750 مليون دولار خسائر اليمن من الحرب في صعدة

الجمعة 21 أغسطس-آب 2009 الساعة 07 مساءً / صنعاء- مأرب برس-ريام مخشف:
عدد القراءات 4605

حذر مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد وسياسيون من تداعيات الأحداث الإرهابية والتخريبية المتسارعة حالياً في اليمن على الاقتصاد الوطني وجهود الحكومة في تحقيق الاستقرار والتنمية وجذب الاستثمارات المحلية والخليجية والأجنبية.

وأكد هؤلاء أن هذه الأحداث ستوجه على الأرجح ضربة قوية للاقتصاد وقطاع السياحة في البلاد التي بدأت تستعيد عافيتها جراء بعض حوادث الاختطاف التي تسببت في انتكاسات وأضرار اقتصادية تعرض لها هذا القطاع الحيوي خلال السنوات الخمس عشرة الماضية .

 

مصطفى نصر: القطاعان السياحي والاستثماري أكثر القطاعات تأثرا بالحرب السادسة

ويقول مصطفى نصر المحلل الاقتصادي رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني لـ « الاقتصادية « إن الحرب الأخيرة كما يطلق عليها الحرب السادسة بين الدولة وعناصر التمرد والتخريب الحوثيين ستؤثر بكل تأكيد في الاقتصاد اليمني في نواح مختلفة، وأهم هذه التأثيرات ستلحق بالقطاعين السياحي والاستثماري، إذ ستلقي هذه القلاقل بظلالها السوداوية على مخاوف المستثمرين الخليجيين والعرب والأجانب، خاصة أن كثيرا من المستثمرين أعلنوا توقفهم عن تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية في اليمن رغم إعلانهم المسبق لها، وأضاف مصطفى « إن هذه الأحداث الدامية الدائرة حالياً في صعدة والحراك الجنوبي في جنوب البلاد زادت من أوجاع اليمن، سيما في ظل تداعيات أزمة المال العالمية التي بدأ كثير من دول المنطقة والعالم تتعافى من تداعياتها وتحقق نسبة مستويات نمو جيدة ، إلا أن اليمن مازالت تعيش في جوهر الأزمة المالية ليس بسببها فحسب، وإنما بسبب الأزمات الداخلية وعلى رأسها حرب صعدة واختطاف السياح والعاملين الأجانب في اليمن ، سيما أن مصير الأجانب الستة المختطفين في محافظة صعدة مازال يلفه كثير من الغموض، على الرغم من عملية التمشيط الكبيرة التي تقوم بها السلطات الأمنية ورافقتها مروحيات للبحث عن المختطفين، حيث ما زال مصيرهم يكتنفه الغموض والحيرة، خاصة أنه مر أكثر من 45 يوماً على اختطافهم.

 

عبد السلام الدعيس: تجدد المواجهات يعطي رسالة سلبية للمستثمرين بعدم وجود بيئة آمنة

ومن جهته قال عبد السلام الدعيس الخبير الإعلامي الاقتصادي «: إن اندلاع الجولة السادسة من المواجهات بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين في محافظة صعدة لن تكون نتائجها وآثارها السلبية على الاقتصاد اليمني عادية في هذه الظروف التي تحاصر اقتصاد اليمن من أزمة مالية عالمية وتراجع معدل الاستثمارات وأحداث الجنوب وغيرها.

وأضاف أن تجدد هذه المواجهات يعطي رسالة سلبية جدا للمستثمرين أيا كانوا محليين وخارجيين بعدم وجود بيئة آمنة ومستقرة لاستثماراتهم، وهذا الرسالة ستجعلهم يحجمون عن الاستثمار في اليمن أو يسحبون استثماراتهم الموجودة، ما يؤثر في التنمية في اليمن ويزيد معدلات البطالة والفقر المنتشر بشكل مخيف.

وطالب الدعيس حكومة بلاده بأن تضع حدا لهذا الجرح النازف في صعدة بأي شكل من الأشكال، فاقتصاد البلد يعاني وضعا مترديا للغاية ولن يحتمل مزيدا من الخسائر بسبب هذه الحرب التي كبدته خسائر طائلة وصلت بحسب التقديرات الرسمية إلى 150 مليار ريال يمني ( 750 مليون دولار) إضافة إلى ما أزهقته من أرواح ودمار في الممتلكات.

يحيى المتوكل: العنف يلحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد وجهود الحكومة في تحقيق التنمية

الدكتور يحيى المتوكل وزير الصناعة والتجارة اليمني يؤكد من جهته أن ما تشهده بعض مديريات محافظة صعدة وبعض المناطق في المحافظات الجنوبية والشرقية من أعمال عنف وتخريب تلحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد الوطني وجهود الحكومة في تحقيق الاستقرار والتنمية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وطالب المتوكل الحكومة وكافة مكوّنات المجتمع باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه الأعمال التي يقوم بها خارجون على القانون والدستور، ومنعها والحيلولة دون تكرارها في المستقبل، وليس إدانتها فقط.

وأضاف «: تأثير ما يحدث من أعمال عنف وتخريب لا يقتصر على المستثمر الأجنبي فقط بل يطول المستثمر المحلي أيضاً، وأعتقد أن ما نعانيه بشكل أساسي في اليمن والجانب الرئيسي الذي نحاول أن نركّز عليه ونعالجه هو صورة اليمن في الخارج، هذه من القضايا التي نلاحظها دائماً في اجتماعاتنا ومناقشاتنا مع الوفود الأجنبية سواءً في اليمن أو في الخارج . إن بعض وسائل الإعلام الخارجية تعكس صورة غير حقيقية وغير إيجابية عن الوضع في اليمن بل إنه يكون هناك مبالغة حقيقية من شأنها أن تؤدي إلى تشويه سمعة وصورة اليمن. وللأسف مثل هذه الأحداث التي شهدناها في الفترة الأخيرة ستعزّز الصورة السلبية لليمن في الخارج، كما يقول المثل الشائع «مخرّب غلب ألف عمّار»، يعني ما تبذله الحكومة في سنوات طويلة من جهود لتحسين صورة اليمن ومراجعة سياساتها ومنح الحوافز وتعزيز الأمن من خلال خطط الانتشار الأمني، وتحقيق الحكم الجيد وتطوير مؤسسات الدولة، هذه الجهود يمكن لمجرد حادث عابر أن يؤثر فيها بشكل كبير، ولهذا يجب أن تقف الحكومة والمجتمع بكل مكوّناته أمام مثل هذه الأعمال التي نشهدها ليس فقط من باب الإدانة ولكن أيضاً من خلال اتّخاذ إجراءات صارمة لمواجهتها ومنعها والحيلولة دون تكرارها في المستقبل».

فيما يرى الخبير الاقتصادي المعروف الدكتور طه الفسيل أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء أن هناك قوى تدفع إلى عدم الاستقرار في اليمن والعمل على خلق التواترات بصورة مستمرة، ولذلك ما إن تنتهي أحداث اختطاف السياح حتى تأتي فتنة صعدة كونها تستهدف بدرجة أساسية الإضرار بالاقتصاد الوطني وتشويه صورة اليمن فيما يتعلق بجانب الاستثمار. ويرى الفسيل أن استهداف السياح الأجانب يعود إلى أن القطاع السياحي قطاع متشعب يشمل مجالات عديدة مثل السفر، السياحة، الفنادق، المطاعم، النقل، ويشغل عمالة كبيرة، الأمر الذي يضر بشكل واسع بدخول أعداد كبيرة من العاملين في هذا القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر وفي الوقت نفسه يحرم اليمن مصدراً مهما من مصادر الدخل القومي بالعملة الأجنبية خاصة أن قطاع السياحة يعد من القطاعات الواعدة التي تسعى خطط التنمية إلى تقويته في إطار سعيها إلى التخفيف من الاعتماد على قطاع النفط .

وأضاف الخبير الاقتصادي الفسيل أن هذا الأعمال الإجرامية والتخريبية تستهدف أيضا الإضرار بسمعة اليمن في الخارج رغم أن هذه الحوادث تحدث في كثير من الدول لكن بالنسبة لليمن سيتم تضخيمها بصورة كبيرة لعدة عوامل يعرفها الجميع، الأمر الذي يتطلب من الحكومة تكثيف جهودها لتحسين صورة اليمن وخلق رأي عام داعم للجهود الحكومية، كما أن الأعمال الإرهابية والتخريبية تهدف إلى إعطاء انطباع لدى المستثمرين بأن اليمن ليست من الدول ذات البيئة المستقرة الجاذبة للاستثمار... عن الاقتصادية