آخر الاخبار

الـتـلال لا (يـشـحـت)..! تحقيق

السبت 29 سبتمبر-أيلول 2007 الساعة 11 مساءً / مأرب برس _ سامي الكاف
عدد القراءات 4336

** قد يكون حدث في دولة أخرى، لكن الأكيد أنه يحدث هنا لأول مرة في تاريخ الكرة اليمنية، ففي الوقت الذي يهبط فيه فريق التلال الى دوري الدرجة الثانية، وهو عميد الأندية اليمنية، وأكثرها جماهيرية، يستطيع بعدها، وفي غضون بضعة أيام، إحراز كأس الرئيس لكرة القدم لأول مرة في تاريخه..!، هل ثمة مفارقة صارخة هنا يمكن اطلاقها على ما فعله التلال..؟!

يؤكد كثيرون، سواء ممن ينتسبون الى التلال، أو من خارجه، أن الفوز بكأس الرئيس جاء في وقت كان كل التلالية بحاجة إليه لاعتبارات كثيرة، عدا أنه كان مستحقًا، وعن جدارة، غير أن مناقشة ما حدث بهدوء ولماذا حدث أصلاً وكيف هي مسيرة التلال بعد ذلك، بات مطلب كثيرين ممن يبحثون عن مصلحة التلال الحقيقية، خصوصًا والهمس الماكر بات صوتًا مسموعًا في هذه المسألة فيما يتعلق بوجود دوري كرة بدون تلال، وهو أمر (غير طبيعي) من وجهة نظرهم، وعليه يتم التحضير لاصدار قرار فوقي مستندًا الى مكانة الرئيس الفخري للنادي أحمد ابن رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح، يقضي بإرجاع التلال الى مكانه الطبيعي، إذ أن هؤلاء لا يركنون في مثل هكذا أمر على مكانة رئيس النادي الدكتور عبدالوهاب راوح الذي يرأس جامعة عدن، فمثل هكذا منصب لا يملك نفوذًا في الدولة، على الرغم من أن الشيء (الأكثر طبيعية) في عالم كرة القدم ان كل شيء يُمكن له أن يحدث بما في ذلك الهبوط تبعًا لمبدأ أو معادلة الفوز والخسارة.. لاشيء يوجد في عالم كرة القدم في هذه النقطة بالذات له علاقة بـ(ثوابت) وطنية، عفوًا كروية ممنوع (مسها)، أو ثمة (قانون) يجرمها..!

 عندما هبط التلال الى دوري الدرجة الثانية، وهو من محافظة عدن ضمن ما كان يُسمى بالشطر الجنوبي من الوطن، بعد أن أخفق في تجاوز شقيقه الوحدة، وهو من محافظة صنعاء ضمن ما كان يُسمى بالشطر الشمالي من الوطن، في المباراة الفاصلة التي اقيمت بين الطرفين في محافظة من المفترض انها محايدة، وهي محافظة إب (تقع في ما كان يُسمى بالشطر الشمالي من الوطن)، لم يصدق كثيرون أن التلال يُمكن له أن يترك ذلك جانبًا بعد ما تعرض لأخطاء تحكيمية عدّها كثير من التلالية بالظلم الذي نتج عن (مؤامرة)، بل واصل طريقه بنجاح لافت للأنظار في مسابقة أخرى وبنفس اللاعبين مُحرزًا كأس الرئيس.

يقول الأمين العام المساعد محمد عبده جبل (أن احراز فريق التلال كأس رئيس الجمهورية لأول مرة، كان له وقع خاص في نفوس كل التلاليين كونه أعرق الأندية، ولذلك كانت فرحة لكل التلاليين سواء داخل الوطن أو خارجه لأن التلال فريق بطولات ومكانه الطبيعي على منصات التتويج، إلاّ أن الهبوط الى دوري الدرجة الثانية أثّر علينا كثيرًا لأنه يحدث كذلك لأول مرة في تاريخ النادي وشكّل صدمة لم يكن أحد يتوقعها).

لكن هل ما حدث شيء منطقي؛ يهبط فريق الى الدرجة الأدنى ثم خلال بضعة أيام يحرز كأسًا..؟

* يقول الدكتور عزام خليفة خبير الكرة اليمنية، ونجم سابق لفريق التلال لاعبًا ومدربًا، عن هذا الأمر: (ما حدث شيء غير منطقي).

- لكن لماذا هو غير منطقي؟

يجيب عزام: استطاع التلال من خلال الكبوة في الدوري أن يجتاز الصعوبات ويترجمها الى احراز كأس الرئيس وهذا من خلال المقاييس المتعارف عليها أمر غير منطقي، ولكن اللاعبين والجهاز الفني تجاوزوا الكبوة بوقت قياسي.

* عمر البارك كنجم من نجوم التلال كانت له وجهة نظر، فهو يرى أن فريق التلال في الوقت الذي يهبط فيه الى الدرجة الأولى في الوقت ذاته يحرز بطولة كأس الرئيس هو تناقض طبيعي يأتي انعكاسًا لمستوى الكرة اليمنية بشكل عام. غير أن الهبوط في حد ذاته كارثة حد تعبير البارك.

* بيد أن طبيب الفريق الدكتور عبدالرحمن الشرجبي يصف ما حدث بالمفارقة العجيبة صاغها التلال من منطلق أن المجموعة التي تسببت في الهبوط هي نفسها التي أحرزت كأس رئيس الجمهورية.

ويفند عبدالرحمن الشرجبي وجهة نظره قائلاً: أنا بحكم قربي من اللاعبين أرى بأنهم السبب الرئيس في الهبوط من منطلق اللامبالاة وغياب الغيرة والحرص على مصلحة الفريق وبدلاً من ذلك كان التركيز على الجوانب المادية.

ويضيف طبيب الفريق: أراد هؤلاء اللاعبون تعويض ما فاتهم في بطولة الدوري لتأكيد الذات ليس إلاّ وأنهم متى شاءوا أن يحققوا شيئاً بامكانهم عمل ذلك!

- معنى ذلك أن هناك خللاً كان يعاني منه الفريق.. فلماذا لم يتم معالجته إداريًا؟

- يجيب طبيب الفريق: شوف الادارة تداركت المسألة في ظل التراجع في نتائج الفريق وأداء اللاعبين.

- (مُقاطعًا).. ومع ذلك هبط الفريق..؟!

- يرد طبيب الفريق بعد لحظة تفكير: (الادارة جلست مع اللاعبين في أوقات كثيرة وحاولت تصحيح الوضع النفسي عند اللاعبين وتحفيزهم)..!

في الشارع التلالي تبدو أسباب هبوط فريق التلال الى الدرجة الثانية مختلفة الى حد لافت مع ما ذهب إليه طبيب الفريق الدكتور عبدالرحمن الشرجبي.

* يقول أحد المشجعين البارزين لفريق التلال صالح محمد صالح (تجاوز عقده الخامس): هبوط التلال كان بسبب الادارة، وبعض اللاعبين، بالاضافة الى مؤامرات التحكيم في الدوري وليس فقط ما حدث في المباراة الفاصلة مع وحدة صنعاء.

صالح محمد صالح بدا واثقٌا في حديثه.. لا تلعثم في كلامه، ولا ارتباك. مضيفًا ما يلي: حدث تآمر على المدرب العراقي كاظم خلف من عناصر ادارية ردًا على قرار المدرب تصفية ستة لاعبين من الفريق، بالاضافة الى عدم صرف رواتب اللاعبين لبضعة أشهر، لذلك حدث الهبوط نتيجة هذه الأسباب، كما أن رفض شرف محفوظ العمل كمساعد مدرب وقت الحاجة إليه بحسب طلب المدرب العراقي كاظم خلف يثير الاستغراب لأنه بعد ذلك قَبلَ أن يكون مدربًا للفريق..!

- لكن كيف يفسر صالح محمد صالح احراز التلال لكأس الرئيس؟

اقرأوا التالي بتركيز:

- يقول صالح: (أنا أعتقد أنه لولا وجود طاقم تحكيم غير محلي في المباراة النهائية لكأس الرئيس لَمَ أحرز الفريق الكأس.. لأن التلال عانى كثيرًا من ظلم تحكيمي)..!

* أما عمر البارك فيرى باختصار أن أسباب الهبوط يتحمل جزء منها اللاعبون، والجزء الثاني الجهاز الفني، فيما تتحمل الادارة الجزء الثالث.

- لكن كيف تنظر ادارة التلال الى أسباب الهبوط على اعتبار أنها معنية أكثر من غيرها في تحديد هذه الأسباب..؟

* يقول الأمين العام المساعد محمد عبده جبل: الأسباب كثيرة، ويجب أن نتحلى بالشجاعة ونضع النقاط فوق الحروف ونسمي الأشياء بمسمياتها.. هذا الهبوط يتحمله الجميع؛ الادارة و الجهاز الفني واللاعبون، بالرغم من أننا كادارة وفّرنا كافة الامكانيات المادية والمعنوية للفريق بهدف الاستمرار في الدرجة الأولى لكن الهبوط حدث.

ويستدرك محمد عبده جبل قائلاً: الهبوط ليس نهاية العالم، لكن علينا أن نقف كادارة لتقييم ما حدث بشكل جاد بعيدًا عن كافة أساليب المحسوبية والتستر على الغير..!

- لكن هل ذلك يضمن للتلال العودة الى مكانه الطبيعي؟

يقول صالح محمد صالح: لا بد من تغيير اداري كامل.

- (مُقاطعًا).. لكن من غير المعقول أنه لم يوجد من عمل باخلاص في صفوف الادارة؟

- يجيب صالح محمد صالح من فوره قائلاً: لا يوجد.. باستثناء المهندس حسن سعيد قاسم. ويضيف: (لابد من التعاقد مع مدرب كفؤ بيده كامل الصلاحيات دون تدخل من أحد، كما أن سياسة احلال عناصر شابة بدلاً عن العناصر الكبيرة أمر ضروري).

حال العميد على أرض الواقع يؤكد أنه ما زال كثير من التلالية غير مصدق أن التلال هبط الى الدرجة الثانية، مع أن عالم كرة القدم لا يعترف بأشياء ثابتة، ولا بالمستحيلات، ومع ذلك هناك من التلالية من يرى أن الدوري بدون التلال أمر غير طبيعي.

* يقول الدكتور عزام خليفة عن هذه النقطة بالذات: وجود التلال في الدوري يعطي زخمًا كبيرًا، ولكن من نظرتي الرياضية الشخصية أرى أن هبوط التلال لا يعتبر تنقيصًا من امكانات هذا الفريق العملاق، وفي اعتقادي الشخصي ان فريق التلال يستطيع تجاوز كبوة الهبوط من خلال وضع استراتيجية للفترة القادمة تتركز في نقطتين أساسيتين. الأولى أن يستعد استعدادًا كبيرًا من خلال تغطية النواقص واعداد الفريق وكأنه سيلعب في دوري الدرجة الأولى، والنقطة الثانية تتماشى مع النقطة الأولى وتتمثل في استعدادات التلال للاستحقاق الآسيوي وأقصد لبطولة أبطال آسيا، وعندي ثقة كبيرة جدًا بأن التلال يستطيع أن يحقق الرجوع السريع الى دوري الدرجة الأولى وتشريف اليمن آسيويًا. 

- قد يتفق كثيرون مع ما جاء بعاليه، أو يختلف، غير أن ثمة خبرًا بدأ يتردد صداه بقوة في الأوساط التلالية، مفاده أنه توجد تحركات، وصفها البعض بالقوية، لاصدار قرار بعدم هبوط فريق التلال الى الدرجة الثانية لأسباب كثيرة، منها ما هو متعلق بمكانة التلال كعميد للكرة اليمنية ومنها ما هو (سياسي) بدرجة رئيسة يرجح بعض المتابعين أن له علاقة بما حدث في الأراضي الجنوبية والشرقية من (اعتصامات)، لا سيما وأن طريقة الاحتفاء بالتلال كبطل لكأس الرئيس بدا لافتًا للأنظار بحيث غطى حتى على بطل الدوري وهي المسابقة الأهم ليس في الدوري اليمني وحسب، بل وفي كل الدول التي تدحرج المستديرة.. بطولة الدوري هم الأهم وليس الكأس.

* وفيما يرى طبيب الفريق الدكتور عبدالرحمن الشرجبي أن الاحتفاء بالتلال كبطل لكأس الرئيس لم يكن مبالغًا فيه لأن التلال صاحب انجازات وأعرق الأندية على مستوى الخليج والجزيرة، يؤكد المشجع التلالي صالح محمد صالح أن الاهتمام بالتلال كبطل لكأس الرئيس جاء مبالغًا فيه لأن المسابقة الأهم هي بطولة الدوري.

- المتابع فور احراز التلال لبطولة كأس الرئيس يجد أن الصحف الحكومية اليومية، صباح اليوم التالي، أفردت مساحات كبيرة في صفحاتها الأولى لخبر فوز التلال بكأس الرئيس وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ الصحافة اليمنية، على الرغم من ان المسابقة ليست في نسختها الأولى، بل العاشرة، كما أن بطل الدوري وهي المسابقة الأهم، وهو هنا أهلي صنعاء عميد أندية وصاحب الرقم القياسي في احراز بطولة الدوري بعد تحقيق الوحدة اليمنية، لم يحظ بالقدر ذاته من الاهتمام.. هل ثمة دهشة هنا تدعو الى فغر الفم..؟!

ما جاء بعاليه عزز الطرح القائل بأن التلال في طريقه ليحصل على قرار بعدم هبوطه، لكن هل ذلك مطروح علنًا وبشكل رسمي..؟! في الحقيقة لم يصبح الأمر كذلك حتى لحظة اجراء التحقيق، واذا حدث ذلك.. هل هو أمر من شأنه أن يسعد التلاليين...؟!

* يقول عمر البارك: أنا لا يشرفني صعود التلال بقرار.. وإن صعدوا بقرار فأنا أعتبر ذلك مهزلة، وعلى ادارة النادي تقديم الاستقالة لأن التلال ليس بفريق يصعد بقرارات.

* بيد أن طبيب الفريق الدكتور عبدالرحمن الشرجبي يرى شيئاً آخر، إذ يقول: لن أبالغ لو قلت لك لا.. نعم سأكون سعيدًا فأنا لا أتخيل بأن فريق التلال العملاق الذي كان يومًا لا يشق له غبار يتهاوى الى دوري المظاليم.

* طلبنا من الدكتور عزام خليفة بصفته التلالية وبما لا يزيد عن سطر واحد أن يحكي لنا عن شعوره لو حدث وصعد التلال الى الدرجة الأولى بقرار؟

على الفور يجيب الدكتور عزام: لا تعليق...!!

- لكن ماذا عن الادارة التلالية كصاحبة شأن مباشر عن الموضوع؟

- يقول الأمين العام المساعد محمد عبده جبل: أنا ضد اتخاذ قرار عدم هبوط التلال.. يجب أن نعترف بذلك، ونسعى جاهدين لاعادة الفريق الى مكانه الطبيعي عبر الملاعب وليس عبر اتخاذ قرار