نبات يعمل على إزالة السموم من الكبد وتعالجك من السعال والزكام في دقائق وتعتبر الحل الأمثل للروماتيزم! السعودية تفتح أبوابها لأبناء 60 دولة وتمنحهم تأشيرة دخول مجانية في المطار غوغل تطلق خدمة جديدة وطال انتظارها وتعلن تسهيل عملية نقل البيانات بين الهواتف الذكية مسيرات مجهولة تشعل الرعب في القوات الأمريكية داخل بريطانيا وتهاجم 3 قواعد جوية في بريطانيا بينها اللغة العربية.. واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً
قد لا يكون الرؤساء العرب الراحلون والموشكون على الرحيل هم فقط الخاسرين بعد ما حدث في ميادين التظاهر والاحتجاج في تلك الأرض العربية المباركة التي اختصرت ما بين الماءين من أرض وبشر، والتي اختصرت كل المعاني والرموز. من الخاسرين الكبار في حساب «الثورة العربية» تنظيم القاعدة، التطرف بكل أشكاله وأنواعه خسر معظم الأدبيات التي قامت عليها معاركه «ضد الأنظمة العميلة المرتدة»، خسر تنظيم القاعدة قواعده التي جرى على اعتناقها دينا أو جزءا من دين لا يكتمل الدين إلا به. كل جحافل «القاعدة» وعملياتها الانتحارية العشوائية، كل قدرات أصحاب الكهوف في إرسال الطرود والمتفجرات إلى الشوارع والأماكن العامة، كل الأحزمة الناسفة والسيارات الملغومة، كل ذلك ذاب، التهمته «الثورة البيضاء»، تلاشى أمام القواعد الجديدة التي فرضتها «ميادين التحرير والتغيير». كل إمكانات «القاعدة» لو سخرت لتحقيق هدف واحد مما حققته «ثورة الشباب العربي»، لما استطاعت تحقيقه، ما كانت كل فروع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والمغرب الإسلامي وأوروبا وأميركا، كلها ما كانت لتستطيع مجرد تحقيق هدف إزاحة مبارك من منصبه، ناهيك عن الأهداف الأكبر من مجرد إزاحة الرئيس من منصبه التي حققتها ثورات الشباب العربي الجديد. لماذا؟ لماذا نجح الشباب وفشلت «القاعدة»؟ لأن الشباب ما حملوا أحزمة ناسفة ولا فخخوا سيارات ولا أرسلوا طرودا، الشباب لم يفخخوا مشاعر الناس إن جاز التعبير. نجح «شباب الثورة» وفشل «شباب القاعدة» لأن «شباب الثورة» استخدم الإنترنت لحشد الناس في ثورة سلمية، بينما استخدم «شباب القاعدة» الإنترنت لترويع الناس وترهيبهم في الوقت الذي ظنوا فيه أنهم يروعون «التحالف الصليبي اليهودي». أجاد «شباب الثورة» استخدام الإنترنت، بينما أساء القاعديون استخدامه. «شباب الثورة» شباب عصري منفتح على العالم، ينطلق من الواقع ويعيش العصر، شباب بسيط مفهوم في خطابه، قريب من الناس في طرحه، خرج من رحم المعاناة اليومية، ليس له شعارات بل إنه ضد الشعارات، له أحلام في مقابل الشعارات، أحلامه بسيطة رغم اتساعها. «شباب القاعدة» منفصم عن واقعه، غارق في الأزمنة الغابرة والتأويلات التاريخية للإسلام، خطابه قروسطي قائم على استيراد مفردات من أعماق تاريخية، لغته متصلبة مثقلة بالاصطلاحات التي لا يفهمها «شباب الثورة» وجماهير البسطاء الذين يفهمون لغة الإسلام أكثر مما يفهمون لغة الأشرطة المسجلة المرسلة من أعماق الكهوف والمغارات. أعتقد أن شباب الثورة كانوا أقرب إلى «الأسلوب النبوي» العظيم في تحويل جزيرة العرب بالمنهج السلمي إلى كيان مختلف تماما، نعم كانوا أقرب إلى «روح الإسلام» من شباب القاعدة. فهل سيفهم القاعديون أن القاعدة الذهبية هنا هي أن «التغيير السلمي هو منهج الأنبياء، إلا إذا كان القاعديون يرون أن الأنبياء كانوا يحملون أحزمة ناسفة، أو أن سيف النبي (صلى الله عليه وسلم) كان على شكل حزام ناسف، وحاشاه».
ومن جملة الخاسرين على مسرح الثورة العربية جملة أحزاب المعارضة التقليدية في العالم العربي، تلك الأحزاب التي لم تصلها الروح الإبداعية التي ملأت قلوب الشباب. أحزاب المعارضة باعترافها لم تكن لها يد في تحريك «شباب الثورة»، ولم تخطط لهم ولا مارست أي دور أبوي على الشباب. بقيت هذه الأحزاب مع طروحاتها الكلاسيكية، لم تحاول تطوير خطابها أو أدائها، لم تلتحم بالشباب، وهي قد وقعت في معظم الأخطاء التي وقعت فيها السلطات الحاكمة. أحزاب المعارضة شاخت وترهلت وعليها الاعتراف بتلك الحقيقة حتى يتسنى لها النهوض للحاق بركب الشباب. ومع عدم إنكار العوامل الخارجية التي أضعفت هذه الأحزاب المتمثلة في الأساليب التي تتخذها الأنظمة لاحتواء المعارضات وقمعها إلا أن العوامل الذاتية - داخل هذه الأحزاب - لها دور كذلك في ما آلت إليه هذه الأحزاب التي أصبحت قوالب سياسية جامدة.
من الخاسرين كذلك جماعات الكتاب (وأنا منهم) التي لم تستطع التنبؤ بما سيفعله الشباب، الكتاب الذين لم يلتحموا بالناس، ولم يصدروا عن عرق الجماهير في كتاباتهم، والذين ابتعدوا عن الشارع وهمومه مكتفين بـ«تحليات فضائية» وكتابات لم تعكس المعنى العظيم الذي ولدته شوارع وأرصفة ميادين التحرير والتغيير. يلزمنا جميعا مراجعة مسلماتنا والاعتذار للناس الذين كنا بعيدين عنهم طول الفترات الماضية، الاعتذار لهم عن تنصيب أنفسنا «كتابا محللين» مع أننا أصغر بكثير من عظمة المعاني التي ما زالت تكتبها الأرصفة والشوارع والأزقة الخلفية المهملة في الحارات الشعبية المفعمة بالأمل في الخروج إلى ميادين التحرير والتغيير، إلى معاني التحرير وآفاقه. القاعدة الذهبية هنا هي أن «على الكتاب أن يقرأوا أكثر، وأن ينصتوا لنبض الشارع أكثر، عليهم تعلم قراءة الرموز التي يشفرها البسطاء والتي لبساطتها لم يستطع هؤلاء الكتاب فك شفرتها ومن ثم قراءتها».
ومن الخاسرين مما حدث في مصر أيضا إيران وأعوانها رغم ترحيبهم بما آلت إليه الأحداث هناك. ترحيب يعرف من يتابع السياسات الإيرانية أنه ينطوي على الكثير من التقية السياسية التي تمارسها إيران منذ عقود لتحقيق مكاسب جماهيرية واختراقات طائفية في قلب الجسد العربي. ولعل القول بخسارة إيران مما حدث في مصر - على سبيل المثال - لا يتقبله البعض نظرا للخصومة القديمة بين «نظام الملالي» و«النظام المصري» السابق. غير أن الحقيقة أن إيران خاسرة مما حدث في مصر لأن مصر القادمة ستكون «مصر ديمقراطية»، وإيران «دولة ثيوقراطية» سينكشف عوارها مع وجود كيان ديمقراطي حقيقي في المنطقة، والشيء الآخر أن مصر القادمة ستكون بلا شك قوية، قوتها في إرادة شعبها، وإيران لا تريد دولة قوية غيرها في الإقليم، مصر القادمة لن تكون جسدا مهلهلا عجوزا وإيران تريد جسدا مهلهلا عجوزا سهل الاختراق. على الرغم من الخصومة الحقيقية بين إيران والنظام المصري السابق فإن مثل هذا النظام بأخطائه هو ما مكن للتغلغل الإيراني وغير الإيراني في المنطقة. ما هي القاعدة الذهبية هنا إذن؟ القاعدة هي «إيران تفضل خصما عربيا ضعيفا على صديق عربي قوي، الخصم الضعيف يعطي إيران زخما جماهيريا عربيا، بينما الصديق القوي يستطيع التعامل مع إيران حسب قواعد لعب متكافئة وهذا ما لا تريده طهران». مصر القادمة وتونس القادمة واليمن القادم وغيرها من الدول العربية القادمة ستتعامل بحكمة، ستلعب دورا لصالح الفلسطينيين (ليس بالضرورة أن يكون دورا حربيا)، الدور المرتقب سيكشف التلاعب الإيراني بالقضية الفلسطينية التي لا تعدو كونها - لدى إيران - ورقة ضغط يلوح بها المفاوض النووي الإيراني في وجه مجموعة «خمسة زائد واحد» في فيينا وإسطنبول. الدولة العربية الديمقراطية ستحرك شوارع طهران التي بدأت تلتهب على الإيقاع المصري هذه المرة، وهذا يدحض كذبة رددتها وسائل الإعلام الإيرانية طيلة فترة الاحتجاجات المصرية، وهي أن «الثورة العربية» صدى لـ«ثورة الخميني». انعكست المسألة - إذن - على خلاف ما يريد «الملالي العظام» وخرج الشباب الإيراني على الطريقة العربية وليس العكس.
طبعا لا داعي هنا لذكر الخاسرين الذين تعد خسارتهم أكثر وضوحا بدءا بالزعامات العربية والديكتاتوريات العتيدة، وانتهاء بشبكة من الدول والشركات التي لا تقدر خسائرها بثمن جراء خروج النظام المصري السابق من المسرح السياسي في مصر. ومع ذلك فتهنئة البسطاء بنجاح ثورتهم واجبة، ولا عزاء للخاسرين.
* كاتب يمني مقيم في بريطانيا