الكشف عن الاسباب الخفية التي أجبرت إيران للتخلي عن صبرها الاستراتيجي والرد بهجوم صاروخي مفاجئ على إسرائيل الجوف..رد حازم من قوات الشرعية على محاولة تسلل فاشلة للمليشيات وهذا ما تركته الاخيرة ورائها مخابرات الحوثي تعتقل مسؤولاً تربوياً وتقتاده الى جهة مجهولة بينهم نحو 40 صحفيًا وكاتبًا.. منظمة تتحدث عن موجة اعتقالات حوثية عشوائية تستهدف المدنيين في مناطق الميليشيات المليشيات تدشن حملات تجنيد إجبارية للطلاب والكادر التربوي في صنعاء دبلوماسي أمريكي: الصين شجعت الحوثيين على مهاجمة سفن الدول الأخرى ورفضت إجراءات دولية ضدهم بعد الكشف عن تصفية غالبية قادة حزب الله .. واشنطن وتل أبيب ترصدان 7 ملايين دولار لمن يبلغ عن الناجي الوحيد من اغتيالات قادة «حزب الله» استشهاد دكتور يمني مع أمه في قصف شنه جيش الإحتلال الإسرائيلي آخر التقارير والمعلومات بشأن مصير خليفة حسن نصرالله.. وحزب الله يلتزم الصمت أرقام توضح كم جريمة ضبطتها أجهزة أمن العاصمة عدن خلال 3 أشهر
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في غارة جوية زوجة مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح، ونجله وابنته وحفيده وأكثر من عشرة من أفراد عائلته، تلقى الدحدوح الخبر، فيما كان يغطي أخبار مجازر جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، انطلق للمستشفى، صدم بمرأى ابنه وابنته وزوجته وحفيده، بكى ثم استرجع وقال: «إنا لله وإنا إليه راجعون».
سيدة أخرى ظهرت على الشاشة وهي تبكي، وتقول عن أفراد أسرتها: كلهم راحوا، «عشرين واحد» كلهم راحوا، ثم راحت تقول: يا رب، حسبي الله ونعم الوكيل. امرأة مسنة أخرى تبكي وتقول: كل شبابنا راحوا، كلهم راحوا، حرام، حسبنا الله ونعم الوكيل. شاب آخر تبقى من عائلة أبيدت يقول في رضى وقناعة: نصيبنا من الدنيا، الحمد لله! هذه عبارات لا يمكن تفسيرها ولا فهمها في مجتمع مادي، يردد الناس فيه:
ليس لنا إلا حياة واحدة، فلنستمتع بكل لحظاتها، فيما تبدو غزة مختلفة، ويظهر أهلها قدراً من الإيمان يساعدهم على مواصلة مقاومتهم لأبشع وأعتى الاحتلالات في العالم. في القطاع، عائلات بأكملها مسحت من السجلات المدنية للأحياء، وجاء في تقرير لقناة الجزيرة أن 55 عائلة أبيدت تماماً من سجلات الأحياء في غزة، وأن 123 عائلة أبيد معظم أفرادها، وهي حالة جعلت كثيراً من المعلقين يقولون إن إسرائيل تقوم بـ«إبادة جماعية» في غزة، ومع كل هذه المأساة التي صدمت العالم كله تُظهر غزة صموداً غير معهود، بالنظر إلى الفارق الكبير في موازين القوى بين مقاومي غزة وجيش إسرائيل. هناك من يتساءل عن سر صمود هؤلاء الناس، ما الذي يجعل امرأة لا حول لها ولا قوة، تقف على ركام منزلها الذي قضى تحته معظم أفراد عائلتها، وهي تلوح بإصبعها، وتقول: «حسبي الله ونعم الوكيل» ثم ترفع يديها للسماء، وتشكر الله على ما قدَّر، ثم تمضي مطمئنة إلى قضاء الله وقدره؟ أية قوة روحية ملأت قلوب هؤلاء البشر، في أرض يخرج الأطفال من تحت ركام مبانيها، إن كتبت لهم النجاة، وهم يرددون:
الله معنا، الأرض التي قال عنها أمين عام الأمم المتحدة مرة إنها بالنسبة للأطفال «جهنم على الأرض»؟! ما الذي يجعل هؤلاء الناس استثنائيين؟
ما هي القوة التي تمتلكها طفلة يتم إخراجها مضرجة بدمائها من تحت الركام، وهي ترفع سبابتها الصغيرة، مرددة: «أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله» وذلك الفتى الذي خرج من تحت الركام، وسأل عن والده، مات، سأل عن والدته، ماتت، سأل عن إخوته وأخواته، ماتوا جميعاً، ثم نظر إلى السماء، وقال: «حسبي الله ونعم الوكيل، الحمد لله رب العالمين»؟! ناشطة من الولايات المتحدة تقول إن «ما يجري في غزة يهز إيماننا بكل شيء، حتى بالله، لكن أهالي غزة يظهرون أكثر تمسكاً بإيمانهم ودينهم» ثم تتساءل في استغراب «إنهم يشكرون الله على ما حل بهم»؟
في لحظات الكروب العظيمة تهتز قناعات البعض بقيم الإيمان، ويبدؤون في التساؤل: لماذا فعل الله بنا ذلك؟ أو لماذا تخلى الله عنا؟
أو يسألون: إذا كان الله موجوداً، فلماذا تركهم يفعلون بنا ما فعلوه؟ غير أن من الناس من تزيده الشدائد قوة في إيمانه، ورسوخاً في يقينه بوجود الله وعدله ورحمته، ويستقبل الأقدار بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
أرسل لي صديق مرة صورة الطفل السوري إيلان الذي قذف الموج جثته على الشاطئ، متسائلاً لماذا فعل الله به هذا، وما ذنب هذا الطفل البريء؟
وهذا السؤال بطبيعة الحال غير منطقي وغير نزيه، إذ أنه يمثل الهروب من تحميل المسؤولية للمجرم الحقيقي الذي كان سبباً في تهجير أسرة إيلان، ليلقي بالمسؤولية على الله، في حين أن الإله لا يتحمل مسؤولية أخطاء البشر، إذ لا يصح أن يتحمل الله المسؤولية، وهو الذي نهى عن الظلم والقتل، وتوعد من يقوم بتلك الجرائم، وفقاً للمنطق الديني الذي لا يصح وفقاً له أن تتدخل العناية الإلهية لمنع الظالمين من ممارسة ظلمهم، إلا بحلول لحظة عقابهم الشديد، وإلا فإنه لا معنى لذلك المنطق القائم على أساس أن الإنسان حر في اختيار أفعاله التي يُحاسب عليها، وهنا لا يصح منطقاً أن نقول إما أن يتدخل الله لمنع هذا الظلم، وإلا فإنه غير موجود، لأن ذلك يعني أننا نأخذ من المنطق الديني ما نريد. والأصل أن يؤخذ المنطق الديني ككل، بمعنى أننا إذا آمنا بالدين الذي يقول بوجود الإله، فينبغي أن نظل على المنطق الديني الذي يقول إن الإله ترك للإنسان حرية اختيار أفعاله، وأنه سيحاسبه عليها في «أجل مسمى».
وبالعودة إلى غزة فإن أهلها لا يدخلون في هذه المتاهات الفلسفية، ولكنهم إزاء ما يتعرضون له من مجازر من حجم «إغريقي» يتلقونها بعبارات التسليم واليقين والإيمان والرضى، من مثل: «الحمد لله، حسبي الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، كله من شان الله، كله فدى الأقصى، وكله فدى فلسطين».
وبالعودة إلى عدد لا يحصى من الفيديوهات، يمكن القول إن ما يسمع من عبارات إيمانية يثير الكثير من التساؤلات عن طبيعة العقيدة التي يتحلى بها هؤلاء المدنيون، ومن ثم المقاتلون الذين يواجهون واحداً من أقوى جيوش العالم، حسب التصنيفات الدولية للجيوش العالمية. وفي الوقت الذي يقول الملحد: أين الله مما يجري في غزة؟
فإن المؤمن الفلسطيني الذي يواجه المحرقة يخرج منها مردداً: الله معنا، وغيرها من عبارات قد يراها منظرو الإلحاد ضرباً من السذاجة، فيما هي تعبير عن تجارب روحية قوية، ملأت قلوب أهل غزة بالقوة والعزيمة والثبات والتصميم على النصر، حيث يشعر الحزانى بيد الله تواسيهم، في حالة القرب التي تعوضهم بالله عن خسارة الأحبة والبنيان.
يتحدث «أهل الطريقة» عن الإحساس بمعية الله، وكيف يضمد جراحات القلوب، ويملؤها سكينة وأمناً، عندما تزيغ الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر، وكيف يملأ الإيمان القلب بالقوة والطاقة العظيمة التي تمحو الخوف من المجهول، وتجعل القلب في حالة من الإيجابية في السراء والضراء.
يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي إن «أهم قيمة للدين في الاجتماع الإنساني انه يوفر للإنسان القاعدة الفكرية التي تستند الظواهر الكونية والإنسانية فيها للقوة الإلهية الخالقة التي ركزت الوجود في كل تفاصيله على أسس ثابتة في قوانينها متوازنة في حركتها وهذا كفيل بحماية الإنسان من الشعور بالضياع». وفي لحظات الشدائد يستحضر الغزاويون الآيات الكريمة: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل».
وكذا: «الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». وجوامع الكلم في الآية: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». صدق الله العظيم. المصدر/ القدس العربي