سوق شعبي متوارث.. وحاضر يعاني الظمأ والظلام والبطالة والقاعدة

الجمعة 27 أغسطس-آب 2010 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - أنيس منصور
عدد القراءات 12514

تبرز على السطح هذه الايام مديرية لودر بمحافظة ابين التي تشهد منذ اسبوع حصارا ومواجهات عنيفة بين قوات الامن ومسلحين ينتمون الى تنظيم القاعدة ذهب ضحيتها اكثر من 24 من الطرفين، وتتهم الحكومة عناصر منتمية للحراك الجنوبي بمساندة المسلحين المحاصرين في تلك المديرية الكبيرة والمتمركزة بين عدد من المحافظات الحيوية، تلك المديرية حسب استطلاع اجراه (مأرب برس) أوضح حجم ماتعانيه غالبية ارجاء المديرية من انعدام للخدمات الاساسية وشح في المياه اضافة لبطالة وفقر يسيطر على سكانها.

يقدر الاعلامي خالدعمر العبد نسبة البطالة المتفشية بالمديرية بـ90% بين الخريجين المهمشين في مدينة لودر ومراكزها السكانية يعيشون بلا عمل.. أعينهم وأجسادهم المنهكة تشير إليه معاناتهم المزمنة من البطالة والفقر والحاجة إلى عمل يضمن لهم البقاء والحياة الشريفة بعيدا عن مسالك الانحراف المفتوحة على مصراعيها في ظل حكومة لا تفكر في أكثر من مكافآت وحوافز موظفيها وتأثيث مكاتبهم ومنازلهم إما غيرهم من السواد الأعظم فلهم الأرصفة والجولات وأزقة الشوارع حتى إذا بلغت المعاناة أشدها تحول هؤلاء إلى قنابل موقوتة قد تنفجر، ويتحدث الناس في لودر ان معظم الجرائم التي تقع والاختطافات والتقطعات التي تقع في الطرق العامة بين زنجبار ولودر يرتكبها شباب عاطلون عن العمل ويرجع الخريج (عبد الله ناصر الخضر) سبب البطالة الى سوء توزيع الثروة وتحكم العقلية القبلية على حكم النظام والقانون.

تقع مديرية لودر في الجهة الجنوبية الشرقية من محافظة ابين وتعد من أكبر مديريات المحافظة من حيث مساحتها وكثافتها السكانية، وهي خامس مديريات المحافظة مساحة حيث تبلغ مساحتها (2166كم2)، وفيها اثنين من اعلى الجبال ارتفاعا في المنطقة وهما جبل ثرة الذي يزيد ارتفاعه عن (2000م) وجبل كيران(1889م وتحيط بها ايضا جبال الكور وجبل شروان ونقيل جبل الحلل ودمان، يحدها من الشرق مديريتا مودية وجيشان- وهي تفصلها عن محافظة شبوة، ومن الغرب مديريتا سباح وخنفر ومن الشمال محافظة البيضاء، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي الهام حيث تتوسط الطريق الذي يربط محافظتي شبوة وحضرموت بمحافظتي عدن وأبين من جهة وبمحافظة البيضاء ومديريات يافع بمحافظة لحج المحاذية لمديرية لودر من جهة أخرى، هذا الموقع الاستراتيجي الهام ساعد على انتعاش الحركة التجارية بمدينة لودر الشهيرة بسوق الأحد الذي أصبح متسوقا يومياً يؤمه الناس من مناطق حضرموت وشبوة ومكيراس والبيضاء ومودية والوضيع وجيشان واحور ومديريات رصد وسباح ويوجد في لودر عشرين مركزا انتخابيا يتبعون الدائرة (121) ويعتبر النائب عن المؤتمرالشعبي العام (الحزب الحاكم) احمد عبدالله العزاني ممثل عن المديرية حاليا.

الحراك يتوسع والسلفيون يقاومون

تتميز المدينة بسوق شعبي متواصل كما اعتاد الأهالي حضور سوق يوم الأحد من كل أسبوع ، وهو سوق توارثته الأجيال منذ مئات السنين ، في لودر شارعان ؛ شارع رئيسي عام تزدحم فيه السيارات والمتسوقون يوميا وشارع دائري حديث، اضافة لشوراع داخلية بسيطة وتستوطن مدينة لودر قبائل تسمى (لودر الكور ) وهي؛ آل شعوي ، وآل دمان وآل ديان الجيلاني، وآل الافقاع وآل الضمج، يسيطر عليها سياسيا الموتمر الشعبي العام وقوى الحراك الجنوبي التي اتسع نطاقها وامتدادها في كل قرى لودر واعتادت قوى الحراك إقامة مهرجان أسبوعي تحديدا كل يوم خميس منذ الثاني من ابريل عام 2008م حتى اليوم كما تقام في لودر فعالية مركزية للحراك يتوافد لها الاف من نشطاء الحراك في يوم 27 ابريل من كل عام وتسمى يوم اعلان الحرب على الجنوب في 94م، ومن أهم القيادات رئيس مجلس الحراك في أبين عيدروس حقيس كان عميدا سابقا في جهاز الأمن السياسي(جهاز أمن الدولة) وخالد عمر العبد قيادي في اتحاد شباب وطلاب الجنوب واعلامي في الحراك وعلي ناصر الشيبه وعبد الرحمن سالم عضو مركزية الاشتراكي وعلي صالح الجعدبي ومحمد حسين المار مي.

وشهدت لودر مؤخراً استقالات جماعية من الموتمر الشعبي والانضمام للحراك الجنوبي، تتواجد في لودر الجماعات السلفية التي تسيطر على مساجد المدينة وجمعياتها من جمعية الاحسان والحكمة وجماعات الشيخ مقبل بن هادي الو ادعي وهي جماعات تقدس طاعة ولي الأمر وتهاجم قوى الحراك الجنوبي وتشن عليهم هجوما في خطب الجمعه والمحاضرات والفتاوى.

 تعتبر لودر منطقة اول محافظ لمحافظة ابين جعبل الشعوي ومنطقة محافظ ابين والناشط في معارضة الخارج محمد علي احمد الذي مازال يحضى باحترام الكثير من ابناء ابين،حيث يتحدث ابناء ابين ان المحافظة شهدت اثناء توليه منصب المحافظ كثير من الانجازات والبصمات في البنية التحتية مازالت آثارها حتى اليوم وتوجد في قرى ومناطق لودر معالم أثرية وقبب الأولياء والآبار والآثار القديمة.

ظمأ وظلام ..وسيارة مسروقة

تعاني لودر من تردي الخدمات وسؤ التخطيط الحضري وانتشار مقالب القمامة ،ومن هموم ومنغصات وقضايا كثيرة وماض يرفض ان يغادر، وكهرباء تنقطع من حين لآخر، ومياه لا تصل الا في النادر وفقر وبطالة، أصبحت مدينة لودر تسبح بين مياه المجاري الراكدة والمتحركة وبين أكوام القمامات المتكدسة في زوايا الشوارع بعد ان تعرضت سيارة البلدية للسرقة في الشهرين الماضين،مما اثر على الجانب الجمالي للمدينة كعاصمة للمديرية وسوقاً تجارياً حيوياً يرتادها الناس للتسوق من مختلف المحافظات هذا جانب ومن جانب آخر ما يزال مواطنو هذه المدينة الصابرة يعانون الأمرين بسبب شحة المياه وانعدامها وفشل مشاريع المياه في تقديم خدماتها للمواطنين منذ أكثر من ربع قرن، كما تعاني المدينة من اختناق في حركة المرور والسير في الشارع بسبب انتشار الباعة المتجولين في شوارعها حتى أصبح من الصعب مرور السيارات في الشارع الرئيسي .

 أزمة المياه تعاني لا تعاني منها مدينة لودر فحسب بل كل مناطق المديرية، هناك مشاريع كثيرة للمياه في المراكز والقرى لكن أغلب هذه المشاريع فقدت قدرتها في تقديم خدمات المياه للمواطنين، المشكلة ليست في عجز المشاريع وفشلها ولكن تكمن حسب الاهالي في سوء الإدارات وتحويل المشاريع الخدمية من خدمية الى استثمار وربح وزيادة في أرصدة المسؤولين.

 ورغم ترامي أطراف مديرية لودر فلا يوجد بها مجمع حكومي يضم مختلف المرافق ليسهل على المواطن عناء المتابعات هنا وهناك، وبحكم قدم الإدارة المحلية التي بنيت في عهد الاستعمار البريطاني تتآكل جدرانها بفعل عوامل التعرية وسوء التخطيط الحضري ، غدت العشوائية تسيطر على كل شي في لودر!.

السايلة البيضاء.. حياة بدائية

في الناحية الغربية تقع مناطق السائلة البيضا التي تتبع لودر ويعاني سكنانها من ويلات انعدام الخدمات وهي وديان وجبال تربط لودر بمديريات يافع وتوجد بها غابات أشجار من "الأثل" و"الأراك "، وهذه المناطق يتوزع فيها الرعاه والبدو الرحل وبعض القرى محرومة من أبسط الخدمات في مجال الكهرباء والهاتف والطرقات والمياه والصحة،غالبا ماتكون تلك المناطق خارج نطاق التغطية ،وثمة شكاوى تلقتها السلطات المحليى حسب وصف (نديم الديان) من أهالي وادي ريبان التي حرمت من مشاريع المياه ومازالوا يشربون حتى اليوم من مياه الغيول الآسنة المليئة بالملوثات.. ويتساءل احد ابناء هذه المناطق يدعى (سالم علي ربيان) من يصدق أن مناطق السايلة البيضاء محرومة من خدمات الكهرباء وشبكة الهاتف الأرضي ووعورة الطريق وهي قريبة من المدينة؟!، اما مناطق قاع حبيبات الشبرامة، الشابحة، الصيوي، البطان، آل كردة، آل سالم.. وعراكبي وقرى كثيرة تبعد عن المدينة بكيلومترات بسيطة فلهم أحاديث ومعاناة وقصص لا تنتهي، حيث يسكنون بيوتاً شعبية قديمة مبنية من الأحجار الصغيرة وسقوفها من القش والطين ومع ذلك فإن ساكني هذه المنطقة يرونها بمثابة القصور الفارهة، غير أن ما يبعث في نفوسهم الحزن والأسى هو عدم اكتراث الدولة لهم حتى أن قراهم تكاد تكون مجهولة للسلطة و لكثير من المهتمين، هناك يحدثونك عن مسلسل رحلة الذهاب والإياب لنساء وفتيات وعجائز خلف طوابير الحمير لجلب المياه، حالات طوارئ،أبار نازفة وأزمة مياه خانقة واللهث وراء السراب، أجيال تتعاقب وجفاف الماء محنة لم تجد المعالجات، تورمت أقدام النساء وتجعدت وجوههن من أجل الحصول على شربة ماء، وأصبح الحصول على قطرة من الماء هم يؤرق كل منزل، يتطرق (عفيف علي العوذلي) في حديث جمعنا به في مخيم الدرويش بخور مكسر عن معاناة النساء في طابور طويل كل منهن تمثل أسرتها لأخذ نسبة محددة من لترات المياه المالحة وغير صالحة للشرب لغسل الملابس وتنظيف المنازل، يتم توزيعها كأنهن أمام مؤسسة تعاونية حكومية، الأهالي يخافون الموت عطشاً ويخشون أن قد تحل بهم الكارثة لأنهم يعلمون علم اليقين أن الحكومة لن تستجيب مع سبق الإصرار والترصد!-حد تعبيره-، أطفال وفتيات في عمر الزهور يفدون صباحاً من المنطقة إلى إحدى الآبار لجلب الماء فيما بعض الأسر الميسورة الحال تقوم بشراء صهاريج المياه.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن