قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات
من المعلوم أن الفكر السياسي الإسلامي يتشدد في صفات ومؤهلات الحاكم ، فينبغي أن يتبوأ مكانة عالية في العلم والتقوى والصلاح والعقل والتدين والأخلاق والكفاية .
هذا ما يريده الإسلام أن (يكون) ، أما ما هو (كائن) في عالم المسلمين في هذا الزمان فهو في الطرف النقيض ، وكأنما هذه الشروط يستهدي بها المسلمون اليوم للوصول إلى العكس منها .
من خلال هذه المقالة سنسلط الضوء على مفردة ذات صلة بأحد الشروط (العدالة) ألا وهي الكذب ، التي هي نقيض الإيمان عند أدنى مسلم ، فكيف برأس المسلمين وإمامهم ؟!.
ومع اشتداد النقاش حول أخطاء النظام (الصالحي) وخطاياه ، سنتتبع هذه الصفة في رأس هذا النظام الذي أدمن الكذب ، وصار كذبه مثل كذب (هوليود) وهو ان يكذب المرء وهو يعرف أن سامعه يعرف أنه يكذب !.
ومع قبوع الشعب اليمني في المركز الأخير عربياً في معظم مفردات التنمية البشرية والاجتماعية ، فإن المنجز العملاق الوحيد في بلادنا هو إثباته بالبراهين العملية أن حبل الكذب طويل ، وليس قصيراً كما تقرره سائر ثقافات العالم ، فمنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود وهو يقتات الكذب وينتج الأكاذيب ، وهذه عناوين السراب (الصالحي) الذي مارس (التنويم) المغناطيسي للشعب ، مقنعاً إياه أنه في النور ، ليستيقظ وهو في حلكة الظلام البهيم !.
أولاً : الكذب على الدستور والقوانين :
منذ أن وصل النظام (الصالحي) إلى سدة الحكم وهو يتباهى بانتمائه إلى الثورة ويتفاخر بامتلاكه المشروعية الدستورية ، ويتبختر بإنجازه حلم الوحدة ، لكن النظر الثاقب إلى الواقع يكشف أن السلطة قد داست أهداف الثورة بأقدامها الفاسدة ولا سيما الهدف الأول : التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها ، حيث تغيرت العناوين وبقيت المضامين ، وتطورت الأسماء وارتكست المسميات .
أما الدستور فهو بين أهل السلطة غريب الوجه واليد واللسان ، وما سلك الدستور فجاً إلا سلك الزعيم فجاً غيره ، وقد وصل الأمر إلى قول الرئيس : أنا القانون ، عندما نبهه الشيخ حميد الأحمر إلى أنه يخالف القانون ، ولأن الناس على دين ملوكهم فإن رموز السلطة ساروا في هذا الدرب ، ولا أدري بعد ذلك على من يضحكون عندما يؤدون اليمين الدستورية !
ثانياً : الكذب الخطابي :
ما أكثر ما يخطب رموز السلطة في بلادنا ، وما أكثر وعودهم ، وما أندر ما يفون بها ، كأنهم لا يقصدون شيئاً مما يقولون ، ويبدو أنهم يراهنون على الذاكرة المثقوبة لهذ الشعب الصابر .
إن خطابات الحاكم في بلادنا خاصة ثبت من خلال استقرائها طيلة عشرات السنوات أنها وسيلته المفضلة لذر الرماد في عيون المواطنين ، وسلاحه القوي للضحك على الذقون .
وكلما زادت سنوات البقاء على الكرسي استمرأ الحاكم هذا الخلق ، وتضاعفت الأكاذيب ، حتى أن بعض الخطب لو حذفنا ما فيها من كذب ، لما بقي منها إلا البسملة ، وهي – أي البسملة – إحدى مفردات الحاكم في مغالطة الجماهير واستغفال عاطفتها الدينية الطيبة إلى حد السذاجة !!.
ثالثاً : الكذب في البرامج الانتخابية :
من يقرأ قصة الانتخابات في بلادنا يجد أنها بالجملة أكذوبة كبرى ، وأصدق ما فيها أنها تتم في شهر إبريل ، أي أنها كذبة إبريل ، ولذلك تتفرع عنها مئات الأكاذيب وأساليب التزوير ، من اللجنة العليا للأكاذيب، إلى المرشح الذي يختاره الحاكم لينافسه زوراً باسم المعارضة (ياسين عبده سعيد) ، وصولاً إلى النتائج الساحقة والأغلبيات الكاسحة التي أدخلت الوطن في كساح مزمن !!.
ولو نظرنا إلى البرنامج الانتخابي للحاكم لوجدناه مثل القبور المجصصة ، فهو جميل المنظر عند قراءة ما يجب أن يكون ، لكنه قبيح الجوهر ؛ عند قراءته وهو كائن في الواقع ، فالفرق بين ما هو مسطور وما هو منظور كالفرق بين السماء والأرض ، أو كالفرق بين الصدق والكذب .
ونذكِّر هنا بجملة من العناوين التي وعد الرئيس بتحقيقها في برنامجه الانتخابي ، فعلى مستوى التعليم وعد بإصلاحه وببناء عدة جامعات وبالحد من الامية ، والكل يعرف أن عربة الرئيس لم تتقدم متراً واحداً في هذا المجال ، بل عادت إلى الخلف في بعض المفردات ، ولهذا خرج المعلمون إلى الشوارع بعد أن فاض الكيل وبلغ السيل الزبا .
ووعد البرنامج الرئاسي بتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الزراعية أو محاولة ذلك ، لكن الأرقام تقول – مثلاً – أن اليمن يستورد قرابة 95 % من قمحه من الخارج ، وهذا الرقم لا يوجد في أي بلد في العالم مهما كان تصحره وتخلفه !!.
ووعد الرئيس بالقضاء على البطالة وبأنه لن يبقى عام 2008 أي شاب بدون عمل ، ولأنه صادق ويقصد ما يقول فنحن الآن في عام 2011 والأرقام تشير إلى أن نسبة البطالة تصل على 76% ممن هم في سن العمل ، وهي النسبة الأعلى في العالم ، وتصلح لإدخال اليمن موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية !
وبعد الوعد الرئاسي بتوسيع دائرة الحريات ظل هامش الحريات يتآكل شهراً بعد شهر ، حيث ضُرب الصحفيون واختُطف الناشطون الحقوقيون ، وفُصل سياسيون من وظائفهم ، وأغلقت نقابات ، واستنسخت الأحزاب ، ووصل الأمر إلى حد اختطاف نساء كتوكل كرمان وحنان السماوي !!
أما أحلام العدالة الاجتماعية فقد طارت بعد العودة المظفرة إلى الكرسي ، (ليتضخم) الفاسدون عند صانع القرار (ويتقزم) الشعب ، حتى أن بضعة عشر ناهباً للأراضي والمال العام أفضل وأولى عند الرئيس صالح من سبع محافظات في جنوب اليمن تدفعها ممارسات هؤلاء الفاسدين نحو مربع الانفصال ، وكذلك الأمر بالنسبة للإقطاعيين الفاسدين في المحافظات الشمالية كما هو حال شيخ الاستبداد محمد أحمد منصور ، ومن شابه رئيسه فما ظلم !.
أما المضحك المبكي فهو وعود الطاقة النووية ، وقطار السكك الحديدية الذي سيرتبط بشبكة الجزيرة العربية ، ويبدو أن مانع الوفاء به هو الخوف من الانتقال إلى مدينة جُدة ، وما صارت تمثله من رعب في كوابيس زعماء الاستبداد والقهر والفساد !.
رابعاً : برامج الإصلاح والتنمية ودعاوى مكافحة الفساد :
عندما استلم الرئيس صالح السلطة كان الاقتصاد اليمني في عافية رغم مرور البلد بمحطات عديدة من الصراع ، وكمقياس بسيط لمدى معرفة التغيرات (العظيمة) التي أحدثها الرئيس صالح في جدار اليمن التي يزعم أنه بناها "طوبة طوبة " ، والتي تكتظ نشرات الأخبار بالحديث عن المشاريع العملاقة والمنجزات (الاستراتيجية) ، يكفي لنتبين تهافت هذا الكلام أن نعرف أن الدولار كان يساوي 4 ريال ، وبعد ثلاثة عقود من الحكم (الصالحي) المليئ بالمنجزات والمعجزات صار سعر الدولار 217 ريال أي أنه تضاعف 54 مرة أمام الريال ، الذي تقزم ، مما أدى إلى تقزيم اليمن ليس اقتصادياً فقط ، ولكن سياسياً وثقافياً واجتماعياً ، حتى صار اليمني مسخرة العرب الذين هم بدورهم مضحكة الأمم !.
ولأن الفساد أكل الأخضر واليابس ، وأهلك الحرث والنسل ، فقد تداعى الشرفاء لضرورة محاربة الفساد وتجفيف منابعه ، لكن عدم وجود الإرادة السياسية في هذا المضمار جعل كل محطة أو مؤسسة تبدو كأنها طاقة دافعة للمزيد من الفساد ، وفي أحسن الأحوال فإنها لم تفعل سوى تجميلها لقبائح الفساد والاستبداد .
لقد تحول الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى أداة لمعرفة الفاسدين ، ليس لمحاربتهم ولكن من أجل تسليم رقاب الشعب إليهم ، لأن الحاكم لا يثق بالشرفاء كأن لسان حاله يقول عن الشرفاء : " أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " ، فالاستبداد لا يمكن أن تبقى شجرته إلا في أرض فاسدة يباب !.
ولامتصاص مطالب النخب المثقفة وبعض الدوائر الأجنبية ، ومن أجل تجميل المزيد من القبائح التي أبرزها تعاظم الفساد ، فقد أوجد النظام بعض المنظمات المحاربة للفساد ، لكنها لم تكبح جماح الفساد ، وبالكاد صارت أوراق توت لإخفاء عورات النظام الفاسد ، فزادت الطين بلة .
ولو كانت السلطة جادة في مكافحة الفساد لتركت الشعب يختار من ينوبه بإرادته ، ولجعلت الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تابعاً للبرلمان ، ولاستفادت من تقارير السلطة الرابعة ، التي تمتلئ بفضائح لإسقاط كل حكومات العالم ، وليس الحكومة الكسيحة في صنعاء ، ولكن الرئيس صالح لا يريد.. لا يريد ، كما قالت الأستاذة رشيدة القيلي ذت يوم بعد مقابلتها للأخ الرئيس !!.
ومنذ أن تبنت السلطة برامج للإصلاح ، زادت كواهل المواطنين ثقلاً ، لكن المحسوبية والرشوة وكل صور الفساد لم تتناقص ، لأن الفساد منظم ، والرئيس لا يريد ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فقد حاول البرلمان ان يقوم بنسبة يسيرة من سلطته الرقابية ، لكن (التوجيهات العليا)- السفلى حقيقة - التي أوجدت هؤلاء النواب هي التي عطلت هذه المحاولات ، حتى أن البرلمان لم يسجل حالة واحدة في سجل محاربة الفساد وتقليم أظافر الفاسدين !!.
ولكي يذر الحاكم الرماد في العيون التي مارس تجهيلها ، ما فتئ بين الحين والآخر يتهم المعارضة بالفساد ، حيث يمارس عن عمد خلط الأوراق ، وإصابة العامة بعمى الألوان ، حتى يصابوا باليأس من الجميع .
خامساً : الكذب الاجتماعي والنميمة السياسية :
ما بين أداء علي عبدالله صالح لليمين الدستورية في 1978 ، واندلاع غضبة الشعب الكبرى في 2011 مسيرة ضخمة من الانتصارات والانكسارات ، من الحروب واتفاقيات سلام ، من الإقدام والإحجام ، من الهدم والبناء ، من المعارك السياسية والعسكرية ، ركام هائل من التناقضات ، كمٌ كبير من الانتقالات والتغيرات ، لا يوجد ما يميزها ويجمعها جميعاً ، لا يتوافر لها من رابط ، سوى أن الكذب عنوانها الأوضح ، و(البراجماتية) الفجة ، فالكذب سياسة ، والنميمة ذكاء ، والوقيعة دهاء ، والجماعات (كروت) ، والأحزاب جسور للعبور إلى المصالح ، مما أثر على طبائع الناس وعلائق الأفراد ببعضهم ، وإذا كنت أيها اليمني لا تحركك إلا المصالح فأنت في عهد علي عبدالله صالح!.
لقد ثبت من خلال استقراء ما حدث طيلة ثلاثة عقود خلت أن السلطة جعلت همها الأكبر كيف تفرق بين الأحزاب ، وكيف تحرش بين الجماعات ، وكيف توقع بين القبائل وسائر تكوينات الشعب اليمني الثقافية والاجتماعية والسياسية .
لقد ظل هذا التحريش يقتات من ثقافة توجس الكل من الجميع ، ويعمل على استثمار ثقافة التفسير التآمري ، ويستفيد من البيئة غير الصحية ، بسبب شيوع الجهل وسط المجتمع وحضور الظروف الاستثنائية .
ورغم ما ارتكبته السلطة من جرم في حق هذا الشعب بسبب هذا السلوك وتلك السياسات ، إلا أن الأجرم من ذلك أنها اتبعت منهجاً متكاملاً في الكذب الاجتماعي والنميمة السياسية ، وهو أمر رغم غرابته إلا أنه مفهوم إذا عرفنا أن رأس السلطة ينظر إلى المجتمع اليمني على أنه غابة من الثعابين ، فهل من مجال للقيم والأخلاق في التعامل مع الثعابين السامة ؟!.
وحتى لا يكون الامر مجرد اتهام أو تحليل ، فقد ثبت للأحزاب – على سبيل المثال – أن الحرب الباردة التي اندلعت بين الإصلاح والاشتراكي في الفترة (الانتقامية) ، كانت أحد أهم منابعها النميمة السياسية السلطوية التي وصلت في بعض الأحيان حد التحريض والبهتان .
وعندما ظهرت تجربة (اللقاء المشترك) ، استماتت السلطة في محاولات الوقيعة بين أحزاب هذه اللافتة ، خوفاً من انكشاف مؤامرات الماضي ، ومن ثم عدم نجاح مؤامرات الحاضر وكيد المستقبل ، ووصل الامر ، وفق تحليل بعض السياسيين إلى محاولة اغتيال مهندسي هذا اللقاء : جار الله عمر ومحمد قحطان ، وقد نجحت مؤامرة اغتيال الأول في قلب المؤتمر العام للإصلاح ، ولم ينجح اغتيال الآخر ؛ لأن اغتيال جار الله عمر أضاف جسراً متيناً للعلاقة بين الإصلاح والاشتراكي ، ولأن الأيدي التي حاولت التخفي من وراء ستار ، باتت واضحة ، وباتت في العراء ، وأدرك المتآمرون أنهم باغتيال جار الله عمر إنما اغتالوا تراث الوقيعة وشيطان النميمة .
ومن يتابع سلوك هذه السلطة الغاشمة يدرك كيف تعمل أجهزتها الاستخبارية والسياسية والمالية للوقيعة بين مكونات الأحزاب الفاعلة ، وبسبب فجاجتها نجحت مرات عدة في تحقيق عكس ما خططت له ، وفي هذا السياق – على سبيل المثال – وقفت بشكل وقح ضد محاولات التسامح والتصالح بين جناحي الاشتراكي المعروفين عندها بالطغمة والزمرة ، مما عجل بالتقاء الطرفين تحت لافتة (الجنوب) ، وليلتقي علي ناصر محمد ومحمد علي أحمد بعلي سالم البيض وحيدر العطاس .
وفي السنوات الأخيرة التي شهدت بروز جبال المظالم ، وطوفان الفساد ، وشهدت في المقابل استيقاظ المزيد من اليمنيين ، عمدت هذه السلطة إلى الايغال في إشاعة المناطقية والطائفية ، أما في الأسابيع الأخيرة فقد ظهر جنون هذه السلطة ، حيث فتحت الأبواب لحرب أهلية ، فخلقت الأسباب والمبررات ، وأوجدت الطاقة والأسلحة ، بمعنى انها صنعت (الدوافع) ووفرت (المدافع) ، ولكن الشعب الذي رفض البقاء في بيت طاعتها على ما فيها من فتات ، هو أشد رفضاً لمحاولة زجه للإعلان عن انتحار الشعب اليمني على الطريقة الصومالية ، لأن الشعب اليمني استفاد من الشعب الصومالي أكثر مما استفاده علي عبدالله صالح من محمد سياد بري .
ولمواجهة بقايا (استراتيجية الكذب) التي اتبعتها سلطة الفساد المنظم ، يجب أن تتضح هذه (الاستراتيجية) الشيطانية لبقايا الشعب والجيش الذين لم تتوافر لهم الدراية والظروف المناسبة لرؤية أصابع الشيطان وهي تحاول الوقيعة بين الجيش والشعب ، أما الغالبية من الطرفين فهي ترى بسفور سلطة الفساد وهي تحرض الجيش دوماً ضد الشعب ، وكيف يُختزل الوطن في أقلية من الذين عاثوا في الوطن فساداً ، وأوغلوا في حرمات هذا الشعب الصابر الذي آن له أن ينتصر لحقوقه وحرماته .
سادساً : الكذب العابر للحدود :
من تعود على الكذب لا يمكن ان يقلع عنه ، فكيف إذا كان يعتبر أن مصالحه ومستقبله رهين بهذا السلوك ؟
ومن هذا المنطلق ما فتئت السلطة تكذب على الخارج ، كما تكذب على الداخل ، ولكن المقصد واحد ، وهو إطالة أمد البقاء على صدر هذا الشعب ، ومن صور الكذب في هذا السياق :
- إباحة اجواء اليمن ودماء اليمنيين لدول أجنبية ما برحت هذه السلطة تسبها صبحاً ومساءً ، حتى تأمن جانب الشعب ، ومن ذلك قتل (أبو علي الحارثي) في مأرب ، حيث أعلنت السلطة يومها أن القتيل إرهابي وكان يحمل في سيارته شحنة من المتفجرات انفجرت به ، وعندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليتها عبر تسريبات إعلامية وقف الرئيس صالح ليعلن مسؤوليته هو عن قتل الحارثي .
وبعد ذلك اظهرت تسريبات (ويكليكس) أن كل الغارات التي شُنت في الأشهر الأخيرة ، والتي اعلنت السلطة اليمنية أنها وراءها كجزء من حملتها ضد الإرهاب ، إنما كانت غارات امريكية 100% وان الرئيس صالح طلب من الأمريكان أن يقوموا بها وأنه سيعلن تبنيه لها أمام الرأي العام اليمني !.
وصارت اليمن مسخرة العالم في هذا الشان ، فلأول مرة يحرض حاكم عربي الأجانب ضد شعبه في السر ثم يسبه في العلن ، وعندما طلبت أمريكا من الفيليبين – وهي دولة مسيحية – السماح لها بالمشاركة بمقاتلة جماعة أبو سياف الإسلامية المتهمة بالإرهاب ، أجابت الحكومة المسيحية بالرفض مردفة بأن الفيليبين ليست اليمن !!.
وعندما سقطت طائرة تجسس أمريكية فوق سواحل اليمن زعمت السلطة أنها طائرة ايرانية ، لتكشف وسائل الإعلام الأمريكية أنها أمريكية !.
أما الوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ، ورغم كل العواطف الطيبة للرئيس صالح في هذا المضمار ، إلا أن الوقائع تكشف ضخامة المسافة بين الأقوال والأفعال حتى أن رئيس تحرير (القدس العربي) عبدالباري عطوان اتهم ذات يوم الرئيس صالح بشدة الكذب في هذا المضمار ، مما يعني أن السلطة تستغل عواطف الشعب اليمني (بأقوالها) وترضي أمريكا (بأفعالها) ، وهي في هذا وذاك إنما تريد التشبث بالكرسي !.
أما عن بيع الثروات للأجانب بأثمان بخسة مقابل عمولات لحفنة من كبار الفاسدين فحدث ولا حرج ، ويكفي أن نذكّر بأن دبة الغاز اليمني التي تباع للمواطن بألف ومائتي ريال تباع لكوريا بنحو مائة وعشرين ريال ، ورغم ذلك تتشدق السلطة بدعمها للطاقة ، وبحرصها على مصالح الشعب وسيادته الوطنية ، والأدهى والأمرّ أنها تتهم المعارضة بالعمالة للاجانب " رمتني بدائها وانسلت " ، لكن الصحوة الوطنية والغضبة الشعبية اليوم تؤكد أن حبل الكذب مهما طال فسيظل قصيراً !
وفي الأخير وبعد أن قال المفكرون والساسة الوطنيون كلمتهم أتوجه بالسؤال إلى الفقهاء : هل تبطل شهادة الكذاب ، ولا تبطل سلطة الكذابين ، أفيدونا يرحمكم الله !!.
*أستاذ الفكر الإسلامي السياسي بجامعة تعز
-رئيس منتدى الفكر الإسلامي