آخر الاخبار

الكيان الموازي بتركيا.. من النشاط الدعوي إلى محاولة الانقلاب العسكري

السبت 16 يوليو-تموز 2016 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 2420

عودوا إلى بيتكم".. هكذا تعالت أصوات الشعب التركي، ليلة السبت، بعد محاولة انقلاب عمد إلى تنفيذها مجموعة من قوات الجيش التركي التابعين لجماعة فتح الله غولن، التي لم تكن أول محاولة منذ أن بدا العداء واضحاً بين جماعة غولن وحزب العدالة والتنمية التركي، أو بين الرئيس رجب طيب أردوغان وفتح الله غولن مؤسس الحركة المنفي "اختيارياً" بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتعتبر النجاحات التي حققها حزب العدالة والتنمية، ونجاحه في إقناع الشعب التركي بتلك الإنجازات، بمثابة المحطة المفصلية ليؤكد ثقله وإقبال الشعب عليه، التي لم تفلح ضده محاولات انقلابية سبقت تلك المحاولة الأخيرة، التي لم تظهر نتائجها حتى الآن.

وعلى الرغم من أن جماعة غولن تملك قاعدة عريضة من البيروقراطيين الذين نجحوا في اختراق أجهزة الدولة، وخاصةً الشرطة والقضاء والجيش، حيث كان لهم دور محوري ومهم في التخطيط للانقلابات العسكرية السابقة، فإن أردوغان وحزبه نجحوا في إقصاء المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية، عبر قضايا ومحاكمات "إيرغونيكن" و"المطرقة".

- جماعة غولن.. إرهابية

وفي مايو/أيار 2016، صنف الرئيس التركي أردوغان رسمياً حركة غولن كـ "منظمة إرهابية"، مشيراً إلى أنه سيتعقب أعضاءها، الذين يتهمهم بمحاولة قلب نظام الحكم.

وقال أردوغان لمؤيديه بمدينة إزمير، التي كانت تشهد تدريبات عسكرية آنذاك: "لن ندع أولئك الذين يقسمون الأمة من دون عقاب في هذا البلد"، مضيفاً: "سيحاسبون، البعض فر والبعض مسجون ويحاكم حالياً، هذه العملية ستستمر"، وتابع: "مجلس الوزراء وافق على قرار بإطلاق وصف جماعة غولن الإرهابية".

وتعمد أردوغان استخدام هذا التصنيف في الضغط على واشنطن لتسليم غولن، وهي خطوة من غير المرجح أن توافق عليها السلطات الأمريكية من دون أساس ملموس.

- خطوة نحو العداء

محكمة تركية كانت قد أصدرت مذكرة لإلقاء القبض على غولن الذي يرأس حركة "حزمت"، التي اتهمها أردوغان بالتخطيط للانقلابات العسكرية السابقة في تركيا.

ويعيش غولن في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث كان أحد حلفاء أردوغان، إلا أنه خطط مراراً للإطاحة بالحكومة التركية، وسط تكهنات بدعم الولايات المتحدة الأمريكية له، وهي التهمة التي ينكرها غولن دائماً.

- نشأته

وولد محمد فتح الله، أو فتح الله جولان، أو فتح الله غولن، في 27 أبريل/نيسان 1941 بقرية صغيرة تابعة لقضاء حسن قلعة، ‏المرتبطة بمحافظة أرضروم، وهي قرية كوروجك، ونشأ في عائلة متدينة.

واشتهر والده رامز أفندي بالعلم والأدب، وعُرفت والدته بالتدين الشديد، حيث قام الوالدان بتعليم ابنهما محمد القرآن الكريم حتى أتم حفظه ولم يتجاوز عمره 4 سنوات.

وتعوّد فتح الله غولن مجالسة الكبار، والاستماع إلى أحاديثهم أثناء زياراتهم المتكررة إلى بيت والده، حيث استغل والده شغفه وحبه للتدين، فقام بتعليمه اللغتين العربية والفارسية.

وأثناء دراسة غولن وتردده على العلماء المعروفين، درس رسائل النور، وتأثر بها كثيراً، ثم زاد من اطلاعه وقراءاته، وزاد من الاطلاع على الثقافة الغربية والفلسفة الشرقية، والفيزياء والكيمياء والفلك والأحياء.

 

عُيّن غولن إماماً في جامع أُوجْ شرفلي بمدينة أدرنة، وهو في العشرين من عمره، حيث ‏قضى فيها مدة سنتين ونصف، في جو من الزهد ورياضة النفس، وقرر المبيت في الجامع وعدم الخروج إلى ‏الشارع إلا لضرورة.‏

بدأ عمله الدعوي في إزمير بجامع "كستانه بازاري"، في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع، ثم عمل ‏واعظاً متجولاً، يقيم الندوات والمجالس واللقاءات الخاصة التي يجيب فيها عن الأسئلة التي تجول في أذهان الناس ‏والشباب خاصة.

- أردوغان وغولن من التوافق للعداء

اشتد الصراع بين حركة غولن وحزب العدالة والتنمية منذ العام 2010، وتطور الخلاف إلى لجوء غولن سياسياً إلى أمريكا، ليأخذ الصراع شكلاً جديداً بدعوته إلى انقلابات عسكرية على الحكومة التركية.

وفي 18 يونيو/حزيران 1999، تحدث غولن إلى وسائل الإعلام، حيث انتقد ضمنياً مؤسسات الدولة، الأمر الذي دفع النائب العام لفتح تحقيق في تصريحاته، إلا أن رئيس الوزراء التركي آنذاك، بولنت أجاويد، تدخل مطالباً معالجة الأمر بهدوء، بدلاً من التوجه للفضائيات، بالتزامن مع دفاع غولن عن مؤسساته التعليمية قائلاً: "مدارسي تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرّف تركيا بالعالم، مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات".

بعد ذلك اعتذر غولن علانية عن تصريحاته، إلا أن بعض العلمانيين ظلوا متشككين في أهدافه، ولاحقاً وجهت له اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة، من ضمن ذلك الجيش

- تحريضه ضد نظام الدولة وانقلابه على أردوغان

بعد تصريحاته التي بدأت صدامية مع نظام الدولة، تم تسريب فيديو لغولن يدعو فيها عدداً من أنصاره التحرك ببطء من أجل تغيير طبيعة النظام التركي، وتحدث عن نشر الثقافة التركية في أوزبكستان، ما أثار موجة غضب في الجيش وباقي مؤسسات الدولة، تبعه حدوث أزمة دبلوماسية بين تركيا وأوزبكستان دفعت بولند أجاويد للتدخل مجدداً في محاولة لاستيعابها.

الإنجازات التي حققها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال 11 عاماً قضاها في الحكم وفي بلدية إسطنبول، كانت كفيلة بإقناع الشعب التركي بما حققه من إنجازات اقتصادية، وعلى رأسها مكافحة الفساد، وخطوات المصالحة مع الحزب الكردي، ثم الأرمن لاحقاً، كانت مؤشر خطر لدى جماعة غولن بخطورة أردوغان، بدأت تصريحات غولن تهاجم أردوغان علانية، وتهاجم حزبه "العدالة والتنمية"، برغم وعد أردوغان عزمه على الدفع بمسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون في بداية توليه حكم البلاد.

وبعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011، اتهم غولن حزب العدالة والتنمية، وعلى رأسه أردوغان، بالتغيير في مسيرة الحزب باتخاذ مواقف مناهضة له، الأمر الذي كان مبرراً لجماعة غولن القيام بمحاولات انقلابية متكررة باءت جميعها بالفشل، حيث رد أردوغان على غولن بتشديد رقابة الحكومة على الحركة ومصادر تمويلها، ومراقبة أجهزة القضاء والشرطة والجيش التي كانت تعج بأنصار غولن وتحول كامل ولائها له، حيث تحرك أردوغان لتطهير تلك الأجهزة من أنصار غولن.

*المصدر الخليج اون لاين