36 عاماً على استقلال جيبوتي من الاحتلال الفرنسي

الأحد 30 يونيو-حزيران 2013 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 4156
 
 

احتفلت جمهورية جيبوتي بالذكرى الـ 36 لعيد استقلالها الوطني من الاستعمار الفرنسي الـذي غـادر البـلاد في 27 يـونيو عام 1977م، بقيادة الرئيس الجيبوتي الراحل حسن جوليد ابسيدون، وكـان من أبرز الشخصيات الشابة في هذه الحركة الرئيس الجيبوتي الحالي اسماعيل عمر جيله والذي شارك في مـفاوضات الاستقلال في باريس عام 1976م. ذكرى تأكد وفاء الشعب والنظام الجيبوتي لدماء الشهداء وتضحيات المقاومين والمناضلين، فقد كان استقلال جيبوتي ثمرة كفاح شعبي طويل ومرير.

كأي استعمار لم يحدث الاستعمار الفرنسي في جيبوتي أي تغيير تنموي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الجيبوتي، لتواجه الدولة المستقلة الفتية صعوبات وتحديات كبيرة ومعقدة، لكنها انتصرت في تجاوز هذه التحديات والصعوبات بجهود أبنائها وتكاتفهم في مواجهة الاستعمار، ثم في مواجهة الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، والتفافهم حول قيادتهم السياسية، وشهدت البلاد تطوراً متنامياً على الصعيد السياسي بأخذها بالخيار الديمقراطي، وعلى الصعيد الاقتصادي بالمشاريع التنموية والخدمية والاستثمارية التي شهدها هذا البلد، لاسيما في ظل قيادة فخامة الرئيس اسماعيل عمر جيله، وبمناسبة احتفالات الشعب الجيبوتي الشقيق بعيد استقلاله الـ36 نستعرض في هذه المساحة بعض الملامح والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذا البلد الشقيق: 

النظام السياسي:

جيبوتي هي جمهورية نصف رئاسية ذات سلطة تنفيذية تتمثل في الحكومة وقوة تشريعية في البرلمان.

تتكون السلطة التنفيذية في جيبوتي من رئيس الدولة الذي يتم انتخابه في استفتاء شعبي مباشر وذلك لفترة رئاسية تبلغ ست سنوات، ويقوم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الوزراء، كما تضم السلطة التنفيذية مجلس الوزراء.

أما السلطة التشريعية فتضم مجلس واحد هو مجلس النواب ويتكون من 65 عضو وفترة عضويتهم خمس سنوات، جرت الانتخابات التشريعية الاخيرة في 22 فبراير 2013. والسلطة القضائية تتمثل في المحكمة العليا والتي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد. ويوجد بها عدد من الأحزاب السياسية منها التجمع الشعبي من أجل التقدم ، حزب التجديد الديموقراطي، الحزب الوطني الديموقراطي، كما يوجد عدد من جماعات الضغط السياسي.

بعد سنوات عديدة من حكم الحزب الواحد، أقرت التعددية الحزبية إثر استفتاء الرابع من سبتمبر 1992م.

الموقع الجغرافي

تتمتع جمهورية جيبوتي بموقع استراتيجي بالغ الأهمية والتأثير إذا ما تعلق الأمر بالأمن البحري الدولي، حيث تقع على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها إرتريا من الشمال وإثيوبيا من الغرب والجنوب والصومال من الجنوب الشرقي فيما تطل شرقا على البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الجانب المقابل لها عبر البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومترا عن جيبوتي.

جيبوتي هي دولة في منطقة القرن الأفريقي وهي عضو في جامعة الدول العربية. تقدر مساحة جيبوتي بنحو 23.000 كيلومتر مربع فقط، فيما يقدر عدد سكانها بنحو 864,000 نسمة، وعاصمتها مدينة جيبوتي. ويمثل المسلمون ما نسبته 94% من سكان جيبوتي، أما النسبة المتبقية فهي من المسيحيين. وقد دخل الإسلام جيبوتي في العهود المبكرة من الدعوة الإسلامية عن طريق التجار العرب ولا يزال الكثير من سكانها من أصل عربي خالص كالعمانيين واليمنيين والباقون يتحدرون من أصل عربي.

الواقع الاقتصادي والتنموي في جيبوتي

اقتصاد جيبوتي اقتصاد متكامل يعتمد بشكل أساسي على الخارج سواءً في أنشطته الاقتصادية والتجارية أو في تمويل النفقات العامة، يتميز الاقتصاد الجيبوتي ببنية خاصة مع عدم توازن شديد، ويغطي القطاع الثالث حوالى 80٪ من الناتج المحلي الخام.

تمتلك جيبوتي موارد طبيعية قليلة، ولم يكتشف فيها نفط حتى الآن، لكنها تتميز بموقعها استراتيجي، وهذه نقطة تميزها، ولديها ميناء حيوي في منطقة واسعة من الأراضي غير الساحلية. 

يشكل قطاع الصناعة في جيبوتي 21% من الناتج القومي للبلاد، حيث تقوم بها مشروعات صغيرة الحجم مثل منتجات الألبان وتعبئة المياه المعدنية والملح.

كما تمثل الفواكه والخضراوات أهم المنتجات الزراعية في جيبوتي وتوجد فيها ثروة حيوانية من الأغنام والماعز والإبل. وتشير إحصائية رسمية أن عوائد الزراعة تمثل نحو 4 % من الناتج القومي. 

إلى ذلك تصدر جمهورية جيبوتي (الفرو، الجلود، اعادة تصدير البن)، وتستورد النفط، الكيماويات، والاغذية والمشروبات، معدات النقل والأجهزة. 

في المجال التنموي تشيد جيبوتي حاليا مشروع النور العملاق بمدينتيه النمودجيتين والذين يحتويان بداخلهما، منطقة صناعية ضخمة وميناء ومطار عالميين ومنطقة تجارية، إضافة الي مدينة سياحية عالمية وجسر عملاق يربط بين جيبوتي واليمن عبر مضيق باب المندب، وسيوفر فرص عمل مهمة. حسب العديد من الخبراء.

واقع الثقافة العربية والإسلامية في جيبوتي

عمل الاستعمار الفرنسي في جيبوتي على طمس الثقافة العربية والإسلامية، لكن جيبوتي الآن تسعى جاهدة الى الاتصال بعمق جذور الهوية من خلال التأسيس لوعي بمضامين الهوية العربية الاسلامية من خلال التعليم الذي يتم فيه الاهتمام باللغة العربية والثقافة الاسلامية.

غير أن هذا الوضع تغير، بصورة كبيرة، مع حلول عام 1999، وهو العام الذي تولى فيه الرئيس إسماعيل عمر جيله، مقاليد الحكم في البلاد، فقد انتهج سياسة جديدة فيما يتعلق باللغة العربية في جيبوتي، ودأب في مستهل ولايته على استخدام العربية في الخطابات الرسمية في المناسبات والفعاليات الوطنية كافة، الأمر الذي أعطى العربية دفعة قوية، مكنتها من اقتحام المؤسسات والمرافق الحكومية المختلفة. كما تمثلت السياسة الجديدة للرئيس تجاه العربية، في إطلاق برنامج الحوار الوطني حول العربية عام 1999، في قصر الشعب بجيبوتي، والذي خرج بقرارات تقضي بوجوب رفع مستوى العربية في المدارس الحكومية في جيبوتي.

وتم' التوسع في المدارس الثانوية الأهلية، التي تعتمد العربية لغة للتدريس فيها، وأصبحت اللغة العربية في المدارس الحكومية مع الإنكليزية. هذا إضافة إلى إنشاء قسم عربي لجامعة (بول). وقد أخذ الإعلام دوره في هذا الأمر، إذ تم التوسع في البث باللغة العربية، فالتلفاز الرسمي يبث ساعة للأخبار باللغة العربية يومياً، كما يفرد للبرامج الثقافية ساعات معتمدة بالعربية، ليومين في الأسبوع، وللبرامج الدينية ساعات معتمدة بالعربية، لثلاثة أيام أسبوعياً، أما الإذاعة، فتبث 3 ساعات بالعربية، في اليوم، للبرامج المختلفة، إضافة إلى ساعة للأخبار بالعربية، هذا إضافة إلى إصدار جريدة (القرن) الناطقة بالعربية، وهي تصدر مرتين في الأسبوع، عن وزارة الإعلام الجيبوتية، وهي الصحيفة الوحيدة الناطقة باللغة العربية في جيبوتي، علما بأنها تأسست في منتصف عام 1997، بمبادرة من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلة عندما، كان رئيساً لديوان الرئاسة.

ويحظى التعليم العربي بإقبال كبير عامة، وإن كان التعليم الفرنسي لا يزال يحتل الصدارة بعد مضي 35 عاماً على استقلال البلاد، ويبقى للمدارس العربية الأهلية الدور الأكبر في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية وتنشئة الصغار. 

وبحسب أحد الأكاديميين الجيبوتيين، فإن الجيل الصاعد سيكون أحسن من سابقه، لأنه يتعلم اللغتين الفرنسية والعربية في آن، بحكم المنهج الدراسي الجديد ـ على خلاف ما كان عليه الأمر في الماضي ـ إذ تدرس العربية كمادة أساسية في المدارس من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية. 

ويلعب الإعلام أيضاً دوراً في نشر الثقافة العربية منذ عقود، فالعربية في البث الإذاعي تصل مساحتها إلى خمس ساعات كل يوم، وهو في تحسن مستمر، وهو يقدم برامج ثقافية واجتماعية ودينية متنوعة لمستمعيه، كما وتبث الفضائية الجيبوتية برامج وأفلاماً ومسلسلات عربية إلى جانب النشرة الإخبارية الناطقة بالعربية التي تذاع مساء كل يوم، كما وتصدر جريدة "القرن" الناطقة بالعربية عن وزارة الإعلام والثقافة منذ 13 عاماً، وتحظى باهتمام واسع من القراء في البلاد.

وفي السوق المركزية في العاصمة "جيبوتي"، تنتشر العديد من المكتبات العربية، والتي تبيع الكتب الدينية والعلمية والفكرية والثقافية العربية؟، إلى جانب الكتب المترجمة، وخصوصاً في اللغة الإنكليزية. 

كما وتنتشر المطاعم العربية بكثرة وتوفر أنواعاً مختلفة من الأطعمة والمشروبات، من عربية وأفريقية وآسيوية، وإلى جانب ذلك، تعثر في السوق المركزية الجيبوتية على أزياء عربية مشهورة، كقمصان الرجال والعباءات النسائية وغيرها. 

جيبوتي والعلاقات الخارجية

تسعى جيبوتي التي عرفت، بانفتاحها على الآخر، إلى تعزيز علاقاتها مع البلدان الشقيقة والصديقة ومختلف الهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية، خدمة للسلم والأمن والتنمية في العالم. حيث تربطها بالدول العربية والإسلامية، علاقات كبيرة، والأمل وطيد في مزيد لتعزيز هذه العلاقات والارتقاء بها.

حيث تربط جيبوتي بالدول العربية أواصر حضارية تاريخية عميقة الجذور، ومصالح مشتركة مجسدة في التعاون والشراكة في مختلف المجالات. 

وتعتبر اليمن هي الجار العربي الاقرب لجيبوتي والعلاقة بين البلدين عميقة ومتينة وتقعان على ضفتي البحر الاحمر ويطلان على مضيق باب المندب الاستراتيجي للمصالح العالمية واليمن يشكل عمقاً لجيبوتي الى الجزيرة العربية والخليج والى آسيا وجيبوتي هو الاخر يشكل عمقاً لليمن في القرن الافريقي وللقارة الافريقية كلها، في هذا السياق تأتي مسارات تطور العلاقات اليمنية- الجيبوتية في الحاضر والمستقبل.