قطع الاتصالات وإغلاق مطار دمشق مع احتدام المعارك .. ومخاوف من مجزرة جديدة

الخميس 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 الساعة 11 مساءً / مأرب برس - الوكالات
عدد القراءات 5312

أكد المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أن النزاع بين الرئيس بشار الأسد والمعارضة المسلحة سيفضي إلى "سوريا جديدة". وقال الإبراهيمي للصحافيين، بعد لقائه الأعضاء ال15 في مجلس الأمن الدولي، "من الواضح جدا أن الشعب السوري يريد التغيير، (يريد) تغييرا حقيقيا لا تغييرا مصطنعا".حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وكانت السلطات السورية قطعت، اليوم، خدمات الانترنت والاتصالات الهاتفية- الدولية والخليوية في عدد من المناطق، لاسيما العاصمة وضواحيها، حيث تحتدم المعارك والعمليات العسكرية، كما علقت جميع الرحلات الجوية من والى مطار دمشق الدولي.

في الوقت نفسه، تواصلت العمليات العسكرية التي تشنها القوات النظامية ضد مناطق تتحصن فيها المعارضة السورية، لاسيما في إدلب وحلب ودرعا وريف دمشق، ومعها استمرت الاشتباكات بين هذه القوات ومقاتلي المعارضة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأكدت شركات رصد أميركية انقطاع خدمات الانترنت عن جميع مناطق دمشق وضواحيها وريفها.

وأكد ناشطون سوريون وصحافيون أن خدمات الانترنت والاتصالات الهاتفية (الأرضية والخليوية والدولية) قطعت عن العاصمة وريفها، وحماة وحمص ودرعا وطرطوس والسويداء وبعض مدن دير الزور والرقة. ووصف سكان ذلك بأنه «أسوأ تعطل» للاتصالات منذ بدء الصراع.

وفي حين عزا مزودو الخدمات السبب الى «مشاكل تقنية»، حذرت لجان التنسيق المحلية من أن تكون الخطوة تمهيدا لـ«مجزرة» قد ترتكبها قوات نظام الرئيس بشار الأسد في أي من المدن السورية، مناشدة العالم للقيام بخطوات لحماية المدنيين «من جرائم النظام».

في الأثناء، كانت قوات المعارضة تخوض معارك عنيفة مع قوات الرئيس بشار الأسد في دمشق وضواحيها، ما تسبب في تعليق الرحلات الجوية وإغلاق طريق المطار.

وقال المرصد إن قتالا عنيفا دار في كل المناطق على طول طريق المطار «هو الأعنف في المنطقة منذ بدأت الانتفاضة ضد الأسد قبل نحو عشرين شهرا».

وفي حين اكد مقاتلون انهم قصفوا مدرجاً في مطار دمشق ما ادى إلى اغلاقه، علقت «طيران الإمارات» رحلاتها اليومية إلى دمشق حتى إشعار آخر، لكن شركات أخرى واصلت العمل. كما ألغت شركة مصر للطيران رحلات كانت مقررة اليوم.

وفي مناطق أخرى في دمشق، قال نشطاء بالمعارضة إن طائرات حربية قصفت ضاحيتي كفر سوسة وداريا، حيث تمكن المعارضون المسلحون من الاختباء ونصب كمائن لوحدات الجيش.

ومنذ أسابيع، والرئيس الأسد يجهد لتمتين مواقعه وتعزيز قواته استعدادا لمعركة دمشق المصيرية، مع تحقيق مقاتلي المعارضة المزيد من التقدم على الأرض كل يوم، لاسيما في شمال البلاد وشرقها. وازداد الوضع حساسية مع حصول الثوار على صواريخ «أرض- جو» المضادة للطائرات (40 صاروخا بحسب الاستخبارات الغربية)، من شأنها أن تفقد جيش الأسد سيطرته على السماء أيضا، خصوصا أنها أثبتت فعاليتها خلال اليومين الماضيين وقدرة المقاتلين المعارضين على قلب موازين القوى في صراعهم مع نظام الأسد.

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن الأسد يجهز فيما يبدو لمواجهة عسكرية حول دمشق ربما من خلال عزل المدينة بواسطة شبكة من نقاط التفتيش. وأضاف المسؤول، مشترطا عدم الكشف عن اسمه، «يحقق المعارضون المسلحون مكاسب على الأرض لكنها لا تزال بطيئة. لم نصل بعد إلى الأيام الأخيرة. عند مشارف دمشق تقع هجمات بالمورتر وتزداد الهجمات. يفكر النظام في حماية نفسه... بنقاط تفتيش في الأيام القليلة المقبلة... يبدو أن النظام يستعد لمعركة كبيرة بشأن دمشق».

وتحاول القوات النظامية السيطرة على معاقل للمعارضين واقامة شريط حماية يمتد على حوالي ثمانية كيلومترات حول العاصمة، بحسب مصدر عسكري سوري.

مجزرة في حلب

بالتزامن، قتل 15 شخصا على الأقل، بينهم خمسة أطفال وسيدتان، وأصيب أكثر من 20 آخرين في غارة جوية على حي الأنصاري في غرب حلب.

وأظهر شريط فيديو جانبا من الدمار الذي لحق بمبنيين مجاورين يتألفان من خمس طبقات، وأدى القصف الى دمار كبير في الطبقات العليا لأحدهما.

وفي الشريط، يصل المصور راكضا الى المكان الذي استهدفته الغارة، ويبدو أشخاص يهرعون قبل ان يسمع صوت يصرخ «يا عمو»، ليظهر طفل مغطى بالغبار وممدد على الأرض في ما يبدو انه مدخل المبنى.

ويهرع شخص قائلا «تعوا شيلوا الولد (تعالوا احملوا الولد)» بينما يصرخ الطفل «الله يخليك يا عمو»، قبل أن يرفعه الرجل وتظهر آثار الدماء على الأرض واصابة حادة في رأسه. كما أظهر الشريط أكواما من الحجارة والدمار والسيارات المحطمة في الشارع، حيث حاول عدد كبير من الأشخاص رفع الجثث من وسط الانقاض، مستخدمين أيديهم لازاحة الدمار. وسبقت الغارة اشتباكات عنيفة دارت عند أطراف حيي العامرية وصلاح الدين، واشتباكات مشابهة عند أطراف حيي الصاخور وسليمان الحلبي.

مواجهات

كذلك، جرت مواجهات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، وبخاصة حول قاعدة وادي الضيف العسكرية الواقعة شرق مدينة معرة النعمان في ريف ادلب، حيث «حشدت الكتائب المقاتلة عناصرها في محاولة لاقتحام المعسكر». ويعد هذا المعسكر الأكبر في منطقة معرة النعمان، المدينة الاستراتيجية التي سيطر عليها المقاتلون المعارضون في أكتوبر الماضي.

وأعلن ناشطون سوريون أن جرافات السلطات السورية بدأت في هدم المنازل فوق ساكنيها في حي اللوان في منطقة كفر سوسة في دمشق وسط حملة دهم وقتل طالت عددا من أبناء الحي.

ونقلت وكالة الانباء الالمانية عن الناشطين إن «حجم الإجرام لا يصدق إذ يتم القتل على الهوية الشخصية والجثث ملقاة في الطرقات ويتم دهم وترويع من تبقى من الأهالي في ظل وجود عدد من الجرافات التي تهدم المنازل وتجرف المكان في عدة اتجاهات».

وأطلق الأهالي نداء استغاثة لكل من يستطيع المساعدة.

واعتقلت السلطات السورية طبيبا بريطانيا يعمل في المستشفيات الميدانية للمقاتلين المعارضين في شمال سوريا.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، أمس ان «السلطات الامنية السورية في حلب اعتقلت الطبيب البريطاني عباس خان، الذي كان يعمل متطوعاً في المشافي الميدانية في سراقب، وغادر الى حلب الأحد الماضي، لمعالجة جرحى القصف والاشتباكات».

أسبانيا تعترف بائتلاف الثورة

الى ذلك اعترفت اسبانيا اليوم، بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «ممثلا شرعيا للشعب السوري»، ووجهت دعوة لرئيسه أحمد معاذ الخطيب لزيارتها في الفترة المقبلة.

وقال وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل مارغايو إن الاعتراف يأتي استجابة لجهود مختلف فصائل المعارضة لوضع خلافاتها جانبا والنهوض بمشروع مشترك، وفق ما طالبت به اسبانيا واوروبا طوال الفترة الماضية، معتبرا أن «الخطيب شكّل عنصرا أساسيا لتحقيق توافق الآراء بين جميع الأطراف».

اردوغان : مفتاح الحل تحمله روسيا

من جانبه قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن روسيا تحمل مفاتيح حلّ الأزمة في سوريا، وذلك قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا الاثنين المقبل.

ونقلت صحيفة حرييت التركية، أمس، عن أردوغان قوله: «إن إيران ليست في وضع يخولها حمل المفتاح بعد الآن»، معتبراً ان الموقف الروسي مهم جداً. وأضاف أن الموقف الأميركي لم يكن مرضياً حتى الآن، قائلاً إنهم طلبوا الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، والآن يتعين تشكيل حكومة جديدة، وبعد الحكومة الجديدة نستطيع أن نتكلم.

وتابع: بشار لا يملك القوة على الأرض، ويستطيع الهجوم من الجوّ فقط، إلى أنه استبعد إمكانية إقامة منطقة حظر جوي من دون تفويض من مجلس الأمن. كما اعتبر أن تغيير الموقفين الصيني والإيراني «سيؤثر في المنطقة».

أوروبا تلوح بتسليح المعارضة

ذكرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية، أمس، أن لندن أصدرت إشارة واضحة عن استعداد الغرب لتسليح المعارضة السورية في غضون أشهر، بعد فوزها بالمعركة الدبلوماسية لضمان قيام الاتحاد الأوروبي بمراجعة الحظر الذي يفرضه على تسليحهم في مطلع العام المقبل.

وقالت الصحيفة إن القرار الذي اتخذه سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتقليص الحظر المفروض على الأسلحة إلى سوريا لمدة ثلاثة أشهر فقط، هدف إلى توجيه رسالة قوية لنظام الرئيس بشار الأسد بأن الحكومات الأوروبية على استعداد لتقديم الدعم العسكري "للثوار". أي سيمنح القرار الاتحاد الأوروبي القدرة على توريد الأسلحة إلى قوات المعارضة المسلحة في سوريا بعد الأول من مارس المقبل.

ونسبت «ديلي تلغراف» إلى متحدث باسم الحكومة البريطانية قوله إن هذا القرار يبعث برسالة قوية للنظام السوري، بأن كل الخيارات ما تزال على الطاولة، ويوضح الحاجة إلى تغيير حقيقي في سوريا، لأن استخدامه العشوائي للعنف ضد شعبه لا يمكن تجاهله.