ما هدف الإمارات من بناء مدينة سكنية في "ميون" اليمنية؟.. تقرير

الأربعاء 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 الساعة 01 صباحاً / مأرب برس - الخليج اون لاين
عدد القراءات 6126

 

مرة أخرى تعود التساؤلات حول النشاط الإماراتي في الجزر اليمنية، على الرغم من إعلان أبوظبي سحب قواتها عام 2019، حيث تشير كل المؤشرات إلى استمرار وجود أبوظبي في السواحل اليمنية وجزرها وبشكل مكثف خلال العامين الأخيرين.

 

وبعد عام ونصف العام من كشف وسائل إعلام دولية عن بناء قاعدة جوية في جزيرة "ميون" الاستراتيجية اليمنية القريبة من "باب المندب"، إحدى أهم بوابات العالم المائية، أعلن مؤخراً عن اعتزام أبوظبي بناء مدينة سكنية في الجزيرة ذاتها التي تعد إحدى أهم الجزر اليمنية.

ولا يعلم بعد عن الهدف الرئيس من وراء الإعلان عن إنشاء المدينة السكنية، وهل سيستفيد منها أبناء الجزيرة، أم أن آخرين سيتم استقدامهم من خارجها، وما سر هذا الإعلان في هذا الوقت؟

مدينة سكنية بميون

في أحدث خطوة إماراتية باليمن، نقلت وسائل إعلام يمنية، عن مكتب محافظ عدن أحمد لملس، قوله إنه وقّع (30 أكتوبر 2022)، مع صالح علي سعيد الخرور، شيخ الجزيرة، على المرحلة الأولى من إنشاء وتعمير مدينة سكنية متكاملة مقدمة من الإمارات لأبناء ميون.

وحسب البيان، "يشمل المشروع 140 وحدة سكنية، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية للمشروع والخدمات الملحقة كافة من مدارس ووحدات صحية وغيرها من المرافق الخدمية للمشروع، سيتم تنفيذها على مراحل متزامنة".

 


ولم يصدر أي تعليق من قبل الحكومة اليمنية على هذا الاتفاق الجديد في جزيرة ميون، حيث سبق أن أكد وزير خارجيتها، أحمد بن مبارك، أن أي اتفاق يجب موافقة مجلس النواب عليه، لكونها قضايا سيادية.

قاعدة جوية

لكن ما يجعل الأمر محل إثارة وجدل، أنه يأتي بعد عام ونيف، من كشف وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، في مايو 2021، أن قاعدة جوية غامضة يجري بناؤها على جزيرة "ميون" البركانية الواقعة على مضيق باب المندب قبالة سواحل اليمن.

  

وأوضحت الوكالة أن القاعدة تقع في واحدة من نقاط المرور البحرية المهمة في العالم لكل من شحنات الطاقة والبضائع التجارية.

ونقلت عن مسؤولين في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن دولة الإمارات هي التي تبني هذه القاعدة، رغم إعلانها الانسحاب من اليمن منذ 2019.

وفي مارس من العام الماضي أيضاً، كشفت صور الأقمار الصناعية بناء مدرج للطائرات في الجزيرة اليمنية بالتزامن مع تفكيك أبوظبي قاعدتها وغالبية معداتها التي كانت في قاعدة "عصب" الإرترية.

وعقب موجة الغضب التي اجتاحت دوائر رسمية، بشأن تحركات الإمارات بجزيرة ميون، قال مصدر مسؤول في التحالف الذي تقوده السعودية، حينها: إنه "لا صحة للأنباء التي تتحدث عن وجود قوات إماراتية في جزيرتي سقطرى وميون في اليمن"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وحول الاستحداثات في جزيرة ميون الواقعة بمدخل مضيق باب المندب، قال المصدر: "ما يوجد من تجهيزات في جزيرة ميون هو تحت سيطرة قوات التحالف، وفيما يخدم تمكين قوات الشرعية والتحالف من التصدي لمليشيات الحوثي، وتأمين الملاحة البحرية، وإسناد قوات الساحل الغربي".

  

مخطط مشبوه

يستبعد المحلل السياسي اليمني نجيب السماوي أن يكون إعلان بناء مدينة سكنية في "ميون"، له علاقة بتسكين أبناء الجزيرة، معتقداً أنه "مخطط مشبوه ربما لتسكين أشخاص من خارج الجزيرة ومن خارج اليمن".

ويوضح "السماوي" لـموقغ"الخليج أونلاين"، بقوله: "البداية كانت بتجاوز الإمارات الدولة وتوقيع اتفاقية بين محافظ عدن الموالي لها وقيادي سلفي موالٍ لها أيضاً منحته صفة شيخ الجزيرة".

ويقول: "الجزيرة تتبع إدارياً مديرية ذباب الواقعة بمحافظة تعز وليس عدن، وهو أغرب بروتوكول يتم تجاوزه، كما أنها جزيرة ليس فيها أدنى الخدمات كسنترال كهرباء ولا مضخة مياه ولا وحدة صحية، ومع ذلك يحاولون السخرية على عقول اليمنيين".

ويتهم السماوي المجلس الانتقالي الجنوبي بتهجير العشرات من الأسر من سكان ميون، بعد بناء القاعدة العسكرية، مؤكداً أن الخطوة الأخيرة ببناء هذه المساكن "هي شرعنة لبناء وحدات سكنية لضباط إماراتيين ومتعددي الجنسيات في الجزيرة التي تطل على باب المندب".

  

ويضيف: "هناك أهداف خطيرة وراء الاستحواذ على الجزيرة والتحكم فيها استراتيجياً، وأهمها نزع صلاحيات إدارة باب المندب من الدولة اليمنية إلى إشراف إقليمي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال هدم الدولة اليمنية أو تفكيكها كما يجري اليوم".

 

سيطرة على الجزر

ويقول مراقبون يمنيون إن الإمارات سيطرت على الجزر المهمة في اليمن، ومنها ميون وسقطرى والجزر التابعة لمحافظة الحديدة بالساحل الغربي.
وكانت الإمارات سابقت الزمن لفرض سيطرتها كاملة على سقطرى في 2020، فبعد تجريدها من سلطاتها الشرعية، منتصف ذلك العام، بدأت التحركات الميدانية لتحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية لتكون ذراعاً استخباراتية جديدة لحماية مصالحها في تلك المنطقة الحيوية من الإقليم.


أما في ميون فيتيح مدرج الطائرات لمن يتحكم فيه بسط السيطرة على مضيق باب المندب وإطلاق الهجمات الجوية إلى داخل اليمن، كما يمكنه أن يكون قاعدةً لأي عمليات في البحر الأحمر وخليج عدن وشرق أفريقيا.
وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية في 11 أبريل 2021، شاحنات تفريغ وممهدات بناء مدرج طائرات بطول 1.85 كم على الجزيرة، وهي عملية البناء التي اكتملت بحلول 18 مايو من العام ذاته، كما شُيدت ثلاث حظائر جنوبي المدرج مباشرة.


وتعلن الإمارات مراراً وتكراراً، أنها سحبت قواتها من اليمن، لكن ما تتناقله وسائل إعلام محلية أنه لا يزال العشرات من الجنود يوجدون في عدة مناطق، خصوصاً في الجزر التي تسيطر عليها والمدن الجنوبية.


كما تعتمد على قوات محلية حليفة لها لتنفيذ سياساتها والحفاظ على مصالحها التي أسست لها منذ تدخلها إلى عام 2015، باعتراف رسمي إماراتي عندما قالت إنها دربت نحو 180 ألف مسلح.