الاختطاف والحقوق... آخر الدواء (الكي) أو (علة جديدة)

الإثنين 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - علي الغليسي
عدد القراءات 6863

بالرغم من أن محافظة مأرب جاءت في المرتبة الثالثة إلى جوار محافظة تعز فيما يتعلق بحوادث الاختطاف وفقاً للدليل الصادر عن وزارة الداخلية الذي وضع محافظة صنعاء في المرتبة الأولى بعدد (26) جريمة خطف تليها ذمار بعدد (14) حالة اختطاف خلال الأعوام الماضية، إلاّ أن حجم الهالة الإعلامية والاهتمام الكبير والتهويل المطلق الذي يرافق حوادث الاختطافات في محافظة مأرب يوحي بأن هناك أطراف تسعى لإستغلال أي هفوة يقع فيها أبناء هذه المحافظة، وتقديم مهد الحضارة والتأريخ على أنها باتت بيئة خصبة للثأر والاختطاف، وموطناً للإنسان المتخلف و (البدوي) الجلف.

صحيح أن هناك بعض الظواهر السلبية التي تلقي بظلالها على سمعة تأريخ سبأ وجغرافيا مأرب، غير أن المجتمع لا يتواني في نبذ مثل تلك الممارسات الخاطئة الموجودة أصلاً في كافة المجتمعات، وإلاَّ ما الذي يعنيه أن تتساوى مأرب (محافظة البدو والقبائل) وتعز (محافظة النخبة والمثقفين) في عدد حالات الاختطاف بعشر لكل منهما، سوى أن الأخيرة نجحت في تقديم نفسها على أنها (منبع المدنية) وهو ما فشل فيه أبناء مأرب.

تظل ظاهرة (الاختطاف) ظاهرة منبوذة ولا ينبغي البحث عن مبررات لها حتى وإن كانت على غرار (ما عندنا.. عند غيرنا)، أو أن هناك مظالم ومطالب لا يمكن التوصل إلى حلها إلا بتلك الوسيلة التي يتم اللجوء إليها من باب (آخر الدواء.. الكي) ، غير أن انعكاسات ذلك العلاج تقودنا إلى نتيجة مفادها أن (آخر الدواء) جاء بـ (علة جديدة).

وإذا كان هناك من ينظر إلى وسيلة (الخطف) بأنها تساهم في تسريع الخطى باتجاه (الحقوق)، لكنها قد تزيد أحيانا من تأزيم الأوضاع وتعقيد المشكلة ، حيث يصبح الخاطف في مواجهة ثلاثة أطراف (طرف النزاع ، السلطات ، المجتمع) بعد أن كان يواجه طرف واحد فقط ، كما أن الآثار المترتبة على خلفية الإختطافات تتضاعف ، أقلها بقاء (الخاطف) في قائمة المطلوبين أمنيا.

بالطبع لا ينبغي أن تأخذ الجهات الأمنية والمسئولة سلبية الإختطاف ذريعة لتجريم (الباحثين عن الحقوق)، وشماعة تغطي بها عجزها وفشلها في إنصاف المظلومين وإيصال الحقوق إلى الناس ، حيث أن معظم حوادث الإختطاف التي حدثت في مأرب خلال الفترات السابقة جاءت بعد أن وجدوا أنفسهم يائسين من الوصول إلى حقوقهم عبر البوابة الرسمية والجهات المعنية التي عرضوا قضاياهم عليها ، وحصلوا منها على توجيهات صريحة وقرارات واضحة تؤكد وقوف الحق إلى جانبهم في تلك القضايا ، لكن المماطلة وحالة اللامبالاة والتساهل تجاه حقوق الناس التي تظهر من خلال أداء أجهزة الأمن ومسئولي السلطة تضطر أولئك الأشخاص إلى ركوب موجة الخطف بدعوى (فما حيلة المضطر إلا ركوبها) خصوصا وأن هناك حقوق عادت لأصحابها بعد لجوئهم إلى تلك الوسائل الخاطئة ، فيما لا تزال عدد من القضايا والحقوق المعروضة على السلطة والمحفوظة في أدراج القضاء والأمن عالقة منذ عشرات السنين ، بل إن بعضها تحول إلى خبر(كان) ، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة التعامل مع حقوق الناس من قبل أجهزة السلطة وسرعة البت في مثل تلك القضايا من باب سد الذرائع ، كما أن المجتمع مطالب باتخاذ موقف جاد وحازم تجاه تلك الظاهرة التي تكون (الضحية) فيها دائما (مأرب).

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن