دبلوماسي جيبوتي: الظروف والمعطيات السياسية إقليميا ودوليا لا تخدم مطالب الانفصال

الجمعة 13 أغسطس-آب 2010 الساعة 01 صباحاً / مأرب برس- متابعات خاصة:
عدد القراءات 11918

قال دبلوماسي جيبوتي أن الظروف والمعطيات السياسية إقليميا ودوليا لا تخدم اليوم مطالب الانفصال باليمن كما كانت عليه عند خروجهم من الوحدة وإعلانهم جمهوريتهم التي قال أن الجميع رفض الإعتراف بها رغم امتلاكهم جيشا جرارا يقوده ضباط مؤهلون بسلاح ودبابات ومدرعات وطائرات حربية تنطلق من مطارات مجهزة.

واعتبر الدبلوماسي ضياء الدين سعيد بامخرمه - المندوب الدائم لجيبوتي في منظمة المؤتمر الإسلامي- في مقال نشرته الشرق الأوسط تحت عنوان (الوحدة اليمنية .. بين استمرار المنجز وخطر الهدم) أن جولة حرب سابعة بصعدة التي وصف مشكلتها بالمستعصية تلوح في الأفق بعد خروقات متكررة لوقف الحرب، إضافة إلى حرب السلطة للقاعدة والدعوات الانفصالية المتزايدة لأتباع الحراك الجنوبي تحديات كبيرة تواجهها اليمن ومستقبل وحدته.

معتبرا أن عدم الدمج الحقيقي للقوات العسكرية التابعة للجمهوريتين قبل حرب صيف عام 1994م، كان مؤشرا لإندلاع الحرب التي قال أن صالح وتياره الوحدوي أنتصر فيها للوحدة تاريخيا على الانفصاليين الذين قال انهم أضاعوا فيها الجنوب من أيديهم مع شرف الاستمرار في تحقيق منجز الوحدة التي قال انها حسبت لصالح بفضل مؤازرته من الجنوبيين المستائين من قياداتهم السياسية الجنوبية وعدم رأفتها بهم منذ الاستقلال وحتى مابعد تحقيق الوحدة.حسب قوله.

 وأكد بامخرمه أن أحداث اليمن المتعلقة بحرب صعدة والحرب ضد القاعدة ومطالبة الحراك لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 22 مايو (أيار) 1990، أصبحت مقلقة من اغتيالات وتفجيرات واشتباكات مسلحة التي تصدرت أخبار الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء قبل أكثر من أسبوع سواء.

وأشار الدبلوماسي الجيبوتي :إلى ان من أبرز مايعانيه اليمن قضية الحوثيين التي قال أن المناوشات الحربية تجددت فيها منذرة بحرب سابعة، بعد فترة هدنة قصيرة لم تتجاوز ستة أشهر بعد الحرب السادسة التي قال انها "كلفت الكثير من القتلى والخسائر المادية التي انعكست آثارها المباشرة على عجلة التنمية في اليمن". إضافة إلى حرب الحكومة ضد عناصر «القاعدة» الذين قال انهم استوطنوا في اليمن وجعلوا من جبالها وأحراشها معاقل ينطلقون منها مستفيدين من العلاقات العشائرية لأفرادها مع بعض القبائل التي توفر لهم الحماية التقليدية عند الحاجة، مما حذا بهؤلاء لجلب قرناءهم من دول ومناطق عربية وغير عربية.

مؤكدا تمددهم من اليمن إلى الصومال ليصدروا إليه قياداتهم وخبراءهم، مستفيدين مما يربطهم فكريا وعقائديا بحركة الشباب المجاهدين الصومالية؛ وبالمقابل يجلبوا منه إذا احتاجوا أفرادا، كما أعلن الشباب المجاهدين في الصومال أنهم يدعمون الحوثيين أثناء اعتداء هؤلاء على حدود المملكة العربية السعودية.

ونوه بامخرمة سفير فوق العادة ومفوض لجمهورية جيبوتي لدى المملكة العربية السعودية إلى أن الحراك الجنوبي يطالب بإعادة الانفصال وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 22 مايو (أيار) 1990 يوم تحققت اللحمة بين شطري اليمن، مما جعل منه ومطالبه تحل في ثالث أحداث اليمن، مشيرا إلى أتباع الحراك المططالبين بالعودة إلى ماقبل تحقيق الوحدة التي قال انها شكلت فجرا جديدا شع بضيائه في سماء الأمة العربية، يبررون ذلك بأن نتائج الوحدة قد ظلمت الجنوبيين ومالت الكفة للشماليين على حسابهم.. معتبرا ان هذا الأمر هو مايريد التوقف عنده.

وقال الديلوماسي الجيبوتي:" عندما تحققت الوحدة اليمنية بين شطري اليمن؛ الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب)، اعتبرت الوحدة فجرا جديدا شع بضيائه في سماء الأمة العربية، فاستبشر العرب قبل اليمنيين بهذا المولود الذي سمي الجمهورية اليمنية، وأصبح المنجز العظيم بإعادة اللحمة لشطري اليمن في 22 مايو 1990 تاريخا يتباهى به اليمنيون جميعهم"- حسب قوله.

واضاف :" فقيادة اليمن الجديد تكونت من القيادتين في الجمهوريتين المندمجتين حديثا، اللتين تقاسمتا السلطة، سواء في مجلس الرئاسة الذي تشكل من خمسة أفراد، أو السلطة التنفيذية بتقاسم المناصب الوزارية في الحكومة، بالإضافة إلى دمج السلطتين التشريعيتين (البرلمانين) وتقاسم إدارات المؤسسات الحكومية". غير انه عاد ليقول :"أن شهر العسل لم يدم طويلا، فحدث ما توقعه بعض المتابعين لخفايا الكواليس اليمنية، حيث برزت المناكفات والتباينات السياسية بين قادة الوحدة بعد أشهر قليلة من قيامها".

مؤكدا "استمرار هذه الخلافات وتصاعد حدتها تارة وانخفاضها تارة أخرى على مدى أربع سنوات من تاريخ الوحدة؛ لتشتد في الأخير ويغادر القادة الجنوبيون صنعاء عاصمة اليمن الموحد إلى معاقلهم في المحافظات الجنوبية، وتحديدا عدن وحضرموت، متهمين القيادة في صنعاء بالاستئثار بمغانم الوحدة، وبالمقابل اتهمتهم صنعاء بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح بالخروج عن خط الوحدة والنكوص عن منجز اليمنيين التاريخي الذي انتظروه طويلا حتى يتحقق.وفققوله.

عدم الدمج الحقيقي لقوات الجمهوريتين كان مؤشر لإندلاع الحرب

وتابع حديثه قائلا:"وبعد وساطات ومحاولات عربية لرأب الصدع وإصلاح ذات البين، وقبل أن يجف حبر الاتفاق الذي وقع في العاصمة الأردنية عمان بوساطة العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال - رحمه الله - تطورت الخلافات، لتندلع في مايو 1994 حرب بين التشكيلات العسكرية للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والشرطة التي كانت موحدة نظريا لكنها منقسمة عمليا بسبب احتفاظ الجانبين بهياكلهما كما هي من دون دمج حقيقي يجنب الانشطار".

معتبرا أن عدم الدمج الحقيقي بين الجيش والتشكيلات العسكرية لقوات الجمهوريتين كان مؤشر يدعم توقعات المتنبئين بما حدث بسبب احتفاظ الطرفين بالقوة العسكرية منفصلة ليتحصنوا وراءها عند ساعة المواجهة- وفق حديثه.

وأشار إلى أن إعلان علي سالم البيض، نائب الرئيس اليمني في دولة الوحدة، من المكلا - عاصمة محافظة حضرموت، شرق اليمن - عن إعادة قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، كان سببا لاندلاع حرب الانفصال التي قال أنهم خاضوها من هناك،في حين صمم الوحدويون من أهل الجنوب والشمال معا على الذود عن الوحدة والحفاظ عليها مهما كلف الأمر"- وفق تعبيره.

مؤكدا انتصار تيار الوحدة على تيار الانفصال، بعد شهرين من المعارك الشرسة التي استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، ودخول ماوصفها بـ"القوات الوحدوية عدن وحضرموت وبقية مناطق الجنوب بفضل مؤازرة الجنوبيين" الذين قال "أنهم قاسوا كثيرا من هذه القيادات السياسية الجنوبية التي لم ترأف بهم منذ استقلال الجنوب عام 1967، حتى تاريخ قيام الوحدة في 1990".

مشيرا إلى إقرار تلك القيادات الجنوبية لاحقا، بتلك الأخطاء ، التي قال "أنها أخطاء لا يغفرها التاريخ بسهولة، ولا يمكن أن تُمحى بجرة قلم أو يتم تجاوزها بطي صفحة من التاريخ أو لفظة اعتذار"، لأنها مع الأسف قد شملت – حسب قوله- "سجونا وإعدامات وسحلا للعلماء والمثقفين والمرجعيات الدينية وشيوخ القبائل والعشائر، وتأميم الممتلكات الخاصة للمواطنين من منازل ومحال تجارية، من دون إغفال فظائع القتل الجماعي كتفجير طائرة على متنها نخبة من الدبلوماسيين أو حروب الانقلابات التي شهدت سفكا للدماء وقتلا على الهوية المناطقية في أعوام 1969 و1978 و1986، بالإضافة إلى أن ما تبنته القيادات الجنوبية من فكر «اشتراكي علمي» بمسماه النظري «شيوعي – ماركسي» بتطبيقه العملي، كان سببا في ألا تحصل هذه القيادة الجنوبية على تعاطف كاف من أبناء الجنوب الذين قال أنهم إن لم يكونوا قد وقفوا مع الرئيس صالح في استمرار الوحدة فقد وقفوا متفرجين ومتشفيين في قياداته غير المحبوبة".

الانفصاليون لايعلمون أن اليمن لن يعود يمنين فقط

وأوضح الدبلوماسي بامخرمه إلى أن من وصفهم بدعاة الانفصال "لا يعلمون إلى ماذا يهدفون إذا ما نجحوا في قطع عرى لحمة الوطن الواحد، وأن اليمن لا قدر الله لن يعود يمنين فقط، كما أنهم يعلمون أن أبناء ضحايا الحرب التي ترافقت مع انقلاب 13 يناير (كانون الثاني) 1986 الدامي ما زالوا أحياء يرزقون، ولم ينسوا بعد ما ألم بهم".

واضاف:" فليس من المستبعد أن تنكأ في جنوب اليمن جراح بالكاد بدأت تندمل حتى لو ادعى أصحابها غير ذلك من باب المداراة السياسية المرحلية".

مؤكدا ان الظروف والمعطيات السياسية إقليميا ودوليا لا تخدم مطالب الانفصال، وان الانفصاليين سبق وأن تركوا وحدهم في ساحة المعركة قبل أن يخسروا حرب صيف 1994"، موضحا ان أحدا لم يعترف بالجمهورية الجديدة بعد إعلانها، رغم امتلاكهم حينها جيشا جرارا يقوده ضباط مؤهلون بسلاح ودبابات ومدرعات وطائرات حربية تنطلق من مطارات مجهزة"- حسب قوله.

وأردف الدبلوماسي قائلا:"فرغم تلك الظروف خسروا الحرب، ولم يظفروا بالانفصال، لأن الأوضاع والمعطيات السياسية الإقليمية والدولية لم تكن لصالحهم؛ كما هي كذلك اليوم أيضا".

وبينما أكد أن اليمن يعاني اليوم من أزمة الحوثيين التي قال انه يظهر أنها مستعصية على الحل، إضافة إلى معاناته من تآمر الفئات المنتمية لـ«القاعدة» التي قال أنها تتربص باليمن والعرب والمسلمين على حد سواء"؛ وقوله ان الحرب تدمر، ومطالب الانفصال لو توسعت وتطورت فستهدم ما بني وأنجز". إلا أنه أستبشر بأن شعب الحكمة اليمانية قادر على أن يجتاز محنته ويقفز على أزماته المتعددة التي قال انها تريد أن تعصف به، وأنه سيضرب للعالم أحسن الأمثلة بأن مجد العرب التليد منبعه من اليمن، وأن العطاء اليماني لا ينضب أو ينحسر بل ينفض عن نفسه غبار الزمن مع كل عهد جديد ومع كل ظرف عصيب".

وقال :"أن شعبا عربيا أصيلا دخل في دين الله أفواجا طواعية برسالة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حملها له أعلم الصحابة وأكفأهم «معاذ بن جبل» (رضي الله عنه)، لا محالة سيعرف كيف يتعامل مع ظروفه الحالية بما يليق، وكيف لا وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «الإيمان يماني والحكمة يمانية»؟"-حسب تعبيره.

وأكد أن قيادة اليمن بلا شك قادرة على أن تقلب الطاولة على خصومها، وتأخذ بزمام المبادرة، وتطور الأحداث إلى مزيد من الديمقراطية والشفافية والاستجابة لمطالب الشعب بالتفاهم والحوار والإصلاح والتغيير وكف أيدي المفسدين والنزول عند أدنى رغبات أبنائها من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله ومن أقصى شرقه إلى أقصى غربه"، مشيرا إلى انه تعي تماما أن عجلة التنمية لا تقف عند حد بل هي في تطور وازدهار في كل يوم.. وتعي أيضا أن كل يوم يمضي من دون الأفضل يسبب خسرا وإحباطا في حياة الناس.

وتابع مقاله "أن قائد كعلي عبد الله صالح حقق الوحدة وصانها وخاض الكثير من المواجهات في سبيل حمايتها لن تفوته الفراسة والذكاء والشجاعة في المحافظة عليها بإسناد مسؤولية التنمية والتطوير للأكفاء المؤهلين المخلصين المتميزين الشرفاء النزهاء من أبناء شعبه في قيادة دفة الأمور في بلد يزخر برجال قادرين على أن يحملوا على ظهورهم مسؤوليات قد تنوء عن حملها جبال اليمن الشامخة"وفق قوله.

نحن في جيبوتي نعتبر أنفسنا- كماقال رئيسنا- جزء من اليمن

وألمح الدبلوماسي الجيبوتي إلى :"إن اليمن كما كان على مر تاريخه واعد بالخير، وسيظل كذلك، ولن يَغلِب الحكمة اليمانية أي أمر كان، ونحن في جيبوتي نعتبر أنفسنا كما قال الرئيس إسماعيل عمر جيله، في أحد اللقاءات الصحافية «إننا جزء من اليمن»، ففعلا نحن كذلك؛ يضرنا ما يصيب اليمن من ابتلاء، كما ينعكس علينا خيرا ما تناله من خير". مشيرا إلى أن معاناتهم في جيبوتي من مصيبة الصومال كبيرة، في حين قال "ان خشيتنا على اليمن أكبر، فهي الجار الأقرب جغرافيا وثقافيا وإنسانيا واقتصاديا، فالله أسأل أن يحمي اليمن مما أصاب غيرها من شقيقاتها العربية من محن، وأن يلهم اليمنيين حكمتهم ليتجاوزوا أزمتهم.

انتصار صالح بمعركة الوحدة حسبت له تاريخيا على خصومه

واعتبر الدبلوماسي الجيبوتي ان ذلك كان أيضا عاملا إضافيا مهما بانتصار الرئيس علي عبد الله صالح في معركة الوحدة التي قال أنها "حسبت له تاريخيا على خصومه الذين أضاعوا مع نهاية حرب 1994 الجنوب من أيديهم وأضاعوا مع الهزيمة تميز المشاركة في تحقيق منجز الوحدة".

واستدرك قائلاً:" إلا أنه من المهم بمكان اليوم مع ارتفاع أصوات جنوبية كثيرة تطالب بالانفصال، أن نتأمل منجز الوحدة اليمنية التي لا يختلف اثنان ممن هم في موقف الحياد على عظمتها وضرورة الحفاظ عليها، مع الإقرار بأنه لا يوجد عمل أو عطاء إنساني ينجزه بني البشر إلا ويحتمل القصور والنقصان، وأن تحقيق مطالب الناس غاية لا يمكن إدراكها؛ بالذات عندما تكون حاجة الشعب هي التنمية الاقتصادية والازدهار في مجالات الصحة والتعليم وغيرها من متطلبات الحياة الحسنة التي لا يمكن أن تلبيها بكفاءة الدول المتقدمة والغنية، فما بالك بالدول الأقل نموا التي تعيش ظروفا صعبة في جوانب كثيرة؟".

وفي حين أكد ان وحدة اليمن كانت حين قيامها منجزا عظيما، واستمرارها اليوم أيضا يعد منجزا عظيما؛ وضرورة ملحة في عصر تطور العلاقات وتكاملها بين الدول والمجتمعات، فقد اعتبر أن بقاءها أمر حتمي لا نقاش فيه".حسب تعبيره.

ويشار إلى ان الدبلوماسي الجيبوتي ضياء بامخرمة – ووفقا لشبكة الشاهد الإلكترونية- سبق وأن عمل مسؤولاً للعلاقات الدولية في مؤسسة البريد والاتصالات الجيبوتية 1991م- 1995م، ومساعداً لرئيس قطاع الاستثمار في المؤسسة ذاتها 1995م-1997م، ومديراً للعلاقات الدولية في وزارة الإعلام والاتصالات الجيبوتية 2000-2001م، ومستشاراً في رئاسة جمهورية جيبوتي 2001-2002م، وسفيراً فوق العادة ومفوضاً لجمهورية جيبوتي غير مقيم لدى دولة قطر 2002-2005م، وسفيراً فوق العادة غير مقيم لدى دولة الإمارات العربية المتحدة 2002-2003م. سفير فوق العادة ومفوض لجمهورية جيبوتي لدى المملكة العربية السعودية منذ عام 2002م، وسفير فوق العادة مفوض لجمهورية جيبوتي غير مقيم لدى كلّ من (الكويت، سلطنة عمان، مملكة البحرين)، و مندوب دائم لجيبوتي في منظمة المؤتمر الإسلامي.