اليمن :احتقان سياسي يختبر شعبية حزب المؤتمر الحاكم " تقرير "

الأحد 16 ديسمبر-كانون الأول 2007 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس - صنعاء - بوبكر عبدالله
عدد القراءات 5525

تشهد الساحة السياسية اليمنية حالة احتقان سياسي بين أقطاب المعادلة السياسية ـ حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب المعارضة- بشأن قضايا تعديل الدستور وقانون الانتخابات .

ويتصاعد التوتر مع بدء المؤتمر الحاكم ترتيبات إقرار مشروع تعديل الدستور وقانون الانتخابات المختلف عليه فيما بدا أنه ردة فعل سياسية حيال مواصلة المعارضة التي يمثلها تكتل اللقاء المشترك وتضم خمسة أحزاب يسارية وإسلامية برنامجها السياسي الذي أطلقته باسم«صيفنا نضال» في سلسلة تظاهرات واعتصامات احتجاجية تجاوزت المحافظات إلى مناطق القبائل، حيث تم تنظيم العديد من المهرجانات الاحتجاجية في أهم مراكز القاعدة الانتخابية لحزب المؤتمر الحاكم .

نقل الأزمة من مربع إلى مربع آخر

وبرزت هذه التداعيات بعد أيام قليلة من توقيع الحزب الحاكم والمعارضة على وثيقة استئناف الحوار السياسي برعاية الرئيس صالح استنادا إلى الاتقافيات الموقعة قبيل الانتخابات الرئاسية .لكن توقيع الاتفاقية لم يحل الإشكال الحاصل بين قطبي المعادلة السياسية قدر ما نقلها إلى مربع جديد.

حزب المؤتمر فاجأ القوى السياسية المعارضة بخطوات عملية لتعديل الدستور وقانون الانتخابات العامة ،واعتبر مراقبون ذلك ردا على تنصل المعارضة عن اتفاقاتها الموقعة معه بشأن الحوار السياسي .

وتلي ذلك تحركات رسمية على درجة عالية من الجدية بدأت بالإعلان عن بدء مناقشة المسودة النهائية لمشروع تعديل الدستور وقانون الانتخابات استجابة للدعوة التي وجهها الرئيس صالح لمجلسي النواب والشورى لعقد جلسة مشتركة نهاية الشهر الجاري للمصادقة عليها .

وتفاقمت الخلافات أكثر مع إعلان حزب المؤتمر الحاكم ،أن مناقشة مشاريع التعديلات ستتم في ضوء نتائج الحوارات التي جرت مع أحزاب المجلس الوطني للمعارضة الذي يضم عددا من أحزاب صغيرة متفرخة عن أحزاب المعارضة المنضوية في تكتل اللقاء المشترك إلى إعلانه عن تعديلات لقانون الانتخابات بعيدا عن توصيات بعثة الاتحاد الأوروبي بشأن نزاهة الانتخابات .

المعارضة توسع احتجاجاتها

هذه الخطوة أثارت احتجاجات واسعة لدى المعارضة والعديد من الفاعليات السياسية التي بدأت الحديث بصوت علني عن أهداف خفية وراء خطوة المؤتمر هذه .خصوصا ما يتعلق بما اسموه «التمهيد للتوريث» وتدمير الحياة السياسية بالاستفراد بالعملية الانتخابية المقبلة .

لكن حزب المؤتمر برّر إجراءاته بكون البلد قادما على مرحلة سياسية جديدة في انتخابات مجلس الأمة 2009، بما يستدعيه ذلك من الإسراع بتعديل القانون ليتيح تشكيل لجنة الانتخابات من القضاة، والقيام بمهامها في التحضير للانتخابات المقبلة والخروج من حالة اختلاف تعيشها البلاد منذ انتهاء فترة عمل اللجنة السابقة .

واتهم رئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الحاكم عبدالله غانم أحزاب اللقاء المشترك بالمراوغة وقال: « إن عملية المراوغة التي يعتمدها «المشترك» في هذه القضية إنما هي عملية ابتزاز للمؤتمر الشعبي العام لكي يأخذوا ما عجزوا عن أخذه في ظروف أخرى.واوضح : أن التعديلات الدستورية بحسب مبادرة رئيس الجمهورية تهدف إلى إحداث انقلاب إيجابي لتطوير الحكم. وليس من أجل التوريث كما يدعي البعض. كما لفت إلى أن الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى يحتاج لمدة شهرين لمناقشة وإقرار التعديلات الدستورية الخاصة بتطوير النظام السياسي قبل الاستفتاء عليها وأن المتوقع بدء هذه الإجراءات مطلع الشهر المقبل.

طرح مشاريع منفردة

ورغم إعلان أحزاب المعارضة عن مشاريع تعديلات للدستور وقانون الانتخابات ،إلا أن المراقبين اعتبروا أن الخطوات المتسارعة الأخيرة صبت في مصلحة المؤتمر إذ أتاح له فشل الحوار السياسي طرح مشاريع منفردة وتجنب الدخول في دوامة الصراع مع المعارضة التي اعتبرت الخطوات الأخيرة تدميرا للحوار السياسي ومحاولة لجر البلاد إلى المزيد من الاحتقان.

وتحدثت المعارضة عن نتائج كارثية قد تدفع البلاد إلى المزيد من الأزمات في حال انفراد المؤتمر بأي قرارات تخص تعديل الدستور وقانون الانتخابات إلى تأكيدها أن الخيارات التي وضعها المؤتمر خلال الحوار رفضت بالجملة كونها كرست الوضع المختل ولم تعكس التوازن السياسي في البلاد .

ويقول قياديون: إن المعارضة ظلت ولا تزال متمسكة بالاتفاقيات الموقعة مع المؤتمر الحاكم بشأن مواضيع الحوار غير أن إصرار المؤتمر على خياراته أكد عدم حرصه على الديمقراطية والتنمية والاستقرار في البلاد وعدم مبالاته في دفع البلاد لمزيد من التوتر والاحتقان .

وتشير المعارضة إلى أن مخاطر كبيرة تهدد مستقبل البلد جراء تجاوز حزب المؤتمر الحاكم التوافق الاجتماعي والسياسي وفرض مصالح قياداته الخاصة في مشاريع التعديلات المطروحة

وتؤكد أن أية تعديلات ستكون» تجاوزا خطيرا للمسئولية الوطنية والأخلاقية وعملا لن يحقق المشروعية الوطنية والدستورية مالم يتحقق لها التوافق الوطني حول الهدف منها ابتداء بتحقيق الإصلاح السياسي والوطني الكامل واحترام الإجراءات التي تحفظ للدستور قيمته وهيبته وتدفع بالوطن نحو النهوض والخروج من المآزق والكوارث التي تنتهجها السياسات الراهنة».

وترى المعارضة «أن الواجب الوطني يقتضي إشراك كل القوى السياسية والاجتماعية باعتبار أن الدستور والنظام السياسي لا يجري تغييرهما إلا عبر الوفاق الوطني ولا يخضعان للألاعيب السياسية الصغيرة وغير المسئولة».

مرحلة قطيعة سياسية

واستنادا على النتائج التي خلصت اليها تفاعلات الأيام الماضية فإن المراقبين يرجحون أن تشهد المرحلة القادمة حالة قطيعة سياسية بين الحكم والمعارضة .

لكن البعض يشير إلى نجاحات أحرزها المؤتمر كون الخطوات التي باشرها في تعديلات القانون الانتخابي والدستور أتاحت له تجاوز العواصف الحاصلة ،ونقلت الصراع الانتخابي إلى مرحلة تكسير العظام واستعراض العضلات أمام خصم سياسي أثار القلق في فعالياته الاحتجاجية التي شملت معظم المحافظات .

ويؤكد محللون سياسيون أن مضي حزب المؤتمر بهذه الخطوات ضمن له نجاحات في حشر المعارضة في الزاوية خاصة وأنه نجح في تقديم مشاريع بصورة منفردة ليترك لمجلسي النواب والشورى اللذين يسيطر عليهما لعب الخطوة القادمة في اجتماعهما المرتقب لإقرار تعديلات الدستور وقانون الانتخابات والتي ستمكنه من إدارة العملية الانتخابية عبر لجنة ذات لون واحد ،فيما سيكون الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور مؤشر اختبار لقياس مناطق القوة والضعف لديه قبيل الولوج في معترك انتخابات مجلس الأمة في انتخابات العام 2009 .