هل تنجح محاولات إنهاء الحرب في اليمن هذه المرة؟

الجمعة 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس- متابعات
عدد القراءات 2869

بالتزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، إلى العاصمة اليمنية صنعاء، الأربعاء 12 نوفمبر، لإجراء محادثات بشأن تجنب القتال في ميناء الحديدة وانتشار المجاعة، أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أن محادثات السلام اليمنية ستعقد مطلع ديسمبر القادم في السويد، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان غريفيث أعلن، يوم الجمعة 16 نوفمبر، أنه حصل على ضمانات من الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي بالالتزام بحضور جولة المفاوضات المقبلة في السويد. 
وقال خلال إحاطته مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الأوضاع في اليمن ومستجدات جهوده: "هذه اللحظة لحظة حاسمة بالنسبة لليمن، وقد حصلت على ضمانات من القيادات اليمنية، وتواصلت مع الأطراف في صنعاء. وأدرك أن الحوثيين قد التزموا بذلك، ولذلك أنوي إعادة جمع الأطراف بشكل عاجل في السويد، وأشكر حكومة السويد على استضافة هذه المشاورات".
وتابع: "أعتقد أننا قد اقتربنا من تسوية المسائل والجوانب التحضيرية لهذه المشاورات وأنا ممتن للتحالف لأنه وافق على ترتيباتنا اللوجستية، وكذلك أشكر عُمان للموافقة على إجلاء طبي لبعض اليمنيين الجرحى".

- محاولات فاشلة 

ومنذ أن اندلعت الحرب في اليمن عام 2014 بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المسنودة بقوات التحالف السعودي الإمارتي، من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى، إثر سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء، فشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتصارعة، وتدخّل التحالف بالنزاع في مارس 2015، بزعم دعم الحكومة الشرعية.
وقُتل في الحرب منذ التدخل السعودي أكثر من 10 آلاف يمني، في حين أصيب أكثر من 53 ألف شخص، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، ويشهد البلد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، كما يواجه خطر المجاعة، بحسب الأمم المتحدة.
وبسبب الأزمة الإنسانية المستحكمة التي خلفتها الحرب، سعى المجتمع الدولي للوصول إلى عملية سلام بين أطراف الأزمة، وكانت أول محاولة بعد مضي أكثر من عام على الحرب، وبرعاية الأمم المتحدة جرت مباحثات بالكويت، في أبريل 2016، ولم تحرز أي تقدم، رغم حث المبعوث الأممي إلى اليمن حينها، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفدَي الحكومة والمتمردين على تقديم "تنازلات" لبلوغ الحل.
وفي6 أغسطس 2016، أعلن ولد الشيخ أن الوفود اليمنية المشاركة في مشاورات السلام ستغادر الكويت بعد أكثر من تسعين يوماً من المحادثات، لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة، وأشار في مؤتمر صحفي إلى أن المعضلة الكبرى في المشاورات كانت في انعدام الثقة بين الأطراف اليمنية.
وبعد استقالة ولد الشيخ بانتهاء عقده في شباط الماضي، اختارت الأمم المتحدة البريطاني غريفيث مبعوثاً أممياً جديداً، وهو من روّاد الوساطة الدولية، ويمتلك خبرات كبيرة في العمل بالأمم المتحدة في الشؤون الإنسانية والسياسية.
غريفيث أعلن أمام مجلس الأمن عزمه استئناف المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية، في سبتمبر 2018 بمدينة جنيف، وقال إنه سيسترشد بالمشاورات التي استمرت 90 يوماً في الكويت، داعياً مجلس الأمن إلى دعم جهوده لبناء المشاورات اليمنية.
وأضاف: "بعد التشاور مع الأطراف فإني أعتزم دعوتها إلى جولة جديدة من المفاوضات والمشاورات التي ستتيح الفرصة للأطراف لمناقشة إطار عمل المفاوضات وتدابير بناء الثقة والخطط المحددة لدفع العملية إلى الإمام".
إلا أن مفاوضات جنيف فشلت قبل أن تبدأ، بسبب عدم قدوم وفد الحوثيين إلى مقر المحادثات، وأشار غريفيث إلى أنه لم يكن من الممكن إقناع وفد الحوثيين بالقدوم، وقال: "رغم عدم إجراء المحادثات إلا أن غياب الحوثيين لا يشكل عائقاً أساسياً للعملية"، مشيراً إلى أنه سيلتقي بممثلين عنهم في صنعاء ومسقط بسلطنة عُمان.
واتهم وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، الحوثيين حينها بـ"محاولة تخريب المفاوضات"، وقال: إن "هذا الأمر يحدث في كل مرة".
وفي إطار سعيه الحثيث لجمع الفرقاء إلى مائدة التفاوض، سعى غريفيث إلى عقد جولة مفاوضات قبل نهاية شهر نوفمبر الجاري، إلا أنه أسقط جميع تلك الخطط، بحسب ما ذكر فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، يوم 9 نوفمبر، وقال: "لقد أسقط المبعوث الأممي إلى اليمن خطته المتعلقة بعقد محادثات سلام حول اليمن قبل نهاية هذا الشهر".
وأضاف أن "غريفيث يأمل في جلب الأطراف المتحاربة إلى الطاولة قبل نهاية هذا العام".
- متغيرات ميدانية وسياسية

ويلحظ المتابع للساحة الدولية أن ثمة تفاؤلاً حذراً يسود المشهد مع إعلان جولة المحادثات الجديدة في ديسمبر القادم بالسويد، ويعزو مراقبون هذا التفاؤل إلى وجود متغيرات ميدانية على صعيد المواجهات العسكرية، إلى جانب مستجدات سياسية ضاغطة ستدفع أطراف الصراع إلى تقديم تنازلات للخروج بالأزمة من عنق الزجاجة.
فمن الجانب الحوثي أعلنت الجماعة عن مبادرة لإيقاف هجماتها الصاروخية على السعودية والإمارات، واستعدادها لوقف المعارك داخل اليمن، وقالت إن ذلك يأتي استجابة لجهود المبعوث الأممي.
كما أعلنت حكومة هادي، المعترَف بها دولياً، مشاركتها في المشاورات، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للضغط على الحوثيين من أجل التوصل إلى سلام.
العامل الميداني الأهم في هذه المعادلة هو المتعلق بالتحالف السعودي الإماراتي، حيث غيرت السعودية، التي تقود التحالف، موقفها المتعنت تجاه الحوثيين، وأعلنت دعم المفاوضات المزمعة، ويرى مراقبون أن حربها في اليمن وصلت بها إلى نقطة لم تعد قادرة معها على المضي قدماً، بسب الخسائر المادية والبشرية، وهو ما يدفعها لمحاولة الانسحاب من المستنقع الذي دخلت فيه.
ويبدو أن أزمة مقتل خاشقجي يوم 2 أكتوبر الماضي، في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، كان لها تداعيات سياسية كبيرة على الرياض، بسبب ما حشدته من ضغوط الدولية انعكست على أداء جيشها، خاصة الطيران، فـبعد مقتل خاشقجي تصاعدت الضغوط الدولية على المملكة لوقف حرب اليمن، فيما دعا مشرعون أمريكيون لوقف الدعم اللوجستي لمقاتلات التحالف، وهو ما تسبب في إعلان واشنطن وقف تزويد المقاتلات بالوقود الأمريكي جواً، في خطوة تسعى معها لتقليل أعداد الضحايا المدنيين، وفق ما أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.
جملة هذه المستجدات تدفع المراقبين للتكهن بأن جولة المحادثات الجديدة ستكون ذات أثر في جلب السلام إلى اليمن الذي لم يعد سعيداً منذ دخوله دوامة الحرب، وتحوله إلى ورقة بيد الطامعين والمتصارعين من دول الإقليم.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن