بريطانيا تنفذ أول عملية من نوعها بترحيل طالب لجوء إلى رواندا الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع نقلة نوعية وتطورات جديدث وأكثر من 1.1 مليون يمني يستفيد من مستشفى الأمير محمد بن سلمان بعدن اشتعال غضب الجامعات الأمريكية، والشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا ومحتجون النفط يتراجع لليوم الثالث في ظل زيادة بالمخزونات الأميركية ريال مدريد ينتزع التعادل من معقل بايرن ميونخ في نصف نهائي دوري الأبطال إتفاق تاريخي بين السودان وقطر على إنشاء مصفاة للذهب بالدوحة غزة تُزلزل قيادة جيش الاحتلال.. قيادات كبيرة تستعد للتنحي عن مناصبها هذه أبرز الأسماء بيع محمد صلاح ضمن 4 خيارات أمام ليفربول لحسم مستقبل الفرعون المصري اختبار جديد يكشف عن السرطان خلال دقائق
كتب لي صديق كريم اضطرته قسوة الحياة إلى البقاء داخل اليمن، رسالة تعبر عن واقع الحال ويسرد فيها بكلمات بسيطة كيف أصبحت حياة الناس وكيف ينظرون للأحداث التي عصفت بالعاصمة اليمنية خلال الأيام من شهر ديسمبر.
يقول صديقي «أخي الكريم. لقد أصابني فزع لا يطاق نتيجة ما حصل.. ولا شك أنه سيظل يحصل، أفقدني صوابي وأشعرني بقلق وخوف على أفراد أسرتي وخاصة على مستقبل أطفالي.
إن الكراهية تنهش الروح.. وتنهك الجسد.. إنها لا تجدي نفعا.. ولن تعيد الذي مضى.. ولا العمر الذي ضاع سدى.. ولن تعوض الخسائر.. ولن تبلسم من أصابهم غيرك لأن الكراهية.. مدمرة.. قاتلة.. فتاكة.
اليوم.. الوقائع والأحداث غيرت الأفكار والأقوال.. وما كنا ننصح به صار ضربا من الخيال.. فهؤلاء المخلوقات ليسوا من البشر.. يحتفظون في أعماق نفوسهم بالحقد، ومرض التميز، وإن أظهروا عكس ذلك.. بس عندما تحين الفرصة لا يترددون بالتخلص منك وإن كنت مسالما ومساندا لهم...
الناس في صنعاء في حالة ذهول.. والكل يفكر بالمغادرة.. ليس لأنهم كانوا مرتبطين بصالح.. ولا مصالحهم لها علاقة بصالح، لكن بعد ما شاهدوا ما حصل.. انكسرت الأنفس، وفقدوا الأمل والأمان».
هذه الرسالة بقسوة مفرداتها تعبر عما يدور في أعماق نفس كل يمني، لأن كاتبها لم يكن يوما جزءا من ترتيبات حزبية داخل منظومة مؤسسات الدولة بل كان ومازال موظفا لا تعنيه صراعات السلطة ولا ينحاز إلى القتلة المتناحرين علـى أعتابها، وهي أيضا مجسدة لغياب المسؤولية الأخلاقية في التعامل مع الآخر المختلف، وتبرز ما صار سائدا في المجتمع منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة وإجبار المواطنين على الخضوع لسلطتهم بالترويع حد القتل.
من الواضح اليوم ونحن نقترب من نهايات السنة الثالثة للحرب أن آفاق السلام تتضاءل بمرور الساعات، ومرد ذلك هو أن قادة الحرب اليمنيين صار استمرارها بالنسبة لهم بقرة حلوبا ولو كان الثمن هو دماء اليمنيين ودمار بيوتهم وغياب فرصة التفكير في اليوم التالي. لكن الأكثر بروزا سيكون الحجم الهائل من الأحقاد والكراهية وتغييب الآخر، وسيخرج الجميع من هذه الحرب وقد تحولت اليمن إلى شظايا بلاد وستصبح فكرة الوطن الواحد من الذكريات التي تتناقلها أجيال قادمة.
في ظل كل هذه المعطيات السلبية تبقـى جماعة الحوثيين متجمدة في تفكيرها عند منطق الغاب ووجوب الأخذ بالثأر والاستمرار في رفع شعارات كاذبة مستفيدة من جهل المجتمع وقلة تعليمه وانعدام وسائل الاتصال، ويكفي أن نطلع على ما كتبه أحد قياداتهم لتبرير ما تقوم به مؤسساتهم الأمنية وتتخذه من إجراءات تعسفية، فيقول «اليمن تشهد أكبر عملية تطهير في التاريخ»، وهو تعبير عن فكرة التميز والنقاء عندهم وانتفاء فكرة الوطن المتنوع الذي يجمع بين مكونات ثقافية واجتماعية، وجلي أنهم لم يستفيدوا من تجاربهم، كما أن ما يعلنونه من مظالم وقعت عليهم في سنوات ماضية لا يمكن أن تصل في وحشيتها إلى ما يمارسونه عبر ميليشياتهم للانتقام بـأن يجبروا كل المجتمع على دفع ثمنها، وفي نفس الوقت يصرون على تبرئة أنفسهم ونقاء سيرتهم متناسين أن دورة التاريخ تسير عكس رغباتهم وأن حلقات الثارات التي بعثوها إلى السطح سيكونون أول من يدفع فاتورتها.
إن فكرة النقاء السلالي والأفضلية في الحكم بالانطلاق منها والأحقية في تحديد فكرة الولاء الوطني بالمنح والحجب ستعيد دورات الدماء بأسلحة أشد فتكا مما كان الناس يمتلكونه في الماضي، ولا يبدو أن قيادات الحوثيين قد بلغت حد الرشد الذي يتيح لها التوقف لمراجعة تاريخية، ولعلها لم تدرك بعد أنها صارت وحيدة في مواجهة مباشرة مع المجتمع الذي ضاق ذرعا بتصرفاتها ورعونتها ولم يعد يرى في وجودها إلا شرا مستداما.