رضية شمشير: في مفاوضتنا على الوحدة كانت العاطفة هي الغالبة وغابت القراءة العلمية للواقع

الثلاثاء 13 أكتوبر-تشرين الأول 2009 الساعة 04 مساءً / عدن- حاورتها للـغد نجلاء حسن
عدد القراءات 7080

*كنتِ عضواً في لجنة الثقافة والإعلام والتربية في مفاوضات الوحدة (89-90) ما كان دورك بالتحديد؟

**سأبدأ بأنه جاء اتصال من دائرة المنظمات الجماهيرية في رئاسة الجمهورية اليمنية الديمقراطية آنذاك لإبلاغ رئيسة الاتحاد العام لنساء اليمن الفقيدة عايدة على سعيد بتسمية عنصر نسائي سينضم إلى لجنة الثقافة والإعلام والتربية لبدء التفاوض في كثير من جوانب العملية التربوية الثقافية الإعلامية بين الشطرين، وتم الاختيار بالاسم "رضية شمشير" وكنت حينها سكرتير الدائرة الثقافية والإعلامية بالاتحاد، أبلغت وكان علي أن أهيئ نفسي خلال 24 ساعة، كنت كاشفة الرأس ولدي قراءة عن واقع المرأة في الشمال وكانت هذه واحدة من التساؤلات في أعماقي هل أضع الخمار أم لا، شاورت والدتي كانت حية فنصحتني بأن أضعه على رأسي عندما أصل لصنعاء، تم استقبالنا ورأيت أن الوضع عادي فأحجمت عن وضع الخمار.

كان وفدنا برئاسة أحمد جرهوم وشخصيات ثقافية إعلامية تربوية منها الفقيد عبدالله محيرز وعبدالرزاق شايف والأديب فريد بركات وسالم عمر حسن رحمه الله وآخرين وكنت المرأة الوحيدة، وصلنا ووضع جدول أعمال اللجنة وكل وفد بدأ التواصل مع نظيره، توجب علينا المقارنة بين قوانين العمل الإعلامي والمؤسسات الإعلامية والتربوية والثقافية في الشطرين...

  *ما كان دورك بالتحديد؟

**في لحظة ما وعندما بدأت مناقشة قانون الصحافة عينت كمقرر للجنة الثقافة والإعلام ذلك أن التربويين كانت لهم لجنتهم الخاصة، وكمقررة للجنة ما زلت حتى اليوم احتفظ ببعض المحاضر التي لم يجف حبرها بعد إنما كان هناك نكران، لأن الجديد يأتي ليترك القديم، وللحقيقة في تلك اللقاءات وجدت أني أكثرهم ذهنية متقدة لأنهم كانوا بعد تناول القات لا يعودون مستعدين لمراجعة الكثير من الأشياء، تلك اللقاءات تمت على عدة جلسات في صنعاء وعدن وفي واحدة منها استقبلنا الوفد القادم من صنعاء عن طريق كرش الراهدة لنقلهم إلى عدن انضمت حينها في الجلسة الثالثة الإعلامية المعروفة أمة العليم السوسوة وسبب ذلك لي نوعاً من الراحة النفسية.

  *إذن كانت المباحثات على مراحل؟

**نعم في الأولى بين الوزراء ثم الوكلاء ثم مدراء العموم في كلا الطرفين، ثم المؤسسات الثقافية والصحف الثورة مع 14 أكتوبر، وشكل ذلك نوعاً من القواسم المشتركة، وكانت هناك لحظة فرح للجميع لحظة لم يكن أحد يفكر أنه ستكون هناك مواقف فيما بعد والتي أدت لما حاصل اليوم.

  *كيف كانت صورة الوحدة في ذهنيتكم؟

**للحقيقة الجميع كان عنده حب لقيام الوحدة وهكذا دائماً نحن العرب واليمنيين خاصة تغلب العاطفة علينا في كل المواقف وعندما ينفجر موقف ما ليس لشيء سوى أن عملية التفاوض والحوار عندما تدور بين أطراف مشكلة لا تكون فيها قراءة واقعية علمية صحيحة للواقع، وهذه هي إحدى مآسي واقعنا العربي سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً، تغلب دائماً الأنا، وفي مفاوضتنا على الوحدة كانت العاطفة هي الغالبة محبتنا لبعضنا البعض ومعرفتنا السابقة لبعضنا على سبيل المثال الأستاذ حسن اللوزي والذي كان حينها وزيراً للإعلام عرفته طالباً في القاهرة في الـ74 وكأديب وشاعر كنت أنشر قصائده في مجلة الثقافة الجديدة التي كنت سكرتير تحريرها، لذا لم تكن لحظة اللقاء بين كل أعضاء الوفدين هي الأولى حتى عندما كنا نلتقي في الخارج في المؤتمرات والندوات كان يزول الحاجز النفسي وكل منا يعرف نفسه بأنه يمني من اليمن.

  *هل يعني ذلك أن الوضع كان سيختلف إذا ما نظرتم للواقع نظرة علمية كما قلتِ؟

**سأضرب لك مثلاً فيما يتعلق بالمرأة اليمنية وهي تجربة بسيطة لكنها عميقة، في الجنوب كان يوجد لدينا الاتحاد العام لنساء اليمن وهو إطار أسس في فبراير 86 وكان تواجده على مدى المحافظات الجنوبية ينظمه نظام أساس واحد وله هيكل تنظيمي واحد وحضور في الساحة الإقليمية والدولية، أما في المحافظات الشمالية في الجمهورية العربية اليمنية آنذاك كانت هناك خمس جمعيات نسائية تشكلت في تعز وإب والحديدة وذمار والعاصمة صنعاء تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ما يعني أن تجربتنا كانت تفوق التجربة هنا في الشمال، وعليه فإن تحديد قواسم مشتركة بين الكيانين كانت صعبة، وبالتالي كان أول ما طرحناه هو أن تتوحد هذه الجمعيات في كيان واحد، وأخذ بهذا المقترح وطبق، لنتمكن من التحرك على قاعدة واحدة، عقدت هذه الجمعيات مؤتمراً لتتوحد وكان ذلك في (19-21 مايو 1990) أي ليلة إعلان الوحدة، لذا لم يكن بالإمكان أن نعمل مؤتمراً توحيدياً للإتحادين بالرغم من أننا أعددنا نظاماً أساسياً وأعددنا مشروع الفترة الانتقالية، لأن كل النقابات تلك الفترة اتبعت منهجية الدولة وتوحدت.

  *إذاً متى تم توحيد الاتحادين الموجود في الجنوب آنذاك والمتكون في الشمال؟

**في أغسطس 1990 بعد إعلان الوحدة تعرقلت المباحثات والاجتماعات لإتمام التوحد بين الاتحادين لأنه طرأ موقف غزو العراق للكويت، عدت لعدن وكانت لنا قراءة متأنية، إلا أننا فوجئنا باتصال من الرئاسة يخبرنا بأن الرئيس ونائبه سيلتقيان بقيادة الاتحاد العام لنساء اليمن وأن علينا كنساء أن نختار قيادتنا وندمج السكرتارية العامة مع المكتب التنفيذي وهكذا، وكانت هناك اتفاقيه وقعتها أنا وفوزية نعمان، ولا تزال النسخة الأصلية بحوزتي، وهكذا دمج الاتحادان تحت مظلة اتحاد نساء اليمن، إلا أنه في 6 أكتوبر 1990 بدأت الخلافات تظهر جلية في وجهات النظر، وبرزت الخلافات حول أبجديات العمل، فلكل منا كان نظام أساسي وطريقة عمل، آثار هذا فيما بعد نزاعاً أدى إلى احتكاك سياسي، وبدأت الاتهامات بأن كلاً يقول للآخر أنت تعمل من وجهة نظر الحزب الذي تنتمي إليه، جاءت الخلافات على القرارات.

*تسيست قضية المرأة..

**بالضبط هذا ما حدث، وبدأ الصراع يفرض نفسه بصمت، إلى أن برزت حرب صيف 94 بين شريكي الوحدة، وهذا مثل أدى إلى هذه النتيجة.

*كيف ذلك؟

**لكل شيء ماض وحاضر ومستقبل إذا كانت قراءتك للماضي برؤية ليست فيها نقاء وصفاء ذهن، خاصة وأنت تبدأ على أعتاب مشروع جديد نظام وقانون، لكنك أسير للماضي، وتريد عليه أن تعمل بذهنية الماضي فالنتيجة هي ما يحدث اليوم والذي كثير منه يتعلق بحقوق مواطنة، بوظائف وشعور زاد عمقاً لدى الآخر والذي يجري تسميته اليوم بالحراك الجنوبي، ثم أن أي دولة تتعامل مع شعبها من منطلق أنها صاحبة قوة وأنها تستطيع أن تلجمك في أية لحظة، بما يضيع حقوق الناس، هنا سيبدأ ما نسميه انتفاضة شعب ما يسمى حراكاً سلمياً، ما يمكن أن نسميه مطالب.

*برأيك إلى أين سيصل ذلك؟

**سأضرب لك مثلاً بالانتخابات الإيرانية فرغم النتائج التي برزت على السطح والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية في إيران لكن البلاد ما تزال تعيش ما يشبه الغليان، لأنك تحاول ببساطة أن تردم 30 عاماً وتبدأ، لذا انفجرت، فكلما كان هناك عقلانية وصوت مقبول كلما أنت قبلت الطرف الآخر، كلما كان هناك اتفاق.

*هل أفسر كلامك بأن ما يحدث هو نتاج طبيعي..

**مقاطعة: قامت الوحدة على رديف ديمقراطية وتعددية سياسية رأي ورأي آخر وعندما يغلب رأيك رأيي وترفض رأيي فلماذا لا يحدث هذا، طبعاً ما يحصل مسألة طبيعية وعلى صعيد الأسرة الصغيرة فإن الأبوين عندما يميزان في المعاملة بين الأطفال ويفضلان هذا على هذا، ألا يخلق هذا نوع من التساؤل "هل نحن أبناء متساوون"؟" والذي لا بد سيتحول بمرور الوقت إلى كراهية وحقد، هذه هي المسألة الطبيعية، فأنت عندما تكون ولي أمر يجب أن تتعامل مع كل أبنائك بنفس المستوى وتمنحهم ذات الحقوق.

*إذاً هل نحمل الخلافات السياسية ما وصلت إليه الحركة النسوية اليوم أيضاً؟

**شاءت الظروف السياسية أن تكون الحركة النسوية ما هي عليه اليوم، أن تتحول قضية المرأة عن مسارها وأن يكون المسيطر وصاحب القوة هو الذي انتصر في حرب صيف 1994.

*وأنتن ماذا أردتن كرائدات في العمل النسوي ومناضلات؟

**كنا نرغب أن تكون الديمقراطية هي الركن الرئيسي، أن يكون هناك انتخاب، وهذا الخطأ الذي ارتكبته المرأة أنها دمجت هيئات الاتحادين بدون انتخاب، كان يتوجب أن يكون هناك مؤتمر عام للهيئات في الاتحادين في الشمال والجنوب، والقاعدة الشعبية من النساء هي من تنتخب قادتها، لكن هذا ما لم يحدث واندمجت الهيئات وجاءت حرب 94، وكان هناك انسحاب من الاتحاد وكنت من الأشخاص الذين بقوا في عدن لظروفي السياسية بعد الحرب ولم أواصل مشواري، وبدأ عمل الاتحاد يأخذ بعد تشكيل فروع له في المحافظات وشكل بالفعل 11 فرعاً لاتحاد نساء اليمن، لم تعمل تلك الفروع لأن القيادة كانت غائبة، فعندما تعمل بنصف جسدك والنصف الآخر لا يعمل هنا يكون الفشل حليفك.

*وإلى متى استمر غيابك؟

**سأكمل لكِ في 2003 جاؤوا بقرار تشكيل لجنة تحضيرية وهذه اللجنة رأت في عقد مؤتمر أول للمرأة اليمنية أن أي وجوه نسائية وقيادات تمثل الحزب الاشتراكي آن الأوان لكي تذهب، لأن الحزب سقط من المعادلة السياسية وكأن الأمر أصبح تصفية حسابات سياسية، وعليه فرع الاتحاد بمحافظة عدن تعرض لهذا الضيم، أخريات أخذن الموقف الآخر وحملن بطاقة المؤتمر وبهذا بقين في قيادة الاتحاد، وبهذه الطريقة تمت العملية، لكن وللحقيقة حتى اللاتي أخذن هذه البطاقات وتحولن للحزب الحاكم كانت لديهن خلفية تراكمية عن عمل تنظيمي وبرامجي.

*بالعودة للعام 2003 العام الذي خضتِ فيه تجربتك الانتخابية الثانية كمستقلة، بعد تجربة أولى كمرشحة للحزب الاشتراكي اليمني عام 1993 وفي صنعاء، هل لك أن تحدثينا عن التجربتين؟

**عام 93 نزلت بأمانة العاصمة في مواجهة مرشح المؤتمر الشعبي العام الأستاذ أحمد الحجري، كان في هذا نوعاً من أن الحزب الاشتراكي اليمني كان قادراً على تقديم المرأة كفعل سياسي نضالي، خضت الانتخابات وكان لي لقاء أثناء ذلك في تعز مع الحجري وحينها رحب بي وقال هذه مرشحة وهذه عضو مجلس النواب، بمعنى أنه كانت جرت ما يمكن تسميته باللعبة السياسية فإنه لا يمكن أن تكون هذه المرأة القادمة من عدن عضواً في مجلس النواب مهما كانت نتائج الصناديق والتي كانت في بعض المراكز لصالحي بالفعل.

*وماذا عن تجربتك كمستقلة في 2003 هل غير الحزب مفاهيمه حول المرأة أو كما قلت ذات مرة خذل نساءه؟

**قبل انتخابات 2003 كان لدي وضع صحي أصبت بخلع في كتفي أثر سقطه، وكنت أخضع لعلاج طبيعي، كما كانت لدي ظروف عائليه تمثلت في وفاة أخي الدكتور أنور شمشير، كلها كانت ظروفاً صعبة، في يناير 2003 بدأت التهيئة لخوض الانتخابات واختيار المرشحات والتقيت حينها بالأستاذة خولة شرف عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وعلمت أنه تم تسميتها كمرشحة للحزب في منطقة المنصورة بعدن، وسألتني عن إذا كان هناك من اتصل بي، فنفيت وقوع ذلك لأنه لم يحدث وإن كنت أسمع حينها أن مرشح الحزب في دائرتي سيكون رجلاً وأنا أعلم أن مرشحة الحزب الحاكم في هذه الدائرة هي الأستاذة أوراس ناجي، انتظرت لعلهم يتصلون بي من فرع الحزب في عدن حتى فوجئت بأن هناك من يقول بأني لست موجودة في البلد وأني مصابة بإعاقة، ما أعلمه أن الإعاقة الذهنية هي ما قد يمنع ترشحي لكن أي شيء آخر لا يمنع أن يرشحني الحزب وكانت هذه كبيرة عندي بخاصة وأن لي تجربة رائدة في انتخابات 1993 وكنت الثانية في وجود 13 رجلاً في دائرتي، ويعلم الحزب حينها أني كنت قادرة على تقديم كل شيء، لكنه عنف سياسي مورس ضدي من منطلق النوع الاجتماعي.

*هذا ما جعلك تتخذين قراراً بخوض الانتخابات مستقلة؟

**قبل ذلك اتصلت بقيادة الحزب فأخبروني بأن اتخذ القرار الذي أراه مناسباً، وحينها لم أشتم الحزب، كل ما فعلته هو أني قررت خوض الانتخابات مستقلة وكان قراراي من منطلق إثبات حق المرأة في المشاركة السياسية والذي عجز الحزب في لحظة من اللحظات أن يأخذ قراراً كان موجوداً في المكتب السياسي بأمانة العاصمة وكان القرار بأني أنا وخولة أحمد شرف هما مرشحتا الحزب، لكن هذا ما لم يتم تنفيذه، والمؤسف أن المرأة أيضاً لم تكن حليفي وأخذ القرار بمركزية وأن رضية أخذت حقها ويكفي.

*هل توقعت النجاح في تلك التجربة؟

**لا أقول بأني خسرت لا. لكني تعلمت من هذه التجربة أن المرأة إذا ما أرادت يمكنها أن تنزل مستقلة ويمكنها أن تقول لا لقرارات الحزب، فقرارات الحزب ليست نصوصاً قرآنية، ومهما كانت النتيجة التي حققتها، لكن اليوم عندما تقيم تجربة المرأة يقال بأن هناك موقفاً اتخذ ضد قيادة سياسية لأني حينها عضو المكتب السياسي للحزب.

*أستاذة رضية ما هي رؤيتك لنظام الكوتا؟

**حق يراد به باطل ولست مع الكوتا على الإطلاق، فهي ألفاظ يجري التلاعب بها، لكن يمكن أن تطبق في قانون الأحزاب لتأخذ المرأة مكانها في الهيئات في مواقع اتخاذ القرار في الأحزاب، وشيء آخر هو أن هناك أنظمة انتخابية يمكن أن تحقق بها المرأة النجاح وهي نظام القائمة النسبية، والمهم في هذا أن كيف تعيد المرأة قراءة الواقع حتى تصل إلى المراكز القيادية، ومن تجربتي الشخصية العمل السياسي مهم للمرأة يعطيها حصانة ويجعلها تقف دائماً وتناقش وتعطي وجهة نظرها وهي على قاعدة وأرضية صلبة كما هو العمل مع الجماهير في منظمات المجتمع المدني والذي يكسبها خبرة وتجربة ومراناً.

*بالنظر للواقع العام للمرأة الحزبية في اليمن ما هو تصورك حول وصولها للبرلمان في الانتخابات القادمة؟

**قبيل الانتخابات الكويتية الأخيرة اتصلت بي صحيفة السياسة وطلبت مني قراءة للواقع الكويتي من واقع تجربتي وكنت رأيت عدداً من الأخوان السلفيين يقولون بأن لا وجود للمرأة تحت قبة البرلمان، وكانت لدي قراءة فقلت إذا لم تصل المرأة بأربع ستصل اثنتان للبرلمان، فكان أن تحقق للمرأة الكويتية التواجد بأربع نساء ومن أربعة أجيال مختلفة، وبدون كوتا، فأتمنى للمرأة اليمنية أن تصل هي أيضاً.

*ليس من باب التمني أريد رؤية.

**إذا ستظل المرأة اليمنية على نفس الفرقة السياسية بأن هؤلاء نساء معارضة وأنا نساء حزب حاكم أصعد ولا يصعدن فلن يتحقق لها ما تريد، يجب على النساء أن يعدن قراءة الواقع بحيث تكون هناك قائمة للمرأة يتفق بشأنها مع الأحزاب سلطة ومعارضة وأن تكون هناك دوائر مغلقة لصالح نساء يمثلن شرائح مختلفة من المجتمع،وهذا ما أقول به.

*كنت أحد المؤسسين لمنظمة الصحافيين الديمقراطيين اليمنيين عام 1976، اليوم كيف تجدن الواقع الصحفي في اليمن؟

**حقيقة هذا الكم الهائل للصحف يضعني أمام تساؤل من الذي يقرأ، وما هي الصحافة بمفهوم الصحافة، اليوم ظهرت صحافة صفراء لا أمتلك أن أقرأ فيها شيئاً، وأجد صحافة أرادت أن تقول الواقع بكل مصداقية فقمعت وأوقفت، صحافة معارضة وصحافة أهلية أقرأ البعض منها ولا أجد إلا أنها تقع في مطبات، رغم أن التقنيات أصبحت متوفرة لكن أصبح هناك صحافيون لا علاقة لهم بالصحافة، الذي هو بواب في مؤسسة صحافية منحت له بطاقة صحفي وهذا ما حدث في مؤتمر الصحافيين الرابع عندما جيء بأسماء لا تنتمي لعالم الصحافة، كما أن العمل الصحفي اقتصر على أن يحضر الصحفي الندوات ليأخذ منها البيان الختامي أو فقرات من الكلمات ويرميها في مادة تنشر في الصحيفة. هذه ليست صحافة وهذا ليس صحفياً بل سارق مهنة.

*كنت أول صحفية في الجزيرة والخليج لدى تخرجك عام 1972 هل اخترت دراسة الصحافة؟

**كانت مصادفة عجيبة رغبت على الدوام دراسة القانون وطالما تخيلت نفسي في روب المحامي وصوته الذي يجلجل في قاعات المحاكمة، ذهبت للعراق للدراسة وكنت طالبة في كلية الحقوق، لكني صدمت ببعض القضايا منها أن الدراسة كانت حفظاً وأنا غير معتادة على ذلك، والجانب الأهم أني القادمة من عدن لم تكن لدي مسائل المذهبية والحساسية تجاه المعتقدات والطوائف، فصدمت في لحظة ما عندما سئلت عن سنة وشيعة، عندها نصحتني واحدة من الأخوات العراقيات بأني إذا بقيت أحمل هذه النظرة للأشياء سأبقى في عامي الأول 8 سنوات، فيجب علي أن أنفذ بجلدي وأحول لمجال آخر، أضف إلى ذلك ظرف عائلي كنت أبلغت باعتقال أخواني في عدن وكان لا بد من العودة، بعد ذلك تقدمت بطلب منحة وتحصلت على واحدة إلى الجزائر لدراسة القانون أيضاً لكن لم تكن حينها هناك كلية للحقوق وكان الذي أنشئ هو معهد للصحافة والإعلام فحولت منحتي لإعلام ودرست صحافة وفي السنة الأولى درست القانون الدولي العام والخاص وقوانين الصحافة وحققت بذلك جزئية.

*أطلت عليكِ..لكن سأطلب منك تفسيراً لغيابكن كأسماء وأفعال عن جيل اليوم؟

**السبب أنه في لحظة من لحظات السياسة أخذ الوضع هكذا أن النساء اللاتي برزن في لحظة معينة، هن الموجودات وتناسوا الأخريات، لذا لا بد من إعادة قراءة تاريخية لإعادة الاعتبار لهولاء النساء، وبالفعل هناك اليوم من لديهن هذه الرغبة ويملكن رؤية جديدة لكتابة تاريخ المرأة اليمنية وبمصداقية ومن خلال تجاربهن استشفوا حقائق بأن الأخريات كن أيضاً مناضلات ومعطاءات، فعندما أسمع أحداهن تقول بأنها مناضلة أقول لا تنفيني ليس كرضية ولكن كإنسان فإن كن هن مناضلات في الستينات والسبعينات فمن حمل اللواء بعد ذلك إلى اليوم، أيضاً عندما تأتي واحدة من الشابات وتقول بأن هؤلاء عجائز الأمس فهذا عيب أن تستخدم كلمة عجائز الأمس لما تقول عنا تجربة التاريخ والعمل وتستفيد منا أنا أمها في كل الأحوال وهذا حق.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن