عدن تواصل تشييع قتلاها.. ونائب الرئيس يبحث إخراج مسيرة مؤيدة للنظام.. (شاهد)

الأحد 27 فبراير-شباط 2011 الساعة 08 مساءً / مأرب برس- عبدالرحمن انيس
عدد القراءات 12094

لم يدر بخلد والدة الشاب هائل وليد هائل أن ابنها الذي ألحت عليه للنزول من صنعاء حيث يسكن مع والده إلى عدن سيلقى حتفه في يوم دام.

خرج هائل وليد – 15 عاماً من منزل والدته بمدينة المعلا بعد أن قبل رأسها واستأذنها للجلوس مع أصحابه في الشارع الرئيسي بالمعلا وما هي إلا لحظات حتى بدأ اطلاق النار العشوائي .. تفرق الشباب من حول هائل وهرب هو إلى الخلف ليحتمي خلف سيارة واقفة وهو يصرخ مستنجداً بأعلى صوته في حين كان أفراداً من الحرس الجمهوري يتقدمون ويطلقون النار بكثافة لتصيب رأسه إحدى تلك الرصاصات "الغادرة" .

شاهد هنـــــــــــا

سقط هائل على الأرض وهو ينزف بغزارة وأصدقاؤه يتمنون أن يهرعوا لإسعافه ودموع الحسرة تسيل من عيونهم لكن رجال الحرس الجمهوري مازالوا يطلقون الرصاص الحي على كل حي يتحرك في المعلا .. بقي هائل ينزف وينزف وهو ملقى على الأرض شأنه شأن جرحى آخرين في الشارع الرئيسي بالمعلا ،جمعة 25 فبراير، الدامي إلى أن توقف إطلاق الرصاص بتوجيهات عليا وهرع سكان المعلا لإسعاف جرحاهم ولكن هائل وقتها كان قد فارق الحياة.

لم يكن هائل القتيل الوحيد برصاص الحرس الجمهوري والامن المركزي في المعلا أمس الأول الجمعة.. سبعة قتلى على الأقل كانوا ضحية "المجزرة" التي لم يتوقعها أحد خاصة بعد التوجيهات الرئاسية بحماية المتظاهرين وعدم التعرض لهم ، حتى أن أحد أهالي المعلا قال أنه استيقظ صباحا فوجد قتيلاً مضرجاً بالدماء في درج عمارته ، كما لقي نائب مدير عام كهرباء عدن سالم باشطح مصرعه وهو واقف في بلكونة منزله .

شاهد هنــــــــــــــا

شهود عيان وأهالي أكدوا لنا أن التظاهرة السلمية في المعلا لم ترفع فيها أية شعارات انفصالية ولم يرفع فيها سوى شعار : ( الشعب يريد إسقاط النظام )، لكن وحدها عدن يراد لها أن تعاقب .

ما جرى في مديرية المعلا هو سيناريو متكرر لما جرى في المنصورة .. هكذا بدأت الامور بعد أن شهدت المنصورة استخداماً مفرطاً للرصاص الحي من قبل الأمن المركزي في قمع تظاهرتين سلميتين يومي الأربعاء والخميس 16 و 17 فبراير الجاري، خلفت 5 قتلى وعشرات الجرحى خلال يومين، ليسنحب الامن منها وتسيطر عليها الجماهير بالكامل وتسبب الغياب الحكومي عن تعطل المدارس والمرافق الخدمية إلى هذه اللحظة وانقطعت المواصلات عن شوارعها، ها هي المعلا تلحقها بنفس السيناريو بعد أن قطع المواطنون الغاضبون كافة شوارعها باستثناء الخلفية منها وحطموا الحواجز الحديدية التي على جوانب الطريق .. وربما يستمر نزق الأمن إلى أن تفقد الدولة سيطرتها على كل مديريات عدن بالتدريج .

اليوم .. ولأول مرة في تاريخ عدن منذ حرب صيف 1994م اختفت نبتة ( القات ) عن أسواق البيع في المنصورة والشيخ عثمان ودار سعد والمعلا بقرار من ( حركة 16 فبراير ) التي وزعت منشوراً بالأمس تدعو كافة بائعي القات في منطقة المنصورة والشيخ عثمان إلى التوقف عن بيعه لهذا اليوم .. ولم يتواجد القات إلا في سوق مدينة كريتر التي تواجد فيها اصناف القات باستثناء القات الضالعي الذي يبدو أنه لم يتم توريده لمدينة عدن من الضالع.

شاهد المظاهرات على الرابط العام هنــــــا

المتحرك في شوارع عدن هذه الأيام يجد صعوبة كبيرة في التحرك بين مناطق المحافظة خصوصاً في الفترة المسائية .. المنصورة مغلقة بالكامل أمام حركة المواصلات وأمام التواجد الأمني .. والمعلا شارعها الرئيسي مغلق.. في حين يضطر المواطنون إلى إغلاق كل من مديريتي كريتر والتواهي كلما سمعوا بمواجهات في مديريات أخرى .. وبشكل عام فالمديرية بأكملها تشهد انفلاتاً أمنياً واضحاً إلا من دبابات عسكرية ورجال جيش تجدهم عند بعض نقاط الانتشار العسكري التي تم استحداثها في مدينة عدن.

تسير من خط الجسر البحري إلى المنصورة فيبلغك رجال الجيش عند جولة "كالتكس" أن الطريق مقطوع وأنك تتحمل المسؤولية وحدك في حالة خاطرت وخطوت بسيارتك خطوات للأمام .. أقسام الشرطة في أغلب المديريات خاوية على عروشها إلا من أفراد معدودين لا مهمة توكل إليهم إلا حراسة باب الشرطة .

وحده "النزق" الامني يتحمل كل هذا بعد أن يقمع التظاهرة بعنف مفرط ثم ينسحب كليا ويستلم الاهالي مسؤولية تنظيم مديرياتهم .. صار من الخطر في عدن أن يتواجد شخص ما خارج مديريته بعد العاشرة ليلا .. أنوار الشوارع تطفئ وأزيز الرصاص يبدأ يدوي والمواصلات تنعدم بشكل كامل .

وضع مقلق تشهده عدن .. وليالي عصيبة يعيشها ساكنو المدينة التي قدمت حتى اليوم ما يزيد عن عشرين شهيداً .. ولا زالت القافلة مستمرة فعصر اليوم شيع الآلاف من أبناء مدينة عدن جثمان الشاب "محمد منير خان" الذي توفي يوم أمس متأثرا بجروح أصيب بها جراء إطلاق قوات الأمن المركزي الرصاص الحي الأسبوع الماضي لتفريق مسيرة مطالبة بإسقاط النظام في مديرية الشيخ عثمان.

"محمد منير خان" الذي شيع جثمانه اليوم لا يتجاوز عمره الرابعة عشر لكن الرصاص الحي الذي أصابه في الرأس لم يعد يفرق بين صغير أو كبير بل بات يطلق على كل حي يتحرك في الشارع وعلى مستوى قريب من رؤوس المتظاهرين بعد أن ضمن مسؤولو الأمن المركزي والامن العام في عدن أنهم أبعد ما يكونوا عن المحاسبة .. في حين لا يزال نائب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي يبذل الجهود منذ أكثر من أسبوعين لإخراج مسيرة مؤيدة للرئيس صالح وللمؤتمر في عدن وهو ما اعتبره عدد من القيادات المحلية استفزازاً لأسر الضحايا خاصة .. وأن عدن إلى اليوم لا تزال تشيع قتلاها. 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن