يستحوذ زعماء القبائل الرئيسة على حصة الأسد من المناصب العليا للضباط في الجيش والأمن و يستحوذ الجيش على مصفوفة واسعة من الأنشطة التجارية، بعضها خارج عن القانون.

الإثنين 18 فبراير-شباط 2008 الساعة 07 مساءً / مأرب برس – ألأهالي
عدد القراءات 5033

يعول تقرير دولي على نفاد النفط كوسيلة للقضاء على التركيبة الحالية للفساد، باعتبار النفط المصدر الرئيس لمكافأة الموالين للسلطة ومن خلاله يتم استرضاء النخب الأخرى بمكافئات كبيرة مقابل الهدوء السياسي.

وحدد التقرير الذي أعدته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في اليمن عن الفساد، بالشراكة مع منظمة «شركاء في التنمية الريفية» خمس فئات نخبوية، تستفيد من تركيبة الفساد، أهمها «القبائل، المؤسسة الأمنية والعسكرية» باعتبارهما من أكثر الفئات تداخلاً، إذ يستحوذ زعماء القبائل الرئيسة على حصة الأسد من المناصب العليا للضباط في الجيش والأمن، وفي المقابل يستحوذ الجيش على مصفوفة واسعة من الأنشطة التجارية، بعضها خارج عن القانون.

وثالث هذه الفئات النخبوية القوية؛ مجتمع رجال الأعمال التقليدي غير القبلي، وكان لهم دور بارز في الاقتصاد السياسي الجديد، ولكن ركودهم النسبي، ونظرتهم المتشائمة لمستقبل اليمن دفع بعضهم لمغادرة البلاد، بالإضافة إلى نمو طبقة برجوازية قبلية متطفلة في السنوات الأخيرة، تحصل على دخلها من العقود الرسمية التي يحصلون عليها، في ظل ظروف فاسدة.

ذات التقرير أشار لوجود أربع آليات أساسية يتم من خلالها توزيع المصالح الكبيرة في اليمن، وتعتبر الموازنة العامة أحد هذه الآليات، إذ تحتوي على مخصصات مستقلة للجماعات المفضلة، مثل القبائل، كما تخصص موارد ضخمة للجيش خلال بند مستقل، ولا يتمتع البرلمان بسلطة رقابة هادفة للموازنة، وليس له من الأمر إلا التصويت لصالحها أو ضدها، وبسبب الطريقة التي تتخذها الحكومة اليمنية، في التكهن بعوائد الإيرادات النفطية، تكون الموازنات الإضافية «الاعتماد» في نهاية السنة كبيرة، وتقديرية بشكل كلي، أما الآليات الثلاث الباقية الأساسية لتوزيع المصالح، فهي «نظام المناقصات والمزايدات، وحزب المؤتمر الشعبي العام، والمؤسسة العسكرية التجارية».

ورغم أنه تم الشروع في اتخاذ إصلاحات بشأن المناقصات، إلا أنها كانت تتم حديثاً، وفي الغالب دون أي عروض تنافسية مفتوحة، وبقليل من الشفافية والمساءلة، فمن الممكن أن تصبح العطاءات طريقة سهلة لمكافأة الحلفاء المفضلين، عن طريق منحهم عقود مربحة.

ويتم مكافأة النخب العسكرية مادياً، من خلال سيطرتها على مشاريع تجارية واسعة، وتعد ظاهرة «الجنود الوهميين» من المصادر الأخرى المخصصة للنخب العسكرية، ويتم إعادة بيع التمويل الخاص بهم كما تشير التقارير، كذلك يقوم حزب المؤتمر بتوزيع الموارد للنخب المحلية، والنخب الأخرى، لإبقائهم في الحظيرة السياسية.

وكشف التقرير عن عوامل أخرى لا تعرف نموذجياً كفساد قائم، ولكنها تخلق بيئة تمكين للفساد يترعرع فيها، ويندرج ضمن هذه العوامل المساعدة، الحضور الواسع للأداء الإداري الهزيل، والنوعية الرديئة لنظام التعليم، والنظام الانتخابي الذي يشجع أسوأ أشكال المصالح والهويات الضيقة، والاستثناء المنهجي للمرأة بشكل كبير من الشئون العامة. ويعتمد النجاح النهائي لإصلاح الفساد في اليمن، على الصراع التقليدي، بين منطق المصلحين من جهة، والمصالح المادية، وقوة المستفيدين من الفساد من جهة أخرى، فيما تعتمد تركيبة السلطة السياسية في اليمن بشكل أساسي على المكافآت المتدفقة على النخب المنقسمة، التي سيكون لها اهتمامات بسيطة في بقاء الوضع على ما هو عليه ما لم تحظ بهذه المكافآت، ويواجه المصلحون تحدياً أساسياً من ذوي المصالح المكتسبة في النظام الحالي.

وحسب التقرير سيؤدي تضاؤل الثروة النفطية المتوقعة، إلى نقص حاد في مصادر المكافأة المتوفرة للتوزيع، وبروز استراتيجيتين، الأولى: انتهاز الفرصة للحصول على مغانم أكثر، وبعدها مغادرة السلطة وربما البلد عند نفادها. والثانية: إستراتيجية تنوير للمصلحة الشخصية، تقوم على تشجيع الإصلاحات في مواجهة الفساد، وبهذه الطريقة يمكن لجزء بسيط من الثروة الكبيرة أن تنتج أرباحاً كبيرة للنخب، وللدولة مع مرور الوقت، وهذا المنطق هو القاعدة التي يعتمد عليها نخبة المصلحين.

وتشير التقارير أنه يتم في الغالب رشوة القضاة الذين يقومون باختيار مبلغ الرشوة الأكبر، ويقدمه أحد طرفي القضية، وحسب استطلاع سابق عن الرشوة، فإن 46% يعتقدون أن القضاء أكثر القطاعات التي تنتشر فيها الرشوة في اليمن، إذ لا يوجد ميثاق أخلاقيات للمهنة، والقضاة عرضة للضغوطات السياسية، ومن المحتمل تعرضهم للعقاب من مستويات سياسية عليا إن أصدروا أحكاماً غير مقبولة لهذه المستويات.

واكتشف فريق تقييم مكافحة الفساد أن ثمة رغبة في الإصلاح منتشرة على نطاق واسع، بين طبقة خاصة من كبار القضاة، الذين تم عزلهم نسبياً، كما أن (80) فقرة من قانون السلطة القضائية تتعارض مع دستور اليمن وشروطه فيما يتعلق باستقلالية القضاء، وكل القضاة المعينين، ليسوا مؤهلين على قدر كاف، ذلك أن التعيينات، تتم وفق معايير سياسية ومناطقية وقبلية، واعتبارات فنية أيضاً.

ولفت أن اليمنيين بشكل عام، يعتبرون جهاز الشرطة، من أكثر الأجهزة الرسمية فسادا في اليمن، ورغم أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، يعمل وفق قواعد متطورة، إلا أنه توجد حدود سياسية خارجية، تتعلق بمدى تنفيذ الصلاحية الممنوحة له. ويوضح التقرير أن التطبيق الرديء وغير المنظم والمدروس، للتحول نحو اللامركزية، سيقود إلى مركزية أكثر فساداً، بدلاً من الحد منه.

التقرير الذي أشار إلى أن الانتخابات الرئاسية في 2006م شهدت مرشحاً من المعارضة حظي بدعم أكبر حزبين، وهذه المرة الأولى التي يسمح فيها رئيس دولة عربية بسباق شبه تنافسي، أكد أن اللجنة العليا للانتخابات ورغم تبنيها تحسينات لا بأس بها في إدارة وتنظيم الانتخابات، لا يزال هناك ميزات مقننة تعطي الحزب الحاكم صلاحيات غير ملائمة وتسهل الفساد الانتخابي، إذ تشير التقارير إلى وجود قوائم تحتوي على عشرات الآلاف من الأسماء المكررة، وحالات دون السن القانوني.

واتسمت عملية تسجيل الناخبين في 2006م بعيوب هيكلية من المحتمل أن تفتح الباب لحالات احتيال ممكنة، إذ تشير التقارير إلى قيام الجيش وقوات الأمن في عمليات التسجيل، فقد تم نقل عدد كبير من الجنود في عربات حكومية إلى مراكز التسجيل، وهو ما يثير الشكوك حول دفعهم للتسجيل إجبارياً لصالح الحزب الحاكم.

* نقلا عن ألأهالي 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن