حلف دولي ومبادرة عسكرية.. كيف يسعى الغرب لكبح سيطرة الحوثي على باب المندب؟.. تقرير

الإثنين 25 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - TRT عربي
عدد القراءات 1449
 

تواصل جماعة الحوثي اليمنية استهداف السفن الإسرائيلية العابرة مضيق باب المندب، وفق قرار الجماعة إعلان الحرب على إسرائيل في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "نصرةً لإخواننا في فلسطين"، حسبما قاله المتحدث العسكري باسم الجماعة العميد يحيى سريع.

وأثّرت هذه العمليات العسكرية الحوثية على حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، الذي يعد أحد أهم المعابر البحرية في العالم. وقال رئيس هيئة قناة السويس، إن العشرات من شركات النقل البحري غيَّرت مسارها من القناة إلى رأس الرجاء الصالح.

وفي وجه هذا الواقع، تحرّكت الدول الغربية لكبح سيطرة الحوثيين على باب المندب. وأعلنت الولايات المتحدة، رفقة عشر دول أخرى، تشكيل حلف عسكري من أجل حفظ الأمن في البحر الأحمر.

حلف دولي ومبادرة عسكرية

أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الاثنين، بدء عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، أطلق عليها اسم "حارس الازدهار"، في أعقاب سلسلة من الهجمات شنها الحوثيون على سفن الشحن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل.

وقال أوستن، خلال زيارته البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن هذا التحالف سيضم 10 دول هي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا. وأضاف أنهم سينفذون دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

يأتي هذا عقب تصريحات أدلى بها مسؤول رفيع في البنتاغون، يوم الأحد، رأى فيها أن تهديدات الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر "عالمية وتشكل تحدياً دولياً"، وأن "الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، عملت مع الحلفاء والشركاء على معالجة التهديد، عبر توسيع فرقة العمل 153 المعنية بأمن البحر الأحمر، في إطار القوات البحرية المشتركة".

وقالت صحيفة لوموند الفرنسية، إنه "ملامح هذا التحالف البحري الجديد لا تزال غير واضحة. لكن في هذه المرحلة، تعد المبادرة مجرد امتداد لواحدة من قوات العمل المشتركة الخمس التي كانت الولايات المتحدة تقودها بين البحر الأحمر والخليج العربي منذ نحو 20 عاماً".

وأردفت الصحيفة الفرنسية أن هذه المبادرة تواجه عقبات عدة، على رأسها تهديدها السلام في منطقة الشرق الأوسط والتسبب في انقسامات بين الأطراف هناك. وفي هذا السياق، قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو: "علينا أن نرى كيف سيجري تجميع الأمور. يمكننا أن نفعل المزيد، لكنّ هذا التحالف لا ينبغي أن يتكون من دول غربية فقط".

وكان هناك تحدٍّ آخر حول مسألة تزوُّد القوات البحرية المشاركة في العملية بالوقود والذخائر، ما قد يكون موضوع نقاش طويل مع دول حوض البحر الأحمر غير الراغبين في المشاركة في التحالف. ونقلت الصحيفة عمّن سمّته مصدراً مقرباً من الأمر، قوله: "في مواجهة الحساسيات المتعددة لدول المنطقة، فإن الوصول إلى الطائرات والصواريخ، ثم تحديد الموانئ التي تزوِّد السفن بالوقود، ليس بالأمر السهل بأي حال من الأحوال".

رد الحوثي

ورداً على المبادرة العسكرية الغربية، توعّد زعيم جماعة الحوثي اليمنية، عبد الملك الحوثي، الأربعاء، باستهداف البوارج الأمريكية. وقال الحوثي في خطاب متلفز: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي توجه أمريكي للتصعيد، أو ارتكاب حماقة باستهداف بلدنا أو شن حرب عليه".

وأضاف مهدداً بأن "أي تصعيد من هذا النوع سيجعل البوارج وحركة الملاحة الأمريكية هدفاً لصواريخنا وطائراتنا المسيّرة وعملياتنا العسكرية (...) فالولايات المتحدة تقوم بعسكرة البحر الأحمر، بهدف حماية السفن الإسرائيلية والسعي لتوريط دول أخرى معها".

وحذر زعيم الجماعة اليمنية "الدول المطلة على البحر الأحمر" بأنها "ستكون متضررة من التدخل الأمريكي"، ونصح "الدول التي يسعى الأمريكيون لتوريطها في البحر الأحمر، بأن لا تضحّي بمصالحها وحرية ملاحتها، خدمةً للعدو الصهيوني (إسرائيل)".

ما تأثير هجمات الحوثيين في التجارة الدولية؟

وفي بيان مصور له في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بمواصلة الهجمات وضرب السفن الإسرائيلية التي تمر عبر الممرات التجارية الاستراتيجية وناقلات النفط. وهكذا كثّف الحوثيون من مهاجمتهم السفن الإسرائيلية، مع استمرار الحرب الجارية على قطاع غزة.

وفي ظل هذه التطورات، يطرح عدد من المتابعين أسئلة حول تأثيرها في النشاط الملاحي والاقتصادي الإسرائيلي في البحر الأحمر، وما إذا كان استهداف السفن الإسرائيلية يؤثر في الملاحة الدولية في أحد أهم المعابر البحرية في العالم.

ويعد معبر باب المندب أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ إنه المعبر الوحيد من المحيط الهندي إلى مياه البحر الأحمر، وبالتالي إلى قناة السويس. ويعد الطريق التجاري الرئيسي للسلع والواردات النفطية، من شرق آسيا والخليج نحو أوروبا ودول شمال إفريقيا.

ووفق التقديرات، فإن 12% من مجمل التجارة الدولية تمر من مضيق باب المندب، إضافة إلى 30% من تجارة الحاويات، بقيمة تزيد على تريليون دولار. ويمر عبره ما يقرب من 6.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية باتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، إضافةً إلى أكثر من 50 مليون طن منرالمتتجات الزراعية كل عام.

وبالتالي، فحدوث أي أعمال عسكرية تهدد الملاحة البحرية عبر المضيق يهدد الأمن الطاقيّ والغذائيّ العالميّ، لما قد تؤدي إليه من اضطراب في سلاسل التوريد وتضخم في أسعار السلع بسبب ارتفاع تكلفة الشحن.

وبدأت شركات الملاحة الدولية بتحويل مسارات سفنها بعيداً عن باب المندب، والمرور عِوَض ذلك عبر رأس الراء الصالح في جنوب إفريقيا. وأكدت تصريحات لرئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، أن 55 شركة نقل بحري حوَّلت مساراتها منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتجنب هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر.

وبالتزامن مع ذلك بدأت شركات عالمية في رفع تكلفة كل حاوية بنسبة تصل إلى 46%، بعد قرار المرور بعيداً عن مضيق باب المندب، وبالتالي ارتفاع تكلفة النقل والتأمين. كما أعلنت 5 شركات كبرى تحويل مسار تجارتها إلى رأس الرجاء الصالح.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن