الأعاصير أكد أن "ساندي" تحول من إعصار إلى عاصفة شديدة.

وقد تحولت حياة ملايين الأمريكيين في مدينة نيويورك إلى ما يشبه الحرب، حيث بدأ سكانها في جمع المؤونة والاستعداد لـ"العدو" الجديد، وهو ليس سوى إعصار قوي، يقترب شيئاً فشيئاً نحو سواحل المدينة الحالمة.

والإعصار الذي يتوقع أن يضرب الساحل الأمريكي باكراً، صباح الثلاثاء، هو آخر مظاهر ما يعرف بـ"مفاجأة تشرين الأول/أكتوبر"، التسمية التي تطلق على أحداث تحصل عادة في أواخر الحملة ومن شأنها التأثير على نتيجة الانتخابات.

وتترقب معظم المناطق الشرقية من الولايات المتحدة بحذر الاثنين وصول الإعصار "ساندي" الذي أطلق عليه اسم "فرانكستورم" (العاصفة الوحش) ويهدد بإحداث أضرار ودمار في المنطقة، حيث تصاحبه رياح عاتية وأمطار غزيرة.

وأمرت سلطات نيويورك أمس الأحد بإجلاء 370 ألف شخص من المناطق الساحلية المنخفضة مع اقتراب وصول الإعصار الذي ازدادت قوته خلال الليل وأجبر المنطقة الساحلية الشرقية بأكملها على وقف حياتها المعتادة.

وألغيت أكثر من 7400 رحلة طيران كان من المقرر أن تنطلق من الساحل الشرقي، ومن المقرر أن تتوقف حركة المواصلات البرية، وتم الإيعاز لموظفي الحكومة غير الأساسيين بعدم الحضور الى أماكن العمل.

وعلقت شركة "أمتراك" جميع خدمات الحافلات والقطارات في منطقة الساحل. كما توقفت حركة الحافلات والقطارات في نيويورك وفيلادلفيا وواشنطن.

وأعلنت بورصة نيويورك وناسداك وأسواق الأوراق المالية في شيكاغو أنها ستغلق يوم الاثنين وربما حتى يوم الثلاثاء.

وألغت الأمم المتحدة اجتماعاتها في مقرّها في نيويورك، كما ستغلق مسارح برودواي وكارنيغي هول أبوابها، وألغيت الدراسة في مدارس بالتيمور وبوسطن وواشنطن وعدد من البلدات الصغيرة الأخرى.

وصدرت الأوامر لمئات الآلاف من سكان المناطق الساحلية المنخفضة بمغادرة المطنقة، وذكر مراسل وكالة "فرانس برس" أن منتجع ريهوبوث الساحلي في ديلاوير تحول الى مدينة أشباح بعد انتهاء مهلة الإخلاء الإجباري للمنطقة.

شبح "كاترينا".. في نيو أورلاينز

وبعد الآثار السلبية التي تركها إعصار كاترينا على الرئيس في ذلك الوقت جورج بوش، بعدما أغرق الإعصار ولاية نيو أورلاينز التي لم تكن مستعدة في عام 2005 وأدى الى مقتل أكثر من 1800 شخص، لم يشأ الرئيس باراك أوباما المخاطرة، إذ أمر أجهزة الطوارئ في البلاد بالاستعداد وطلب من الناس أخذ الاعصار على محمل الجد.

وقال أوباما: "هذه عاصفة خطيرة وكبيرة، ورسالتي الاولى لجميع الناس على الجهة الشرقية من البحر ومنتصف المحيط الاطلسي الى الشمال، أن يأخذوا هذه العاصفة على محمل الجد".

وجاءت تصريحات أوباما بعد زيارة لمقر وكالة ادارة الطوارئ الفيدرالية اطلع خلالها على وضع العاصفة التي تقترب من البلاد، مؤكداً أنها عاصفة تتحرك ببطء ويستغرق مرورها والخروج منها وقتاً طويلاً.

ووقع أوباما إعلانات طوارئ تقضي بمنح أموال فيدرالية لمواجهة الكوارث لكل من ولايات نيويورك وماساشوستس وكوناتيكيت وميريلاند وكولومبيا ونيوجيرسي وبنسلفانيا ورود ايلاند.

سكان نيويورك يعودون إلى الحياة البدائية

وقرر عدد من سكان نيويورك تحدي العاصفة وقاموا بتخزين الطعام والشراب، بينما اصطف السكان الخائفون من واشنطن وحتى نيويورك وبوسطن للحصول على مؤن الطوارئ مثل المياه المعبئة والبطاريات ووقفوا في طوابير طويلة أمام أبواب محلات السوبرماركت.

وأدى الإعصار ساندي الى مقتل 66 شخصاً في منطقة الكاريبي معظمهم في هايتي حيث قتل 51 شخصاً. ويتوقع أن يضرب شواطئ نيوجيرسي وديلاوير في وقت متأخر من الاثنين او صباح الثلاثاء.

"ساندي" أفسد عرس أوباما ورمني

وأثار الإعصار ساندي مع ما ينطوي عليه من مخاطر بلبلة في خطط المرشحين للبيت الأبيض للشوط الأخير من حملتهما هذا الأسبوع قبل موعد الانتخابات الأسبوع المقبل، في اختبار جديد للرئيس باراك أوباما وخصمه الجمهوري ميت رومني.

وتخلى المرشحان عن خطط لعقد مؤتمرات انتخابية في ولايات أساسية تقع على مسار الإعصار ساندي، ما ألغى استراتيجيات تم التخطيط لها على مدى أشهر للفوز بالمزيد من الأصوات في الأسبوع الأخير الذي يسبق الاقتراع.

وتوجه أوباما إلى ولاية فلوريدا لعقد تجمعات انتخابية مع الرئيس السابق بيل كلينتون الاثنين، غير أنه اضطر الى إرجاء مهرجانات في فرجينيا وأوهايو وكولورادو للعودة الى البيت الأبيض من أجل إدارة الأوضاع الناجمة عن الاعصار.

وشدد أوباما على ان همّه الاول يبقى المواطنون الامريكيون الذين يواجهون خطراً محتملاً، ملمحاً بذلك الى أن اهتمامه لا ينصبّ في مثل هذه الظروف على مصيره السياسي الشخصي.

ومن جهته ألغى رومني تجمعات انتخابية في ولاية فرجينيا، احدى الولايات الأساسية المتأرجحة والمهددة بفعل الإعصار، وتوجه عوضاً عن ذلك الى اوهايو الولاية المترددة الواقعة في الوسط الغربي الأمريكي والتي تعتبر أساسية في المعركة للفوز بالبيت الأبيض.

نيويورك تغرق في الظلام

رغم ما خلفه إعصار ساندي الذي ضرب ولاية نيويورك وعدداً من المناطق الأمريكية الأخرى من قتل وتشريد لعشرات الآلاف، إلا أن "ساندي" في الجانب الآخر حكاية مختلفة، وتفاصيل إنسانية مغايرة، رأى بعض الأمريكيين أنها لحظات لا يمكن تجاوزها، وعليهم أن يدونوها في التاريخ.

ظهرت الكثير من الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنها موقع "اليوتيوب" تتحدث عن الإعصار، وقلة منها تتحدث عن لحظات وتفاصيل لا يمكن أن نتركها خلفنا وإن اضطر أصحابها لمواجهة الخطر.

في أحد "الفيديوهات" يظهر شاب أمريكي مع صديقته يراقبان أمواج ساندي وهي تضرب سواحل نيويورك، لكن اللحظات الأكثر "إنسانية" لما اشتدت الريح، استدارت صديقته خلفه وقامت باحتضانه على طريقة "تايتانيك" خوفا من أن يجرفها الإعصار فكانت لحظة بألف لحظة عندما احتضنت صديقها.

في ما مشهد آخر تراقص مجموعة من الشباب وسط الشارع الذي غمرته المياه، كما لو كانت "احتفالية" أو كرنفالا محليا، ووقف أمامهم مذيع محطة الـ"سي أن أن" وهو ينقل المشهد.

في كل زاوية من نيويورك والمناطق الأخرى، كان هنالك "مشهد" سينمائي.. الشباب الأمريكي كما لو كان في قلب أحد أفلام هوليوود، يحاولون أن يكونوا ضمن صانعي الأحداث.

ومع تسجيل ارتفاعات قياسية لمستوى المياه وفيضانات هائلة أدت الى إغراق نصف مانهاتن في الظلمة والصمت، عاشت نيويورك ساعات صعبة ليل الاثنين الثلاثاء مع عبور الإعصار ساندي الذي أدى الى مقتل خمسة أشخاص في الولاية.

وتدفقت المياه بشكل خاص إلى الجهات الثلاث لشبه جزيرة مانهاتن وجنوبا في حي باتري بارك ارتفعت مياه البحر 4،15 متر وهو أمر لم يحدث منذ 1960 وشقت المياه طريقها الى ورشة غراوند زيرو أو الموقع السابق لبرجي التجارة العالميين اللذين دمرا في هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وشرقا، فاض نهر ايست ريفر ليصل الى الجادة الثانية، وأغرقت المياه النفق بين مانهاتن وبروكلين، كما غمرت طريق "اف دي ار" السريعة.

أما غربا، فاكتسح نهر هاسدن بعنف عددا من شوارع تشلسي وحي ابر ويست سايد. وقرب حديقة سنترال بارك، انهارت رافعة في ورشة مبنى من 90 طابقا بشكل جزئي، كما سجلت فيضانات في أحياء بروكلين والبرونكس.

ووقع انفجار في محطة كهرباء في الشارع 14 أدى الى حرمان 230 ألف شخص من الكهرباء وإغراق نصف مانهاتن في الظلام. بالإجمال أمضى حوالي 500 ألف شخص الليلة من دون كهرباء في مدينة تضم 8،2 مليون نسمة بحسب شركة التوزيع كون اديسون. وقال نائب رئيس الشركة جون مكساد إن إعادة الكهرباء الى المناطق كافة ستستغرق 3 إلى 4 أيام على الأرجح وربما أسبوعا.

وقال "لم يتوقع أحد مداً بارتفاع أربعة أمتار". واضطر مستشفى نيويورك الجامعي الى إجلاء مرضاه بسبب انقطاع الكهرباء.

وليلا عمدت مجموعة من السكان الى تنظيم تحرك ضيق النطاق في تشيلسي حيث حاولوا إفراغ المياه من أرضياتهم بالدلاء. واقتلعت الرياح عددا من الأشجار بعد أن وصلت سرعتها الى 95 كلم في الساعة وطرحتها وسط الطرقات، كما انهارت واجهة مبنى من ثلاثة أدوار. وفي جنوب مانهاتن ساد الظلام والصمت الشوارع في حي معروف بصخبه وسهره.

وعلى تقاطع شارعي تشيمبرز وغرينويتش أغلقت سيارات الشرطة الطرقات المتجهة غربا وجنوبا والتي غمرتها المياه بعد هذه النقطة. وبدا المقر العام لبنك غولدمان ساكس وهو إحدى أعلى ناطحات السحاب في الحي وأحد المرافق القليلة التي بقيت مضاءة وسط الطريق السريعة في منطقة ويست سايد حيث غمرت المياه الطريق والأرصفة.

ووسط كل هذا وقف باشكو روكاغ يدخن سيجارة على زاوية شارعي هادسن وفرانكلين إنه حارس مبنى، أضاء الشموع في قاعة الدخول ليرى، وهو يقيم في نيويورك منذ 20 عاما ولم يشهد عاصفة تغرق المدينة في ظلام مماثل.

وقال "في العام الفائت كانت الرياح أقوى والأمطار أغزر، لكن لم يسد الظلام ولم نشهد فيضانات".

وأعلن عن مقتل شخص واحد في مدينة نيويورك هو رجل في الثلاثين من العمر قضى عند سقوط شجرة عليه. وقتل خمسة أشخاص بالإجمال في ولاية نيويورك بحسب السلطات المحلية.

غير أن رئيس بلدية المدينة الذي أجرى مؤتمره الصحافي الثالث في يوم واحد أعلن أن المياه ستبدأ سريعا بالانحسار مع بدء الجزر، مرحبا بتوقف المطر.

وقال: "إنها عاصفة نادرة الحدوث". لكنه طلب من السكان الحفاظ على هدوئهم، مشيرا إلى أن خدمة الإغاثة على رقم الطوارئ 911 تلقت ما معدله عشرة آلاف اتصال طوارئ كل نصف ساعة أي ما يوازي عشرة أضعاف المعدل الطبيعي. كما طلب من سائقي السيارات بما فيها سيارات الأجرة الامتناع عن الخروج لتسهيل حركة آليات أجهزة الإنقاذ.

ويبدو يوم الثلاثاء صعبا أيضا، ففيما سيسمح بتقدير حجم الأضرار، سيبقى النيويوركيون محرومين من وسائل النقل المشترك وستبقى البورصة مغلقة وكذلك المدارس، إلى جانب انقطاع الكهرباء والأنفاق ما سيؤخر استئناف الحياة العادية.

وتحصنت أغلبية سكان المدينة في المنازل الاثنين علما أن الكثير منهم تجاهلوا إرشادات رئيس البلدية بمغادرة المناطق المعرضة لخطر الفيضانات التي تضم 375 ألف شخص.

كما غير آلاف السياح خططهم مع إغلاق الوجهات السياحية الرئيسية على غرار تمثال الحرية ومبنى امباير ستيت وحديقة سنترال بارك.