تساؤلات حول ما تبقى من الأهداف الستة لـ ثورة اليمن

الأحد 26 سبتمبر-أيلول 2010 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - صنعاء- غمدان اليوسفي
عدد القراءات 8771


أربعة عقود وثمانية أعوام مرت على قيام ثورة اليمن، حيث سقط نظام الملكية التي كانت بيد أسرة حميد الدين منذ العام 1918 حين استلمت الحكم من العثمانيين. في مثل هذا اليوم وبعد عدة محاولات قادها عدد من المعارضين للنظام وباءت بالفشل نجحت هذه الثورة، التي قام بها ضباط بمساندة مصرية من قبل نظام لرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

قضت الثورة اليمنية على أسرة حميد الدين في تاريخ 26 سبتمبر/ أيلول 1962م بعد 40 عاما من الحكم الاستبدادي المنغلق على العالم شهدت اليمن فيها قمعا وفقرا وجهلا.

خمسة رؤساء منذ ذلك التاريخ أولهم عبدالله السلال وآخرهم وأطولهم حكما علي عبدالله صالح. الثورة قامت على أساس ستة أهداف خطتها أيد يمنية ويقال إنها بمساندة مصرية، وتضمنت تلك الأهداف "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات".

ومن بين تلك الأهداف "بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها، و"رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً وثقافياً"، و"إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام"، و"العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة"، و"احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ". كثير من أهداف الثورة وفقا للمؤشرات القائمة حاليا لازالت بحاجة للمراجعة، لكن هذه التساؤلات طرحتها إيلاف على الباحثين بهذا الشأن.

لنحاكم الثورة بالمستقبل وليس الماضي

حول ما تحقق بعد مرور 48 عاما من قيام الثورة يقول الكاتب الصحافي عبدالباري طاهر نقيب الصحافيين الأسبق لـ "إيلاف" إن "قيام ثورة اليمن سبتمبر 1962 وأكتوبر 1963م، حققت بعض الإنجازات على الصعيد الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي، المجتمعي، لكن هذه الانجازات لم تلبِّ طموحات الإنسان اليمني، كونه شدد الطموح".

ويشير إلى أن "السياسي اليمني يحاول دائما القيام بمقارنة بين الحاضر والماضي لينتصف للحاضر، والحقيقة إننا يجب أن نحاكم الثورة اليمنية ليس بالمقارنة بالماضي وإنما بالمستقبل وطموح الإنسان اليمني بالمستقبل.

ويتابع: "هناك أيضا في الجانب الاقتصادي فشلت خطط التنمية بمعنى كلمة الفشل، وفشل الاندماج الوطني والبناء الوطني الشامل، فهناك بالفعل قصور وأخطاء وعثرات كثيرة جدا في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهنا في هذه اللحظة لابد أن ننظر إلى أن اليمن بحاجة لمعالجة الخلل القائم ولا يكفي التغني بالإنجازات، ولا ينبغي المقارنة بالماضي ويجب أن نقارن الحالة بما نريد ورغبة الإنسان اليمني بالتغيير الحقيقي، فاليمن الآن يواجه صعوبة في المجال الاقتصادي والفساد، والتفاوت الطبقي الذي وصل إلى حالات مفجعة".

ويتحدث عن اليمن كونه "بلد فقير وشحيحة موارده، بينما تدمر موارده بفساد السلطة والاستبداد، فقد وصلنا إلى مرحلة من الفساد والاستبداد تصبح مسألة التغيير بمثابة نكون أو لا نكون، ومن هنا يعول الإنسان اليمني على اليقظة الدولية وعلى المساهمة الدولية في تلجيم الفساد والاستبداد في اليمن بفرض إصلاحات جذرية شاملة تشمل مختلف مناحي الحياة وتجنب اليمن الانزلاق والفشل".

 

وقال: "الثورة وضعت أمام نفسها ثلاثة أهداف هي الجهل ، والفقر، والمرض.. الآن أكثر من 50% من اليمنيين تحت خط الفقر، وربما أكثر من 70% فقراء ، هناك جيش من الجياع في اليمن، الأمية تتجاوز الـ 60% للرجال والـ 70% للنساء.. أصبحت تتفشى أمراض كانت قد انقرضت في المجتمع اليمني، لابد بالفعل من وقفة جديدة للتجاوزات والجرائم -وليس الأخطاء- في الدولة اليمنية".

الوحدة أهم الإنجازات

ويرى الباحث سمير العبدلي نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، إن الوحدة اليمنية تعد أهم "انجازات ثورة سبتمبر 1962م والتي شكلت هاجساً وطنياً وهدفاً استراتيجياً لدى جميع القوى الوطنية والحركة الوطنية منذ نشأتها خلال النصف الأول من القرن العشرين في عموم الساحة اليمنية وحتى تحقيقها في 22 مايو 1990م". ويضيف إن أدبيات وبرامج الحركة الوطنية سواء في عهدي الإمامة والاستعمار أو في عهد التشطير كانت تبرز أهمية الوحدة اليمنية في مجمل تلك الأدبيات وأنها شكلت هدفاً حتمياً للأحزاب في الشمال والجنوب.

وتحدث العبدلي عن ما خلفته حرب صيف 1994م من شعور لدى قطاع واسع من أبناء المحافظات الجنوبية بالإحباط وخيبة الأمل وشاعت بين الشباب ثقافة الانفصال والكراهية جراء الممارسات الخاطئة والاستعلائية المتخلفة التي قام بها بعض المسئولين والقائمين على الحكم في تلك المحافظات في حين أن هؤلاء الشباب لم يعيشوا مآسي التشطير ولم يذوقوا مرارته.

ورأى إن "الخروج من هذا المأزق وإعادة روح المحبة والتآلف بين أبناء الوطن الواحد لن يتحقق إلا من خلال إيجاد مشروع وطني بكافة أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وإقامة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية وإشعار الشباب بأن الوحدة تمثل مصلحة حقيقية لهم".

ويقول سميرالعبدلي إن هناك تغييراً ملموسا في مجالات التعليم والصحة والطرقات والنقل والاتصالات والانفتاح السياسي والمجتمعي على العالم الخارجي والتأثير والتأثر بالإحداث والمتغيرات السياسية والاقتصادية في المحيط العربي والإقليمي والدولي وقد تكون كل تلك الانجازات ليس بالحجم والقدر والنوع المطلوب لطموحات الشعب اليمني "فمازال الطريق إمامنا طويل ولكنها بمعايير الحكم الإمامي الكهنوتي المنغلق تعتبر ثورة في التغيير تحتاج منا إن ننطلق من مرحلة الشرعية الثورية المغرقة في الشعارات إلي مرحلة الشرعية الدستورية التي تضع حكم المؤسسات والقانون فوق كل اعتبار".

الفوارق والتمييز أبرز ماتبقى

ويركز العبدلي على أحد أهم أهداف الثورة الستة وهو هدف "إذابة الفوارق بين الطبقات والقضاء على التمييز القبلي والسلالي والمذهبي" والذي أدى بدوره إلى عدم قدرة اليمن على بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات وسيادة القانون فنتيجة خلط وإدارة مفهوم الدولة بمفهوم القبيلة منذ قيام الثورة وعدم قدرة الأنظمة المتعددة في الشطرين وبعد قيام الوحدة من إدماج ثقافة القبيلة الايجابي منها في ثقافة الدولة المدنية الحديثة واجهت اليمن والمجتمع الكثير من الصعوبات والخروقات والخروج على الشرعية الدستورية.

ويتابع: "كل شيخ أصبح دولة في حد ذاته إذا تعارضت مصالحه الفئوية الضيقة مع مصالح الدولة انتفضت القبيلة في مواجهة الشرعية حتى انه غدت في الوقت الراهن موضة الدكتور الشيخ، والفندم الشيخ، والأستاذ الشيخ، ورجل الأعمال الشيخ، والمثقف الشيخ وذلك حفاظا ليس على الأصالة في إطار المعاصرة أسوة بدول الخليج ولكن بغرض الحفاظ على المصالح الذاتية الانتهازية على حساب مصالح عامة الشعب وإظهار حجم الشخص في مواجهة الدولة".

 

ويعتقد أن: "الكثير من المؤسسات والقيادات السياسية والأمنية أضحت تعزز وتكرس في تعاملها اليومي مع المواطنين ثقافة القبيلة ومفاهيمها السلبية من منطلق من ليس له قبيلة فهو ليس يمنياً ومن ليس له قبيلة قوية يحركها الداعي الأصغر والداعي الأكبر في حمل السلاح الثقيل وقطع الطرق والخروج على الشرعية وإقامة العلاقات الخاصة خدمة لدول خارجية على حساب السيادة الوطنية التي لا تتجزءا فهو مواطن بلا حقوق شرعية".

ويقول إن "تحقيق هذا الهدف المهم لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية وسيادة القانون لن يتأتى إلا بفرض شرعية الدولة العادلة وهيبتها القانونية على الجميع ومن خلال توسيع وتعزيز مفاهيم الديمقراطية والمشاركة الشعبية وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وإطلاق مشروع إستراتيجي ثقافي واجتماعي واقتصادي لإدماج المجتمع وثقافته في ثقافة وطنية وهوية وطنية واحدة جامعة تدفع باليمن نحو المستقبل".

عن إيلاف

  
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن