نظمها التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بالذكري الثامنة عشر لقيام الوحدة اليمنية

السبت 24 مايو 2008 الساعة 07 مساءً / مارب برس - صنعاء
عدد القراءات 5459

الدكتور جميل عون- أستاذ الفكر العربي بجامعة صنعاء

تحت مبرر ترسيخ الوحدة الوطنية في رأيهم يجب أن يكون بعيدا عن الاختلاف أي أن الاختلاف ليس إلا دعوة إلى مزيد من التجزئة ’ إن الحديث عن الاختلاف والتنوع يتجه إلى الديمقراطية التي تسلم بالاختلاف وتشرع له وتنظمه ويبنى عليه مفهوم نظام يسلم بالتعددية

هل حينما قامت دولة الوحدة كان هناك تشابه بين النظامين أم لا؟ حقيقة نحن لانشبه الألمانيتين ولا الكوريتين , سواء من حيث البنية الاجتماعية أو الاقتصادية .... الخ, لكن تعد تأسيس كيانات أو دول معينة بالإضافة إلى الثقافة السابقة سواء تلك التي كانت إبان الإمامة أو مع وجود الاستعمار البريطاني في الجنوب, تكونت بعض الملامح الأخرى التي تعني شكل من أشكال التمايز ولكن ليس ذلك التمايز الحاد الذي يمكن أن نقول انه من الصعب قيام دولتين بوجوده, فلا ينبغي التضخيم بين التماثل والاختلاف إلى حد إلغاء القواسم المشتركة بين النظامين.جار الله عمر كان قد وضع في العام 89م وكذلك الأخ عبد الغني ثابت في قضايا العصر في ثلاثة إعداد نوفمبر وديسمبر89م ويناير90م رؤى حول الوحدة اليمنية , جار الله عمر وضع كثير من القضايا منها ن الوحدة ضرورة مهمة ولكنه كان يرى ضرورة وضع برنامج للوحدة, ووضع مسافة زمنية من أربع إلى خمس سنوات للعمل على تنفيذ كثير من البرامج تعتمد هذه البرامج أولا على أساس المراجعة والتقييم الذي تم في جنوب الوطن حينما رأوا ما حصل في الجنوب بعد أحداث يناير 86م. الدعوة إلى برنامج الإصلاح والدعوة إلى التعددية وان كانت صغيرة , حيث ظهر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والبعث حينها في اليمن الجنوبي وبدأت الحوارات فيما بينهم ووضعت ورقة خاصة للإصلاحات السياسية , كانوا يرون أن هذه التجربة التي حصلت في الجنوب يمكن أن تدفع إلى قيام تجربة مماثلة لها في الشمال والحقيقة أنها نوايا طيبة طالما ونحن عملنا هذه الإصلاحات هذا سيدفع في الشمال القوى السياسية الحية داخل النظام وخارجه إلى القيام بمراجعة مشابهة ولكن بالاتجاه المعاكس والقيام بخطوات تاريخية لإزالة العلاقات القديمة وتوحيد السوق وتثبيت مركزية الدولة وإعادة الاعتبار للقوى الوطنية والديمقراطية والاعتراف بالقوى الاجتماعية الجديدة.

كلام جميل لكن على ارض الواقع لم يكن هناك تشخيص للبنية التسلطية للنظام الذي كان سائدا في اليمن والذي هو ألان قائما’ فقد عدنا إلى النظام التسلطي الذي كان قائما قبل الوحدة بشمال اليمن بكل آلياته ’ صحيح توجد ديمقراطية بمعناها البسيط وهي التعددية الحزبية .. لدينا انتخابات لكنها عبارة عن ديكور وهيئات تنفيذية تساعد الحاكم على البقاء والاستمرار وابسط دليل انتخابات المحافظين أربعة من أصل عشرين هم من المقربين وأفراد الأسرة "أمين العاصمة ومحافظ عمران وصنعاء واب" ما يعني انه لازالت السلطة التسلطية قائمة الديمقراطية السياسية لم تكتمل الانتخابات مزورة ومنذ 18 عاما من إعلان الديمقراطية كشرط أساسي لدولة الوحدة وحتى يومنا هذا لاتوجد انتخابات نزيهة. الانتخابات في بلادنا كلها كذبة في كذبة ! ومكافئة له رئيس اللجنة العليا للانتخابات عين وزيرا للدولة لشؤون مجلسي الشورى والنواب!

 

التداول السلمي للسلطة هذه مسالة مفروغ منها ,, خط احمر لاينبغي أن تناقش , لدينا حاكم لو سلطان أو ملك يجب أن لايمس ! ديمقراطية توافقية كتلك التي في لبنان لانريد يجب أن نعلن للملا كاستحقاق خارجي إننا مع الديمقراطية السياسي والتداول السلمي للسلطة.

إن الرغبة الحقيقية لبقاء الوحدة تقتضي إصلاح الأوضاع في شطري اليمن , فالوحدة قيامها في 22 مايو1990م ارتبطت بمسالة الديمقراطية التي لازالت غائبة حتى اليوم, وارتبطت بمسالة الإصلاح لكن الفساد زاد واستشرى أكثر مما كان قبل الوحدة وكأنه قد تم تعميمه بشكل رسمي في الدوائر الاقتصادية والأسوأ أن يصل الفساد حتى إلى المؤسسة التعليمية الجامعية.

أنا استغرب من وزير معني بشؤون الجامعات يتحدث عنها وكأن لاعلاقة له بها وكأنه مستقل عن الموضوع والمشكلة هي فقط أساتذة الجامعات الذين وصفهم قبل ارب عاو خمس سنوات بأنهم عبارة عن"دبابات" وهو حينما كان رئيسا للجامعة وقع الاتفاقيات عن الجامعات الأخرى, فمن هو المستفيد من ضرب عقل وضمير الأمة؟ من الذي يعمل على التوسع العشوائي لإنشاء الجامعات؟!بعد إعلان الجمهورية اليمنية تم الالتفاف على العديد من نصوص والاتفاقات التي قامت على أساسها الوحدة , وتم تسييد النظام الشطري في شمال اليمن سابقا وعدم القبول بإنهاء السلطة الفردية وإجراء الإصلاحات وقيام الدولة اليمنية الحديثة وفقا للاتفاقات ودستور الوحدة إن تضافر حسن النوايا للاشتراكي وسوءها في الجانب الأخر غلب الموقف المتعجل والقفز على الشروط الموضوعية’ وضرورة التدرج في الخطوات الوحدوية’ وإيجاد قاعدة مادية للوحدة وبناء دولتها, إلى الإعلان الفوري عن الوحدة الاندماجية وهو مانجده في تبرير الحزب الاشتراكي في تقرير للدائرة السياسية كان مقدم للجنة المركزية ونشر في الثوريفي18-3-93م في العدد 1288 يقول"انه وعلى الرغم من أن أسس الوحدة كانت محل خلاف منذ البداية ومن ذلك الفهم المتباين لاتفاقيات الوحدة وسبل تنفيذها , اثر توقيع اتفاق نوفمبر89م فإن بروز بعض الظواهر والتحركات المعادية لإحباط ذلك الاتفاق الوحدوي قد جعل الحزب ينجر لتجاوز المواعيد المتفق عليها لإقامة دولة الوحدة اليمنية واختيار موعد جديد لقيامها في 22-مايو 1990م, إضافة إلى أن المتغيرات الدولية حصلت"تفكك المنظومة الاشتراكية" حينها كانت تقدم الدعم اللامحدود لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا.يتجلى الموقف الواضح من بناء الأسس المادية للوحدة من اللحظات الأولى من عمر الوحدة ولقد دفع النظام في الشمال ببعض التيارات الحليفة له إلى نسف أسس قيام دولة الوحدة ورفضها على سبيل المثال إلغاء المواد في الدستور المتضمنة لها منها"الماد3 المتضمنة أسس النظام القانوني و4 إقامة نظام ديمقراطي و5 المتضمنة العدالة الاجتماعية و27 التي تكفل المواطنة المتساوية " ... الرفض واضح لتحالف النظام السياسي الشمالي لإقامة دولة الوحدة!أنا أرى إن إعلان الوحدة في 22مايو 1990م بتلك الوسيلة والآلية ماهو إلا بداية الأزمة ,جميعنا تحمسنا لإقامة دولة الوحدة لأنها حلم اليمنيين لكن في الحقيقة كان هناك مشروع مناهض للوحدة تحت شعار الوحدة لكنه مناهض لها يعمل على بسط السيطرة على كل أراضي الجمهورية اليمنية , هناك أزمة رافقت الوحدة منذ تحقيقها وليس هناك شك من وجودها منذ إعلان قيام دولة الوحدة في 22 مايو 90م برزت الأزمة الحقيقية للوحدة فالاندفاع العاطفي والحماسي لتحقيقها وغياب الإرادة السياسية والمشروع الوحدوي والعجلة في تحقيقها وعدم الالتزام باتفاقيات الوحدة وأسسها المنصوص عليها في دستور الوحدة اليمنية أدى إلى تفجر الأزمة مباشرة منذ اليوم الثاني لإعلان قيامها.

الحزب الاشتراكي في الحقيقة ظلم كوادره في المناطق الشمالية ,فحينما قامت الوحدة تم التقاسم على أساس حكومة في الجنوب وحكومة في الشمال وكوادر الحزب الاشتراكي في معظم المحافظات الشمالية عاشت وكأنها لازالت تناضل في ظل وضع سري لايستطيعون القول أنهم في الحزب الاشتراكي حتى لايحرموا من المنح والابتعاث الخارجي وغيره. فبدلا من ترسيخ أسس دولة الوحدة وبناءها تحولت الفترة الانتقالية إلى فترة تخلص من كل الاتفاقات الوحدوية المعلن عنها والموقع عليها ومعترف بها عربيا ودوليا, ونتيجة للتوازن اعتبرت نتيجة الانتخابات فرصة سانحة لتحقيق الهدف والإخلال بالتوازن الذي أتى مع الوحدة ورفض التسليم بالديمقراطية والإصلاح وإقامة الدولة الحديثة إلا وفقا لمفاهيم خاصة تعني بنهاية المطاف الانقلاب على الديمقراطية للعودة إلى شرعية الماضي. في 22مارس 2007م بدا الحراك السياسي في الجنوب ولكي نعالج مشكلة الدعوات إلى الانفصال ينبغي أن ندرس العوامل الأساسية لقيام دولة الوحدة, وينبغي أن نشخص الطبيعة التسلطية للنظام الحاكم في اليمن, الحاكم لايريد أن"يتزحزح" هو أشبه بظل الله في الأرض ويجب أن لايمس وبالتالي هو الذي يختزل هموم وأحلام المواطنين في الديمقراطية, لكن انه يرفع الأسعار ويوجد جيش من البطالة وينشر الفقر هذا الكلام لايمسه. هناك أسباب موضوعية وذاتية لما يحصل الآن من حراك. فمثلا ما يحدث الآن في صعده ألان الحرب الخامسة لم تناقش ولا توجد شفافية الحرب وصلت إلى بني حشيش وقصف في ذمار ونحن فقط نعرف أنهم مجموعة حوثيين ويرسلون المدرعات والقوات لضربهم! المسالة تتعلق بالنسيج الاجتماعي للوطن .. الوطن سيتمزق واليمن لن تصير يمنين فقط ممكن أن تتحول إلى مجموعة دول وحاشا لله أن يحدث هذا ’ لكن هناك أسباب موضوعية لذلك التفتيت الحاصل في النسيج الاجتماعي , لم يأت ذلك من الخارج بل هو من الداخل, كفعل طبيعة النظام التسلطي الديكتاتوري الاستبدادي الذي لايرغب في بناء الدولة اليمنية الحديثة.

الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

الوحدة اليمنية هي بمثابة الشخصية الملهمة للشعب اليمني وهناك مخزون عاطفي لدى اليمنيين في تحقيق وحدتهم , وهناك متطلبات الوحدة فهي أولا واجب ديني ديننا يحضنا على التوحد قال تعالى" واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا" وهي مطلب اقتصادي واجتماعي وهي احتياج سياسي ,تعتبر الوحدة اليمنية من أغلى الوحدات في العالم فقد طلب ودها حكام شطريون وقامت حربان عامي72م و79م ثم تلتها بعد دولة الوحدة حرب صيف94م مهر الوحدة اليمنية كان التعددية السياسية والحزبية. جاءت دولة الوحدة محصلة لكيانين غير ديمقراطيين في الشمال كانت تجرم التعددية وكان هناك إجماع رئاسي بدءا الرئيس السلال ومرورا بالارياني ثم الحمدي والغشمي وعلى عبد الله صالح على مقولة للرئيس الارياني وهي بمثابة المأثور في الحياة السياسية اليمنية "إن الحزبية تؤدي إلى التشرذم والتخلف والعمالة للخارج" وفي الجنوب أيضا كانت الثقافة السائدة ثقافة طاردة للتعددية السياسية في ظل وجود "الحزب اللينيني الماركسي الطليعي" لامجال للتعددية. لم توجد ديمقراطية في شطري اليمن .. هناك ما اسميه توأمة سياسية بين الشطرين لو أخذنا كم الرؤساء الذين حكموا قبل الوحدة سنجدهم عشرة خمسة في كل شطر! كان هناك أيضا عدم استقرار سياسي في الشطرين, تصفيات جسدية وأزمات وحروب, واقتصاد متدن هش يعتمد على القروض والمساعدات وتحويلات اليمنيين في الخارج,وعلى المستوى الاجتماعي كانت القبيلة في الشمال موجود بالمبني والمعنى وفي الجنوب قد اختفت بالمبني ولكنها وجدت بالمعنى ,, التشارك كان واضحا في الدولتين, الوحدة لو شبهناها بعروس جميلة فهي عروس دون مهر للأسف حتى الآن لم نر مهرها.

حين نتحدث عن الوحدة لابد أن نؤطرها في الإطار المجتمعي العام الآن دولة الوحدة تفتقر للثقافة الديمقراطية.. إطار مجتمعي مسيس ومتنوع اجتماعيا! اليمن توسم أنها بلد القبائل والعصائب المتعددة ولكن رغم تعددها الاجتماعي والجغرافي إلا أن هذا التعدد يستغل في ثنائيات مسيسة ومستقطبة, الإطار السياسي لدولة الوحدة يتسم بشخصانية السلطة ’ الوطن يختزل في شخص الحاكم الفرد وقلة من أتباعه’ ضعف المؤسسات أيضا مشكلة توجد مؤسسة بالشكل والمبنى وغائبة بالجوهر والمعنى.. من قاموا بالوحدة قد يكونوا وحدويين لكنهم لم يكونوا ديمقراطيين, الديمقراطية ثقافة, هناك فرق بين وجود مؤسسات الديمقراطية وبين الثقافة الديمقراطية.كيف لمستبد أن يوجد دولة ديمقراطية؟ لاوحدة مع ديكتاتورية واستبداد ولاديمقراطية مع تشطير وتجزئة.التجربة اليمنية في دولة الوحدة حاكت التجربة الليبرالية الغربية بأنها استوردت المؤسسات شكلا وإجراءات , لدينا انتخابات برلمانية ورئاسية ومحلية ومحافظين لكنها لاتؤتي أكلها, وأخشى أن نصل إلى مرحلة نكره الانتخابات التي ليست غاية في حد ذاتها إنما بما توفره من حياه كريمة وعزيزة لكل مواطن.

"في الجانب الثقافي " لاتزال ثقافتنا تحتكم إلى ثقافة أهل السيف كثير من مشاكلنا تحل عن طريق أهل السيف "عن طريق الحرب" ما يحيرني ويحزنني إنها ثقافة مجتمعية للأسف زاهدة في التمتع بالحقوق والحريات زهد اليمني عجيب يعاني بصمت وان حاول أن يعلن عن هذه المعاناة بأنين معلن يتم استدعاء أهل السيف للقضاء على هذه المعاناة, عندما تنتهك حقوق المواطن اليمني للأسف لا يزأر يقول الكواكبي"إن الحاكم في الغالب يود أن تكون رعيته كالغنم ذلا وطاعة وكالكلاب تذللا وتزلفا" للأسف نحن كيمنيين ويمنيات تكيفنا مع الحياة الخانعة.

أيضا هناك إشكالية القابلية للتشطير رغم المخزون العاطفي لدى اليمنيين إلا ن هناك قابلية للتشطير وأنا احذر كما توحدنا قد نتشطر لأكثر من جزء.

من أهم التحديات الراهنة والمستقبلية لدولة الوحدة هو أولا ما اسميه"التقديس والتقزيم" هناك من يرفع الوحدة لدرجة التقديس وأنا لست مع هذا التقديس , نحن توحدنا سياسيا وجغرافيا لكن أكاد أصل إلى استنتاج إننا مشطرون نفسيا’ الجانب الآخر هو التقزيم للوحدة وتلاحظون الآن هناك مصطلحات حديثة المسالة الجنوبية .. الحراك الجنوبي اعتقد انه لابد من قراءة جيدة لهذه المصطلحات.دولة الوحدة ليست هبل والعزى كي تعبد ولكن حذاري أن نرادف بين مفهوم الوحدة كهدف غالٍ علينا كيمنيين ومرادفها تدني أداء النخبة الحاكمة! لابد أن نميز.. أتفهم إخوتي في المحافظات الجنوبية عندما يرفعون بعض الشعارات ولكنهم يقدمون للنخبة الحاكمة الحجة, يجب المطالبة بالحقوق والحريات في اليمن الموحد علينا أن نسعى لانتزاع حقوقنا وحرياتنا وان نحول أنيننا إلى مطالبة بشكل معلن ونتحرر من ثقافة الخوف فانا لست مع المسالة الجنوبية أنا مع المسالة الوطنية فالشعب اليمني يعاني في الشمال كما يعاني في الجنوب إذا لست مع التقديس ولا التقزيم..أيضا هناك تحدي استنزاف شرعية دولة الوحدة فالحكومات اليمنية المتعاقبة استنزفت شرعية الوحدة وأتكأت عليها واقصد بالشرعية هنا"الرضا الطوعي من قبل المحكومين والمواطنين تجاه الحاكم" يفترض انه بعد مضى18عاما أن ننتقل من شرعية الوحدة إلى شرعية الأداء والمؤسسات الحديثة التي تحقق حياة كريمة لكل اليمنيين, التحدي الثالث هو النكوص عن دفع مهر الوحدة التعددية السياسية والحزبية للحفاظ عليها, صحيح الدستور بين كثير من الحقوق والحريات لكن كثير من مواد الدستور لاترى النور كواقع معاش.

تحد آخر هو تزامن المتناقضات وتعايشها في الحالة السياسية اليمنية .. الحياة السياسية في اليمن تكاد تعرف ظاهرة عجيبة انه في الوقت الذي تجرى فيه الانتخابات عن طريق مؤسسات ديمقراطية , هناك صراع الأفكار وصراع الصندوق وان كان محصور في إطار الحزب الحاكم ولدينا تحفظات على انتخاب المحافظين وأعلنا عبر الصحف وإنها خطوة محدودة في الاتجاه الصحيح لكن كنا نتمنى أن تكون انتخابات مباشرة! المهم في الوقت الذي تجرى فيها الانتخابات نسمع أزيز الرصاص وأصوات المدافع في صعده وحرف سفيان ,ما يحير الباحثين كيف تتزامن المتناقضات؟ انتخابات وقتال؟

 

من ضمن التحديات انه بسبب تجليات الإخفاق منذ قيام الوحدة ظهر مانسميه أسوأ القديم ومتخلف الحديث, القبيلة اليمنية ببنيتها التقليدية نتفق أو نختلف حول ايجابياتها وسلبياتها لكنما نستطيع أن نقرر هنا انه ظهر أسوأ ما فيها الآن , استخدام السلاح وتسييس الثأر وأخذه في المدن , لم تعد البنية التقليدية تؤطر بأعرافها الايجابية.. تفلتت عن القيم التي يفترض أنها ايجابية وظهر أسوأ ما فيها, والأسوأ إن النخبة الحاكمة تشجع ظهور الأسوأ في هذه القيم تعدم المشائخ القدامى وتفرخ مشائخ جدد! أنا من أنصار مؤسسات المجتمع المدني لكن ما يؤسفني انها و المؤسسة الحزبية أيضا كمؤسسة حديثة لاتؤدي وظائفها كما يجب وعجزت أن تكون بديلا وظيفيا للمؤسسات التقليدية.

كيف قامت الوحدة.. الأسباب الداخلية والخارجية؟

إلى جانب المتغيرات الداخلية هناك متغيرات خارجية ودولية ولكن مايلاحظ على اليمنيين بأعمالهم العظيمة يحاكون به الخارج ,وهي ثقافتهم التي تحاكي الخارج وتحكمه حتى في القضايا اليمنية – اليمنية. الرئيس ذات مرة قال في الولايات المتحدة"لقد أتيناكم بالعالم الجديد وبالوحدة اليمنية وبالتعددية السياسية" يفترض إن هذا مكسب يمني وأمريكا ليست مهمومة بالديمقراطية اليمنية ولا بالقضاء على الفقر والاستبداد.

أيضا استمرار شخصانية السلطة وكراهية المؤسسية إحدى التحديات.

بمعيار البيئة الإقليمية المحيطة في إطار المنطقة ومع تكاثر الدويلات القطرية و في ظل التجزئة وثقافة التجزئة يأتي اليمنيون ليعلنون هذه الدولة فهذا عمل عظيم’ لكن ما يحسب عليهم أنهم لايجنون ثمار هذا المنجز ويجعلون من مقدمات الفعل كنتيجة له وهذه هي الإشكالية الحقيقية.

الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء

نحن إزاء تحد وأزمة حقيقية تنطبق بطبيعة الدولة والمجتمع وهذه الأزمة أصبحت تمس فكرة الدولة ومشروعها, إن الدولة المدنية الحديثة التي أدعو لها هي تلك الدولة التي يتم بناءها على أساس تجديد للبنى الاجتماعية والثقافية لا أن يتم إعادة بناء القبيلة والعصبية وإعطاءها صبغة سياسية! ولوج الأفراد إلى المناصب السياسية والى الثروة من خلال بعض الوظائف ليس استحقاقا من باب الجدارة والمكانة الوظيفية ولكن من باب القرابة القبلية والعصبية ومن باب الارتباط الجغرافي وهذه عملية تتناقض مع مرتكزات دولة الوحدة ,كنا نطمح أن تأتي الوحدة على أنقاض الدولة الشمولية لكننا نشاهد منذ العام 94م إعادة إنتاج لنظام سياسي وان كان هناك انفتاح سياسي محدود مقيد لكنه شكل خطوة على الدولة الشطرية.

لكن لم يتم البناء عليه انطلاقا من متطلبات ومستلزمات الدولة الديمقراطية إذا نحن في إطار إعادة إنتاج للنظام التقليدي السابق حيث تتجسد الدولة بشخص الحاكم وبضعف المؤسسات , تغيب الآلية القانونية وبغياب الآلية القانونية بشخصانية السلطة تبرز اللاديمقراطية , هذه ثلاث مرتكزات أساسية وهي عنوان لتحديات الدولة اليمنية في العيد الثامن عشر , عندما نتكلم عن المواطنة المتساوية أنا لا اقصد بالتساوي هنا أن الناس يكون لديهم مكانة سياسية واحدة ’ أطالب أن يكون لديهم شروط للوصول إلى الوظيفة والعمل والترقي واحدة, الشروط العلمية والقانونية تكون واحدة وبالتالي من لديه القدرة والكفاءة يستطيع أن يمر بهذا المسار لكننا نجد الآن من خلال تشكيل الحكومة وتعيين رؤساء الجامعات, هؤلاء من أكثر الناس جهلا لكن يحصلون على تلك المناصب لارتباطهم بؤلاء بؤر ومراكز معينة, والنظام التعليمي يعيد إنتاج السلفية داخل الجامعات وبمعرفة الدولة فكيف تتحول الجامعات وهي عقل الأمة ومكان للتنوير إلى أداة لإنتاج الخطاب السلفي المعادي للعقلانية ولفكرة الدولة نفسها؟ وللعلم كثير من المقررات مثل كلية الشريعة وبعض الكليات الأخرى لاتزال تنظر إلى الديمقراطية ككفر وعلمانية وهنا نجد المفارقة بين نظام سياسي يقول انه يستمد مشروعيته من التحول الديمقراطي وبين نظام تعليمي يكفره!الوحدة ليست مقدسة أو ننظر إليها كصنم يعبد ولا الدولة ,نستطيع أن نعيش بدون دولة وتاريخ العرب الثابت فيه إننا نحن العرب مجتمع اللادولة!

إذا كيف ننتقل من القبيلة والعشيرة إلى الدولة ومن مرحلة الضرورة إلى مرحلة الحرية ومن مرحلة العلاقات القبلية إلى مرحلة القانون والمساواة؟ هذه مسالة تتطلب مشروعا وطنيا إنمائيا يحقق تجسيدا للدولة على المستوى المادي من خلال فرص العمل وتحديث القرية والمدينة في آن واحد, وعلى المستوى الثقافي والاجتماعي يعمل على تغيير اتجاهات وأراء وأفكار وميول الأفراد نحو وعي حداثي يجسد فكرة الدولة باعتبارها المركز والنابض الرسمي لعلاقاتنا, أي نجسد المشترك السياسي والوطني. مالذي يجمعنا في الشمال والجنوب؟ هو المشترك الوطني الذي يعبر عن هويه جامعه وإلا فالتكوينات التقليدية تعطينا انتماءا يشبع رغباتنا في ذلك, والتناقض بين الولاء للقبيلة والولاء للدولة يتجلى سياسيا بتدعيم الولاء للقبيلة بدلا من مركزة الولاء للدولة وبدلا من أن تعمل الدولة على عقلنة المجتمع والدفع به من البنى العشائرية إلى البنى المدنية تجسد تثبيت لركائز القبيلة والعشيرة وتقلص من دور الأحزاب والأطر النقابية بدلا من أن نشيع ثقافة العقلانية والتقدم ’ نشيع ثقافة الجهل والخرافة , نحن أمام أزمة تمس بمشروع الدولة الوطنية. للعلم لم يكن لدي إشكالية عام 90 أو قبله في الشمال أو الجنوب ولم ادخل الجنوب سابقا لكنني كنت اشعر إنني متحد مع الجنوب , كان النظامين السياسيين هما من يقفا حجر عثرة أمام التوحد, عام 90 كان كلا الشطرين يعيشا أزمات سياسية واقتصادية , الجنوب عاش أزمة سياسية واقتصادية ثم أزمات أعقبت حرب86م والشمال كان في أكثر أزماته الاقتصادية وارتباطه بالسعودية والمراكز الليبرالية الغريبة.

نحن أيضا إزاء أزمة بنيوية نعيد إنتاجها بدلا من الخروج من إطارها.. فلا مشروع الدولة تجسد وترسخ في وعي الأفراد ولا مرتكزات الدولة وقفت على قدميها من خلال الجانب المؤسسي والقانوني والتنظيمي, ولا التنمية ظهرت فلا يزال 74% من السكان يعيشون في الريف في ظل غياب التحديثية الاقتصادية والاجتماعية ولا يزال 41% من الأطفال في سن التعليم خارج المدارس ,وهناك انتشار الأوبئة في اليمن.. المواطنة المتساوية حتى في حدودها الدنيا غائبة.

إننا نواجه تحديات عديدة التحدي الأول الخروج من مجتمع اللادولة وعملية انتاج القبيلة والعشيرة إلى بناء الدولة الوطنية التي تكون المشترك لكل أبناء الوطن. ثانيا ترسيخ عملية التحول الديمقراطي من خلال توسيع فضاء الحريات العامة للأحزاب والجمعيات والصحافة ومن ثم توسيع فضاء التعبير عن الرأي ’ نريد كما أعلنت الوحدة سلما أن نستمر في هذا المسار رغم ماحدث في94م والذي لاتزال آثاره السلبية تمر بالدولة والمجتمع حتى ألان .

الدولة بدلا من أن تشكل مشروعا جامعا أصبحت هي أداة من أداوت إعادة إحياء النعرات القبلية إلى ماقبل الوحدة ! من التحديات أيضا انه لكي نحقق مواطنة مدنية لابد من ثقافة مدنية تخلق حالة حداثية في الوعي الفردي والجمعي . نحن إزاء تغييب لمرتكزات الدولة القانونية من اجل تضخيم ادوار الأفراد وفق العلاقات القرابية ’ والعمليات السياسية والاقتصادية التي تتم في البلد هي وفق الزبائنية السياسية وليس وفقا للاستحقاق والكفاءة’ وهذا يخل بسمعة الدولة. التحدي الأخير إن الدولة في أي مكان في العالم يجب أن يكون عنوانها مشروع التحديث والتقدم إذا غاب هذا المشروع عن أي دولة تتحول إلى قبيلة والى سلطة وربما اقل من ذلك لأننا عندما نتحدث عن واقع الوحدة اليمنية في عام2008م إنما نخاطب المستقبل بقراءة الماضي ومناقشته كعبرة نستفيد منه للانطلاق نحو المستقبل, لابد أن تكون الدولة مؤسسية ديمقراطية وقانونية.

ولكي تكون لليمن فاعلية في السياسة الإقليمية والدولية لابد أن نكون فاعلين فالعالم لم يعد يحترم الدولة التابعة أو التي تعتمد في خبزها وطعامها وسياستها على الآخرين ولكي نكون فاعلين لابد من نظام سياسي يتصف بالإدارة الرشيدة فغياب الحكم الرشيد ومؤسساته ومستلزماته القانونية والثقافية يجعل من اليمن دولة القبيلة والثقافة التقليدية . واليمن لاتزال في ذيل الطابور بالنسبة للدول المتقدمة فنحن وفق كل المؤشرات نحتل مرتبة متدنية جدا.

مالذي كنا نأمل من الوحدة أن تحققه؟ لايكفي أن يعلن رئيسان إن الوحدة تحققت .. لا فالوحدة وسيلة من وسائل تنمية الشعوب, كيف تهتم الدولة بجمع الأوراق المالية في خزنتها وتفقر المواطنين حيث تغيب الأوراق المالية من جيوبهم.. هذه الدولة تتغول على المجتمع.. نحن أمام دولة جباية,, الدولة الحديثة سمتها الرئيسية توزيع المنافع الإنمائية توزيع الخيرات على المجتمع,, استطيع أن أوجز انه نام خمسة تحديات1- غياب الدولة المدنية في اليمن 2- غياب المواطنة المتساوية فالوطن القيمة له إذا لم يكن للمواطن قيمة 3- مكافحة الفساد 4- غياب التنمية لايزال74% من سكان الريف دون خدمات وكأنهم مجرد رعايا يدفعون الضرائب لمن يعيش في المدن5- غياب المشروع الوطني الذي يجب أن تلتف حوله كل القوى السياسية والجمعيات والأحزاب.

د وديع العزعزي أستاذ الإعلام بجامعة صنعاء

في ظل هذه التحديات التي تواجه الوحدة التي ذكرها المتحدثون كيف يمكن أن نتوقع أن يكون الخطاب الإعلامي؟ بالتأكيد إن الخطاب الإعلامي هو انعكاس للواقع السياسي والاجتماعي والفكري وان كان في كثير من الأحيان لايعكس هذا الواقع بمجمله وربما يختزله في جانب واحد.. الخطاب يعني في مستواه المتسع الموضوعات المطروحة داخل الرسالة الاتصالية ويتحدد الموضوع داخل الخطاب الصحفي في مجموعة المقولات التي تشكل البنية الدلالية المتسعة له وتلعب طرق البناء والهيكلة هنا دورا إدراكيا حيويا في فهم المعنى المقصود من الخطاب والتأثير المحتمل نتيجة التعرض له, إذا فالخطاب الصحفي هو مجموعة المعاني والأفكار التي تعبر عنها موضوعات الوسيلة من خلال الفنون الصحفية المتنوعة, لانستطيع التحدث عن الخطاب الإعلامي ككتلة واحدة فهناك خطاب رسمي وهناك الخطاب الحزبي وثالث مستقل لكن بالتأكيد إن الخطاب الإعلامي له عناصر بناء أساسية مشكلة له ’ خلال الفترة السابقة كانت أهم عناصر بناء الخطاب الإعلامي اليمني هي القوى الفاعلة في المجتمع وهي المحركة للخطاب الصحفي وهي"رئيس الجمهورية والشخصيات الحكومية والبرلمانية والقيادات الحزبية والمجتمع المدني ورجال الأعمال".

·  الأطر المرجعية : هي النصوص المرجعية والإحالات التي اعتمد عليها الخطاب الإعلامي في طرح وجهة نظره وفي الغالب كانت إحالات قانونية تستند إلى الدستور والقانون والتشريعات وإحالات تاريخية تستند على استحضار تجاب أمم سابقة , إحالة اجتماعية وفي مقدمة ذلك تصريحات وأقوال المسئولين والسياسيين

· مسارات البرهنة : وهي المبررات والبراهين التي يثبت بها الخطاب مقولاته بمختلف القضايا المطروحة بهدف التأثير على الرأي العام وإقناعهم بها وقد جاءت المبررات السياسية في مقدمتها تليها المبررات القانونية ثم الاقتصادية.. الخ , وبناء على الأيديولوجية الفكرية والسياسات التحليلية لكل وسيلة إعلامية تشكلت خطابات صحفية مؤيدة وداعمة ومبررة لخطاب السلطة وأخرى نافية وداحضة , وكان للخطاب السياسي الصادر عن السلطة السياسية أهميته باعتبار صدوره عن مركز صناعة القرار وقيامه في إيضاح مبررات القرار أو الموقف المعلن فهو يموضع نفسه بحيث يجبر الخطابات الأخرى الصادرة عن مختلف القوى السياسية عبر الوسيط الصحفي بأن تأخذ موقف معين من مقولاته المعلنة في إطار الفعل ورد الفعل. الذي يتميز به الواقع الصحفي في اليمن مقارنة بالواقع الإذاعي والتلفزيوني جعل من الطبيعي تعدد في مستويات الخطاب الصحفي وتجليات أساليب توظيف القوى الفاعلة والأطر المرجعية ومسارات برهنة المتعلقة بالأحداث والقضايا المختلفة وخصوصا الأحداث الخلافية منها وبسبب غياب أو تغييب المهنية وقيم العمل الصحفي "الدقة والإنصاف والأمانة والموضوعية" ودخلاء المهنة الذين جاؤا عبر المشاريع الخاصة أو الولاءات وكذلك ضعف أو إضعاف دور نقابة الصحفية وغياب المؤسسية وتضييق هامش الحريات وغياب منظمات المجتمع المدني المقومة للأداء المهني , وأخيرا الدور الكبير للخطاب السياسي في التأثير بشكل سلبي على الخطاب الصحفي نتيجة لنظرة السياسية إلى الإعلاميين هذه النظرة السلبية على أنهم أدوات توظف لخدمة أهدافهم ’ تكبر عندما تتعلق المسالة بموضوع الحريات أو الحقوق الاقتصادية والمعيشية وكذلك لعدم امتلاك الوسائط الصحفية أجندة واضحة ومحددة ومتوازنة نحو قضايا القراء والمجتمع جعل السياسيين هم من يحددون أجندة عمل الوسائط الصحفية لاعتبارات كثيرة منها"قوة نفوذ السياسي’ الولاءات الفكرية والتنظيمية, وكذلك إن الشأن السياسي هو الأكثر حضورا وحراكا في الساحة ويشكل مادة جذابة ومثيرة للصحفي, ولاعتبارات تتعلق بالدعم المالي سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الإعلانات" كل تلك الأسباب تشكل تحديات واجهت ومازالت الخطاب الإعلامي والصحفي اليمني نتيجة لكل تلك الأسباب تشكل خطاب إعلامي اتسم بطابع الإساءة السياسية وبغياب الموضوعية واتسم بتقديم دور سلبي أكثر منه ايجابي.

· ماهي المعالجات؟

إن المعالجة الأساسية المطلوبة للخطاب الإعلامي بمجمل أنواعه رسميا وحزبيا ومستقلا يتمثل في إصلاح النظام الإعلامي بمجمل مكوناته وعناصره , الإصلاح مفهوم كبير يتضمن الكثير والعديد من الإجراءات تبدأ بإجراءات تشريعية وقانونية تمس قانون الصحافة وغيره وتبدأ بالاعتماد على المهنية في العمل الصحفي وتوسيع الحريات الصحفية ولاسيما فيما يتعلق بحرية امتلاك وسائل الإعلام بأنواعها وحرية إصدار الصحف, وتبدأ بتقوية دور نقابة الصحفيين اليمنيين , وكذلك عمل ميثاق شرف إعلامي مهني, وأخيرا تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للصحفيين.

  
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن