وكلاء يبحثون عن مزيداً من المكاسب“.. ما سر مرواغة الحوثيون إزاء دعوة مجلس التعاون الخليجي لحوار ”يمني ـ يمني“؟ ورفضهم مبادرات السلام؟(تقرير)

الجمعة 18 مارس - آذار 2022 الساعة 09 مساءً / مأرب برس ـ وحدة التقارير
عدد القراءات 3620

تواصل ميليشيا الحوثي سياسة التعنت لتصطدم كل مبادرات احلال السلام بتعنتهار واستمرار رفضها لكل جهود السلام، فمنذ بداية الانقلاب على اليمن لم تترك الميليشيا لأي مفاوضات أن تقول كلمتها، حيث لم تقدم مراراً وتكراراً أي نية حسنة للسلام.

ومنذ الوهلة الأولى لدعوة مجلس التعاون الخليجي لحوار يمني ـ يمني في العاصمة السعودية الرياض، خرجت الجماعة بموقفين متناقضين يشيان عن مراوغة جديدة يحضر لها الانقلابيون في مسعى لإجهاض عملية السلام.

وجاء الموقف الأول على لسان القيادي الحوثي النافذ محمد علي الحوثي، والذي رفض صراحة أي دعوة للسلام تشارك فيها دول التحالف، فيما أصدرت المليشيات موقفا آخر ونشرته على وسائل إعلامها للموافقة شريطة أن تتم "في دولة محايدة" على حد زعمها.

فرصة

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أنها قررت دعوة أطراف الأزمة اليمنية إلى إجراء مشاورات تحت رعايتها في العاصمة السعودية الرياض، من أجل التوصل لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة ودعم خليجي.

وقال الأمين العام نايف الحجرف -في مؤتمر صحفي الخميس- إن المجلس سيستضيف "مشاورات يمنية يمنية.. خلال الفترة من 29 مارس (آذار) إلى 7 أبريل (نيسان) 2022 بهدف توحيد الصف ورأب الصدع بين الأشقاء اليمنيين دعما للشرعية اليمنية ولتعزيز مؤسسات الدولة".

وبيّن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن الدعوة ستوجه للأطراف اليمنية كافة، وأن المشاورات ستعقد بمن يقبل الدعوة، مشيرا إلى أن "أي مشاورات يمنية لا يشارك فيها الجميع بمن فيهم الحوثيون لن تحقق السلام".

وتستهدف المشاورات وقفا شاملا لإطلاق النار، ومعالجة التحديات الإنسانية، وفتح ممرات آمنة، وتحقيق السلام والاستقرار، وحماية النسيج المجتمعي تأكيدا على أن الحل بأيدي اليمنيين وطرح فرصة ذهبية لتأسس آليات للعمل الإنساني والمستقبل السياسي.

وتأتي هذه التحركات الخليجية عقب مرور عام من مبادرة السعودية للحل الشامل باليمن والتي اصطدمت بتعنت كبير من قبل مليشيات الحوثي لتشكل المشاورات الجديدة اختبارا متجددا لمراوغات هذه المليشيات وموقفها من السلام.

ويعد هذا التجمع، فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في مختلف أنحاء البلاد، والشروع في مفاوضات جدية من أجل السلام، والعمل على رسم رؤية مستقبلية لواقع يمني جديد يجنح إلى السلم وينصرف إلى التنمية.

آمال تبددها المليشيا

ومن جديد، فتحت المشاورات التي أعلن عنها مجلس التعاون الخليجي بين الأطراف اليمنية، بابا جديدا للأمل نحو إيقاف شلال الدم في البلاد، وطرح فرصة إنقاذ وخارطة حقيقة للسلام وإنهاء الحرب. لكن يبدوا ان مليشيا الحوثي ستطفئ ذلك الأمل بتعنتها المعهود تجاه اي مبارة سلام.

وتشير تطورات الأزمة اليمنية منذ الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية، إلى تكرار تبني "الحوثيين" هذا النهج القائم على المراوغة والتسويف والتعنت والاشتراطات، بدأ من مؤتمر الحوار الوطني ومرورا باتفاق السلم والشراكة، ومفاوضات جنيف (يونيو 2015)، ومشاورات جنيف (ديسمبر 2015)، ومفاوضات سلطنة عُمان (2015 و2016)، ومحادثات الكويت (2016)، ومباحثات جنيف (سبتمبر 2018)، واتفاقيات السويد (ديسمبر 2018)، ومؤخرا المبادرة السعودية، وانتهاءا بالمساعي الخليجية الاخيرة.

أسباب عدة تُفسّر اتباع ميليشيا "الحوثيين" هذا النهج المتكرر من المراوغة والتعنت ووضع العراقيل أمام أي تسوية سلمية محتملة للأزمة اليمنية، ليأتي في مقدمة تلك الأسباب، الدعم الإيراني الذي يشجع الميليشيا على مواصلة انتهاكاتها، فضلا عن موقف اللأمم المتحدة، وعدم حسمها فيما يتعلق بالمبادرات التي تطرحها لحل الأزمة اليمنية، وعدم إجبارها "الحوثيين" على الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة في هذا الشأن. كما ان غياب ضغوط القوى الدولية شجع المليشيات على رفضها حلول السلام.

طاولة قمار

وفي تعليقه على مرواغة وتعنت المليشيا ازاء دعوة التعاون الخليجي للحوار، قال رئيس مركز البلاد للدراسات والاعلام، حسين الصوفي، ان "الدور الذي تقوم به مليشيا الحوثي يعتبر دور وظيفي محدد، إذ أنها ومن خلال التجارب والشواهد على مدى السنوات تخدم المشروع الايراني والمصلحة الايرانية أولوية قصوى لديها".

وأضاف ”الصوفي" في حديث خاص لـ”مأرب برس“: "وهذا قاله الدكتور الارياني رحمه الله في مقابلته الشهيرة مع صحيفة ٢٦ سبتمبر ٢٠١٤م وهو ايضا ما حدث في مشاورات جنيف ١،٢، والكويت والرياض ٢٠١٥ والمبادرة السعودية والوساطة العمانية وغيرها من الجولات للوسطاء، لم يكن للحوثيين رأي بل كانوا في أحيان كثيرة يستأذنون في الاجتماعات ويجرون اتصالات بطهران".

وتابع متسائلا: "إذن لماذا يرفضون - اي الحوثيين ـ الحلول؟! مع أن كثير من الحلول المقترحة تضمن لهم مصلحة وتحقق لهم حضور رغم ما اقترفوه، لكنهم يلعبون مع ايران بالملف اليمني "قمار" وضعوا اليمن على طاولة القمار من اجل الملف النووي الايراني حتى لو خسرت مليشيا الحوثي وهو ما يطرح سؤال آخر: هل يقاتلون من أجل مشروع خاص بهم؟! أم أن لديهم تبعية مطلقة بإيران؟!“.

وأكد حسين الصوفي ان "كل الشواهد تقول أن الحوثيين يتاجرون بدماء واموال وسيادة وسياسة اليمن في خدمة ايران“.

ليسو مؤهلين للسلام بعد

أما رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، عبدالسلام محمد، فقد أرجأ مبادرة مليشيا الحوثي الانقلابية للمراوغة والتنصل من قبول دعوة مجلس التعاون الخليجي، الى ان "الجماعة ليست مؤهلة حالياً لعملية السلام لعدة أسباب“.

وقال عبدالسلام في حديث خاص لـ”مأرب برس“، ان "الحوثيون ليسوا مؤهلين لعملية السلام الان لأسباب كثيرة، أهمها ان الامور ليست واضحة بخصوص الاتفاق النووي، لذا لا زالت ايران تحتاجهم، وهم ينتظرون الاشارة من ايران التي تقودهم“.

ثم ان الحوثيون بمراوغتهم "يبحثون عن تنازلات من الحكومة الشرعية، والتحالف العربي للجلوس على الطاولة، ويريدون تحقيق مكاسب عسكرية والسيطرة على مناطق النفط والغاز في محافظة مأرب، لذا فليسوا مؤهلين للسلام بعد“، بحسب عبدالسلام محمد.

وأضاف: ”كما ان الالية المستقبلية تجعل من المليشيا غير مؤهلة للسلام بعد، حيث تريد المليشيا الحفاظ على السلاح بيدها، واستمرار سيطرتها على العاصمة صنعاء، ومؤسسات الدولة، وان تكون بقية المكونات اليمنية في ظل سلطة تكون تحت سلطة المرشد، بمعنى تطبيق تجربة حزب الله اللبناني في اليمن“.

تماهي دولي والشعب يدفع الضريبة

الصحفي والناشط السياسي، محمد الصالحي، بدوره قال ان "هذا الموقف المتعنت للجماعة يثبت بانها هي المسؤولة عن تفاقم معاناة الشعب اليمني عبر وضع العراقيل أمام حل هذه الأزمة، وانها مجرد وكيل لإيران يةتأتمر بأمرها ولا تعتبر بحال من الأحوال حركة وطنية أو مدفوعة بأهداف وطنية، لأنه لا يهمها تحقيق السلام أو وقف معاناة شعبها".

وقال في مقال نشره موقع ”مأرب برس“، ان "الدعم الايراني ولتراخي الدولي والأممي، منح المليشيا فرصا ذهبية لممارسة أعمالهم الإرهابية وتهديدهم استقرار المنطقة، وشجعهم على التعنت ورفض كل مبادرات السلام".

واشار الصالحي الى إن "المتضرر الوحيد من هذا التعنت هو الشعب اليمني الذي يدفع يومياً ضريبة رفض الحوثيين السلام، واصرارهم على إطالة أمد الحرب لأسباب لا علاقة لها بمصلحة الشعب اليمني وإنما لتحقيق مصالح إيران التي تستخدمهم كورقة في مفاوضاتها مع القوى الإقليمية والدولية".

وأكد ان "ميليشيا الحوثي ستستمر في المراوغة بشأن أي مبادرات سياسية لحل الأزمة اليمنية، طالما أدركت غياب الضغوط الدولية الحقيقية عليها لإجبارها على قبول الحل السياسي وفقًا للمرجعيات الثلاث المعترف فيها، وهو ما يستدعي من الحكومة الشرعية اليمنية، وبدعم من التحالف العربي، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة ضد الحوثيين ودفعهم إلى الالتزام بالقرارات الدولية وأهمها القرار 2216".

سيناريوهارت المشاورات

في السياق، عد رئيس مركز الجزيرة للدراسات باليمن ووكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب، 3 سيناريوهات للقاء التشاوري المقبل في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وموقف مليشيات الحوثي منها.

وأوضح أن السيناريو الأول يتمثل في تلبية مليشيات الحوثي دعوة المشاورات، وبالتالي يصبح السلام خيارا للإنقاذ الشامل، والثاني, يتمثل في رفض هذه المليشيات وسوف يتم توحيد الإرادة الوطنية ليصبح الحوثيون أمام مواجهة حاسمة.

أما السيناريو الأخير فهو حدوث مشاكل وضعف في التوافق وسوف يتم إعادة بناء المعركة وفق خيارات أكثر فاعلية نحو استعادة كل اليمن، وفقا لما كتب غلاب على حسابه في موقع "تويتر".

وتعتقد أوساط سياسية يمنية أن السعودية ومن خلال دعوة مجلس التعاون الخليجي تقدم الفرصة الأخيرة للحوثيين للجنوح إلى السلام، لكن المتمردين لا يبدو أنهم في وارد التقاطها، ليس فقط لموقفهم من الرياض بل وأيضا في ارتباط بموقف طهران، التي تتخذ من الأزمة ورقة لمقايضة السعودية والمجتمع الدولي.

وتقول الأوساط السياسية إنه من المستبعد أن يشارك المتمردون الحوثيون في المشاورات، التي ستُجرى في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض نهاية الشهر الجاري.

وتوضح الأوساط أن الحوثيين يعتبرون السعودية طرفا رئيسيا في الصراع الدائر منذ العام 2014، والذي اتخذ منحى دراماتيكيا حينما عمد المتمردون الموالون لإيران إلى السيطرة على العاصمة صنعاء، الأمر الذي فرض تدخلا عربيا بقيادة المملكة في العام 2015 دعما للسلطة الشرعية.

ويقول مراقبون إن رفض المتمردين المشاركة في المفاوضات المقبلة، سيزيد من إضعاف موقفهم سواء كان في الداخل اليمني وأيضا لدى المجتمع الدولي، في المقابل فإن تدارك الموقف المتحفظ لن تسمح به إيران، كما أنه من غير الوارد أن يقبله الجناح المتشدد داخل الجماعة حيث سيعدّ تنازلا.

ويشير المراقبون إلى أنه في حال لم يشارك الحوثيون في المشاورات المرتقبة فإنه في الغالب ستتحول الأجندة إلى بحث إعادة هيكلة السلطة الشرعية، تمهيدا لمرحلة جديدة من المواجهة مع المتمردين.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن