سيطر فرار الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بعد نجاح الانتفاضة الشعبية التي قادتها الجماهير ضد نظامه على هاجس الأمة العربية خلال الاربع والعشرين الساعة الماضية، مابين غير مستوعب لما حصل من سقوط لأحد الانظمة العربية بعد أيام قلائل من الطوفان الشعبي، ومابين من اعتبرها بداية لمرحلة جديدة من رياح التغيير التي قد تتخطى حدود الدولة المتوسطية..

"مأرب برس" يستطلع هنا آراء بعض النخب اليمنية من السياسيين والبرلمانيين والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني حول ماحدث في الجمهورية التونسية.  

اقتلاع عداد ملغي

"قام الشعب التونسي باقتلاع عداد الرئيس المخلوع بعد ان قام "ابن علي" بالغاء العداد بينه وبين الشعب"، هذا ما بدأ به الاستاذ على الجرادي رئيس تحرير اسبوعية الاهالي حول وجهة نظره لما جرى في تونس.

واضاف الجرادي في تصريحه لـ"مأرب برس".. "الشعب التونسي لم تكن فيه أمية وكان يتوق للحرية ضد القمع"، موضحاً .."كانت زوجة الرئيس المخلوع واصهاره يسيطرون على الفعل السياسي وتدوير الثروة فاصبحت زوجته واصهارة مسيطرين على الاقتصاد في تونس..راعية شبكات الفساد كما عملوا اجهزة امنية خاصة مهمتها قمع الحريات والاصوات المعارضة".

ولم يستبعد الجرادي ان تتكرر التجربة في البلدان العربية مع فارق التوقيت، مشيرا الى ان صفات متشابهة بين تلك الانظمة منها الاستثار بالسلطة والثروة وانشاء اجهزة خاصة بها بديلا عن الاجهزة الوطنية المعنية بالأمن.

واوضح الجرادي الى ان الشعب اليمني يعاني اضافة لما تعانيه الشعوب العربية ارتفاع الفقر والبطالة اضافة الى انه شعب مسلح.. اذا انفجر سينفجر بما يحمله من سلاح.

كرمان: وضعنا أسوأ من تونس

من جانبها وصفت الناشطة الحقوقية الاستاذة توكل كرمان ماقام به الشعب التونسي بالـ"انتفاضه العظيمة".. وقالت لـ"مأرب برس" هذه رسالة واضحة لجميع شعوب الجمهوريات العربية التي اصبحت ممالك وامارات هجينة مفادها بان عليهم ان يشعلوا انتفاضتهم المماثلة من اجل أن يستعيدوا جمهورياتهم المغدور بها، ومن اجل ان يحققوا اهداف ثوراتهم التي ضحوا من اجلها .

 واضافت كرمان التي ترأس منظمة "صحفيات بلا قيود".. "اكاد اجزم بأن كل جمهورياتنا الهجينة سوف تشهد زحف الجماهير صوب القصور الرئاسية واوكار واقبية اجهزتها البوليسية ".

واشارت الى الوضع الداخلي .." نحن اشد سوءً من تونس حيث الحرب الاهلية وتحدي انفصال الجنوب ومصادرة الجمهورية بالتورية وفشل الدولة وغيرها.. مايجعل انتفاضتنا اكثر ضرورة واشد اهمية".

و استطردت "لسنا اقل شجاعة او شعور بالكرامة من الشعب التونسي العظيم فنحن أولو قوة وأولو بأس شديد".

المتوكل: فرحة الشعوب العربية تكشف شعبية الانظمة

من جانبه وصف الاستاذ محمد عبدالملك المتوكل رئيس المجلس الاعلى لأحزب اللقاء المشترك ( تكتل المعارضة) ماحدث في تونس بـ"مرحلة خريف العمر الذي تمر به الانظمة الديكتاتورية وبداية ثورة الشعوب كما حصل في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم".

متوقعا ان يكون العقد الثاني من القرن الجاري عقد سقوط الانظمة الديكتاتورية وحراك الشعوب، بسبب ان الانظمة لم تستوعب التغيرات الجارية التي تحيط بها.

واضاف المتوكل "الفرحة التي عاشها الناس في البلدان العربية امس بسقوط احد الانظمة الديكتاتورية يوضح نقمة الشعوب العربية على الانظمة"، معتبرا ماقام به التونسيون "مؤشراً شعبيا ممتازاً" ويعطي رسالة للانظمة المشابهة مفادها "قدموا لشعوبكم مايجب ان تقدموه قبل ان يأتي مرحلة لا تتقبل الشعوب عرضكم".

ورجح المتوكل ان تبني الجمهورية التونسية ديمقراطية بناء على وعي الشعب الذي قام بهذه الثورة وبعد تجربة مريرة من الانظمة الديكتاتورية.

الشامي: على المشترك ان يستفيد مما حصل

من جانبه قال الناطق الرسمي للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) ان اي محاولة لاسقاط ماوقع في تونس على اليمن ماهو الا "محاولة التظليل وتغييب وعي الرأي العام".. مضيفا ان من يردد ذلك هي القوى السياسية غير الواعية وغير المدركة بخصوصية الشعب والمجتمع اليمني".

ودعا الشامي احزب اللقاء المشترك(المعارضة) ان تستفيد مما حصل في تونس وتشارك في الانتخابات النيابية .."يفترض ان تعي احزاب المشترك ماحصل في تونس وتشارك في الانتخابات النيابية لاتاحة الفرصة امام الشعب في اختيار ممثليه، بعيدا عن اختلاق الازمات".

وبعد ان تحدث الشامي عن احترام ارادة الشعب التونسي وان ماحدث امر خاص به قال الشامي "هناك اصلاحات سياسية ودستورية مطروحة للنقاش في مجلس النواب لاخذ اراء الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والاكاديميين في اطار اللجنة المكلفة من مجلس النواب برئاسة نائب رئيس المجلس حمير الأحمر".

واوضح الشامي ان حزبه منذ وقت مبكر قد طالب المشترك بحكومة وحدة وطنية وابدى استعداده منذ مابعد الانتخابات النيابية، وان مايتم طرحه من مشروع للتعديلات هي نقاط تطرح للحوار وهو مفتوح من حق الاحزاب طرح رأيها من خلال مجلس النواب واللجنة المشكلة من قبل المجلس".

مضيفاً "اذا كان لدى اي حزب اقتراحات فليشارك الجميع فيها بمسؤولية تجاه المجتمع.. فباب الحوار مفتوح".

العمراني يحذر الزعماء من المغالطين

من جانبه قال النائب علي العمراني من كتلة الحزب الحاكم .."اعتقد ان الجمهورية التونسية لم تكن دولة فاشلة وانما حققت نجاحات في مستوى المعيشة والتعليم والتنمية البشرية، لكن يبدوا انها عانت من ضيق الحريات العامة ماجعل الشعب ينفجر دفعة واحدة على نحو غير مسبوق في عالمنا العربي.

واضاف العمراني ان تونس مسها مؤخرا مامس غيرها من بلاد العرب من الفساد والمحسوبية المتمثلة في تولية الاقارب والبطانات السيئة..واشار العمراني الى ان ابلغ ماقاله زين العابدين بن علي في خطابه الاخير "ان هناك من غالطه"..وحذر العمراني الحكام العرب من المغالطين الذي يحيطون بهم ودعا للحذر منهم لانهم حسب قوله" يتسببون في دمار الاوطان ويتخلون عن السلطان".

واعتبر النائب العمراني ان ماحصل في تونس اعاد للشعب العربي اعتباره وان هذه الشعوب كذبت مقولة "انها شعوب تصبر بلاحد وتذعن بلا نهاية".

ولفت العمراني النظر الى ان ماحصل في تونس من هبة شعبية لم يقم بها شباب ينتمون لأحزاب بل قام بها شباب الانترنت وفيس بوك.

ورجا العمراني من القادة العرب الى ان يقوموا باصلاحات عميقة وشاملة تستهدف القضاء على الفساد وتقصي المفسدين وان تعيد ماتم الاستيلاء عليه من قبل النخب الفاسدة من مقدرات الاوطان الى خزائن الامة.. حيث ان تونس لم تكن ذلك النموذج الصارخ للفساد!".