هل تقوم دولة «الحوثية» على قمصان شهداء الثورة ؟

الثلاثاء 10 يناير-كانون الثاني 2012 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - عبدالملك شمسان
عدد القراءات 10069
 
 

قبيل الثورة الشعبية المستمرة حتى الآن هدد صالح بإعادة النظر في النظام التعددي وحظر العمل الحزبي فالعودة إلى النظام الشمولي نظريا وعمليا. ولم يكن ليعلن عن هذا الخيار في مواجهة الرافضين للتمديد له بعد 2013 لولا أنه كان قد ملأ يده من «الجيران» واطمأن إلى دعمهم لهذا الخيار، إضافة إلى لجوئه لحملة تشويه طويلة المدى استهدفت الأحزاب، ودخول قوى نفذت إلى ساحة العمل السياسي من خارج المربع الحزبي حاملة مشاريع صغيرة.

اعتمد صالح على سياسة إدارة التناقضات واستغلال التخاصم السياسي بين المكونات الحزبية بما وفر له أرضية مثالية للعمل، وما إن تأسس المشترك أواخر التسعينات حتى شعر الرجل أن هناك من يمسك بطرف البساط وبدأ يجره من تحته.

وكان يرجو أن ينفض هذا التحالف «اللقاء المشترك» بمقتل الشهيد جار الله عمر، لكن المشترك الذي أسهم في هندسته وبنائه جار الله عمر كان قد تجاوز هذا المستوى، ولم يتأثر سلبا، ومضى على الخط الذي رسمه جار الله عمر بمعية كثير من قيادات المشترك.

وبما أن هذه الجريمة البشعة لم تنجح في زعزعة المشترك فقد كان من باب أولى أن تفشل الخطط الأخرى التي توالت تباعا باستثناء واحدة لا تزال قائمة ولا يمكن التنبؤ بمدى نجاحها أو تأثيرها على المشترك مستقبلا. وتلك هي الخطة التي بدأت بتأسيس الشبا ب المؤمن كتيار فكري ثقافي ثم تحوله إلى تيار مسلح بلا غطاء سياسي أو قضية عادلة حاملا اسم «جماعة الحوثي»، وكان الهدف من هذا التيار شق حزب الحق أولا، ثم تنمية الحوثية حتى تصبح قوة تكافئ قوة الإصلاح وتضرب به ويضرب بها، ويساهم التيار السلفي الناشئ في تخليص كل من الآخر، ليذهب الثلاثة ضحية مرحلة تمتد لسنوات تضاف إلى عمر صالح في الحكم.

تمكن بالفعل من شق حزب الحق إلى ثلاثة أقسام: تيار سياسي حزبي يعمل تحت اسم «حزب الحق»، وتيار ثان يعمل بالعنف والسلاح تحت اسم «جماعة الحوثي»، وتيار ثالث بينهما خرج من تحت مظلة «الحق» ولم يدخل تحت لافتة «الحوثي».

أدى هذا إلى إضعاف حزب الحق كتيار عام، وما إن شعر الحزب أن تيار الحوثي أصبح الرقم الحاضر في الفترة الأخيرة حتى انطلق يغازله ويزعم أنه صنوه الذي لا ينفصل عنه، ورأى أن بالإمكان إعادة الالتحام بينهما بحيث يشكل الحق تيارا سياسا عاما فيما يبقى الحوثي جناحا عسكريا للحزب. وستكون له القيادة والريادة على أساس أنه الحزب السياسي بينما سيظل الحوثيون محاربين لا أكثر. لكن هذا المنطق السلس نظريا لم يكن سلسا من ناحية عملية، وبدا أن الحوثي يريد الاثنتين معا، أي يريد أن يكون هو الجناح السياسي والجناح العسكري في ذات الوقت. إلا أن الحوثي لا يزال مترددا دون الصيغة التي يراها مناسبة للعمل السياسي.

 وتلوح له صيغتان:

الصيغة الأولى أن يواصل تمدده عسكريا وبسط نفوذه على ما تبقى له من صعدة فالمحافظات المجاورة، وأن تدخل البلاد في فوضى واقتتال فينفصل بما بسط عليه يده، أو تمكنه حالة الاقتتال من إعلان نفسه حاكما على اليمن إذ يرى أنه سيكون الأقرب إلى كسب الحرب من بين كل الأطراف وسيكون له فيها الأفضلية كونه المعتمد منذ سنوات على الحرب العسكرية والتمدد المسلح والمتمركز على نطاق جغرافي يمثل بالنسبة له أرضية ونقطة انطلاق، وتوفر الأرضية الجغرافية لأي طرف محارب من أهم عوامل النصر في المعركة، وهو ما لا يراه متوفرا لغيره من القوى الأخرى التي لا تمتلك جميعها قوة عسكرية مسلحة ولا أرضية انطلاق كالتي لديه، وهذا -على الأقل- في تصوره- لطبيعة الحرب التي يريد اندلاعها.

تبدو هذه هي الصيغة المثلى المرسومة لدى عبدالملك التي يحلم أن يغدو بموجبها حاكما بالحق الإلهي لليمن الحديث، وقطعا ستكون الجنوب -وفق تصوره- قد انفصلت في دولة أو عدة دول. وهذا هو ما يجعله طرفا داعما أو ميالا للأطراف الجنوبية الداعية للانفصال، كما أن هذا يجعل الأطراف الجنوبية الداعية للانفصال داعمة له -بالمقابل- أو ميالة إليه.

أما الصيغة الأخرى التي يبدو أنها مرسومة في ذهنه ويمكن وصفها بأنها صيغة احتياطية، أو هي -بالأحرى- أكذوبة لا يزال حتى الآن يراوغ بها الداخل والخارج على حد سواء، فهي تشكيل حزب سياسي، ولهذا قال لجمال بن عمر عندما زاره قبل ثلاثة أسابيع إنه قد يعتزم تشكيل حزب سياسي بعد سقوط نظام صالح.

ولا ندري لماذا لم يورد هذا الخيار في صيغة الجزم والقطع إذ أن الدولة المدنية المنشودة بعد سقوط صالح لا مجال فيها لأي عمل خارج العمل السياسي السلمي وأداته الحزب السياسي!!

لم يجزم بذلك واكتفى بعبارة إنه «قد يفعل»، نظرا لأن الصيغة الأولى هي المسيطرة عليه سيطرة تامة.

ولهذا -وعلى امتداد أشهر الثورة التي ما تزال مستمرة- اندفع وبشكل جنوني محاولا التوسع في جميع الاتجاهات لضمان فرض السيطرة على أوسع رقعة جغرافية ممكنة تمهيدا لمرحلة الحرب الشاملة التي يريد اشتعالها، موافقا بذلك أمنية علي عبدالله صالح.

وبتوقيع علي صالح على المبادرة الخليجية التي تعني رحيله ونظامه، وبالتالي تحقيق أهداف الثورة، ثارت ثائرة الحوثي لأن هذا التوجه -إن تحقق على أرض الواقع- فسينهار مشروعه الطامح للحكم على النحو المشار إليه سابقا.

ومن هنا أعلن رفضه الصريح والقطعي للمبادرة الخيجية والانتخابات الرئاسية، وازداد هيجانه المسلح في المناطق المجاورة، ودفع بأعداد مضاعفة من أتباعه إلى ساحة التغيير بصنعاء مؤلبا على المبادرة الخليجية برمتها وعلى الانتخابات الرئاسية، مصورا أن هذه الانتخابات التي ستطيح بشرعية صالح داخليا وخارجيا ليست إلا التفافا على الثورة وأهدافها وتفريطا بدماء شهداء الثورة الذين لا يراهم إلا موتى قضوا نحبهم على غير بيعة لـ»آل البيت»، وهي البيعة التي يراها شرطا لدخول الجنة. والانتخابات الرئاسية التي تطيح بصالح وتنزع عنه ما تبقى له من شرعية في نظر أنصاره في الداخل والخارج، لا ندري كيف يمكن اعتبارها التفافا على أهداف الثورة التي أولها إسقاط الرئيس ونظامه!؟

وإذا كان بنو أمية قد اتخذوا من قميص الشهيد عثمان -رضي الله عنه- لافتة ولواء يرفعونه في حروبهم من أجل الاستئثار بالكرسي وتوريثه وتوارثه، فإن الحوثي اليوم يملك آلاف القمصان التي يؤدي بها ذات الدور ويتخذ منها لافتات وألوية يرفعها في معاركه، وتلك هي قمصان شهداء الثورة السلمية.

في هذا الموضع يلتقي مشروع الحوثي مع مشروع علي صالح، فالاثنان لا يريدان المبادرة ولا الانتخابات الرئاسية، والاثنان يريدان تفجير الأوضاع عسكريا.

وهدف الحوثي من وراء هذه الحرب مذكور آنفا، فيما يريد صالح إشعال حرب تشفي غليله من اليمنيين إذ لن يخلفه على الكرسي إلا الخراب والدمار، أو الحوثي، واي من هذين تحقق على أرض الواقع ففيه نكاية بالغة بالشعب اليمني، وشهادة للتاريخ أن عهده كان الأفضل، وأن الثورة كانت قرارا مدمرا لليمن.

وهنا يمكن الوقوف على تصريح حسن زيد الذي أدلى به قبل أيام لجريدة امريكية يحذر فيه العالم من أنه سيتفاجأ بعد سقوط صالح بتنظيم القاعدة يحكم اليمن عبر الإصلاح.

إن مضمون هذا التصريح هو تحذير العالم من السماح بسقوط نظام صالح. وسقوط نظام صالح وفق الحل السياسي يثير الرعب لدى الحوثي لأنه سيمكن اليمنيين إلى الدخول نحو الدولة المدنية، وذلك ما سيحول -في نهاية المطاف- دون الدولة الطائفية المذهبية الأسرية التي يسعى إليها هو وعبدالملك الحوثي.

لقد قالفي حوار صحفي مطلع فبراير الماضي: «.. مخاطر الشارع أكيد كبيرة لأننا في مجتمع مسلح، وهذا فارق مع تونس، ممكن مجنون يدخل في مظاهرة يعمل كارثة». فيما يحذر العالم اليوم من السماح بسقوط صالح. وهكذا: في بداية الثورة لم يكن يريد للثورة أن تخرج، وفي نهاية الثورة لا يريد للثورة أن تنجح!!

قد يجمع الحوثي وحسن زيد الفكر الطائفي والسلالي والطموح لدولة لها في أذهانهم صورة معينة، لكن ما لم يحسب له حسن زيد حسابا هو أنه سيغدو في دولة الحوثي في قائمة المعارضة، وهذا إذا سمح له -حينها- بالمعارضة ولم يعش سجينا أو طريدا، لأن ما يختلج في نفسه ليس إلا وهما، إذ لن يكون أعز على الحوثي من العلامة محمد عبدالعظيم، ولا أقرب إليه من المفكر العزاني، ولا أسبق يدا إليه من الرزامي!!

ويكفي للتأكيد على ذلك -من ضمن مؤشرات عدة- أنه كان هناك عناصر حوثية تثير الشغب في ساحة التغيير بصنعاء خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك في إطار البرنامج العام للحوثي، وبحسب مصادر خاصة فقد طلب شباب الساحة من الأخ حسن زيد أن يتحدث إليهم ليتوقفوا عن إثارة القلاقل والخلافات التي حولت الحماس الثوري لدى عدد من المعتصمين إلى توتر، وحولت وجهتهم من استهداف النظام إلى استهداف بعضهم. وقد استجاب حسن زيد وتحدث إلى الحوثيين، ولكن الحوثيين لم يستجيبوا له ويحفلوا بوساطته.

ثم طلبوا ذات الأمر من قيادي آخر في اتحاد القوى الشعبية، وفعل مثلما فعل حسن زيد، وفعل الحوثيون معه مثلما فعلوا مع حسن زيد. ولم تهدأ تلك القلاقل إلا باتصال من عبدالملك الحوثي الذي سيظل خلال الخمسة الأسابيع القادمة يثير تلك القلاقل بمكالمة تلفونية ويطفئها بمكالمة تلفونية!!

والشاهد أن هذا واحد من المؤشرات التي تؤكد أن حسن زيد يحاول استمالة الحوثي إليه ليعترف به قائدا سياسيا له ولكن دون جدوى، وإذا كان هذا هو تعامل الحوثي مع حسن زيد وهو لا يزال معارضا مختبئا في إحدى مغارات صعدة، فكيف إذا غدا ملكا متربعا -باسم الله- على العرش!؟&<

فـي غفلة من قيادة الحزب الاشتراكي..

كيف دخلوا تحت إبط الحوثي!؟

ولست هنا بصدد توجيه الملامة على الاشتراكي أو الإصلاح بناء على تلك العلاقة، ذلك أن تقييم تلك الفترة ينبغي أن يكون وفق معطيات وواقع تلك الفترة لا وفق معطيات اليوم.. لست بصدد ذلك وإنما هي خلفية لابد منها ضمن هذه الفقرة..

بعد 94م انتهى التقارب الاشتراكي الملكي، وبعد 97 انتهى التقارب الإصلاحي المؤتمري، ونهاية التسعينات أصبح الاشتراكي والإصلاح والتيار الملكي حلفا واحدا اسمه «اللقاء المشترك».

والمعطيات التي طرأت الأسابيع الأخيرة ولا تزال مستمرة، تظهر أن هناك عودة للتواصل بين التيار الملكي «الحوثي»، وبين أشخاص في الحزب الاشتراكي، وهو التواصل البعيد كل البعد عن قيادة الحزب الاشتراكي، ويشكف ذلك بجلاء خطاب وسلوك السواد الأعظم من قيادات الاشتراكي وعلى رأسهم الدكتور ياسين سعيد نعمان.

يظهر هذا التحالف في أسماء ما أعلن عنه مؤخرا تحت اسم «جبهة إنقاذ الثورة»، كما يظهر في خطاب عدد من المنخرطين في هذا التحالف الذي سيفضي عمليا -لو كتب له النجاح- إلى إنقاذ صالح وإن كان ذلك تحت لافتة «إنقاذ الثورة» إلا إذا كان سلطان السامعي (النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي) يريد -ومن معه من الحزب الاشتراكي في تلك الجبهة- إنقاذ الثورة من الحزب الاشتراكي ومن الدكتور ياسين سعيد نعمان!!

ومن ضمن أعضاء هذا التحالف المنقذ لصالح -في حال كتب له النجاح- الأخ «محمد أحمد عبدالرحمن صبر» المعروف بنشاطه في ساحة الحرية بتعز والذي ذكره أحد شباب الثورة في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي مستغربا كيف أن سيارته التي تطوف تعز يوميا تمشي دائما على كفرات جديدة ولم تتعرض لرجمة حجر في حين أنه لا يكاد يكون هناك سيارة في تعز سلمت من الاعتداء أو الإحراق أو القصف!؟ وكيف أنه نجا بجسده من أي اعتداء من قبل الأمن القومي أو أي من قوات صالح رغم أنه يتجول في تعز حيث يشاء وبكل أريحية!؟ وكيف أن قيران والعوبلي وضبعان لم يرسلوا إلى بيته «طماشة» رغم أن بيته في حي الثورة الذي غدا منذ يونيو الماضي ثكنة عسكرية لقوات صالح المتنوعة (أمنية، عسكرية،بلطجية)!؟

وكان محمد صبر من المشاركين في مسيرة الحياة التي وصلت صنعاء السبت قبل الماضي وحظي في عدد ذلك اليوم بصورة عريضة على الصفحة الأولى من صحيفة «الشارع»، وحظي -في اليوم التالي- بصورة أعرض في الصفحة الأولى من صحيفة «الأولى» التي وصفته في عنوان التقرير المنشور إلى جوار الصورة بأنه مهندس وقائد مسيرة الحياة، وقالت في أسطر التقرير إنه عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، وقالت أيضا إن بلطجية النظام اعترضوه ذات يوم في تعز واعتقلوا من كان معه بالسيارة فيما هو نجا بأعجوبة. وفي يوم قيام أعداد من المشاركين في مسيرة الحياة بمغادرة صنعاء نقلت مصادر إخبارية أنه تعرض لاعتداء من قبل الحرس الجمهوري في «دار سلم» واعتقل مرافقوه بالسيارة فيما نجا هو أيضا وبأعجوبة، ويبدو أن حملة التلميع ستستمر!!

ويشير شباب في الساحة إلى أن «محمد صبر» وعدد من أصدقائه لعبوا -مع الحوثيين- دورا في توجيه أعداد من المشاركين في مسيرة الحياة نحو تلك المشاكل، وأنهم دفعوهم مع مجاميع من الحوثيين ليثيروا ذلك الغبار تحت لافتة «أصحاب تعز»، فيما أغلب الذين استهدفوا في الطرف الآخر بتلك الاعتداءات -أو فلنسمها المواجهات أو الاشتباكات- كانوا أيضا من «أصحاب تعز»!!

لقد ظل الحزب الاشتراكي يتلقى الضربات المؤلمة من نظام صالح منذ توقيع اتفاقية الوحدة وليس -فقط- منذ 94م، ولا يزال نظام صالح يستهدفه حتى اللحظة. وعندما بدا أن قبضة صالح ارتخت ولم تعد قادرة على توجيه الضربات، إذا بأعداد من أبناء الحزب الاشتراكي نفسه يعملون على إطالة عمر صالح، بل ويسهمون في ضرب الاشتراكي وشق صفوفه وإخراجه من مساره الوطني إلى خدمة المشاريع الصغيرة -بتعبير الدكتور ياسين نعمان، وهي المشاريع التي تتعارض كليا مع مبادئ الحزب الاشتراكي.

إن إضعاف الحزب الاشتراكي يصب في نقيض المشروع الوطني، وتقويته تزيد من فرص نجاح بناء الدولة المدنية المنشودة بعد سقوط نظام صالح. وإذا كان هذا الكلام موجها إلى كل الوطنيين من الأحزاب أو من خارج المربع الحزبي، فكيف بمن هم أصحاب حضور فيه أو تاريخ أو ممن بلغوا فيه إلى «اللجنة المركزية»!؟

لكل شخص أو طرف أن يتفق مع الحزب الاشتراكي أو يختلف معه، وذات الأمر عن اللقاء المشترك على المستوى الأوسع، وما يفترض أن لا يكون مجالا للنقاش فضلا عن الخلاف والاختلاف هو أن الدولة المدنية الحديثة لا تعترف بأي أدوات سوى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وأن الدولة التي يرجى منها أن تعيد للمواطن وطنه ومواطنته، هي تلك الدولة التي يجب أن تقوم على أساس الديمقراطية والتعددية السياسية وما يلحق بها من مفردات. ما يعني أنه لا دولة مدنية بلا أحزاب، كما أنه لا أحزب -بمعنى الكلمة- بلا دولة مدنية. وإضعاف المشترك في هذه المرحلة سينعكس بشكل مباشر على مستوى التقدم في بناء الدولة المدنية.

ولربط هذه الفقرة بسابقتها، فإن ما قيل عن الاشتراكي وضرورة حصوله على فرص القوة، يقال أيضا عن حزب الحق، ولكن: إذا كان الاشتراكي يتعرض لظلم فادح من بعض أبنائه على مستوى القواعد، وبناؤه يتهدم بمعاول ومناجل قيادات وسطى فيه بعضهم نواب وبعضهم أعضاء في لجنته المركزية وأكثرهم يجمعون بين الصفتين، فإن حزب الحق ينسفه قيادات يتربعون في أعلى هرمه التنظيمي!!

وللتنويه: باستثناء حسن زيد والحوثي الذين يُرى عملهم المضاد للثورة واضحا، أؤكد أنه ليس في الأسطر السابقة تخوينا لأي من أصحاب الأسماء المذكورة آنفا ولا غيرهم، كما لا يتضمن الكلام اتهاما لهم بالتآمر على الثورة والنظام التعددي، وإنما هو حديث صريح خلاصته أن الوجهة التي اتجهوا إليها مؤخرا في عملهم مع الثورة تؤدي -من وجهة نظري وكثير غيري- إلى خدمة صالح ونظامه لا خدمة الثورة. وليس في هذا تجنّ عليهم، ذلك أنهم يقولون ذات الأمر عن الأحزاب وغيرها من مكونات الثورة، مع فارق بسيط يتمثل في أن أكثرهم لا يتورع -عند هذا الحديث- عن إطلاق عبارات التخوين بحق تلك المكونات الثورية وعلى رأسها أحزاب المشترك التي ينتمون إليها.

البيض والحوثي.. نقطة التقاطع

ما سبق قوله عن بعض اشتراكيي تعز، يمكن قوله عن بعض اشتراكيي المحافظات الجنوبية المتمسكين بمطلب الانفصال وعلى رأسهم علي سالم البيض وليس آخرهم ناصر الخبجي.

وبما أن الحوثي لا حاجة له ولدولته في الأراضي الجنوبية ذات التوجه السني الوحيد، ولا مانع لديه من انفصال الجنوب، بل ويتمنى أن يحدث الانفصال اليوم قبل الغد، فإن هذه هي نقطة التقاطع بين التيارين.

ولهذا يرضع التياران من ضرع «إقليمي» واحد، ويقال إنهما ضرعان اثنان!!

Shamsan75@hotmail.com

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن